ألسنة بابل شمالي العراق
وجد الطلاب العرب في شمالي العراق أنفسهم في وضع سيء في منطقة يسودها الكورد
ألسنة بابل شمالي العراق
وجد الطلاب العرب في شمالي العراق أنفسهم في وضع سيء في منطقة يسودها الكورد
امتلأت ردهة المشفى بطلبة الطب وهم يؤدون امتحانهم العملي, ويخبر الطالب خالد عبد الستار الاستاذ المشرف انه لا يستطيع تدوين التاريخ الصحي لمرضاه.
ويبلغ خالد الثانية والعشرين من العمر وهو طالب عربي عراقي يدرس الطب في منطقة الكورد الشمالية. وعلى الرغم من ان الانكليزية هي لغة التعليم في كليته, فان الاتصالات بالمرضى لابد ان تكون بالكوردية التي لا يتكلمها خالد.
وأجاب المشرف خالد بغضب ان عليه ان يؤدي الامتحان بأي شكل. وفعل خالد ذلك, ورسب.
ويقول "ان الدراسة صعبة جداً على الطلاب العرب في كوردستان".
وخالد الذي يدرس الطب في جامعة السليمانية, هو من الموصل.
وكانت الجامعات العراقية قد خصصت في هذه السنة الدراسية (5%) من مقاعدها للطلاب "غير المحليين". وقد سمح هذا للطلاب العرب من انحاء أخرى من العراق للدراسة في المناطق الكوردية, والطلاب الكورد للدراسة في المدن العربية.
وقد استفاد الكثير من الطلبة العرب والكورد من السياسة الجديدة, ولكن بدرجات متفاوتة من النجاح.
يبدأ الطلاب الكورد دراسة اللغة العربية في الصف الرابع الابتدائي, ويدرسون التربية الاسلامية باللغة العربية كذلك في كل المراحل الدراسية الابتدائية والثانوية. ولكن الطلاب خارج المناطق الكوردية لا يدرسون اللغة الكوردية أبداً.
ونتيجة لذلك, يجد العديد من الطلبة العرب صعوبة في اجتياز حاجز اللغة عندما يدرسون في الجامعات الكوردية في السليمانية, أربيل ودهوك.
ان كلاً من اللغتين العربية والكوردية هما لغتان رسميتان بموجب قانون ادارة الدولة المؤقت الصادر في 8 آذار/ 2004.
وما دام هناك القليل من الكتب ومصادر البحث باللغة الكوردية في الشمال, فان الجامعات تستخدم اللغتين العربية والانكليزية كأداة للتعليم اعتماداً على الموضوع.
ومع ذلك, مايزال العديد من الاساتذة يدرسون بالكوردية لأن معظم طلابهم ليس لديهم تجربة عملية في التحدث بالعربية او تجربة قليلة في أحسن الاحوال, على الرغم من سنوات التعلم في المدارس.
ان الطلاب العرب لا يستطيعون التواصل بشكل جيد مع زملائهم الذين لا يتحدثون بالعربية, اضافة الى شعورهم بالضياع داخل الصف.
وقال طالب الرياضيات أنور صباح وعمره (20) سنة "على الرغم من اني أشعر باني في وطني هنا, إلا ان مشكلتي الأكبر هي اللغة".
ويقول الطلاب العرب انهم انجذبوا للدراسة في كوردستان العراق لأسباب متنوعة بما في ذلك توافر الأمان النسبي فيها وانفتاح المجتمع.
ويقول أنور "أشعر ان كوردستان غير محتلة مثل وسط وجنوب العراق". وأنور من مدينة الديوانية جنوبي بغداد على مسافة (8) ساعات بالسيارة من السليمانية. انه مسلم شيعي ليس مثل معظم الكورد السنة, ولكن السليمانية تضم مسجداً شيعياً يؤمه أنور.
ويذكر طلاب آخرون ان كوردستان "تختلف" ومنفتحة أكثر اجتماعياً. ويقول رايان ياكوب من الموصل وهو يشير الى مجموعة قريبة من الطلاب والطالبات يضحكون ويلتقطون صور بعضهم البعض "انها المرة الأولى التي أشاهد فيها مثل هذه العلاقات الحميمة بين الطلبة". ولكنه, كمسيحي, يعترف انه لا يشارك دائماً "العلاقة الحميمة" نفسها مع الكورد المسلمين. ويشير رايان أيضاً الى حاجز اللغة كمشكلة بالنسبة له.
ولا تقتصر مشكلة اللغة على العرب, مادام الكورد الذين عاشوا في مدينة كركوك المجاورة المختلطة يتحدثون في الغالب باللغة العربية فقط.
ان مئات الآلاف من الكورد طردوا بالقوة من كركوك خلال العقود الماضية, واولئك الذين بقوا أجبروا على الاندماج في الثقافة العربية.
وفي هذا الصدد قالت الطالبة ناز طه, وهي كوردية من كركوك تتحدث العربية "لا أشعر هنا بأي تمييز عرقي". وكانت تسير على امتداد حرم جامعة السليماتية مع طالب توركماني وآخر عربي. والثلاثة كلهم من كركوك تجمعهم اللغة العربية كلغة مشتركة بينهم.
ويعاني بعض الطلبة على صعيد آخر من مشكلة درس " الثقافة الكوردية" وهي مادة مطلوبة (الزامية) على جميع طلاب السنة الدراسية الأولى في الجامعة تبحث في تاريخ ولغة الكورد.
وقد أضيفت هذه المادة الى المنهاج الدراسي العراقي بعد عام 1991, عندما تأسست الحكومة المحلية الكوردية خرج نطاق سيطرة بغداد.
ويجد الطلاب غير الكورد في "الثقافة الكوردية" مادة يكاد من المستحيل نحقيق النجاح فيها. ويقول الطالب التوركماني أصلي حيدر وعمره (19) سنة انه سيرسب اذا لم يحصل على مساعدة خارجية فوراً.
ويعترف الدكتور نزار أمين, نائب رئيس جامعة السليمانية ان الادارة وبكل بساطة لم تفكر بمشكلة اللغة عندما بدأت في قبول الطلاب غير الكورد في السنة الدراسية هذه.
ويقول الدكتور نزار ان معظم الطلاب غير المحليين يدرسون العلوم مثل الأحياء والرياضيات والطب التي تدرس جميعها بالانكليزية. ويوجد بعض الاساتذة المتحدثين بالعربية في الجامعة.
لكن طلاباً مثل خالد مايزال عليهم ان يفهموا اللغة الكوردية غير القياسية التي يتحدث بها الناس من أجل التواصل مع المرضى, اضافة الى المدرسين الذين قد ينتقلون للتحدث بالكوردية أثناء المحاضرات لابداء الملاحظات الجانبية لاسيما في الدروس السياسية.
وقال خالد وامتحانه النهائي يقترب "لابد من حل مشكلة اللغة حتى يتمكن الطلاب العرب من الدراسة في كوردستان".
*سرهنك حمه علي ـ محرر مع الصحيفة الشبابية "التربية الحرة" في السليمانية