' العوانس ' قطار الزواج يفوتهن

صعوبات تواجه زواج العوانس في العراق نتيجةً لمزيج من الحروب المتتالية و الفوارق الأجتماعية و الدينية .

' العوانس ' قطار الزواج يفوتهن

صعوبات تواجه زواج العوانس في العراق نتيجةً لمزيج من الحروب المتتالية و الفوارق الأجتماعية و الدينية .

دلال و أبن عمها سمير كانا عشيقين و يخططان للزواج ثم اندلعت الحرب مع أيران." وكانت محرقة فأحرقت الكثير من شباب الوطن و حبيبي سمير كان واحداً منهم." وأضافت " مات في المعركة و اخرجوا من جيبه نقوده و هويته و صورتي الملطخة بالدم."


وقد مر 22 عام على وفاة سمير في حين دلال، التي رفضت الأفصاح عن أسمها ألحقيقي، اصبح عمرها ألأن 45 سنة. دلال لم تتجاوز الازمة بعد و لم تتزوج وهي واحدة من المجموع المتزايد للنساء العراقيات اللواتي لازلن عازبات إما بملىء أختيارهم أو نتيجةً للظروف .


فإمرأة مثل دلال و مثيلاتها من النساء، بشكل عام معروفين بالعوانس، يرون شبابهن يمضي منهن بأنتظار الزواج أو يعشن في أسى لفقدان أحبائهن.


مع أنه من ألمالوف في المجتمع العراقي زواج النساء وتكوين اُسر وهن في سن الصِبا إلا أن زواج العوانس يعتبر أمراً شاذاً الى أبعد الحدود سواءاً كانت الملامة تقع على الحرب أو الوضع الأقتصادي أو الوقت فأنهم يحكون قصة حياتهم و ما ألت اليه حيث أنهم لم يتخيلوا أن تكون بهذا الشكل مطلقاً.


سلوى عبدالله- 40 سنة- محامية، تقول " كنت اتمنى ان يتقدم لي شخص لاحبه واتزوجه وانجب منه اولاد وبنات وامراس دور الامومةلكن هذه هي السنين تمر ولا اعتقد ان هناك زواجاً ينتظرني."


ايجاد زوج حالة صعبة ونادرة في العراق .


البلد فقدت مئات ألالاف من الشباب في الحرب و البعض الأخر غادرو البلد للحصول على وضائف أفضل تدر عليهم بالمال خارج البلد و انتهى بهم المطاف بالزواج في هذه الدول الأجنبية. هناك ايضاً صراعات دينية حول الزواج مابين المسلمين و المسيحيين بشكل عام و انه محرم في معضم العوائل و الشيء ذاته حقيقةً ملموسه فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والمنزلة الاجتماعية. إذا كان الرجل ينحدر من عائلة أفقر من عائلة زوجته المستقبلية فستكون لدية فرصة ضئيلة للفوز برضى عائلتها .


ابتسام خالد- 40 سنة- مثقفة جدا و فاتنة و ثرية غير أنها غير محظوظة في أيجاد شريك حياتها. قالت " الشباب غادرو البلد مسافرين الى الخارج أو قتلوا في الحروب." و اضافت بالقول " المشكلة ليست من جانبي و أنما الرجال في نفس عمرنا مفقودون."


على اية حال، الأستاذ الجامعي حسن مصطفى يؤمن ان حصول ابتسام خالد على شهادتها الجامعية و نجاحها يُقلل من فُرص زواجها لان الراة المثقفة والمتعلمة لها شروطها عند اختيار شريك حياتها. و أضاف بالقول " لكن المرأة الغير مُثقفة لا تعير أي اهمية فيما إذا كان الشخص الذي يطلب يدها فقير أم غني، خريج جامعة ام جاهل، وسيماً كان ام لا."


مع ذلك بعض الرجال غير راغبين بالزواج بنساء تتمتعن بنفس المنزلة حيث أنهم يختارون إنسانةً ما تكون بدرجات تعليم أقل و تنحدر من عائلة فقيرة .


مُشكلة اخرى تضهر للأعيان بسبب الطلبات الغير واقعية المبالغ بها التي تطلبها عائلة البنت من زوج المستقبل.


قالت بتول عبد الواحد - 50 سنة- مُعلمة، ان الكثير من الرجال تقدموا لطلب يدها لكن عائلتها ثرية والمتقدمين لم يستطيعوا ألأستجابة لطلبات والدها.


و أضافت بالقول " كان أبي يطلب من المتقدمين سيارة جديدة و بيت كبير و كمية كبيرة من الذهب " و أشارت بالذكر " ابي قال لي يوماً ما سيأتي شخصٌ مناسب و يَستجيب الى طلباتي . يا أبنتي هذا ضمان لمستقبلك."


أضافت قائلةً " لا زلنا بأنتظار الفارس الثري الذي لن ياتي ابداً حتى أضفنا أسمائنا الى قائمة العوانس كلها بسبب الطلبات التعجيزية لابي."


