سوريا تشعر بالحرارة
الضغط الأمريكي على جارة العراق قوى المتصلبين ونكس حركة انفتاح سياسي في طور التكوين.
سوريا تشعر بالحرارة
الضغط الأمريكي على جارة العراق قوى المتصلبين ونكس حركة انفتاح سياسي في طور التكوين.
في الأسبوع الثاني للحرب على العراق، قام وزير الدفاع الأمريكي دونالد رمسفيلد بتوجيه الاتهام إلى سوريا بمدها العراق بمعدات عسكرية من بينها نظارات خاصة للرؤية الليلية، وحذرها بأنها ستتحمل مسؤولية أعمالها العدائية.
في اليوم الثاني حذر وزير الخارجية الأمريكي كولن باول سوريا بأنها ستتحمل مسئولية خياراتها وعواقب هذه الخيارات إذا استمرت بدعمها المباشر للمجموعات الإرهابية ودعمها للنظام المتهاوي لصدام حسين.
وقد كان قد اقترح ضابط مخابرات إسرائيلي رفيع المستوى وبشكل غريب بأن القوات الأمريكية والبريطانية التي اجتاحت العراق لم تجد أسلحة دمار شامل لأنه تم نقل هذه الأسلحة إلى سوريا.
في الأول من إبريل بعد أن زودت سوريا جوازات سفر لمتطوعين عرب اختاروا القتال في العراق، عمل وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق شاؤول موفاز وصفه بأنه "مميت حقا".
ليس من المستغرب أن يشعر السوريون بأنهم القادمون في الدور "للتحرير" و "المساعدات الإنسانية"، وليس من المستغرب أيضا أن ينظر إلى اجتياح العراق بأنه يتطابق مع الأجنده الإسرائيلية التي سعت دائم إلى تقسيم واضعاف العالم العربي.
تتمتع دمشق بعلاقات ودودة، أحيانا غير سهله، مع واشنطن وقد تمت تقوية علاقتها مع بريطانيا عندما زار الرئيس السوري بشار الأسد لندن في ديسمبر. على الرغم من ذلك، قامت سوريا بعمل كل ما باستطاعتها كعضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لصد جهود أمريكية وبريطانية للحصول على دعم من الأمم المتحدة لعمل عسكري.
وسط شكوك عميقة حول ادعاءات عن امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، رأت دمشق أن من الأفضل حل هذا الموضوع دون اللجوء إلى الحرب.
عندما بدأت الحرب على العراق، حاولت سوريا قدر الإمكان البقاء على موقف بعيد، ولكن بمعزل عن تقصيرها الشخصي بخصوص النزاع، لم تستطع تجاهل الغضب الشديد المتفاقم بين أبناء الشعب السوري.
مظاهرات شوارع عفوية هي نادرة في سوريا ولكن منذ بدء الاعتداءات فإنها تحصل بشكل مستمر. معظم المتظاهرين هم نشطاء في حركة المجتمع المدني السوري، والتي تطالب بإدخال الديمقراطية وحكم القانون والذي يتناقض مع بلاغة النظام القومي وعدم نشاطه. للتنفيس من الغضب الشعبي، قامت الحكومة بتمويل مظاهرات ضد الحرب والتي سار فيها عشرات الآلاف.
التهديدات الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة زادت من غضب الشارع وقوت موقف سوريا، يوم 31 مارس قامت وزارة الخارجية بنشر تصريح ينتقد "الاجتياح الغير قانوني" للعراق بينما تجنب التصريح من ذكر صدام حسين، عبر عن دعمه للشعب العراقي الشقيق الذي يمارس بحقهم مختلف الجرائم بحق الإنسانية.
كثير من السوريون ينظرون باستخفاف إلى نظامهم مهما كانت المثل الموجودة عند الضباط البعثيون الذين اخذوا السلطة عام 1963، النظام الذي أوجدوه تحول بشكل سريع إلى ديكتاتورية وحشية يعمها الفساد وبدون مبادئ.
في الأشهر الأخيرة من حياة حافظ الأسد، وبعد أكثر من ذلك بكثير من تولي ابنه بشار الحكم في منتصف 2000، اعتقد السوريون بأن التحرير أصبح في متناول اليد.
