المحكمة لاتزال تحت المجهر رغم الإفراج عن الجنرالات

انتهت الانتقادات التي تناولت احتجاز أربعة من قادة الجيش اللبناني إلا أن التساؤلات بشأن المحكمة لاتزال مستمرة.

المحكمة لاتزال تحت المجهر رغم الإفراج عن الجنرالات

انتهت الانتقادات التي تناولت احتجاز أربعة من قادة الجيش اللبناني إلا أن التساؤلات بشأن المحكمة لاتزال مستمرة.

.



وقد أعلنت المحكمة الخاصة بلبنانSTL في التاسع والعشرين من نيسان قرار الإفراج الفوري عن أربعة ضباط لبنانيين موالين لسوريا في ما يتعلق بمقتل الحريري في عام 2005. وقد انتقد بعض الدول بشدة طول مدة الاحتجاز دون توجيه اتهامات لهم.



إلا أن العديد من القضايا الخلافية التي أثارت تساؤلات حول شرعية المحكمة، مثل ضيق ولايتها وصلاحيتها في ظل القانون اللبناني لا تزال مستمرة.



وقد صرح المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار بأنه ينبغي الإفراج عن الضباط الأربع - الذين تم اعتقالهم من قبل السلطات اللبنانية منذ أربع سنوات تقريباً ولم تُوجّه إليهم أي اتهامات رسمية أبداً ـ بسبب "عدم كفاية الأدلة."



وقد كان الحريري رئيس وزراء لبنان السابق قد اغتيل في الرابع عشر من شباط 2005. وكان مشتبهاً بتورط سوريا في اغتيال الحريري لمدة طويلة ـ وهناك ادعاء ينفي ذلك بحزم.



وكانت المحكمة الخاصة بلبنان قد أنشئت بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وانطلقت في الأول من مارس في لايدشندام إحدى ضواحي لاهاي.



والضباط الأربع الموالون لسوريا والذين تم الإفراج عنهم هم: المدير السابق لمخابرات الجيش العميد ريمون عازار والمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي صلاح الدين الحاج والمدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل محمود أمين السيد والقائد السابق للحرس الجمهوري العميد مصطفى فهمي حمدان.



وقد تم اعتقالهم المستمر بشكل تعسفي على يد فريق عمل تابع للأمم المتحدة في تشرين الثاني 2007 مما أدى إلى مطالبة جماعات حقوق الإنسان بتوجيه الاتهام إليهم أو إطلاق سراحهم.



وقد قال نيل ساموند الباحث في الشأن اللبناني في منظمة العفو الدولية: "إن مصداقية المحكمة أصبحت موضع شك جراء فترة الاحتجاز الطويلة هذه دون توجيه تهمة ودون أن يمثل المتهمون أمام المحكمة."



وقد أخبر ممثلون عن المحكمة الخاصة بلبنان STL معهد صحافة الحرب والسلم بأنهم حريصون جداً على معالجة مسألة الضباط المعتقلين.



ووفقاً لقواعد المحكمة لا يمكن احتجاز المشتبه بهم لأكثر من تسعين يوماً دون توجيه اتهامات لهم.



لكنهم شددوا على أن المحكمة كانت غير قادرة على العمل حتى العاشر من نيسان عندما سلمتها السلطات اللبنانية هذه القضية.



وكان روبن فنسنت رئيس قلم المحكمة قد أشار إلى أن "الخلاصة هي أن هؤلاء الضباط لم يكونوا خاضعين لسلطة STL القضائية منذ عام 2005 وحتى تم تسليم القائمة لنا."



ومن جهة أخرى شكل ضيق ولاية المحكمة موضوعاً آخر للخلاف حيث انتُقدت المحكمة لتجاهلها الماضي وفشلها في التصدي لحالة انعدام القانون اللبناني.



وقد تشكلت المحكمة الخاصة بلبنان STL من أجل محاكمة قتلة الحريري الذي لقي حتفه إثر انفجار سيارة مدججة كانت على جانب طريق في بيروت مما أدى إلى مقتله مع إثنين وعشرين شخصاً آخرين.

ومهمتها التحقيق في اغتيال الحريري وفي الحوادث التعلقة به التي جرت بين الأول من تشرين الأول 2004 و الثاني عشر من كانون الأول 2005.



وقد قال ساموندز : "كثير من الناس يقولون إن هذه في الواقع حالة أكيدة لعدالة انتقائية بالنسبة لإحدى الشخصيات المهمة جداً التي تم اغتيالها، وتضرر جراءها آخرون كثيرون."



مضيفاً "إلا أن العديد من الأشخاص الآخرين لقوا مصرعهم وتضرر مئات الآلاف من الأشخاص الآخرين ومع ذلك لم يتم اتخاذ أي إجراء حيال ذلك."



