جمود العملية السياسية يحبط العراق

تأثر الاقتصاد والامن والخدمات العامة بـ 5 أشهر من الجمود السياسي حول تشكيل الحكومة.

جمود العملية السياسية يحبط العراق

تأثر الاقتصاد والامن والخدمات العامة بـ 5 أشهر من الجمود السياسي حول تشكيل الحكومة.

 

عبير محمد (تقرير الازمة العراقية رقم 348، 5 آب- أغسطس 2010)

تتعرض الطبقة السياسية الى المزيد من الانتقاد من الشعب ومن فئاتها الخاصة التي تنتمي اليها، وذلك في وقت يستمر الشعب  المحبط في معاناته للشهر الخامس على التوالي دون وجود حكومة فعالة.

وقد أدى الايقاع البطيء للمفاوضات الى ان يتهم بعض المراقبين الساسة بتفضيل مصالحهم الشخصية على حساب مصالح الشعب. ويقول الخبراء بان الشلل السياسي يعيق التقدم في كافة المجالات، كما وترك البلاد عرضة لهجمات المتمردين.

ويقول جمال البطيخ، المسؤول البارز في كتلة العراقية التي يتزعمها العلماني أياد علاوي " ان جميع المرافق الحياتية العامة معطلة- الاقتصادية والثقافية والصحية والاجتماعية والزراعية. فلا توجد حكومة تدير هذه المجالات".

ويعود سبب الجمود السياسي هذا الى المفاوضات المتعثرة حول منصب رئيس الوزراء، اذ يعتبر كل من رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي وأياد علاوي أبرز المتنافسين على هذا المنصب.

وقد فازت العراقية بفارق مقعدين عن كتلة دولة القانون الشيعية بزعامة المالكي، لكن لا تملك اي واحدة من الكتلتين المقاعد الكافية لتشكيل الحكومة، مما ادى بهما الى البحث عن حلفاء لهما.

وقد أعلن الائتلاف الوطني الشيعي في 31 من شهر تموز، بانه أوقف مفاوضات بناء تحالف مع دولة القانون الى ان تختار الاخيرة مرشحاً جديداً، الشيء الذي شكل ضربة لرهان المالكي اعادة انتخابة لولاية ثانية. وكان من الممكن لهذا الاندماج ان يكون تحالفاً شيعياً قوياً يؤهله تشكيل الحكومة بدون العراقية التي تضم الكثير من كبار الزعماء السنة.

ونفى المالكي بعد يومين من تصريح الائتلاف الوطني، في حديث من على شاشة التليفزيون الرسمية، بان تكون اعادة انتخابه هي التي عطلت تشكيل الحكومة، طالباً العراقيين " التحلي بقليل من الصبر لمنع أي شخص من جر البلاد نحو الحرب الطائفية والدمار".

وأوردت تقارير الحكومة  العراقية  بان 535 شخصاً لقوا حتفهم الشهر الماضي، مما يجعل من تموز أكثر الشهور عنفاً من حيث الاصابات منذ أيار 2008. فيما عارضت القوات العسكرية الامريكية هذا الرقم، معلنة ان حصيلة القتلى بلغت 222 شخصاً.

وحث مجلس الامن التابع للامم المتحدة  الساسة العراقيين هذا الاسبوع، على الموافقة بأسرع وقت ممكن على تشكيل حكومة جديدة بهدف قطع الطريق عن الذين يعارضون التحول الديمقراطي في العراق من استغلال الوضع القائم.

كما ويتوقع المحللون والسياسيون بان المأزق السياسي سيقود الى المزيد من عدم الاستقرار في العراق في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لسحب قواتها من البلاد.

ويقول عادل برواري، وهو مستشار المالكي " ان الجمود السياسي الحالي سيخلق فراغاً من المحتمل ان يستغله تنظيم القاعدة والارهابيين لتقويض الامن مع اقتراب عملية الانسحاب".

فيما يقول ابراهيم الصميدعي، المحلل السياسي من بغداد بان الجمود السياسي " يُظهر للمتمردين هشاشة الوضع السياسي والامني، ولذلك ستكون هذه فرصتهم. كما ان الانسحاب الامريكي يعتبر عاملاً آخر لتشجيعهم على ذلك".