حتى لو كانت الطلبات المتوقعة غير مفرط بها لكنها ستبقى عبئاً على الرجال في بلد يعومه الفُقر.


رجاء ربيع - 44 سنه – أحبتْ جارها ساهر عبدالله منذ 25 سنه و خططا الأثنين لمستقلبهما. على عبدالله ان يجمع مبلغاً كافياً من المال كي يطلب يد ربيع للزواج و أن يعيشا سوية ً حياة بسيطة.


أندلعت الحرب مع ايران فأجبر عبدالله على أغلاق محل نجارتهِ و ألتحق بالجيش و فقد مصدر رزقه البسيط. بعد ثمان سنوات من الحرب ، عاد عبدالله الى وطنه و عمله في النجارة أملاً أن يدخر مالاً كافياً للزواج لكنه وجد ان تكاليف كل الأشياء قد أرتفعت .


في نهاية عام 1980 كان عبدالله قد أدخر مبلغاً كافياً من المال لِشراء شقة صغيرة لكن بعد حرب الخليج عام 1991 و بداية الحصار ضد العراق كانت قيمة الدينار العراقي قد انخفضت و كان المبلغ البسيط الذي أدخره عبدالله لا يجدي نفعاً و لا يكفي سوى لشرا ء نصف كيلو غرام من اللحم و أستمر عبدالله بأدخار المال لكن هذا لم يكن مثمراً . حيث قالت ربيع إن الوقت ألأن متأخر جداً للزواج " أنا أنتظرت لفترة طويلة جداً من الزمن أملةً ان تتحسن الأحوال في يومٍ من الأيام."


بحكم القتال و التفجيرات التي أصبحت شائعةً الى حدٍ كبير في العراق و تأثيرها على معيشة الناس و حالتهم الذهنية، أشار البعض أنه ليس من المفاجىء ان تكون هناك الكثير من النساء اللواتي مر عليهنَ الزمن و أصبحنَ عوانس .


" ألأستقرار النفسي و الوضع الأقتصادي الجيد يوفر للناس فرصاً اكبر لأختيار شريكهم،" قال هذا الكلام المهندس أحمد البالغ من العمر -47 سنة. وأضاف بالقول " في الوضع الحالي ، الناس يفتقدون الى الفرص لتاسيس عائلة و هذا بسبب النقص الحاصل في توفر العمل أو التهديد المستمر بالقتل بسبب التفجيرات و الهجمات الأرهابية."


ليثبت ما أشار اليه فقد عرض أحمد قائمة ً من ألأمثلة .


ذكر ان أخوه قُتل اثناء حفلة زفافهِ عندما سَقطت قذيفة على صالة الاستقبال. جاره أيضاً لقى حتفهُ في يوم حفلة زفافه عندما فتحت القوات الأمريكية النار على موكب الزفاف الذي كان يسير ببطىء و متوقعين ان الموكب كان مجموعة من المتمردين القادمين لمهاجمتهم و ايضاً صديق له فقد عقله بعد وفاة زوجته على اثر تبادل لأطلاق النار بين قوات الولايات المتحدة و المتمردين حيت أضاف أحمد بالقول " أنه لا يستطيع ان يتزوج أمراةً أخرى الأن لأنه أصبح مجنونا."


وبالنسبة للأخرين فإن أزواج المستقبل بكل بساطة هاجروا ولم يعودوا أبداً.


خطيب مريم حاصلٌ على شهادة في العلوم في العراق حيثُ أنه لم يستطع أن يجد وظيفة مناسبة له لذلك سافر الى الخارج بحثاً عن العمل في حين وعدها أنه حين يجد عملاً جيداً سيعود بعد ذلك الى العراق ليتزوجها .


و أضافت مريم التي طلبت عدم ذكر اسمها الحقيقي " مضت الكثير من السنوات في حين كنت لاازال انتظرهُ بينما هو يتنقل من بلدٍ الى أخر بحثا عن وظيفةٍ لائقة بهِ."


في الوقت نفسهِ كان يكتب لها الرسائل و يُخبرها بأنه مشتاق لها و يشعر بالحنين الى الوطن. و فجاة في اخر الأمر وصلت رسالة تقول أنه خطبَ فتاةً أجنبية لأنها تملك مَصنعاً و اعطته وظيفة كمدير في المصنع.


" خطبني عندما كنت في الخامسة و العشرين من العمر و تركني وانا في الاربعين ودون أن أكون زوجته ولا حتى ليوم واحد " و أضافت مريم بالقول " أنا خسرتهُ بعد ان فشل في الحصول على وظيفة في بلدهِ، تلك هي مأساتي."


سحر الحيدري - صحفية متدربة في معهد الصحافة للحرب و السلام – الموصل.


Iraq
Frontline Updates
Support local journalists