سيطرة وجهات نظر محبي الاسلحة الاكراد.
علاقة الكرد المتضاربة مع السلاح بدت واضحة في الانتخابات الاخيرة
سيطرة وجهات نظر محبي الاسلحة الاكراد.
علاقة الكرد المتضاربة مع السلاح بدت واضحة في الانتخابات الاخيرة
رحبت اصوات الاسلحة بنتائج الانتخابات الكردستانية الاخيرة ، وقد تكون لعبت دورا في تحديدها سرا.
وفي اطار التحضيرات لانتخابات الشهر الفائت ، اهدى بعض الساسة قطعا من الاسلحة لمواليهن البارزين. ولدى اعلان النتائج ، حيث اضاء المحتفلين سماء الليل.
اما زعماء المعارضة فقد قالوا بانه تم توزيع الاسلحة لشراء الاصوات. بينما انكر منافسيهم ذلك ، قائلين بانهم كانوا يكرمون الموالين الاكراد بهدايا تقليدية.
ان ولع كردستان بالاسلحة النارية يعود الى تراث من المعارك ضد نظام وقطعات صدام حسين بالاضافة الى المعارضة من داخل الاحزاب الكردية.
يقول جيفارا خليل ، احد شباب محافظة اربيل من عائلة قاتلت ضد نظام صدام "ان حب الاسلحة يجري في دمائنا" ..." فالاطفال هنا دائما مايحملون العابا بلاستيكية على شكل اسلحة بدلا من الكرة".
وعلى العكس من ذلك فقد بينت انتخابات الخامس والعشرين من تموز علاقة الكرد الضعيفة بالاسلحة. حيث جرى التصويت وسط مخاوف من مواجهة مسلحة بين انصار المتنافسين.
غير ان معظم ضحايا الاطلاقات النارية في مستشفيات الاقليم كانوا من غير المقصودين ممن اصيبوا بالاطلاقات الساقطة عقب رمي الطلق تجاه السماء.
من بين العشرات الذين اصيبوا في مدن اربيل والسليمانية ذوات الكثافة السكانية العالية ، فان العديد منهم كانوا قد خرجوا هربا من حرارة الصيف اللاهب لا اكثر.
توفي هاشم جميل بعد اصابته بطلق ناري في الصدر يوم 26 من تموز ، أي بعد يوم واحد فقط من الانتخابات. كان جميل البالغ من العمر 47 عاما واب لثلاثة اطفال واقفا عند عتبة داره ليراقب الاحتفالات التي اعقبت الانتخابات.
ويعلق كاراني، شقيق جميل، بالقول " ان ذلك فوضى- لانعلم من قتله"..." على الحكومة حظر مثل هذه الاحتفالات للابد".
في وقت ما ، كانت الاسلحة عنصرا اساسيا في منطقة تسودها النزاعات ويحيطها الاعداء. الا انه خلال السنين الست الاخيرة ، اضحت المحافظات الثلاث المؤلفة لاقليم كردستان اكثر امنا، مقارنة ببقية اجزاء العراق. اصبحت الاسلحة التي كانت تعتبر شيئا اساسيا للحفاظ على الوجود الكردي ، تركة خطرة بالنسبة للبعض.
تقول داليا بختيار ، 22 عام ، وهي طالبة في جامعة السليمانية التكنولوجية، بانها استغربت لعدد الناس الذين مازالو يملكون اسلحة لحد الان. حيث تقول " ان اقامة الاحتفالات باطلاق النار في الهواء لم يعد عرفا مقبولا بعد الان – انه عمل غير حضاري".
تملك معظم العوائل الكردية في الاقليم اسلحة نارية. وبالرغم من اسواق بيع الاسلحة غير مسموح بها قانونيا ، الا ان الاسلحة واكسسواراتها تتوفر بشكل عادي في السوق السوداء المزدهرة. يستطيع الشخص الحصول على مسدسات رخيصة تركية الصنع مقابل 300$ ، بينما تكلف البندقية الكلاشنكوف المستعملة بحدود 200$.
عملت الاحزاب الكردية التي تحكم كردستان في حملاتها الدعائية على قطع وعود حازمة للحد من تفشي ثقافة السلاح. حيث تعهد برهم صالح ، مرشح الائتلاف الحاكم لمنصب رئاسة الوزراء ، بفرض سيطرة اقوى على استخدام السلاح.
الا انه على الرغم من ذلك ، فان زملائه من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ثمنوا قيمة السلاح كهدية. حيث وزع زعماء الاتحاد الوطني الكردستاني علانية مسدسات لانصارهم في الاسبوع الذي سبق الانتخابات.
يقول سعدي بيرة ، عضو المكتب السياسي للحزب، بان الهدايا لم تكن جزءا من الحملة. حيث علق" لقد قمنا بذلك من قبل ، واثناء ، وبعد الانتخابات. انها هدية مناسبة للمناضلين"، مستخدما مصطلح غالبا مايطلق لوصف المقاتلين الاكراد او اعضاء الحزب النشطين.
اما قائمة التغيير الكردية المعارضة ، فقد قالت بان توزيع الاسلحة من قبل الرئيس العراقي وزعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني هي من ضمن الخروقات التي تخطط للاشارة اليها في دعوى قضائية تهاجم فيها مشروعية الانتخابات.
