محادثات شاقة يجريها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية

يدعو السيد لويس مورينو أوكامبو إلى إلقاء القبض على زعيم المتمردين الأوغنديين جوزيف كوني، وإلى إلقاء القبض على المشتبه بهم السودانيين المطلوبين من قبل المحكمة.

محادثات شاقة يجريها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية

يدعو السيد لويس مورينو أوكامبو إلى إلقاء القبض على زعيم المتمردين الأوغنديين جوزيف كوني، وإلى إلقاء القبض على المشتبه بهم السودانيين المطلوبين من قبل المحكمة.

Thursday, 22 May, 2008
.



وقد صرح خلال مؤتمر ـ عقد في شيكاغو في عطلة نهاية الأسبوع للاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة لنظام روما الأساسي، المعاهدة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية ـ بأن: "مسؤولية القيام بذلك تقع على عاتق الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي".



كما عبر السيد أوكامبو عن أسفه الشديد لكون جوزيف كوني زعيم جيش الرب للمقاومة الذي خاض عشرين عاماً من الحرب في شمال أوغندا لايزال حراً طليقاً.



قال بهذا الصدد: " إنه أمر سيئ للغاية أن لانقوم بما يلزم لإلقاء القبض على كوني" مضيفاً أنه إذا تم القبض على كوني "سيحل السلام غداً".



هذا وإن كوني واثنين آخرين تحت قيادته مطلوبون من قبل المحكمة الجنائية الدولية في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب تم ارتكابها أثناء التمرد.



وقد وصف مورينو أوكامبو جيش الرب للمقاومة بأنه "ميليشيا صغيرة" إلا أن له تأثير كبير على إفريقيا الوسطى.



قال:" هناك جرائم هائلة تؤثر على الأمن عبر حدود المناطق المختلفة من العالم".



هذا وقد أكد معهد صحافة الحرب والسلم في تقرير خاص الأسبوع الماضي أن جيش الرب للمقاومة قد استأنف أعمال العنف والسلب والنهب وخطف المدنيين في جمهورية إفريقيا الوسطى وكذلك في السودان وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث أمضى أكثر من عامين في حديقة غارامبا الوطنية. (انظر المقال ـ جيش الرب للمقاومة تستعد للحرب ، لا للسلام ـ Ar رقم 168 ، 24 - نيسان - 08).



وكان كوني قد فشل في الحضور في العاشر من نيسان للتوقيع على اتفاق السلام بعد قرابة عامين من المحادثات، إلا أنه تبين في وقت لاحق أن الزعيم لم يكن على اتصال مع فريقه المكلف بإجراء مفاوضات السلام لأشهر عدة.



وقد صرح السيد مورينو أوكامبو في الوقت نفسه لمعهد صحافة الحرب والسلم بأنه من الممكن تزويد قوات الأمم المتحدة المنتشرة في المناطق الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية بقوات خاصة" تستطيع أن تتحرك ضد كوني وتلقي القبض عليه".



وصرح المدعي العام بأنه تم تعليق الجهود الرامية إلى القبض على كوني كنتيجة لمفاوضات السلام.



وقد انتهت إحدى العمليات التي تمت قبل عامين بمقتل ثمانية من الجنود الغواتيماليين الذين يعملون مع قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية.



وقال إن وقف عمليات القبض على زعيم جيش الرب للمقاومة عندما بدأت محادثات السلام في الماضي كان خطأ فادحاً.



وقد أخبر السيد أوكامبو معهد صحافة الحرب والسلم بأن" الجهود أوقفت مسبقاً ولكن جميع المفاوضات تؤدي إلى الإفلات من العقاب مما أتاح لكوني فرصة إعادة بناء الجيش".



وفي حين اعترف المدعي العام بأن الحاجة تدعو لإجراء مفاوضات فإنه صرح بأنه"لن يكرر أبداً" الإذعان ووقف الجهود الدولية الرامية للقبض على أفراد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضدهم.



ووفقاً للسيدة بيتي بيغومب المفاوضة الأوغندية السابقة في مفاوضات السلام، قد يكون جيش الرب للمقاومة هُزم في دولة ضعيفة إلا أنه لا يزال يمثل مشكلة إقليمية.



