ناشطون يصعدون المقاومة القانونية لإغلاق المنظمات غير الحكومية
تسعى جماعات المجتمع المدني إلى مقاومة الحملة التي تشنها الحكومة في أعقاب توجيه المحكمة الجنائية الدولية لائحة اتهام ضد البشير.
ناشطون يصعدون المقاومة القانونية لإغلاق المنظمات غير الحكومية
تسعى جماعات المجتمع المدني إلى مقاومة الحملة التي تشنها الحكومة في أعقاب توجيه المحكمة الجنائية الدولية لائحة اتهام ضد البشير.
وكانت هذه الرسالة، التي وقعت عليها اللجنة المعنية بالعمل الإنساني في الحكومة، بمثابة ناقوس يعلن موت أكبر منظمة إنسانية سودانية عاملة في دارفور.
فقد طالبت الرسالة بالإغلاق الفوري لـ SUDO زاعمة بأنها كانت تعمل خارج نطاق ولايتها الإنسانية، ولم يمض وقت طويل قبل وصول قوات الأمن لضمان أن يتم تسليم مكاتب الـ SUDO العشر والحواسيب والأثاث والوثائق إلى الحكومة، كما تم تجميد حساباتها المصرفية في الحال.
وقال رئيس الـ SUDO مضوي إبراهيم آدم :"ليس لدينا إمكانية الوصول إلى أموالنا، حتى أننا لا نستطيع دفع أجور موظفينا".
مضيفاً "لقد قامت الحكومة بإغلاق منظمتنا لأنها منظمة مستقلة، فالحكومة تريد منظماتها الخاصة والمنظمات التي تتبع خطها".
ومنظمة الـ SUDO واحدة من بين العديد من المنظمات غير الحكومية التي وقعت ضحية للحملة التي شنتها الحكومة مؤخراً والتي أدت إلى طرد ثلاث عشرة من وكالات الإغاثة الأجنبية وإلى إغلاق اثنتين من منظمات حقوق الإنسان المحلية.
وقد أشار ممثل منظمة غير حكومية قريبة من الـ SUDO إلى أنه "قد تم محو دور حقوق الإنسان في السودان من الخريطة" لأن المحكمة الجنائية الدولية اتهمت الرئيس السوداني عمر البشير بارتكاب جرائم حرب في الرابع من آذار، وقد قال البشير إنه تم استهداف المنظمات غير الحكومية لأنها "تهدد أمن السودان" متهماً إياها بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.
بعد ساعتين فقط من صدور أمر الاعتقال قامت قوات الأمن بإغلاق مقر مركز أمل لتأهيل ضحايا التعذيب في الخرطوم، ويعمل هذا المركز على تعريف الناس بحقوقهم وتقديم المساعدة الطبية والنفسية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. ووفقاً لما جاء عن مدير مركز أمل السيد نجيب نجم الدين يصل عدد حالات ضحايا التعذيب الذين تستقبلهم المنظمة شهرياً إلى ثلاثين حالة جديدة.
وقال السيد نجيب "لا نعرف ماذا يجري مع عملائنا، لأننا لا نستطيع الوصول إليهم" كما أضاف "وأما بالنسبة لؤلئك الذين توجهوا إلى المحكمة فلا أحد يتابع قضاياهم حالياً، وها نحن نحاول أن نفعل شيئاً من خلال منظمات أخرى إلا أنه ليس لدينا ما يكفي من المال لتقديم الرعاية ودفع تكاليف علاج الضحايا".
كما وقد تم استهداف مركز الخرطوم لحقوق الإنسان والتنمية البيئية KCHRED في اليوم نفسه حيث داهمت قوات الأمن المكاتب وصادرت أجهزة الكمبيوتروالوثائق السرية، ويوفر KCHRED المساعدة القانونية لضحايا التعذيب ويؤمن للمحامين التدريب في مجال حقوق الإنسان.
