الزعيم السوداني مرتبك يبحث عن الدعم

رغم خطابه الغاضب، يتوجه الرئيس البشير إلى الأصدقاء والخصوم على حد سواء لمنع صدور أمر دولي بالاعتقال.

الزعيم السوداني مرتبك يبحث عن الدعم

رغم خطابه الغاضب، يتوجه الرئيس البشير إلى الأصدقاء والخصوم على حد سواء لمنع صدور أمر دولي بالاعتقال.

Monday, 11 August, 2008
.



ومع ذلك لم يقتصر رد فعل الرئيس البشير في الأجل القصير على مجرد قرع طبول الحرب.



ويشير سعي البشير لحشد الدعم من أي جهة مستعدة لتقديمه، مهما كان هذا الدعم متحفظاً أو مقيداً بشروط إشارة واضحة إلى أن الإعلان عن إصدار المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال في حقه قد هزه دون شك.



وقد كان يحاول على الجبهة الدولية استرضاء أصدقائه في الدول العربية و الإفريقية، بينما كان يقوم على الجبهة الداخلية بتجنيد المعارضين السياسيين فضلاً عن المناصرين ويحثهم على التظاهر بالاتحاد للدفاع عنه أو على الأقل لانتقاد المدعين العامين في المحكمة الجنائية الدولية لاختيارهم توقيتاً سيئاً.



ومن الملفت للنظر أن البشير اختار رئيس المنطقة شبه المستقلة في جنوب السودان ـ سالفا كييرـ ليكون رئيس اللجنة الدبلوماسية والقانونية المسؤولة عن قيادة الهجوم المضاد لإعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بدل أن يختار أحداً من الشمال مثله هو شخصياً، وكيير هو في الوقت نفسه رئيس جنوب السودان والنائب الأول لرئيس الدولة السودانية.



قد يواجه الرئيس البشير تهمة الإبادة الجماعية



كشف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو في الرابع عشر من تموز عن ادعاءاته داعياً القضاة إلى إصدار لائحة اتهام بحق الرئيس البشير بتهمة ارتكاب عشر جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق أبناء قبائل الفور والزغاوة والمساليت في دارفور.



وقد صرح مورينو أوكامبو بأن لديه الدليل على أن الرئيس البشير قام على مدى السنوات الخمس الماضية بتدبير جرائم تهدف إلى تدمير المجتمعات المحلية في دارفور وذلك ارتكازاً على أسس عرقية وأنه أمر بتدمير المخزونات الغذائية والمساكن والآبار وأي شيء آخر ضروري لاستمرار الحياة.



كما يشير إلى أنه ينبغي تجريم البشير بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية عن الأعمال التي ارتكبتها حكومته منذ عام 2004 "دون استخدام الرصاص أو غرف الغاز" ولكن "باستخدام أسلحة مختلفة " من مثل "الاغتصاب والتجويع والإرهاب والتخويف".



وصرح مورينو أوكامبو بقوله : " هذه أنجع وسيلة لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية أمام عيونناـ بالفعالية ذاتها ولكن بصمت ـ واصفاً تدابير الزعيم السوداني بأنها" إبادة جماعية عن طريق الاستنزاف ".

ويقوم القضاة حالياً بالنظر في الأدلة التي قدمها مورينو أوكامبو، والتي يقول بإنها تثبت أن الرئيس البشير أمر القوات النظامية فضلاً عن الميليشيات المتحالفة المعروفة باسم "الجنجويد" بالقيام بالقتل والتعذيب والاغتصاب وترحيل المدنيين، وتهييء كل الظروف الكفيلة بالقضاء على ما يقارب مليونين ونصف مليون شخصاً من المشردين داخلياً الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين.



ووفقاً لما جاء عن المدعين العامين فقد تم استخدام الاغتصاب كسلاح وقد تم ارتكابه "بشكل منتظم ومتواصل لمدة خمس سنوات، وتعرضت النساء والفتيات أثناء ذهابهن لجمع الحطب والعشب أوالمياه مراراً وتكراراً للاغتصاب على يد الجنجويد والقوات المسلحة السودانية و غيرها من عناصر الأمن في الحكومة، فهم يستخدمون الاغتصاب لقتل الإرادة والروح والحياة نفسها".