تورط لبنان في حرب أهلية منذ 1975 وحتى 1990 قتل فيها ما يقدر بـ 100000 شخص وفقد 17000 شخص.



كما قال ساموندز : "لم يقدم المجتمع الدولي أي مساعدة لجعل السلطات اللبنانية تنتهج نوعاً من الاستراتيجية للتعامل مع الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان خلال الحرب الأهلية وبعدها."



وتم الطعن كذلك بصلاحية المحكمة في ظل القانون اللبناني.



وصرح الدكتور محمد مغربي رئيس مركز الديمقراطية وسيادة القانون، بأن المحكمة التي شكلتها الأمم المتحدة بموجب الفصل 7 من ميثاق الأمم المتحدة تشكل انتهاكاً لدستور لبنان بما أن الحكومة اللبنانية لم تصادق على الاتفاق أبداً.



وعلاوة على ذلك، أضاف بأن المجتمع الدولي بإقامته ذلك و"كاستثناء لحكم المحكمة لمرة واحدة" تجاهل العيوب القضائية وعدم احترام سيادة القانون في إطار النظام القضائي اللبناني الذي قد يسوء نتيجة لذلك.



إلا أن ممثلي المحكمة يقولون إن المحكمة لم تنشأ بهدف التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في البلد أو لإصلاح النظام القضائي اللبناني.



وأشارت راضية عاشوري المتحدثة باسم المدعي العام للمحكمة إلى أن تركيز المحكمة ينصب على جريمة اغتيال الحريري بسبب تأثيرها على لبنان.



وكان الفضل للزعيم السياسي السابق في إعادة إعمار بيروت بعد الحرب الأهلية وقد زعزت وفاته بصورة أكبر استقرار مجتمع هش أصلاً.



وقالت عاشوري "لابد لنهاية الإفلات من العقاب أن تبدأ من مكان ما."



وقال ساموندز إنه كنتيجة لضيق نطاق ولاية المحكمة، كانت توقعات منظمة العفو الدولية "محدودة نوعاً ما."



لكنه أضاف : "بالنسبة لهذه الجريمة نأمل بأن تأخذ العدالة مجراها."



وصرح نديم حوري الباحث اللبناني في منظمة هيومن رايتس ووتش من مقره في لبنان بأن "محكمة الحريري تتعلق بعمل إرهابي، نحن لا نتحدث عن الجرائم الدولية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان."



مضيفاً "إلا أن هذا لا يعني عدم اتباعنا [المحكمة]، فنحن نرحب بالمحكمة ونأمل بأن تشكل سابقة."



وباستثناء ما يتعلق بالإفراج عن الضباط ، لم يصدر عن المحكمة إلا القليل من المعلومات بخصوص التحقيقات التي يجري تنفيذها وأي لوائح اتهام معلقة.



وقال فنسنت "لا نتوقع صدور [أي لوائح اتهام]، ليس قبل ثلاثة إلى ستة أشهر أخرى."



وبمجرد الكشف عن أسماء المشتبه بهم سيقوم مكتب الدفاع بالدفاع عنهم وسيقدم المساعدة في الدفاع، والبحوث القانونية عند الحاجة.



قال يوري الماس منسق مكتب الدفاع إن إنشاء مكتب مستقل للدفاع في المحكمة "درس [تم تعلمه] من الماضي."



وأضاف "سرعان ما ستجد أنك لا تقوم إلا بتقديم المساعدة القانونية والمحامين المنتدبين، فنوعية الدفاع تعاني بشكل عام وبالتالي مصلحة العدالة تعاني."



"يملك الادعاء قدرات أكبر بكثير ويشكل عادة القوة الدافعة لوجود المنظمة القائمة."



ومن الممكن النظر إلى لجنة التحقيق الدولية المستقلةIICC التي أنشأتها الأمم المتحدة لمساعدة لبنان في إجراء التحقيق كمقدمة لمحكمة لاهاي. وقد ترأس دانيال بلمار هذه اللجنة إلى أن أصبح المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان STL في الأول من آذار. ومنذ ذلك الحين تم تسليم كل الملفات المرتبطة بالتحقيق إلى مكتب المدعي العام.



وفي حين أنه قد تم إنشاء معظم أجزاء المحكمة، لم يتم بعد إنشاء مكتب للاتصال في بيروت.



وقال ماس الذي زار بيروت في منتصف نيسان: "أعتقد أن المحكمة لم تجد بداً من الانفتاح على الناس في لبنان، وبالنسبة لنا هذه خطوة أولى مهمة."



وقال فنسنت :"إن اللبنانيين سكان متضررون ومن المهم في الواقع التواصل معهم وأخذ فكرة عن توقعاتهم."

مارييك برييجر مساهمة في معهد صحافة الحرب و السلم في لندن.
Frontline Updates
Support local journalists