وقد فر موظفو المنظمة منذ ذلك الحين من السودان بما في ذلك منسقو المساعدة القانونية، وقال علي محمد عجب الموجود في المملكة المتحدة لمعهد صحافة الحرب والسلم إن الملفات التي تحتوي أسماء وتفاصيل عن آلاف الضحايا هي الآن في يد اللجنة المعنية بالمساعدات الإنسانية التي تعمل بشكل وثيق مع قوات الأمن مضيفاً "إن حياة هؤلاء الناس في خطر حالياً."
وقد كانت الـ SUDO التي تضم ثلاثمائة موظفاً قد وفرت مياه الشرب النقية والخدمات الصحية والصرف الصحي لـ 700000 من المشردين داخلياً.
وكان المشروع الرئيسي هو مشروع بناء عيادة صحية للحاجة الماسة إليها في مخيم زمزم للاجئين في شمال دارفور، وقد أشارت العديد من وكالات المعونة الدولية التي تحدث إليها معهد صحافة الحرب والسلم إلى أنها لا تعرف ما إذا كانت العيادة ستبقى على قيد الحياة.
قالت سيلينا بريور من منظمة هيومن رايتس ووتش إن لإغلاق SUDO وغيرها من المنظمات غير الحكومية تأثير هائل. "فذلك يقضي بشكل أساسي على هذا القطاع من المجتمع المدني السوداني. وأضافت أن الوضع بالنسبة لأي شخص يعمل في مجال حقوق الإنسان في دارفور أو في أي مكان آخر في البلاد مروع حقاً. ً"
ولكن المنظمات غير الحكومية مصممة على تحدي الحكومة بسبب الإغلاق، وفي العاشر من آذار استأنف الناشطون قراراللجنة المعنية بالمساعدات الإنسانية،وسيتم النظر في قضيتهم يوم الثالث عشر من نيسان في إدارة محكمة شؤون العدل في الخرطوم، ويقولون إنه إن لم ينجح ذلك فسوف يرفعون القضية إلى محكمة أعلى.
وأضاف نجيب " لن نتخلى عن مؤيدينا، علينا أن نذهب إلى المحاكم."
وبينما هناك تفاؤل ظاهرياً يشعر البعض بالقلق إزاء الفرص المتاحة أمامهم لأن هناك شكوك حول ما إذا كان آدم سيتمكن بدوره من الاستئناف، إذ كان من المقرر أن يمثل أمام المحكمة بتهمة الفساد في اليوم السابق بتهمة اختلاس 40000 دولار أمريكي من أموال SUDO في عام 2004.
وقد صرح لمعهد صحافة الحرب والسلم بقوله: "هل اكتشفوا ذلك الآن؟ لا أعتقد أن لديهم أية قضية ولست خائفاً مما يقولونه."
وقد جاء إغلاق المنظمات غير الحكومية السودانية بعد سنوات من الضغط على نشطاء المجتمع المدني، و أشارت بريور بهذا الشأن إلى أن "هذا النمط من القمع يزداد سوءاً أكثر فأكثر وأنه أصبح من المستحيل للناس أن يتكلموا."
وقد سبق وخضع كلاهما الـ SUDOوآدم للترهيب من قبل الحكومة، وقام المسؤولون في آذار من عام 2003 بإغلاق مكاتب منظمتين وتجميد حساباتهما المصرفية، كما تم اعتقال آدم في العام نفسه بتهمة ارتكاب جرائم ضد الدولة، وقد أفرج عنه إثر عدم التمكن من إنتاج أي دليل ضده ثم ألقي القبض عليه مرة أخرى في عام 2005 دون توجيه اتهام، وأفرج عنه بكفالة.
هذا وإن كانت نتيجة الاستئناف غير مؤكدة، تأمل بريور، ولكن بحذر، في أن يتم السماح للمنظمات غير الحكومية باستئناف عملها قائلة: "لا أعتقد أن الحكومة تريد أن تأخذ على عاتقها مهمة توفير الطعام والمياه لملايين الناس، وبالتأكيد ليست لديها القدرة على القيام بذلك" مضيفة "آمل أن تسمح لهم إجراءات الاستئناف بالتراجع دون فقدان ماء الوجه."
إيمي ستيللمان مساهمة في معهد صحافة الحرب والسلم في لندن.