ويشير السيد مورينو أوكامبو إلى أن الرئيس البشير رفض طوال كل مدة حملة الإبادة الجماعية المزعومة هذه، تقديم مساعدات ذات قيمة للنازحين وذلك بتجميده المساعدات الإنسانية من خلال رفض منح التأشيرات وتصاريح السفر للعاملين في المنظمات الإنسانية.



قائلاً: "إن الهدف هو ضمان أن لا يتمكن هؤلاء السكان الذين لم يتم قتلهم بشكل صريح من البقاء على قيد الحياة دون مساعدة.......ومعدلات الوفيات بين السكان المشردين فى دارفور لا تزال مرتفعة بسبب نقص المساعدات الإنسانية وبشكل إجمالي عانى 100000 مدنياً على الأقل من الموت البطيء منذ عام 2003".



المسؤولون يقفون وراء زعيمهم



وفي اليوم السابق لإعلان مورينو أوكامبو عن الادعاءات عقد مجلس الوزراء السوداني جلسة طارئة أكد فيها أعضاؤه مجدداً على موقفهم المتمثل في عدم اعترافهم بأي تحرك أو بيان يدلي به المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.



وصرح مسؤولون بأن الهدف من هذا الاجتماع كان إعداد "الأمة السودانية المتحدة" لمواجهة أي شيء قد يصدر عن لاهاي، ولتجنب أي صراعات داخلية على السلطة.



وفي اليوم نفسه في الثالث عشر من تموز نظمت الحكومة في الخرطوم احتجاجاً أدى إلى تعطل حركة المرور.



وهتف الآلاف من المحتجين في الشوارع معبرين عن تأييدهم للرئيس البشير:"بالروح بالدم نفديك يا بشير".



هذا وكان قد نظمت المظاهرة رابطة الطلاب السودانيين المرتبطة بحزب المؤتمر الوطني الحاكم وكان العديد من المشاركين من موظفي الحكومة أو أعضاء في النقابات المرتبطة بالحزب الحاكم أيضاً.



وتتلخص رسالة الحكومة في أن توجيه الاتهام إلى رئيس دولة يعني استهداف البلد ككل، وقد عبر وزير العدل عبد الباسط سابدرات عن الفكرة ذاتها متهماًً المحكمة الجنائية الدولية بمحاولة إثارة الاضطرابات في جميع أنحاء البلاد.



حيث صرح أمام حشد من الناس خارج مكتبه :"بأن المحكمة الجنائية الدولية لا تستهدف الرئيس فقط بل استقرار الشعب السوداني بكامله لأن الرئيس يمثل الأمة"



هذا وإن لدى حلفاء البشير في الحكومة أسباب قوية للوقوف بحزم، فقد أوضح المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية:" أنه تم حشد جهاز الدولة بأكمله بما في ذلك القوات المسلحة وأجهزة الاستخبارات والبيروقراطية الدبلوماسية ووسائل الإعلام الحكومية ونظام العدالة من أجل خلق الظروف التي من شأنها أن تقضي ببطء على [ المشردين داخلياً]".



الترهيب أو الترغيب



إن إحدى الطرق المتبعة لحشد الدعم في السودان هي التخويف والإكراه، فسيطرة البشير الكاملة على الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية تمنحه قدراً كبيراً من النفوذ.



وتقوم المحطات الإذاعية والتلفزيونية التي تسيطر عليها الحكومة ببث رسائل التضامن مع رئيس الجمهورية من جميع أنحاء السودان ومن الخارج مراراً وتكراراً، كما وشددت الحكومة الرقابة على الصحف المستقلة.



ووفقاً لما ذكرته مصادر في الخرطوم تنص التعليمات الجديدة التي وجهتها الأجهزه الأمنية للمحررين "على أن صدور أي تقرير أو مادة إعلامية يُشتبه بأنها تدعم المحكمة الجنائية الدولية أو المدعي العام سيؤدي إلى إغلاق الصحيفة والمصادرة الكاملة لممتلكاتها".



وكما هو حال الحزب الحاكم تعول إدارة البشير على دعم الأحزاب السياسية الأخرى الممثَّلة في الجمعية الوطنية بما فيها حزب الأمة ـ الذي عزل البشير زعيمه الصادق المهدي من منصبه كرئيس في عام 1989 ـ والحزب الشيوعي والحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب البعث وحزب أبناء جنوب السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان.