كما قالت إن كونى قد يجتمع بالوسطاء في العاشر من أيار لاستئناف محادثات السلام، إلا أنها اعترفت بغضبها لعدم توقيع زعيم جيش الرب للمقاومة على اتفاقية السلام في وقت سابق من هذا الشهر، إضافة إلى أنه على ما يبدو استأنف عمليات الاختطاف.



وقالت: يشك كثير من الناس بأنه سيكون من المفيد عقد اجتماعات أخرى مع كوني، ثم أضافت بأن من الواضح أن زعيم المتمردين لا يتصرف إلا بحسب ما يتناسب مع وقته ومصالحه.



وقد أعربت بيغومب ـ التي كانت صلة الوصل الرئيسة بين كوني والحكومة الأوغندية خلال الفترة ما بين عام 1994 حتى عام 2004 ـ عن مخاوفها من أن محاولة عسكرية للقبض على كوني قد تكون دامية.



وقالت إن مثل هذا التحرك "سيؤدي إلى خسارات في الأرواح."



وتود بيغومب أن يكون لدى المحكمة الجنائية الدولية قوات شرطة خاصة بها تمكنها من إلقاء القبض على المتهمين الذين تشتبه بهم.



وتساءلت"لماذا لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تملك قوات خاصة بها لتنفيذ أوامر القبض التي تصدر عنها؟ " علماً بأن وجود مثل هذه القوة يعني أن المحكمة لن تضطر للاعتماد على التعاون مع الدول الأعضاء لأن "الحكومات ليست لديها القدرة على القيام بذلك".



وأضافت "نحن اليوم نشعر بالإحباط والمهانة إذ أن كوني في هذه اللحظة يمسك بالعالم كله كرهينة، ونحن جميعاً ننتظر لنرى ما يحدث. "



وقال مورينو أوكامبو أيضاً إن على المجتمع الدولي أن يكون أكثر صرامة مع السودان وأن يضغط عليه لإلقاء القبض على اثنين من المطلوبين من قبل المحكمة في جرائم ارتكبت في إطار الحرب الدائرة في المنطقة الغربية من دارفور.



وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق أحمد هارون وزير الداخلية السابق والمسؤول حالياً عن الشؤون الإنسانية وبحق زعيم ميليشيا"الجنجويد" علي محمد علي عبد الرحمن المعروف أيضاً باسم علي كوشيب.



ومن الجدير بالذكر أن ميليشيات الجنجويد هي الميليشيات العربية التي تدعمها الحكومة وأنها متورطة في انتهاكات واسعة النطاق في دارفور.



المشتبه بهما متهمان بالتحريض على القتل والاغتصاب والتعذيب فضلاً عن التشريد القسري لسكان القرى في دارفور، حيث تم طرد مليوني شخص تقريباً من المنطقة وتم قتل ما يقدر بمائتي ألف شخص أو تسببت الحرب في مصرعهم.



وقد صرح مورينو أوكامبو "بأن إلقاء القبض على هارون اليوم سيحطم نظام الجريمة في دارفور" إلا أنه رغم ذلك لن يؤيد التدخل العسكري لإنجاز ذلك قائلاً: " إن إلقاء القبض على أحد الوزراء ليس عملية عسكرية" مضيفاً "وإنما سياسية".



هذا وإن من غير المحتمل النجاح في الحصول على تعاون من الحكومة السودانية سيما وأنها ترفض العمل مع المحكمة الجنائية الدولية ولا تعترف بشرعيتها.



وذكر مورينو أوكامبو أنه ناقش مذكرات التوقيف مع المسؤولين السودانيين قبل عامين من إصدارها وأن حكومة الخرطوم قالت له " لانستطيع السماح لك بإنشاء قضية في دارفور".



وقال المحامي الأرجنتيني لحكومة لخرطوم إنه سيعمل مع أو دون تعاونها مؤكداً أن لدى المحكمة كماً ضخماً من المعلومات ضد كل من هارون وكوشيب بما في ذلك شهود عيان على استعداد للإدلاء بشهاداتهم ضد كل من الرجلين.



إلا أنه كان محبطاً لعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإلقاء القبض على المشتبه بهم.



قال مورينو أوكامبو:"إن منهجاً ليناًً لن يجدي نفعاً" كما أضاف " لن نربح شيئاً بتجاهل الواقع."



