مجتمع 'متخيّل'

فيما يخص الخطاب العراقي- العراقي، يرى المراقب ما-بعد الانقسام والخلاف يجتاج البلد بعد الحرب.

مجتمع 'متخيّل'

فيما يخص الخطاب العراقي- العراقي، يرى المراقب ما-بعد الانقسام والخلاف يجتاج البلد بعد الحرب.

Tuesday, 22 February, 2005

أكتب اليوم كعراقية لأقول بأنه بعد كل هذا الدمار، المأساة والألم الذي واكب الحرب على العراق، لقد كانت هناك فترة قصيرة بعد السيطرة الأمريكية على بغداد التي حافظت فيها على تفاؤل كبير.


وسط الدموع التي ذرفناها على أصدقاء وعلى العائلات التي تمت التضحية بها، وعلى العراقيين الجائعين المرهبين، كان لدي أمل.


وسط الهواء المسمم الذي تنفسّه الأطفال الذين لعبوا في الشوارع زمن تساقط القنابل على بغداد. وبينما حولت الأسلحة إلى أشلاء أجسام وعقول هؤلاء الذين تم اختطافهم على يد النظام المستبد، كان لدي أمل.


في وسط خوفنا من جراء معرفتنا ذلك وفي إستثمار بعض الأمل في هذه الحرب كُرهنا لصدام حسين ونظامه كان أثقل من حبنا لبلد عتيق ولشعبه وتاريخه، كان لدي الأمل.


وفي وسط كل ذلك تمسكت بالأمل في كفاحنا هذا من أجل الديمقراطية العراقية سنجد الوحدة العراقية.


تخيلت العراقيين لا رغبة لديهم في المتعة في هذه اللحظة المنتظرة طويلاً لأخذ البلاد إلى مهد جمالها الذي لا ينسى، إلى زمن لم يكن فيه سنّي يقف ضد الشيعة او عرب ضد الأكراد أو أي شئ من هذه الانقسامات المجردة التي تغرق الأخبار وتجتاح كل نقاش خاص أو عام.


تخيلت بأن يقوم العراقيون بقول الغير-معروف بأنه على الرغم من خلافاتنا، فإن الخلافات المرّة خُلقت وتفاقمت على يد صدام حسين ونظامه.


تخيلت إستنشاق الهواء النقي المفعم بالأمل و" التحرير " الذي سيبعد دخان الحرب والحزن.


تخيلت كل المنفيين العراقيين في شتى أنحاء العالم يقومون بأخذ هذه الفرصة لقيادة- بعطش لا يروى، وطاقة وكرم، وبروح الوحدة التي تجمّع العراقيين في داخل وخارج وطنهم المحبوب و يقومون بمد يدّ العون لبعضهم البعض بإنتشال أنفسهم من الفوضى – جيل محطّم من جراء الحرب والعقوبات. الوحدة الجديدة ستثبت للعالم بأنّ العراق مهد الحضارة قادر على احتواء التناغم والديمقراطية. تخيّلت بأنه لو وكلنا هذه المهمة من قبل العالم سنكون مثاليين – بما جربته شعوب أخرى سنقوم بتقوية التزامنا للعدالة والديمقراطية وسنحمي أنفسنا ضد قادة يقومون بالإضطهاد ومحتلين من كل الأشكال.


الآن أجد نفسي وسط زوبعة نار من تصريحات غاضبة، نقاشات حادة وإعتداءات شخصية ومجرد اقتتالات قذرة بين أبناء العراق، العرب ضد العرب، المسلمون ضد المسلمون. بدلاً من أن تجمعنا الحرب معاً، فإن وضع ما بعد الحرب يمزقنا.


أرجو ان لا يساء فهمي، الخطاب قيّم. النقاش صحي. الإختلاف في الرأي هو جزء من الديمقراطية. ولكن ليس من المفروض أن يقلب الإخوة ضد بعضهم البعض ولا يخلق كره و سفك دماء جديدين، وهذا هو الفرق المؤكد.


في الأسابيع القليلة منذ بداية الغزو الأمريكي على العراق، لقد قمنا بتدمير القوة التي لا تملك الرحمة والتي كانت تدمرنا. لقد كنّا موحدين في مقتنا لهذا النظام وفي رغبتنا لإسقاطه بغض النظر عن كيفية تطبيق هذه الفكرة. ولكن هذه الرغبة العراقية الموحدة لإنهاء عهد، بالفعل بدأت تتفكك بشكل مؤلم.


العالم الذي كان يكن لنا بعض التعاطف كشعب ينظر الينا اليوم بحذر ليرى ان كنا سنحقق الإنطباع الذي يملكونه عن الشرق الأوسط كمنطقة سكانها غير قادرين على إيجاد الديمقراطية.


كعراقية أخاطب العراقيين، أدعوكم الى تخيّل بأنه لا توجد أي قوة أو دين تستطيعان تقسيمنا، تخيلوا بأنه بإمكان شعبنا أن يعيش موحداً مرة أخرى، تخيلوا بأنه بالإمكان، بل و من الضرورة فعل ذلك.


غيدة الجبوري محامية عراقية – أمريكية تعمل في واشنطن دي سي.


Iraq
Frontline Updates
Support local journalists