ومهما بلغ تردد هذه الأحزاب فليس أمامها خيار إلا أن تصطف وراء رئيس الجمهورية.



قال عبد الباقي جبريل من مركز الإغاثة و التوثيق :"إن هؤلاء الناس في موقف صعب للغاية" مضيفاً"تستخدم الحكومة وسائل الإعلام التي تسيطر عليها لإحداث الكثير من الضجة ولحشد الأنصار. وسيكون من الصعب جداً على الأحزاب تحدي سياسة الحكومة بشكل علني".



ويشير محمد حافظ من المجموعة الدولية لإفريقيا العدالة إلى أن الادعاءات قد أربكت الرئيس وجعلته مشوشاً الأمر الذي دفعه للحديث مع مجموعة من الفرق المختلفة، حتى أنه دعا الزعيم الشيوعي لحشد الدعم.



قال محمد :"لا يلجأ البشير إلى الشعب السوداني يدعوه إلى الاصطفاف وراءه وحمايته إلا عندما يكون في مأزق".



إن السياسيين في الجنوب السوداني يشكلون عاملاً مهماً فى معادلة التوازن، خاصة باعتبار أنهم مثل متمردي دارفور قادوا حرباً أهلية طويلة الأمد ضد الخرطوم ومند التوقيع التاريخي على اتفاق السلام الشامل عام 2005 عانى قادتهم السياسيون من عدم الارتياح في بعض الأحيان بسبب اتفاق تقاسم السلطة في الحكومة السودانية وكذلك في حكم مناطقهم الخاصة.

وفي جلسة مجلس الوزراء في الثالث عشر من تموز انتهى كيير وغيره من كبار السياسيين في الحركة الشعبية لتحرير السودان بمن فيهم وزير الصحة السوداني تابيتا بطرس إلى إقرار دعمهم للرئيس.



وذكرت الحركة الشعبية لتحرير السودان بأنها قد تستخدم اتصالاتها الخارجية للمساعدة في حل مشكلة المحكمة الجنائية الدولية.



ومن الجدير بالذكر أن لدى الجنوب السوداني أسباب قوية لمعارضة إصدار لائحة اتهام في حال كان صدورها سيقوض أو يؤخر التنفيذ الكامل لاتفاق السلام الشامل والوعد بإجراء انتخابات وطنية فى عام 2009.



إذ أن واحداً من البنود الرئيسة في اتفاق السلام الشامل يتمثل في التعهد بإجراء استفتاء في عام 2011 حول ما إذا كان ينبغي أن يصبح جنوب السودان مستقلاً تماماً عن الخرطوم، ويخشى العديد من المحللين مع اقتراب الموعد أن يحيد الاستفتاء عن مساره مشيرين إلى تزايد الاشتباكات والتوتر في المناطق المتنازع عليها كمنطقة أبيي الغنية بالنفط.



كما أن هناك جماعات معارضة أخرى لها مصلحة في تنفيذ اتفاق السلام الشامل بالكامل لأنه يبشر بإجراء انتخابات برلمانيه عادلة العام المقبل.



وكما هو عليه الحال الآن يملكون قدراً قليلاً جداً من النفوذ إذا ما سارت الأمور بطريقة خاطئة، سيما وأن الحزب الحاكم قوي جداً ويتمتع بسلطة كبيرة.



ذكر جبريل أن "الحزب الحاكم يقبض على السلطة في البلاد بيد من حديد، وليس هناك أي حزب آخر في موقف يجعله قادراً أن يؤثر على جدول أعماله. إنهم يدمرون الإنجازات التي حصل عليها الشعب السوداني [من خلال اتفاق السلام الشامل] إذ يعرفون حق المعرفة بأنهم سيخسرون على المدى الطويل".



وبالتالي يجد معارضو البشير أنفسهم في موقف صعب يجبرهم على تلبية دعوة البشير للتضامن حتى وإن كانت دوافعهم مختلفة جداً عن دوافعه ومبنية على القلق إزاء ما قد يعني ضغط المحكمة الجنائية الدولية في هذه المرحلة الانتقالية الهشة باتجاه الديموقراطية.



