ما يزال الطريق الى دمشق خطراً
لقد تقلصت المخاطر التي نجمت عن حصار الفلوجة, إلا ان المسافرين من بغداد نحو الحدود الغربية ما يزالون هدفاً للعصابات المسلحة ورجال الكمارك المرتشين
ما يزال الطريق الى دمشق خطراً
لقد تقلصت المخاطر التي نجمت عن حصار الفلوجة, إلا ان المسافرين من بغداد نحو الحدود الغربية ما يزالون هدفاً للعصابات المسلحة ورجال الكمارك المرتشين
لقد أضاف حصار الفلوجة المزيد من الوقت والمخاطر للسواق والمسافرين على طريق العراق الدولي السريع الذي كان, في الحقيقة قبل ذلك, بمثابة رحلة شاقة بين بغداد وحدودها مع سوريا والأردن. وبات على المسافرين ان يتحملوا مشقة اتباع طرق التحويلات الطويلة عبر المناطق التي تخضع لسيطرة المتمردين ـ اضافة الى العصابات المسلحة وموظفي الحدود المرتشين, في رحلاتهم الطويلة عبر صحراء العراق الغربية والأراضي الزراعية لأعالي وادي الفرات.
وقال السائق فراس ناظم الذي يقوم بالرحلة من ساحة حافظ القاضي وسط بغداد الى سوريا "الرحلة تشبه دخول مجموعة من الجنود من دون سلاح في معركة داخل أرض العدو".
وقال وليد عبد الجواد وهو سائق آخر يعمل على الطريق باستمرار "ان المسافرين متوترون وعصبيون دائماً, وهم يلعنون ويجدفون في بعض الأحيان طول الطريق".
لقد قامت القوات الأمريكية أثناء حصارها للفلوجة باغلاق الطريق السريع معظم أيام شهر نيسان, مما أجبر السواق على سلوك طرق الممر الواحد الفرعية شمالي المدينة المحاصرة.
أخذت الرحلة تستغرق (16) ساعة أكثر من وقتها الأصلي البالغ (8) ساعات حتى الحدود ,الأمر الذي وضع المسافرين تحت رحمة المقاتلين ضد التحالف.
وقال فراس "كان أفراد المقاومة الملثمين باليشاميغ يوقفوننا وهم يحملون القذائف وبنادق الكلاشينكوف". ويدققون في جوزات سفر الجميع ليتأكدوا من عدم وجود أجانب بين المسافرين.
وقد حرى اختطاف ما يقدر بخمسين أجنبياَ, معظمهم على الطريق الصحراوي من الأردن, منذ اندلاع القتال على نطاق واسع في الفلوجة في بداية نيسان.
وقال فراس "كانت هويات المسافرين تخضع للتدقيق أيضاً للتأكد من عدم وجود دليل على "التعاون" مع التحالف. وبعد ان ينتهي هذا, يأخذ المتمردون مبلغ (20) ألف دينار عن كل سيارة "كضريبة طريق" قبل ان يسمحوا للسيارة باكمال طريقها.
وقد أدى التوصل الى اتفاق سياسي في الفلوجة في أوائل مايس الى اعادة فتح الطريق الرئيس, ويبدو ان المتمردين اضطروا, في الوقت الحاضر في الأقل, الى الاختفاء مرة أخرى في المناطق الريفية.
لكن العصابات المسلحة ما تزال تستخدم الطريق ـ لاسيما في التلال الصحراوية المنخفضة المحيطة باستراحة (الكيلو 160) قرب الرمادي حيث يوقفون سيارات المسافرين ويجبروهم على التوجه الى الطريق الجانبي.
وقال اللواء عبد الهادي صالح الراوي, مدير شرطة السلام والمسؤول عن المنطقة القريبة من استراحة (الكيلو 160), ان ضباطه سجلوا (20) حالة سرقة في الأسبوع الأول من مايس فقط.
ويقول ان الشرطة تفتقر الى كل من السيارات ووسائل الاتصال, بينما يمتلك رجال العصابات كليهما ـ اضافة الى الأسلحة الثقيلة للدفاع عن أنفسهم.
وكان أحد الضحايا وهو المستثمر بهاء عبد الكريم الكبيسي, الذي يسافر عبر تلك المنطقة من الأردن, الذي قال "أوقفتني يوم الرابع من مايس ثلاث سيارات: واحدة نوع (بي أم دبل يو) رصاصية, وسيارتان سوداوتان نوع (أوبل), وقد هددني (6) رجال ملثمين يحملون مدافع رشاشة (بي كي سي), أخرجوني من سيارتي, مزقوا قميصي وقيدوني باليشماغ".
وظل الكبيسي لوحده على جانب الطريق, لكن الشرطة أنقذته بعد نصف ساعة اثر قيام أحد السواق بابلاغهم. لقد فقد الكبيسي سيارته وأوراقه مع (10) آلاف دولار وعدد من الدنانير العراقية.
ولا تنتهي متاعب المسافرين عند وصولهم الى الحدود.
في مركز الوليد الحدودي, وحتى بعد ان تصدق الوثائق وتفتش السيارة يقوم مفتش الجمارك بالاتصال بالسائق الذي يتابع معاملات مجموعة قلقة من المسافرين معه ويسأله عن النقود, فيعطيه السائق أكثر من (10) آلاف دينار.
وعن هذا يقول المسؤولون في بغداد ان الحكومة المركزية تتمتع بسيطرة ضعيفة على ما يجري في الحدود, مما يؤدي الى تفشي فساد واسع النطاق. وعلى وفق ما ذكره الرائد ماجد حامد, مسؤول عن حرس الحدود في بغداد, فان رجال القبائل المحلية الذين يسيطرون على المنطقة الحدودية ويمارسون نفوذاً على المراكز الحدودية قد "بدأوا بمنح رتب فخرية الى أشخاص أميين مما أدى الى معاملة غير نزيهة مع المسافرين مثل المطالبة بالأموال".
ويقول مسؤول حدودي آخر هو رائد نزار ان المراكز الحدودية بدأت بمحاربة الفساد وطرد الموظفين غير النزيهين منذ نيسان.
مع ذلك, اعترف أحد موظفي الجمارك الشباب بصراحة ان الممارسات مستمرة.
وقال عندما يوقف الضباط شاحنة سورية تهرب النفط الى خارج العراق, فانه يربح ما يعادل (10) دولارات كرشوة, بينما يحصل رئيس المفتشين على (40) دولاراً.
وأوضح قائلاً "ان راتبي يبلغ (100) ألف دينار شهرياً, ولم أتسلم حتى الآن رواتب الأشهر الثلاثة الماضية".
*عوض الطائي ـ صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام ـ بغداد