ارتياح عراقي لخروج الأمريكيين

سكان المدن يستذكرون تجارب الامريكان بمرارة، و احياناً بإعجاب

ارتياح عراقي لخروج الأمريكيين

سكان المدن يستذكرون تجارب الامريكان بمرارة، و احياناً بإعجاب

Thursday, 13 August, 2009
"سليمة هاشم" نوعاً من التناقض الموجود في قلب القوى العسكرية الاميركية المتواجدة في مدينتها.



الأستاذة الجامعية في محافظة بغداد استذكرت بالقول "انفجرت احد القنابل وسط حشد من اطفال المدرسة الموجودة في الحي الذي اقطن فيه".



"توقفت دورية اميركية وسط الجثث المتناثرة وحقائب المدرسة... نظر احد الجنود حوله ثم انهار. لقد بدأ بالنحيب بشدة".



تابعت سليمة بالقول بأنها تأثرت وشعرت بالحيرة في نفس الوقت لما شاهدته، وتضيف "سألت نفسي، لماذا اذاً يملك هؤلاء الاميركان انسانية كهذه، وهم يتورطون بقتلنا؟ لماذا يسرقونا اثناء مداهماتهم ويصعبون حياتنا اليومية؟"



وكانت القوات الاميركية قد انسحبت رسميا من المدن العراقية، الى اطرافها، وفقا لمعاهدة نصت على تسليم المسؤولية الامنية الجسيمة للقوات الامنية المحلية. وقد اسفر رحيلهم عن خليط من المشاعر: ذكريات الأحداث العنيفة والطغيان مخلوطة بذكريات اجمل من اللقاءات الفردية مع الجنود الأجانب.



معظم العراقيين صرحوا بأنهم سيشعرون بالسرور و هو يرون عدد اقل من الأميركان. العديد قالوا بانهم تقبلوا الدور الصعب الذي كان على الاميركان ان يلعبوه. وبعض آخر، استذكر احداثا تركت تاثيرات ايجابية لديهم عن التزام الاميركان واحترافهم.



ولكن بكل التقادير، فقد حان الوقت لتلك القوات كي تغادر. فتجارب رؤية القوات الاميركية مرارا و تكرارا على الشوارع العراقية شكلت سببا قويا يدعو الى الشعور بالارتياح لإنسحابهم.



نادية صاحب موسى، وهي ربة بيت من مدينة كربلاء، تقول بانها تتذكر مصير شرطي مرور لم يستطع ان يبتعد عن طريق دبابة اميركية في تقاطع بغداد.



و أضافت، "لقد سحقته الدبابة حد الموت. ودهسته بقية الموكب، حيث كنا واقفين نشاهد الموقف".



ضياء صالح، وهو صاحب محل في كربلاء ايضا، يستذكر موقفا مخيفا للقوات الاميركية في كربلاء، ويقول "كان الاميركان قد اغلقوا الطريق لدى احدى نقاط التفتيش التابعة لهم وارسلونا لنتخذ طريقا آخر الا انهم حال ما ابتعدنا بضعة أمتار، فتحوا النار على سيارتنا".



تابع صالح بالقول، "توقفنا حينها وخرج والدي من السيارة ليسألهم لماذا اطلقوا النار علينا. فضحكوا وقالوا باننا سلكنا الطريق الخاطىء واشاروا لنا بالإتجاه الآخر. الا ان سيارتنا كانت قد تضررت بفعل طلقاتهم".



اما في مدينة العمارة الجنوبية، يقول علي زيدان، المعلم المتقاعد، مستذكرا عامل بلدية محلي كان قد اطلق النار عليه من قبل دورية اميريكية تمر عبر الطريق عندما كان بصدد تبليط الشوارع.



ويواصل "كان ضابط اميركي قد اخبر احد زملاء الرجل بانهم اعتقدوا انه كان يزرع عبوة ناسفة بجانب الطريق".



في منطقة الاعظمية ببغداد، يستذكر عمر باسل، الموظف، احد أماسي عام 2005 عندما حطمت احد الدبابات الاميركية حائط منزله بعد ان دهست سيارة والده. وهو يقول "لا زلنا نجهل سبب فعلتهم هذه... حطم الاميركان ممتلكاتنا من دون ان يتأكدوا أو حتى يستفسروا فيما اذا كانت تشكل تهديدا لاحد ما".



بعض العراقيين تحدثوا عن اخطار الوقوع وسط تبادل إطلاق النار لدى مهاجمة المتمردين للقوات الاميركية.