وفي مؤتمر شيكاغو ناقش مورينو أوكامبو أيضاً القضية الثالثة في المحكمة الجنائية الدولية ذات الصلة بجمهورية الكونغو الديمقراطية، وقال إن القرار الذي اتخذته المحكمة مؤخراً في عدم عقد أجزاء من المحاكمات القادمة لقادة الميليشيا الكونغولية في جمهورية الكونغو الديمقراطية كان لأسباب أمنية.



وقال أوكامبو: "إن حماية الشهود هى أكبر مشكلة حالياً في جمهورية الكونغو الديموقراطية" وذلك في إشارة إلى المحاكمة المقبلة لزعيم الميليشيا توماس لوبانغا دييلو والتي من المقرر أن تبدأ فى لاهاي في الثالث و العشرين من حزيران.



ومما تجدر الإشارة إليه أن قادة المتمردين جيرمان كاتانغا وماثيو نغودجولو هما رهن الاعتقال في لاهاي أيضاً، بعد أن نقلتهما سلطات جمهورية الكونغو الديمقراطية.



إلا أن مورينو أوكامبو أشار إلى أنه رغم أنهما أي قائدا الميليشيات في عهدة المحكمة الجنائية الدولية فإن قواتهما المسلحة لا تزال تعمل في الميدان والشهود في خطر.

قائلاً :"إنهم يعرفون الشهود ويبحثون عنهم".



هذا وأعرب مورينو أوكامبو عن تفاؤله لأن المحكمة الجنائية الدولية كانت تلعب دوراً في جمهورية الكونغو الديمقراطية وستواصل القيام به.

قال :"قرار واحد سيكون له تأثير على العالم."



وقد يكون الدافع وراء ازدياد المدعي العام عنفاً وعدوانية تعليقات الولايات المتحدة التي تشير إلى أنها مستعدة للمساعدة في إلقاء القبض على الهاربين السودانيين.



وقد أشار جون بيللينغر ـ المستشار القانوني لرئيس وزيرة خارجية الولايات المتحدة كوندوليزا رايس ـ خلال حديثه في شيكاغو إلى أن حكومته مستعدة لتفعل أكثر مما فعلت في الماضي في سبيل تأمين اعتقالات المتهمين السودانيين.



مصرحاً للمعهد " إذا ما طُلب منا القيام بشيئ بالإضافة إلى النشاط الدبلوماسي، فإن حكومتنا ستنظر في الطلب."



وعندما سأله معهد صحافة الحرب والسلم عما إذا كان ذلك يشمل العمل العسكري، قال إنه لا يستطيع الإجابة عن ذلك لكنه أضاف بأن العمل "ضمن إطار القانون" ممكن.



وقال بيللينغر إن مشاركة الولايات المتحدة في السودان كانت محدودة بسبب القوانين التي تمنع القوات المسلحة الأميركية من المشاركة في الحالات التي قد تؤدي إلى تعريضها للمحاكمة عن طريق المحاكم الدولية.



وقد أظهرت تعليقاته مؤشراً على لين في السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة تجاه المحكمة الجنائية الدولية؛ والتي كانت معادية بالتأكيد في الماضي.



إذ أن واشنطن لم تكتف برفض التوقيع على نظام روما الأساسي بل أجرت ما يقارب سبعين اتفاقاً مع الدول الأعضاء تتعهد فيها هذه الدول بأنها لن تسلم مواطني الولايات المتحدة إلى المحكمة.



قال بيللينغر إن الولايات المتحدة تريد مساعدة المحكمة الجنائية الدولية في قضية دارفور لأنه ليس هناك "أي سبيل آخر لتحقيق العدالة في السودان" بصدد ما أطلق عليه المؤتمر اسم الإبادة الجماعية.



وقد حظي هذا الموقف بمزيد من التأييد من جانب ريتشارد ويليامسون المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى السودان.



حيث قال:"نحن لم نتخذ أي إجراءات صارمة لوقف الإبادة الجماعية في حركة بطيئة. لقد أخفقنا في إنسانيتنا في دارفور".



ويليامسون الذي اجتمع مؤخراً بالمسؤولين السودانيين قال إنه من الصعب التفاوض"مع ؤلئك الذين تلوثت أيديهم بالدماء".



بيتر ايشستيدت ـ محرر في معهد صحافة الحرب و السلم ـ إفريقيا.
Frontline Updates
Support local journalists