التركمان تحت التهديد
بقلم نرمين المفتي ( تقرير الأزمة العراقية المرقم 24 ، 25 حزيران 2003 )
التركمان تحت التهديد
بقلم نرمين المفتي ( تقرير الأزمة العراقية المرقم 24 ، 25 حزيران 2003 )
لثلاث عقود مضت قام صدام بتعريب المنطقة الشمالية وذلك بجلب عرب الأرياف من بغداد ومن الجنوب وإحلالهم مكان الاقليات غير العربية مثل التركمان والأكراد والآشوريين . أما الآن وبعد سقوط النظام فهناك حملة " للتكريد في مدن كركوك وطوز خرماتو التي يشكل التركمان 50% من سكانها .
الحزبان الرئيسيان في الشمال ، الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه مسعود البرزاني ، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يرأسه جلال الطلباني ، قاما بجلب آلاف الأكراد من مناطق الشمال وإسكانهم في مدينة التعددية العرقية كركوك التي كانت تحت سيطرة صدام حتى سقوطه .
حتى جدران كركوك المغطاة بإعلام وأسماء كردية الآن ، قد بدأت تتكلم اللغة الكردية .
لقد أصرت قوات التحالف أن يشكل مجلس مدينة كركوك من عضوين من كل من الأكراد والعرب والتركمان والآشوريين . لكن هناك مصادمات بين العرب والأكراد ، ومجادلات بين الأكراد والتركمان .
ودون أن تحل مشكلة الاقليات فهنالك المزيد من المشاكل على الطريق .
يشكل التركمان الذين يسكنون وسط وشمال العراق ثالث مجموعة عرقية بعد العرب والأكراد ، وقد جاءوا من آسيا الوسطى واستقروا في العراق منذ آلاف السنين في هجرة استغرقت مئات السنين ، حيث سيطروا على البلاد ستة مرات منذ تكوين دولتهم الأولى في شمال العراق سنة 600 ق . م .
أن عدد التركمان الآن هو مسألة نقاش مع الأكراد العراقيين الذين يدعون أن كركوك وما حولها هي مناطق كردية معتمدين على إحصاء عام 1957 حيث بلغ عدد التركمان 590 الف من اصل 6 مليون ، وهذا يعني أن عدد التركمان في العراق هو بحدود 2 مليون يقطن حوالي نصفهم في تخوم الجبال الكردية في محافظة الموصل واربيل وكركوك .
ومنذ السبعينات كان سكان المنطقة الشمالية من غير العرب هدفاً لصدام ونظامه ، حيث التركيز على العرب وعلى حساب الاقليات غير العربية ، وكان الأكراد والتركمان ضحايا لتعريب في مناطق الثروة النفطية حيث يشكلون الأغلبية . ومعظم المهجرين كانوا من الفقراء غير المتعلمين من التركمان خاصةً في كركوك . ونتيجة لهذا التهميش غادر معظمهم المدينة .
آلاف القرى دمرت وطرد سكانها أو اجبروا للعيش في المناطق النائية في الشمال . ومعظم الحقوق التي حصل عليها الأكراد والتركمان مثل التعليم بالغة الكردية والتركمانية في المدارس الابتدائية والبث الإذاعي والتلفزيوني اليومي والصحف ، قد تم مصادرتها في عام 1972 .
وبحسب بعثة حقوق الإنسان فان نظام صدام قام بأساليب متنوعة ممارساً ضغطه على الأكراد والتركمان والآشوريين لهجر بيوتهم . ومن ضمن الأساليب تلك ما يدعى ( تصحيح الجنسية ) حيث اجبر الاقليات على الانخراط في صفوف حزب البعث والمنظمات الطوعية الأخرى ضاغطين على العوائل في كردستان في محاولة لتجنيد مخبرين للنظام .
ومورس تصحيح الجنسية في عام 1997 حيث طلب من سكان كركوك ، خانقين ، مخمور ، سنجار وطوز خرماتو وبعض المناطق الأخرى أن يتخلوا عن هويتهم وان يسجلوا بشكل رسمي كعرب . ورغم أن البعض قد انصاع للأمر إلا انهم ضلوا محرومين من فرص العمل حتى في الزراعة ولم يسمح لهم بشراء أو بناء البيوت ، والبعض الذي رفض ذلك اجبروا على ترك منازلهم .
وعند تحرير كركوك في أبريل ، قام الأكراد البيشمركة تساندهم قوات التحالف بإعادة القول أن كركوك هي قلب كردستان . والأحزاب التركمانية التي دخلت المدينة سلمياً تقول أن لا كركوك دون تركمان ولا تركمان دون كركوك . ومن هنا بدأت المخاوف .
ومنذ سقوط النظام قامت تلك الأحزاب بإنشاء محطة محلية للبث الإذاعي والتلفزيوني وعدد من الاتحادات المهنية . وقد قام مظفر ارسلان مؤسس الجبهة الوطنية للتركمان في العراق وهي مؤسسة غطاء للأحزاب التركمانية في المنفى ، بقيادة الكفاح المسلح للدفاع عن حقوق التركمان .
في مقابلة معه قال " حرصنا منذ البداية على المقاومة السلمية ، سنحصل على حقوقنا بمساعدة جماهيرنا ، لا شيء يمكن الحصول عليه دون مساندة الجماهير . وصدام خير مثال على ذلك فقد حصل على كل شيء عدا الإسناد الجماهيري الذي تسبب في سقوطه .
لقد طلبت مؤسسات حقوق الإنسان من القوات المحتلة اتخاذ عدد من الإجراءات للدفاع عن حقوق الاقليات ومنها الحفاظ على كل السجلات الخاصة بالعرقية والمكان الأصلي للمهجرين العراقيين وإنشاء سجل عام لكل الأكراد والتركمان والآشوريين الذين اجبروا على ترك منازلهم .
لقد طالب ارسلان الحفاظ على كل الوثائق الرسمية التي تضمن عائدية الأراضي في تلك المناطق.
ويقول ارسلان " يمكن حل هذه القضية بالرجوع إلى الحقائق ، دون الحاجة للسلاح أو التخويف والإرهاب . كل العراقيين يحصلون على حقوقهم بموجب الدستور "
نرمين المفتي كاتبة وصحفية تركمانية