تصاعد التوتر حول انتخابات الخامس والعشرين من تموز، والذي برزت فيه قائمة التغيير كقوة معارضة قوية، غير مسبوقة في السياسة الكردية العراقية.
ففي محافظة السليمانية- حيث جرت معركة بين قائمة التغيير وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني الحاكم- تحدث ضباط الشرطة بصورة علنية عن خطر الاشتباكات بين مناصري الاحزاب المتنافسة. الا ان المخاوف التي رافقت العنف الناتج عن الانتخابات لم تترجم على ارض الواقع البتة.
يقول سالار باسيرا ، استاذ العلوم الانسانية في جامعة السليمانية ، بان اعطاء الاسلحة في مثل هذا الجو روج لثقافة الافلات من العقاب . " لاتستطيع الحكومة فعل أي شيء ضد اعضاء الحكومة ممن يحملون السلاح".
من جانب اخر فقد اصر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وقائمته – كردستاني- بان الاسلحة التي تم توزيعها كانت قد وزعت لكي تحفظ في البيت. قالت المتحدثة باسم الحزب سوزان شهاب " ان هؤلاء الذين يحاولون استخدام الاسلحة بصورة غير قانونية سيعاقبون"
تحظر القوانين المحية حمل السلام بدون رخصة. غير ان الاكراد قالول بان اى بطاقة عضوية او انتماء لاحد الاحزاب السياسية يمكن ان تكون جواز سفر مؤثر في هذه الحالة.
ففي بارك ازادي ، وهي منطقة مطوقة مخصصة لتنزه العوائل ، اخبرنا حارس يدعى ميران كريم بانه يقوم بطلب تسليم الاسلحة من " الاشخاص العاديين" فقط.
واضاف " يسمح لاعضاء الاحزاب والمسؤولين الحكوميين حمل السلاح".
اما بالنسبة لاغلبية الاكراد الذين لايتسلمون اسلحة من الاحزاب السياسية ، تبقى السوق السوداء خير بديل.
يقول محمد العمري، الذي يعمل مدرسا وصحفيا بدوام جزئي في منطقة بنجوين في السليمانية، بانه حمل السلاح لانه لايثق بالاجهزة الامنية. " تهدد العديد من الاحزاب السياسية الصحفيين".
اخبرنا محمد كريمي وهو احد تجار الاسلحة في السليمانية ، بان مبيعات الاسلحة ارتفعت قبيل فترة الانتخابات بالتحديد . حيث قال مشيرا الى فترة الغزو الاميركي على العراق " لقد قمت ببيع عدد من المسدسات يفوق ذلك الذي بعته منذ عام 2003".
هذا وبالاضافة الى فرض القوانين حول امتلاك الاسلحة ، تامل السلطات الكردية معالجة ثقافة السلاح للتقليل من توفرها في السوق السوداء.
لعبت الاسواق ولحد الان دورا في تجهيز عناصر القوات الامنية الذين لم يجهزوا من قبل وحداتهم، وليس فقط في خدمة المدنيين.
عن ذلك يقول احد الملازمين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في شرطة الاسايش، جهاز المخابرات الكردية، بان معظم رفاقه ابتاعوا اسلحتهم بانفسهم. " لانتسلم الاسلحة كما هو الحال مع قوات الشرطة. قليلون منا ممن يحرسون المكاتب الرئيسية يحصلون على البنادق".
اما طارق رشيد ، المدير العام لوزارة الداخلية في الاقليم، فقد قال بان السلطات الكردية استطاعت تجهيز منتسبيها من الشرطة بالاسلحة الى حد عام 2003 فقط . اما بقية اقسام الشرطة مثل الاسايش والبيشمركة فقد كان عليهم ابتياع اسلحتهم بانفسهم.
وعلى اية حال ، فقد قال بان الادارة الكردية توفر الان كل الاسلحة الضرورية اللازمة لعناصرها الامنية. وعلى خد قول رشيد ، فان حكومة الاقليم تخطط لاطلاق اجازات الاسلحة في محلات بيع الاسلحة لطرد السوق السوداء او التقليل منها.
وواصل " ان الوضع هنا افضل بكثير مما كان عليه في عام 1991 . حينذاك لم تكن كردستان مختلفة كثيرا من افغانستان في ظل نظام طالبان"..." الا ان بقية انحاء العراق مازالت تعيش حالة كردستان السابقة".
ولدى سؤاله فيما لو كان يعتقد ان الاسلحة تشكل تهديدا للامن الداخلي للاقليم ، فقد قال " ان الاسلحة بايدي مواطنينا ليست خطرة بقدر ماتكون بايدي الانتحاريين".
تم كتابة هذه القصة من مدينة السليمانية بيد فلاح نجم ، احد صحفيي ومتدربي معهد صحافة الحرب والسلام ، ومن اربيل من قبل محرر المعهد نيل ارون ، وملاك التحرير ناباز جلال . كما ساهم في كتابة القصة متدربي معهد صحافة الحرب والسلام كل من نجيبة محمد وبيشتوان جمال من اربيل والسليمانية