والنظام في هذه الأثناء يشعر بالرضى متستراً على الفروق الدقيقة، ويقدم دعم هؤلاء السياسيين له على أنه غير مشروط.



فقد أشار محلل سياسي في الخرطوم ـ بعد أن طلب عدم ذكر اسمه ـ إلى أن دافع العديد من السياسيين كان الحرص على عدم فقدان كل ما تحقق بفضل اتفاق السلام الشامل حتى الآن.



قائلاً: "إن الضجة الإعلامية التي يثيرها النظام قدمت هذه التعليقات المتحفظة جداً و التي تدين توقيت إصدار لائحة الاتهام على أنها دعم كامل للبشير" مضيفاً " أن ذلك أدى إلى خلق حالة مروعة للغاية، وجد فيها حتى بعض أكثر المعارضين جرأة أنفسهم إما صامتين أو معبرين عن موافقتهم بهز رؤوسهم بطريقة محيرة".



مخاوف من تجدد أعمال العنف



أعرب بعض المعلقين عن قلقهم من أن يثير إعلان المدعي العام المزيد من القتال والعنف في دارفور.



فقد يحاول البشير أخذ زمام المبادرة بشن هجوم آخر على دارفور، كما أن هناك أيضاً حركة العدل والمساواة ـ إحدى الجماعتين المتمردتين الرئيسيتين في دارفور ـ وقد تشعر بالجرأة بسبب التهديد الذي يحيط بالبشير ففي إحدى أسوأ العمليات التي قامت بها الحركة لإظهار قوتها في السنوات الأخيرة قام المتمردون بالهجوم على أم درمان ـ إحدى ضواحي الخرطوم ـ في شهر أيار.



ولكن إذا ما شن المتمردون هجوماً فقد يتعرضون لخطر إثارة ـ وربما يذهبون إلى حد إعطاء مبرر- لرد عسكري شرس من الخرطوم.



صرح حيدر بدوي صادق وهو أستاذ جامعي سوداني يدرس حالياً في نيويورك "بأن إحدى النتائج غير المقصودة لهذا التطور هو توحيد الفصائل المتنافسة داخل صفوف الحزب الحاكم وإحياء خطاب الجهاد، هذا الخطاب الذي يعلم المتمردون حق العلم بأنه مزيج قاتل سيؤدي إلى الموت".



وقبل بضعة أيام فقط من إعلان السيد مورينو أوكامبو تم قتل سبعة من جنود قوات حفظ السلام الدولية وأصيب اثنان وعشرون بجروح عندما قامت ميليشيا غير نظامية بمهاجمة دورية في شمال دارفور. وهناك شكوك بأن الحكومة كانت وراء هذا الاعتداء كما يجد بعض المحللين أن لهذا علاقة مباشرة باقتراب موعد إعلان المحكمة الجنائية الدولية.



وقد قتل عنصر آخر من قوات حفظ السلام في السادس عشر من تموز أثناء جولة حراسة غرب دارفور.



هذا وقد كان قد تم نشر قوات حفظ السلام التابعة للـ UNAMID القوات المشتركة بين الأمم المتحدة وبعثة الاتحاد الإفريقي في دارفور في بداية العام لتحل محل قوات الاتحاد الإفريقي.



وبعد إعلان مورأينو أوكامبو قامت الأمم المتحدة بسحب الموظفين غير الأساسيين من دارفور، إلا أنها شددت على أن الموظفين العاملين في مجال الأمن والعمليات الإنسانية سيظلون في قواعد الـ UNAMID في الفاشر ونيالا والجنينة.



وصرح مارتن لوثر إغواي الضابط في قوات الـ UNAMID في بيان له قائلاً :" سوف نواصل القيام بدوريات الحراسة والعمل على ضمان الأمن كما سنواصل حماية العاملين والمباني والمرافق التابعة للأمم المتحدة في الميدان. وسنواصل مساعدة المنظمات الإنسانية على القيام بواجبها في تقديم الخدمات الإنسانية لشعب دارفور".