 " تمثل الهجمات الاخيرة رسالة مفادها : نحن مازلنا هنا بينما انتم تتجادلون حول تشكيل الحكومة، ونحن نستطيع ضربكم في عقر داركم". قال الصميدعي ذلك في اشارة الى اطلاق قذائف الهاون مؤخرا على المنطقة الخضراء الحصينة بشكل قوي في العاصمة بغداد.

ويستمر المالكي في أداء عمله كرئيس وزراء ويرأس حكومة تصريف اعمال حتى يتم اختيار رئيس وزراء جديد. لكن الجمود السياسي أوقف عملية صنع القرار وترك مؤسسات الدولة غير فعالة الى حد كبير.

وليس الامن هو الهم الوحيد، فقد تعاظم الغضب الشعبي على الخدمات المنهارة، وبشكل ملحوظ منظومة الطاقة الكهربائية الضعيفة في البلاد، مما دفع بالمواطنين الى النزول الى الشوارع احتجاجاً على نقص الطاقة الكهربائية وسط حرارة الصيف اللاهبة.

ففي شهر تموز، كان معدل ساعات تزويد بغداد بالطاقة الكهربائية هو 5 ساعات في اليوم، وهي قضية كان من الممكن معالجتها بشكل أفضل في حال كانت هناك حكومة تؤدي أعمالها، وذلك بحسب ما يقوله الخبراء.

ويقول عبدالهادي الحساني، الزعيم البارز في كتلة دولة القانون بان العراقيين " هم ضحية التأخير في تشكيل الحكومة. فهم يستحقون خدمات أفضل، لكن التنمية قد توقفت بسبب عدم رغبة السياسيين في تقديم التضحيات لصالح العراق".

بالاضافة الى ذلك، يقول الحساني، ان الشركات الاجنبية التي ينظر اليها باعتبارها عنصراً حاسماً في انقاذ الاقتصاد العراقي الضعيف، غير راغبة في الاستثمار في البلاد إلا بعد تنصيب الحكومة.

وقد تعهد المالكي بعدم اتخاذ قرارات مهمة قبل تشكيل الحكومة الجديدة. لكن البعض قلقلين خصوصاً من عدم وجود المحاسبة والتدقيق، معتقدين بان الجمود السياسي سيترك لطخة في وجه الديمقراطية الناشئة في العراق.

ويقول حميد فاضل، استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد " ان من أهم عواقب هذا التأخير ليس الاحراج الدولي او ضعف الوضع الامني أو اي شيء آخر- بل هو غياب الاشراف". واضاف "لدينا حكومة بدون برلمان، ولدينا سلطة تنفيذية بدون سلطة تشريعية، بدون رقابة أو عملية اشراف".

ومع عدم وجود نهاية للمازق السياسي في الافق، يتكهن الزعماء والمحللون السياسيون بانه سوف لن يتم تشكيل الحكومة قبل منتصف شهر ايلول- سبتمبر، وذلك عندما ينتهي شهر رمضان. كما يتوقع ان لا يجتمع البرلمان، الذي لم ينعقد بسبب جمود العملية السياسية، إلا في ذلك التاريخ.

ومع ذلك يعتقد البطيخ، الذي تدعي كتلة العراقية التي ينتمي اليها بان لها الحق في تأليف الحكومة باعتبارها الفائز الاكبر باصوات الناخبين، بان الجدول الزمني يبعث على التفاؤل. وقال بان الكتل "لم تتقدم خطوة واحدة الى الامام" منذ الانتخابات.

ويتابع بقوله " لو كان هناك نضج سياسي في العراق لكنا قادرين على تشكيل الحكومة بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات، وتفادينا هذا الجمود السياسي". واضاف " لكن هناك الجهل السياسي. وعلينا ان نكون صادقين ونعترف بانه لا يوجد سياسي يرغب في التضحية بمطالبه".

عبير محمد، المحررة  المحلية في معهد صحافة الحرب والسلام من بغداد. تحرير تياري راث، مديرة التحرير في معهد صحافة الحرب والسلام- قسم العراق، من اربيل.

Iraq
Crisis
Frontline Updates
Support local journalists