مهنة خطرة
الخطف، القتل، والاعتقال هو الثمن لممارسة مهنة الصحافة في بلد يعد الاخطر في العالم قي هذا المجال.
مهنة خطرة
الخطف، القتل، والاعتقال هو الثمن لممارسة مهنة الصحافة في بلد يعد الاخطر في العالم قي هذا المجال.
العاملون في الصحافة يواجهون التهديد، الخطف، الاغتيال، والمضايقات بشكل يومي، وخاصة في بغداد وفي الموصل، المحافظة الشمالية. في المناطق الكردية الامنة، يشكوا الصحفيون من ازدياد الاعتقالات ومن القانون الجديد الذي كبل الحريات الصحفية.
تقول المنظمات المدافعة عن الحريات الصحفية ان العراق يعد اخطر بلد في العالم بالنسبة للصحفيين. تشير احصائيات لجنة حماية الصحفيين الدولية التي مقرها نيويورك ان الصراع هو الاكثر دموية بالنسبة للاعضاء من الاعلاميين منذ اوائل الثمانينيات.
تم اغتيال 68 مراسلا و24 عاملا في المجال الاعلامي منذ مارس 2003. كان من بينهم 49 عراقيا. ثمانية منهم ماتوا هذا العام وبضمنهم كمال مناحي عنبر –المتدرب في معهدنا- والذي اغتيل في 26 مارس هذا العام.
قال جويل كامبانا منسق برنامج لجنة الصحفيين الدولية في الشرق الاوسط" تبادل اطلاق النار، السيارات المفخخة، الخطف، الاغتيالات جميعها تجعل من العراق البيئة الاكثر خطرا للصحفيين".
يتسع المشهد الاعلامي في العراق، اكثر من 100 مطبوع تصدر في بغداد فقط، الا ان العنف القى بظلاله على انتشار المطبوعات منذ سقوط النظام وترك الصحافة في "مأزق عميق جدا جدا"، بحسب رأي اسماعيل زاير رئيس تحرير جريدة الصباح الجديد اليومية المستقلة.
اضاف زاير"في معظم القضايا لا نستطيع قول ما نعرفه. نخاف ان يصلنا تهديد اذا نشرنا ما نعرفه. بالطبع يمكنك ان تكتب موضوعا جميلا ورائعا، لكنه قد يكون اخر موضوع تكتبه".
كان زاير قد نجا من محاولة اختطاف في العام 2004 والتي قتل فيها سائقه و أحد حراسه الشخصيين، وهو الان خارج العراق بعد ان استلم قبل شهر رسالة تهديد بالقتل من قبل احدى الميليشيات الدينية التي رفض تسميتها. واضاف ان اسمه قد رفع من قائمة المستهدفين وهو يعد الان للعودة الى بغداد.
واستطرد زاير، وهو عراقي يحمل الجنسية الهولندية ان المؤتمر الاوربي الذي ساهم في اعداده حول المخاطر التي تواجه الصحفيين العراقيين قد تم الغاءه بسبب اختفاء العديد من الصحفيين.
واكمل زاير ان التهديدات قد جعلت الصحفيين يراقبون اعمالهم وكتاباتهم حول قضايا الفساد والميليشيات.
اضاف زاير ان اربعة من مراسليه قد قدموا استقالتهم منذ شهر لخوفهم من الاستمرار في العمل، وان احد محرريه الجيدين سيترك البلد بعد استلامه العديد من التهديدات له ولعائلته. الكثير من عمالقة الصحافة العراقية قد تركوا العراق الى الاردن.
يقول حسين الياسري محرر في راديو نوا الذي تدعمه الحكومة الامريكية، ومتدرب سابق في معهدنا انه يعرف بالقليل ثلاثة من الصحفيين الكبار الذين اما غادروا البلد واما في طريقهم الى مغادرته. واضاف ان الصحفيين يخفون في الغالب مهنتهم عن الجيران والاصدقاء.
واكمل الياسري" الصحفيون مستهدفون لانهم عادةً ينقلون الحقيقة".
واستطرد الياسري ان السياسيين يحترمون حرية الصحافة -رغم عدم وجود قانون رسمي للصحافة- ويحاولون عدم التاثير على وسائل الاعلام. لكن زاير يقول ان من الصعب على الصحافيين من المؤسسات الاخبارية المستقلة التوصل الى الوثائق والمصادر الحكومية.
قال الصحفيون ان من واجب الحكومة اتخاذ موقف حازم ازاء قتل العاملين في المجال الاعلامي.
قال زاير"نريد ان يكون لنا متكأ يعرف الناس من خلاله انهم اذا قتلوا الصحفيين فلن يكونوا في مأمن ولن يفلتوا من قبضة العدالة".
يبدو المراسلون في الشمال العراقي اقل تعرضا للعنف، الا انهم لاحظوا ازدياد حملات الاعتقالات والمضايقات لزملائهم. عبر الكثير عن مخاوفهم حول قانون الصحافة الذي يتوقع عرضه على البرلمان الكردي اوائل ايار.
