مسيحيو كركوك يخافون من تصاعد العنف
يخشى المسيحيون في المدينة المتعددة الاجناس من تنامي القوة الإسلامية ومن تنامي الطائفية.
مسيحيو كركوك يخافون من تصاعد العنف
يخشى المسيحيون في المدينة المتعددة الاجناس من تنامي القوة الإسلامية ومن تنامي الطائفية.
اهتزت الارض داخل الكنيسة المسيحية الكلدانية بينما كان المصلون وبضمنهم جدة فادي يصلون بهدوء. هرعوا الى خارج الكنيسة ليجدوا الدخان يملأ الجو وشظايا السيارة المنفجرة مبعثرة حول الكنيسة.
كان فادي ممددا على الأرض وسط بحيرة من الدم. لقد مات أخيرا في المستشفى.
قال أخوه نسيم الياس، 23، وعيناه تغرورقان بالدموع" لا أستطيع محو صوته من رأسي. رأيته غارقا في دمه، وهو يطلق أنفاسه الأخيرة في المستشفى".
كان فادي احد ثلاثة قتلوا في أواخر كانون الثاني حين استهدفت خمسة سيارات مفخخة الكنائس وسفارة الفاتيكان في كركوك وبغداد.
هز العنف الموجه ضد المسيح أبناء تلك الطائفة في كركوك، الكثير منهم يخاف من تنامي الطائفية ومن تزايد التأثير الإسلامي وسط العنف الذي تلا سقوط نظام صدام حسين في عام 2003.
تزامنت الهجمات المنسقة في اواخر يناير مع الجدل الذي اثير حول الرسوم الكارتونية الدانمركية التي اساءت الى شخص النبي محمد(ص). كانت تلك اول هجوم رئيسي ضد مجموعة دينية في 2006، وهي السنة التي أثبتت دمويتها التي طالت الكثير من المجاميع الدينية والعرقية.
لا يزال المسيحيون في مدينة كركوك المتعددة الأديان والأعراق يمارسون طقوسهم الدينية، برغم احاطتها بالحذر والهدوء. بينما يقول البعض ان لهم صداقات مع المسلمين، يرى البعض الاخر ان التقسيم الطائفي والتمييز كان قد زحف الى المدينة حتى قبل انفجار القنابل.
يشكل المسيحيون الان ثلاثة بالمئة من مجموع الشعب العراقي، بعد ان كانوا يشكلون خمسة بالمئة في زمن صدام. اشار تقرير المفوض السامي للامم المتحدة لشؤن اللاجئين ان 700 الف عراقي حصل على اللجوء في سوريا بين اوكتوبر 2003 ومارس 2005، كان بينهم 36 بالمئة من المسيحيين.
يشكل المسيحيون 12 الف من مجموع سكان كركوك البالغ عددهم اكثر من مليون. هناك خمسة طوائف مسيحية في كركوك، لكن الأغلبية هم الكلدان والآشوريين اللذان يمثلان مجموعتين متقاربتين تتكلم اللغة السريانية.
قالت بهرا توما، 45، أم لطفلين، ان التعايش بين المسلمين والمسيحيين في كركوك قد تدهور منذ سقوط نظام صدام حسين.
واضافت" يشكوا ولدي من الاحتقار والازدراء من قبل زملائه في المدرسة كونه لا ينتمي الى نفس عرقهم. ان لذلك تأثيرا كبيرا على نفسية الأطفال لأنهم سيكبرون وفق تلك الأفكار".
قال أسقف كركوك لويس ساكو،56، ان المسيحيين مثل كل العراقيين، يخشون الخطف والعنف الطائفي بسبب غياب القانون والنظام.
واضاف ان المسيحيين يعانون منذ تسلمت الأحزاب الإسلامية السلطة في بغداد ومنذ هيمنة الشخصية الإسلامية التي عانت كثيرا على يد نظام البعث.
واستطرد"لا يحس المسيحيون بانتمائهم للعراق لأنهم يعيشون في بلد يسيطر عليه الدين الإسلامي".
واضاف ساكو أن الكثير من المسلمين ينظرون الى المسيحيين على انهم "غير مؤمنين". " تنامت مؤخرا مشاعر العداء ضد المسيحيين، وهم يعيشون الآن في ظل التهديدات لحياتهم".
ونتيجة لذلك، أضاف الأسقف، يرغب الكثير منهم بالهجرة الى البلدان ذات الاغلبية المسيحية.
قال اوديشو عثمان،42، اب لثلاثة ابناء وعازف للكيتار في الكنيسة، انه يخاف من سيطرة الإسلاميين على العراق. وأضاف انه مقيد كونه مسيحي ولا يستطيع ممارسة طقوسه الدينية بشكل علني.
مثل بقية المسيحيين في العراق والشرق الأوسط، فأن لستيفان عائلة في الخارج مما يجعل الأمر سهلا له لمغادرة البلاد.
قال ستيفان"سأكون مضطرا للهجرة مع عائلتي اذا ساءت الامور اكثر".
قال ساكو انه بسبب التفجيرات في كركوك، يشعر المسيحيون بعدم الأمان في حضورهم للكنسية حيث قاموا بحراسة كنائسهم بأنفسهم لان الشرطة لا توفر لهم الأمن.
قال مصدر في شرطة كركوك انهم يعملون ما في وسعهم لضمان الأمن ولا يمارسون أي تمييز ضد المسيحيين. واضاف "نحن نعمل جهدنا لتوفير الأمن لكل فرد".
بينما ينتشر الخوف من العنف بين المسيحيين وبقية المجموعات في كركوك، ليس هناك أسوأ مما كان عليه الحال قبل ثلاث سنين. ففي ظل نظام صدام كانت الكنائس محمية، لكن لم تكن هناك حرية لإنشاء مدارس سريانية او لجعل السريانية لغة التعليم. لقد اجبر الآشوريين على الدراسة باللغة العربية وتم اعتبارهم عرب.
قالت ايفا لازار،29، موظفة حكومية، ان المجاميع الإسلامية المتشددة التي تعتبر المسيحيين غير مؤمنين موجودة منذ عقود، لكنها كانت مقموعة في زمن نظام البعث.
واضافت انه بشكل او بأخر فان حياة المسيحيين قد تحسنت في كركوك. لم يعد عليهم العمل بأكثر من وظيفة، الآن الفرص متاحة لهم. ولغتنا السريانية تدرس في المدارس".
رغم فقدانه لاخيه، قال نسيم ان له الأيمان بإمكانية أن يعيش المسلمون والمسيحيون سوية في كركوك. هناك روابط قوية تربطهم ببعض".
"معظم الذين حضروا جنازة أخي كانوا مسلمين".
سماح صمد: صحفية متدربة في معهد صحافة الحرب والسلام في كركوك.