في النصف الثاني من العام 2000 شهدت سوريا ما يشبه "ربيع دمشق" حيث نمت مجموعات للنقاشات السياسية، تم فتح الإعلام والذي كانت الحكومة تملكه وتم إطلاق سراح مئات المعتقلون السياسيون.
في بداية عام 2001، المتشددون ي النظام ردوا الضربة.
بشار والذي ما زال يعتمد عليهم والمصمم على تحقيق الوحدة، لم يملك أي خيار إلا أن يوافق، تم إغلاق مجموعات النقاش وتم إيقاف نشاطات حركة المجتمع المدني وتم اعتقال اثنين من أعضاء الحركة في البرلمان (رائد سيف و مأمون حنبي) بحجة وجود تهديدات خارجية، ادعى المحافظون أن هذا الوقت غير مناسب لعمل إصلاحات التي من شأنها أن تزعزع الوحدة القومية والاستقرار ويملك المتشددون ذخيرة سياسية كبيرة.
في فبراير عام 2001 أصبح العسكري ارئيل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي وبعدها بقليل ضربت الطائرات الإسرائيلية مرتين محطات رادار سوريا في لبنان بعد هجوم انتحاري في إسرائيل، قام شارون وبشكل دامي بإعادة احتلال الضفة الغربية في إبريل 2002، لقد تم الاجتياح بموافقة الولايات المتحدة والتي كانت منشغلة بحربها الدولية على الإرهاب وتخطط لغزو العراق، بعد أن أغضبها استيراد سوريا الغير قانوني للنفط، وبعد حثها من اللوبي الصهيوني القومي في واشنطن، بدأت الولايات المتحدة مؤخرا بالضغط على سوريا.
يوم 27 يناير، على الرغم من المعلومات المعينة التي كانت سوريا تزودها لواشنطن حول المجموعة الإرهابية، قام الفيلق السادس الأمريكي باعتراض شاحنتي بضائع سوريه شمال قبرص كجزء من "حربها على الإرهاب"، لم يوجد أي شيء مثير للشكوك.
يوم 5 أيار 2003، قام جون بولتون مساعد وزير الخارجية لشئون الدفاع والأمن الدولي بمواجهة سوريا، ليبيا وكوبا ووصفها "بالدول الخسيسة" التي تحاول تطوير أسلحة دمار شامل ,انهم يقفون فقط خطوة واحدة من ما أسماه الرئيس بوش " محاور الشر" إيران – العراق – شمال كوريا.
يوم 22 مايو قامت وزارة الخارجية بوضع سوريا للمرة الثانية على التوالي كدولة ممولة للإرهاب وترتب من ذلك منعها من الحصول على دعم أمريكي.
أوراق بشار الأسد الاعتمادية ككونه ليبرالي ديمقراطي ومؤيد للسوق الحرة لا يجب المبالغة فيها، ولكن حتى حلول الربيع عام 2002 تراجع عن الخطوات التي اتخذها.
ولكن دعم الولايات المتحدة لعدوانية إسرائيل وتهديداتها الخاطئة ضد العراق وسوريا، كعالم عربي يريد أن يحافظ على التزامه للديمقراطية، حقوق الإنسان وحكم القانون. قام ذلك بخلق ظروف ساعدت على انتصار أكثر المحافظون و قوت الجناح ضد- الديمقراطية للنظام السوري.
محصورة بين إسرائيل، والذي ما زالت تحتل مرتفعات الجولان السورية وإنشاء عراق مؤيدة لأمريكا، تشعر سوريا بأنها مهددة أكثر من ذي قبل. حتى إذا لم تتم مهاجمة سوريا على المدى القصير، فإنها على التأكيد ستتعرض لضغوط أكبر و الذي سيجعل من الصعب عليها البقاء فوق وطيس المعركة-وهذا سيضمن استمرار سيطرة المتشددين.
الآن جورج، مدير مساعد سابق لمجلس تطوير التفاهم العربي البريطاني صحفي يغطي أخبار الشرق الأوسط وهو مؤلف كتاب سوريا:لا خبز ولا حرية.