انتصارات كرة القدم تبعث أملاً جديدا<br />ً
العراقيون المتعبون من رؤية بلدهم تمزقه الحرب, يتطلعون الى النجاحات
انتصارات كرة القدم تبعث أملاً جديدا<br />ً
العراقيون المتعبون من رؤية بلدهم تمزقه الحرب, يتطلعون الى النجاحات
بقلم: *عوض الطائي ـ بغداد
كان المهندس محمد غالب، (29) سنة، واقفاً خارج منزله في حي العامل في بغداد، يتناقش مع صديقه وجاره حسين حميد عن آخر التطورات في البلاد.
وقال محمد بغضب "القتال يدور في كل مكان، لقد سقطت قذيفتان قرب مصنعنا هذا اليوم، هل هذه طريقة للعيش؟ القصف يستمر طول الوقت، سواء عندما نتوجه الى العمل او في البيت. القتال يدور في مدينة الصدر وفي النجف ولا أدري اين نذهب؟"
إلا ان صديقه حسين أجاب "ضع كل هذا جانباً واخبرني متى ستبدأ مباراة كرة القدم؟" وقال محمد وهو يبتهج فجأة "في التاسعة والنصف هذا المساء."
كان الأداء المذهل للفريق العراقي الأولمبي على امتداد ثلاثة أسابيع يشكل مساحة حلوة للعراقيين المهووسين بفقدان الأمن في بلادهم.
وفي 12/ آب، اليوم الذي دار فيه الحوار بين الجارين محمد وحسين، فاز العراق بأول هذه الانتصارات الثلاث المذهلة، عندما الحق الهزيمة بنتيجة 4-2 بفريق البرتغال الذي خاض المباراة النهائية في بطولة كأس أوربا.
وعندما انطلقت صافرة النهاية، اندفع محمد خارجاً الى الشارع مع يده ترتفع عالياً بعلامة النصر، مع رشقات متتالية من اطلاقات النار الاحتفالية تتدفق مرتفعة في السماء.
وقال محمد لمندوب معهد صحافة الحرب والسلام "ان شعبنا يحب الرياضة، لاسيما كرة القدم. لقد أنسانا هذا الفوز الأوضاع الأمنية المتدهورة و التفجيرات و القتال في النجف، وكأننا نعيش حياة طبيعية كما في السابق. أرجو ان ينعكس هذا الفوز والفرح على جميع ميادين حياتنا ويوحد الجهود لبناء بلادنا."
ان الأداء العراقي الأولمبي ـ الذي انتهى يوم 27/ آب بالخسارة 1-2 امام الفريق الايطالي على الميدالية البرونزية، كان الأداء الأفضل على الاطلاق في ميدان كرة القدم الدولية.
وأكثر من ذلك، يبدو ان ذلك الأداء قد وحد الأمة حيث رفع المشجعون في الملعب أعلام العراق مع أعلام كردستان. وبعد تحقيق الفوز في كل مباراة يهتف الحشد "منصورة يا بغداد". وفي احدى الحالات اندفع احد المشجعين أمام كاميرات التلفزة التي تصور الحدث قائلاً "كلنا عراقيون ـ عرب وكرد ومسيحيون."
وقال مبرمج الحاسوب هشام كريم وعمره (20) سنة "لقد جاء الفوز في الوقت المناسب تماماً. لقد توحدت كل الطوائف والجماعات الدينية والسياسية."
ويأمل بعض العراقيين ان تكون كرة القدم بديلاً عن العنف. وكمثال على ذلك فقد وبخت سعاد حسين وعمرها (55) سنة حفيديها اللذين كانا يتشاجران على مسدس-لعبة في محل البقالة قائلة لهما "القتل والتفجيرات والحروب في الشوارع، وانتما تتشاجران على مسدس." ثم التفتت نحو أحد المارة قائلة "أريدهما ان يكونا مثل فريقنا الوطني الذي رفع رؤوسنا عالياً. نريد ان نشعر بالسعادة بالانتصارات التي نحققها باعادة بناء كل شيء تهدم في بلادنا."
وبدلاً من المسدس، اشترت المرأة للولدين كرة قدم.
*عوض الطائي ـ بغداد