في بعض الحالات، قيل ان الاميركان فتحوا نيرانهم عشوائيا بعد ان تمت مهاجمتهم. وسائل الاعلام ذكرت بان العديد من الحالات المشابهة حصلت منذ عام 2003، بالرغم ان القليل من هذه الحالات تم تاكيدها من مصدر مستقل.



صهبان احمد، وهو مهندس كهربائي من مدينة الموصل شمال العراق، يصف احدى الدوريات الامريكية بأنهم "بدأوا بفتح النار من دون تمييز بعد ان رمى رجل مقنع رمانة يدوية عليهم". وهو يشير بان احد اقربائه اصيب في الحادث.



انسحاب الثلاثين من حزيران يقتضي تواجد القوات الاميركية يقتصر على قواعد متواجدة في ضواحي المدن، حيث انه من المحتمل ان يعمل ذلك على الحد من مصدر رئيسي للعداء بين القوات العسكرية والمواطنين العاديين.



الا ان ليس كل القصص تنبذ الاميركيين كمعتدين. فبما انهم اصبحوا هدفا للمتمردين بشكل مستمر، فببساطة، اعتبر الكثير من العراقيين مصاحبتهم مصدرا للخطر.



جمال، ضابط شرطة من مدينة الرمادي، يستذكر هجوما بسيارة يقودها انتحاري ضد نقطة تفتيش اميركية في محافظة الأنبار. يقول جمال "قتل بضع جنود اميركان، الا ان عدد المدنيين الابرياء الذين قتلوا كان اكثر بعدة مرات".



بعض العراقيين قالوا بانهم فوجئوا بشجاعة الاميركان. فـ(أم خالد) وهي احدى الموظفات في العمارة، تستذكر مواجهة بين مسلحين ملثمين وجنود اميركان في احدى نقاط التفتيش.



وتقول "كل من كان في الشارع قد هرب، عدا طفل صغير تجمد خوفا في احدى الأماكن. عندما كنا نراقب ذلك، انطلق احد الجنود الاميركان ذو اصل افريقي نحو الطفل وحمله ليبتعد به".



وتواصل "لدى رحيل المتمردين، احضر الجندي الطفل وسلمه لاحد الرجال المسنين الذي كان يختبىء معنا. كل واحد تأثر بما شاهده حقا".



كما يقول يعقوب، و هو إعلامي من بغداد، بأنه تأثر باحد الضباط الاميركان عندما حاول ان يُخليه مع بعض اصدقائه الفنانيين من بناية عامة استولوا عليه لوقت قصير عام 2003. عندما طلب منهم الضابط ان يدخل الى البناية، انصاع لطلباتهم بان يترك سلاحه على عتبة البناية.



يقول يعقوب معلقا "عمليا، كان الضابط محتلا وكان بأمكانه ان يجبرنا ان نخلي المكان او على الاقل كان يمكن ان يدخل حاملا سلاحه. الا انه اظهر لنا الاحترام".



اما بشير، صحفي عراقي، فيقول بانه ممتن للقوات الاميركية لتأمين حرية التعبير. ويعلق "لقد سجنت بسبب ارائي في عهد النظام السابق، اما الان فانا حر لنشر ما اريد".



حسين علي، وهو معلم من بغداد ايضا، يقول بان لديه سبب ليشعر بالامتنان للاميركان. حيث كان يعمل على متن سفينة عراقية في الخليج عندما بدأت فجاءة بالغرق. ويضيف "كانت احدى السفن العربية المارة قد تلقت نداء الاستغاثة من سفينتنا الا انها لم تستجب... لقد تم انقاذنا من قبل الاميركان، الذين ارسلوا طائرتين هيليكوبتر لنا".



وفي مدينة كركوك الغنية بالنفط، والمتنازع عليه، يقول احمد أياد، ذو التسعة اعوام، بانه كان حزينا لرحيل الاميركان. ويوضح "لقد كانوا يعطونا الحلويات والهدايا كل مرة يزورون فيها مدرستنا... ان الاميركان ابطال ولا يخشون الأرهابيين".



لكن في مكان اخر من المدينة، فإن بصيرة حسن، ارملة وام لخمسة اطفال، تقول بأن الاميركان ستذكرها دائما بموت زوجها وولدها.



وتضيف "لقد قتلا اثناء مرور دورية اميركية في الطريق السريع... لن انسى منظر جثثهم المضرجة بالدماء".



شارك في اعداد هذا التقرير متدربون معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد وميسان وكربلاء والانبار ونينوى وكركوك وأربيل.
Iraq
Frontline Updates
Support local journalists