ولابد من الإشارة هنا إلى أنه حتى في هذا الوقت الشديد الحساسية لا يزال عدد قوات الـ UNAMID أقل بكثير مما يجب أن يكون فعلياً، وبعد مفاوضات مطولة مع الخرطوم تم الاتفاق أخيراً على أن يبدأ 26000 من قوات حفظ السلام العمل في الأول من كانون الثاني ليحلوا محل 9000 من قوات الاتحاد الإفريقي، إلا أن حكومة الخرطوم لم تلبث منذ ذلك الحين تفرض شروطاً صعبة تعيق نشر تلك القوة لدرجة أن عدد القوات ارتفع بالكاد.



وقالت جوزفين غيريرو الناطقة باسم UNAMIDلمعهد صحافة الحرب و السلم : "لقد حصلنا على ثلث القوات المطلوبة فعلياً ـ سبعة آلاف وثمانمئة وثمانية وعشرين من العناصر العسكرية وأقل من ألفين من عناصر الشرطة غير المسلحة وألفين وأربعمئة وأربع وعشرون موظفاً مدنياً محلياً ودولياً".



وقد أعرب الناس في دارفور في مخيمات المشردين داخلياً عن مخاوفهم من سوء الوضع على أرض الواقع نتيجة تدخل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.



قالت محللة نفسية تعمل مع ضحايا التعذيب في نيالا: "من الواضح جداً أن الأشهر المقبلة ستكون أشبه بالجحيم هنا ".



وأضافت بأنه منذ بداية هذا العام فرضت السلطات السودانية المزيد من القيود على عمال الإغاثة وقوات حفظ السلام مما يعيق حركتهم إلى وداخل مخيمات النازحين".



وأضافت المحللة النفسية: "كانت هناك مزيد من القيود على التحركات ومزيد من الهجمات على قوات حفظ السلام، قد تسمح الحكومة لقوات حفظ السلام من دول مثل الصين بالتواجد ولكن سيكون هناك المزيد من المشاكل بشأن السماح للمساعدات من المنظمات غير الحكومية بالعمل كما يجب " متوقعة أن " تغادر المنظمات غير الحكومية المنطقة بسبب المشاكل الأمنية ".



قال أحد المشردين داخلياً فى مخيم في الفاشر في مكالمة هاتفية أجراها مع معهد صحافة الحرب و السلم بإن الناس هناك رحبوا بإعلان مورينو أوكامبو ولكنه أضاف أنه لابد من دعم الإعلان باتخاذ إجراءات عملية لحماية الشعب في الميدان.



"إنهم سعداء بإعلان المحكمة الجنائية الدولية ولكنهم لا يزالون يشعرون بالقلق إزاء الوضع على أرض الواقع [والذي قد يسوء] إن لم يكن هناك قوات دولية لحماية النازحين في المخيمات".



"كيف يمكن للمحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولي والأمم المتحدة أن يدفعوا بهذه القضايا إلى الأمام لتحقيق العدالة لشعب دارفور؟ إن أعمال العنف و النهب لاتزال تحدث يومياً وقوات الأمن تعتقل الأشخاص، وتغتصب النساء في الأدغال عند ذهابهن لجمع الحطب".



ويعتقد بعض المحللين السودانيين بأن احتمال صدور لائحة اتهام عن المحكمة الجنائية الدولية قد يدفع الحكومة السودانية إلى التصرف بشكل أفضل حيال دارفور، وقد تم إجراء المقارنات مع جيش الرب للمقاومة ـ المجموعة المتمردة التي تحارب الحكومة الأوغندية- والذي وافق على الدخول في مفاوضات السلام في عام 2006 بعد أن وجهت المحكمة الجنائية الدولية الاتهام إلى كبار قادته.



هذا ومن خلال إشراك الفرق السياسية الواسع وإجراء محادثات حول سبل إنهاء أزمة دارفور داخلياً، قد يتمكن البشير من إقناع قضاة المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن للأمم المتحدة بأنه جاد.



قال صادق:"إنه يظن أن تحسيناً بالغاً في السياسة قد يؤثر في قرار فريق القضاة الثلاثة قي المحكمة الجنائية الدولية وفي مجلس الأمن فيما بعد".



وإذا ما اقتنع مجلس الأمن بهذه الحجج قد يكون في موقف يجعله يطلب من المحكمة الجنائية الدولية وقف الإجراءات ضد البشير لمدة عام.



