الولايات المتحدة تفرض نظاماً قاسياً على الكوت

يتذكر سكان المدينة بالحنين الاحتلال السابق للجنود الأوكرانيين الذين يصفونهم بانهم يسطاء

الولايات المتحدة تفرض نظاماً قاسياً على الكوت

يتذكر سكان المدينة بالحنين الاحتلال السابق للجنود الأوكرانيين الذين يصفونهم بانهم يسطاء

Tuesday, 22 February, 2005

بقلم: *حسين علي وناصر كاظم ـ الكوت


تقوم سيارات (الهامر) الأمريكية بدورياتها في مدينة الكوت ومدافعها الرشاشة منصوبة, وقاذفاتها الصاروخية مشرعة على استعداد للرمي, بينما يقف الجنود الأوكرانيون بتكاسل بالقرب من سياراتهم الجيب عند نقاط التفتيش على جانب الطريق.


ويقول مواطنو هذه المدينة الواقعة جنوب شرقي العراق ان هذا التناقض يعزى الى انتفاضة أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر, التي أدت الى استبدال الاحتلال الأوكراني المعتدل باحتلال أمريكي متشدد.


ومن المعروف ان الاحتلال الأوكراني للكوت بدأ في آب الماضي عندما تسلمت قواتهم المواقع من مشاة البحرية الأمريكية, واستمروا حتى السابع من نيسان/ 2004, حيث قاموا باخلاء المدينة إثر مواجهة قصيرة مع أعضاء جيش المهدي التابع للصدر.


وحاول صحفيو معهد صحافة الحرب والسلام الاتصال بالجنود الأمريكان والأوكرانيين لأخذ الحديث منهم, لكنهم حذروا من الاقتراب, على الرغم من تعريف أنفسهم كصحفيين.


ويربط مواطنو الكوت الذين التقاهم صحفيو المعهد الاتسحاب الأوكراني بحادث اغلاق صحيفة الصدر (الحوزة) الذي أثار المظاهرات خارج الموقع الأوكراني عند جسر المدينة الرئيس على نهر دجلة.


وعل وفق ما يذكره محمد حسين, مختار محلة الشرقية في الكوت, فقد أطلق الأوكرانيون النار على المتظاهرين وأردوا رجلاً وامرأة قتيلين في سيارتهما.


وفي قتال وقع لاحقاً, كما تقول مصادر التحالف, فقد أعلن عن مقتل جندي أوكراني واحد ومتعاقد أمن من جنوب أفريقيا.


بعد ذلك, وطبقاً لبعض التقارير, انسحب الأوكرانيون دون أوامر تاركين موظفي التحالف الآخرين في الخلف لوحدهم.


ولكن القوات الأوكرانية عادت بعد يومين من ذلك لتدخل المدينة مرة أخرى سوية مع الفرقة المدرعة الأمريكية الأولى مما أدى الى تجدد القتال.


ويقول المواطنون, مع ذلك, فان جيش المهدي قد تفرق بسرعة.


وأحصى الدكتور خالد محمد في مشفى المدينة الرئيس (18) قتيل, من بينهم ثلاثة من جيش المهدي فقط, اما القتلى (15)الباقون فانهم من المدنيين, والجميع أصيبوا في الرأس على أيدي القناصين. بينما أصيب العشرات بجروح.


وفي هذا الاتجاه فقد ظهر ان (8) من القتلى, بما فيهم (3) نساء مع طفل, كانوا من عائلة واحدة. وكان زهير حكمت وعمره (27) سنة في داخل بيته عندما تعرض الى القصف.


وقال زهير "في أواخر الليل, سمعت دوياً, ثم انهار فجأة كل شيء, وعندما استيقظت وجدت نفسي في المشفى, ولا أعرف شيئاً عن عائلتي الى أن أخبرني الناس".


وتساءل "ماذا فعلت عائلتي؟ لقد دفعوا ثمن القصف الأمريكي العشوائي. أين حقوق الانسان التي يستمرون في الحديث عنها".


وعلى الرغم من ان جيش المهدي اختفى حالياً, فان دوي الانفجارات, التي يعتقد الأهالي انها أصوات مدفعية المورتر, مايزال صداها يتردد من وراء جدران الكونكريت المسلح التي ترتفع الى (4) أمتار, لتسيج القاعدة الجوية حيث تعسكر القوات الأمريكية, بينما تتصاعد سحب الدخان الى الأعلى.


وأغلقت المدينة نفسها مع اقتراب موعد حظر التجول في الساعة التاسعة مساءً, حيث يهرع المواطنون الى بيوتهم قبل الوقت المحدد, ومما يلفت النظر انه حتى محطة التلفاز المحلية تنهي بث برامجها عند الساعة الثامنة مساءً.


ويشتكي السكان من قيام القوات الأمريكية بالتلويح باسلحتها في وجه المواطنين, وتعتقل الناس تعسفياً, ومزق الجنود صور رجال الدين الكرام, بما في ذلك صور والد مقتدى الصدر, آية الله المحترم محمد صادق الصدر الذي اغتاله رجال صدام حسين عام 1999.


وفي هذا الصدد قال طالب المدرسة المتوسطة جاسم محمد "يبدو ان صورة المرحوم محمد صادق الصدر, وابنه ترعب الأمريكان, وهذه تشبه سياسة صدام حسين في استهداف رموزنا الدينية". لكن جاسم يصر بقوله "لن نسمح لهم بتشويه أية صورة لمراجعنا الدينية, وقياداتنا الروحية".


وينظر سكان المدينة بحنين الى الوراء, الى احتلال القوات الأوكرانية الذين يصفونهم بالبساطة والود ـ مع أنهم ميالون الى الفساد العرضي.


ويتذكر سائق الأجرة حسين جبار كيف ان الجنود الأوكرانيين الذين كانوا يحرسون محطة تعبئة الوقود, يسمحون له بملء سيارته بالوقود دون ان ينتظر لساعات طويلة في الطابور, مقابل هدية أو خمرة.


وشهد المختار محمد قيام الجنود الأوكرانيين بأخذ المال نقداً من الزوار الايرانيين في نقطة سيطرة المسافرين في محطة المدينة الرئيسة للحافلات.


مع ذلك, فان القليل من مواطني الكوت يرفضون هذا الابتزاز المالي والذي يعزونه الى فقر الأوكرانيين.


ويتذكر البقال رضا خلف وعمره (24) سنة قائلاً "عندما يأتون لشراء حاجيات بسيطة, فانهم يعاملوننا بلطف, ونحن نحترمهم".


أما الطالب سيف أحمد وعمره (22) سنة فقد قال "لم نشاهد أوكرانياً يلوح بسلاحه في وجه أي مواطن من الكوت أبداً, ولم يستخدموا العنف ضد الناس أبداً. لقد كانوا حقاً قوات حفظ سلام".


*حسين علي وناصر كاظم ـ صحفيان متدربان في معهد صحافة الحرب والسلام ـ بغداد


Iraq
Frontline Updates
Support local journalists