قال آسوس هردي رئيس تحرير صحيفة آوينة الكردية المستقلة ان هناك في الشمال "هامش من حرية التعبير".
واضاف "حين لا تصان حرية التعبير بقانون، يركن الى ارادة السياسيين".
بينما تسود ادارة الاعلام من قبل الحزب في عموم العراق، فانها تبدو باقوى صورها في الشمال حيث يسيطر الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني على الاعلام والحكومة.
تعتبر نقابة الصحفيين في كردستان هي المؤسسة الرائدة للاعلام المحترف وتدار من قبل صحفيين مرتبطين بالحزب.
عملت النقابة مع الصحفيين والخبراء القانونيين لاصدار قانون الصحافة المثير للجدل والذي يتضمن فقرات تمنع اصدار أي مطبوع "ضد العادات العامة"و" يحرض على العنف والارهاب، او قد يؤذي "المصالح العليا للاقليم" او ينتهك ويشوه المجاميع الدينية.
قال فريد زامدار رئيس النقابة في المدينة الشرقية في السليمانية والمحرر في المؤسسة الاعلامية التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني انه تم اقتراح القانون قبل ثلاثة اشهر، وتسلمت النقابة شكاوى من "الصحفيين المشاغبين" الذين " تحدثوا عنه و كانه نهاية العالم".
واضاف ان النقابة قد وسعت القانون ليشمل اعلام البث والاعلام الالكتروني.
قال زازامدار
مدار"بالنسبة لي، لا توجد هناك حرية مطلقة، لا توجد حقوق فقط، بل توجد واجبات".
تقول احدى فقرات القانون ان الصحفيون لا يمكنهم نشر الأسرار العسكرية للإقليم او أية تفاصيل عن الأجتماعات المتعلقة بالدفاع. كذلك هناك ما يمنع الصحفي من التوصل الى المعلومات السرية والمعلومات التي قد تعرض الأمن للخطر.
"تلك هي المشكلة" قال هردي."من هو الذي يحدد الامور التي تخص الامن القومي؟ ما هو تعريف الامن القومي؟"
في الوقت الذي سيعرض فيه القانون على البرلمان، ازداد اعتقال الصحفيين.
تم في الثاني من ايار ادانة هردي المحرر السابق في الصحيفة المستقلة هاولاتي، وتوانا عثمان رئيس تحرير صحيفة هاولاتي لنشرهم معلومات غير صحيحة. اشتكى رئيس وزراء السليمانية عمر فتاح من ان الصحفيين في هاولاتي كتبوا عنه انه طرد اثنين من الموظفين لقطعهم خط تلفونه بسبب عدم دفعه القائمة.
تم اصدار حكم على هردي وعثمان بستة اشهر سجن، الا ان القاضي ابدل ذلك بغرامة مالية مقدارها 75,000 دينارا عراقيا لكل منهما (ما يعادل 50 دولارا).
تم الحكم على كمال سيد قادر بالسجن ثلاثين عاما بعد ان كتب مقالا ملتهبا و نقديا ضد رئيس اقليم كردستان مسعود برزاني. وبضغط من المؤسسات الصحفية العالمية والمحلية، تم تقليص الحكم الى 18 شهرا ثم تم تخفيفه بعد ذلك.
قال كامبانا" لا يمكن لك القول انك مع الصحافة الحرة والديمقراطية بينما انت ترمي الصحفيين في السجن".
اشتكى الصحفيون في كردستان العراق من ان قوات الامن صادرت كاميراتهم ودفاتر ملاحظاتهم، واحيانا تضايقهم وتعتدي عليهم بالضرب اثناء المظاهرات. وبعضهم تم توقيفه لفترة قصيرة. بعد اندلاع اعمال الفوضى في حلبجة في مارس ، طلبت النقابة من الصحفيين تسليم موادهم لمساعدة السلطة في اعتقال المتظاهرين.
ستتم محاكمة حويز حويزي الذي يكتب في هاولاتي بتهمة التشهير لانه كتب مقالة رأي طلب فيها من الاكراد العراقيين مغادرة الاقليم بسبب القيادة السيئة فيه. ونعت الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بالفراعنة.
قال زامدار" في مرات كثيرة سبب لنا الصحفيون المشاغبون المشاكل".
اثناء اللقاء مع مراسل معهدنا، تسلم زامدار نداء تلفونيا حول احد الصحفيين الذي تمت محاكمته بتهمة التشهير. واشار زامدار ان على النقابة ان تعين محامين لاعضائها، حتى وان كانت غير مقتنعة بما يكتبه الصحفي.
قال احد المسئولين في الامن الذي طلب عدم ذكر اسمه ان اعتقال الصحفيين في تزايد اعتمادا على مزاج الحكومة ومسؤلي الحزب. واضاف ان الاعتقال يتم غالبا دون اذن من القاضي.
"يعتقل المسؤلون الصحفيين كلما ارادوا ذلك دون وجود من يسائلهم".
تياري راث محررة تقارير الازمة العراقية. شارك الصحفيون المتدربون في المعهد زينب ناجي من بغداد وامانج خليل من السليمانية في اعداد هذا التقرير.