وقد برر جبريل ذلك بأن لدى القادة السودانيين أسبابهم الخاصة التي تدفعهم لانتهاج منحى جديد بقوله: "إنه واضح جداً بالنسبة لهم بأن مصير النهج العسكري في دارفور هو الفشل، لقد فعلوا ذلك لأنهم يريدون حماية أساس سلطتهم إلا أن سلطتهم مهددة الآن بشكل خطير على أي حال ".



كسب الدعم الخارجي



وبغض النظر عن حشد الدعم المحلي كانت القيادة السودانية مشغولة بالسعي للحصول على ضمانات من الدول العربية والإفريقية، وقد صرح نائب الرئيس علي عثمان محمد طه في مؤتمر صحفي في الرابع عشر من تموز بأن السودان سيواصل محادثاته مع الاتحاد الإفريقي فيما يتعلق بهذه المشكلة.



وقد أعرب الاتحاد الإفريقي للسلام ومجلس الأمن في الثاني عشر من تموز في بيان لهما بعد اجتماع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عن"قناعة قوية بأن البحث عن تحقيق العدالة ينبغي أن يتم بحيث لا يعرقل أو يهدد الجهود الرامية إلى تعزيز سلام دائم ".



وقد حذرت جامعة الدول العربية من" تسييس " المحكمة الجنائية الدولية، حيث عبر عن ذلك الناطق باسم جامعة الدول العربية المستشار هشام يوسف بتصريحه أمام الصحافيين بأن الأمين العام للجامعة عمرو موسى كان يتشاور مع وزراء الخارجية في الدول العربية والإفريقية حول هذه القضية وسيعقدون جلسة طارئة لمناقشة رد فعله في 19-20 تموز.



وكان اتحاد المحامين العرب قد أعلن عن رأيه في ذلك مسبقاً، قائلا إن قرار المحكمة الجنائية الدولية باتهام البشير بارتكاب جرائم حرب سيمثل "انتهاكاً صارخا للقانون والأعراف وحقوق الإنسان الدولية".



وحسب مصادر في السودان أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية علي الصادق هذا الأسبوع بأن مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي في مصر كان قد "توقع مثل هذه التطورات السلبية" قبل أسبوعين وخلص إلى " التوصية بأنه لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف تسليم رئيس دولة إفريقية لتتم محاكمته خارج القارة الإفريقية".



وقد جاء رد فعل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ـ بما فيها الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومقره باريس ـ غاضباً إزاء هذا التلاحم، وفي رسالة ووجها الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان إلى كل من جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي ذكَّرهما "بالمسؤولية القانونية والسياسية التي تقع على عاتقيهما في دعم الجهود الرامية إلى وضع حد لعمليات الإبادة الجماعية".



ورداً على الحجة التي تتكرر غالباً والقائلة بأن الحاجة إلى السلام قد تعلو على متلطبات العدالة، أكد الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان على أن سجل البشير حافل بأعمال تهدف إلى عرقلة الجهود الإنسانية لحفظ السلام و حمايته من الملاحقة القضائية لن يؤدي إلى السلام والاستقرار.



وقد جاء في الرسالة المفتوحة التي وقعت عليها جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان في مصر وسوريا ولبنان والبحرين وزمبامبوي :"إن عدداً هائلاً من الجرائم واسعة النطاق والمنتظمة لا يزال يرتكب ضد المدنيين في القرى القليلة التي لا تزال موجودة في دارفور وفي مخيمات المشردين داخلياً".



"ولذلك فإن الحجة الزاعمة بأن عمل المحكمة قد يقوض الجهود الساعية لتحقيق السلام في دارفور غير صحيحة، فقبل إعلان المدعي العام لم تكن السلطات السودانية قد بذلت مثل هذه الجهود بشكل واضح، وذلك لأسباب عديدة ليس لها أي علاقة بالمحكمة الجنائية الدولية. "



كاتي غلاسبورو مراسلة صحفية عن موضوع العدالة الدولية، معهد صحافة الحرب والسلم في لاهاي.

تقارير إضافية من السودان، قدمها صحفيون محليون لم يتم ذكر أسمائهم حرصاً على أمنهم.
Frontline Updates
Support local journalists