الشرطة متورطة في الاعمال الانتقامية في تلع

وعدت السلطات بالتحقيق في تورط الشرطة في قتل السنة عقب تفجيرات تلعفر.

الشرطة متورطة في الاعمال الانتقامية في تلع

وعدت السلطات بالتحقيق في تورط الشرطة في قتل السنة عقب تفجيرات تلعفر.

.



قال وهو يبحث عن اقربائه " ساقتل الشيعة الصفويين (في اشارة الى الشيعة الايرانيين المتهمين بوقوفهم وراء الهجمات في العراق). سانتقم لاراقة دم كل سني بريء".



اواخر الشهر الماضي، شهدت مدينة تلعفر قرب الحدود السورية مذبحة هي الاكثر وحشية حتى بالقياسات العراقية.



قتل 182 وجرح اكثر من 200 مواطن عندما انفجرت في 27 اذار شاحنتين تحملان اكياس الطحين في سوق مزدحم في منطقة شيعية فقيرة- وكان العمل الاكثر دموية منذ سقوط النظام السابق قبل اربعة سنوات. ارتفع عدد القتلى مع استمرار عمليات اخراج الجثث من تحت انقاض البيوت المهدمة.



اشعل الانفجار – الذي تبنت القاعدة مسؤوليتها عنه – سلسلة من عمليات القتل الانتقامي. وبحسب محافظ نينوى دريد كشمولة فقد قامت الميليشيات الشيعية بالتعاون مع الشرطة بغلق الطريق الى حي الوحدة السني جنوب تلعفر وقتلوا 60 سنيا وجرحوا 30 واختطفوا 40، انتقاما وثأرا للتفجيرات.



اخبر احد الاطفال مراسل معهدنا عن كيفية فقدانه لعائلته عندما هاجمت المليشيات الشيعية البيوت في المنطقة السنية. كان عبد القادر خليل،7، مختبأ تحت سريره حين دخل المسلحون الى بيت اهله. كانوا قد سمعوا عياطا و صراخا صادرا من بيت الجيران اعقبه اطلاق نار ثم صمت.



قال الولد الصغير انه سمع ابويه يبكون ويتوسلون من اجل الابقاء على حياتهم. دوت عدة اطلاقات نارية، بعدها ساد البيت الصمت. بقي تحت سريره طوال تلك الليلة. وفي الصباح، زحف خارجا ووجد جثث والديه واخوته مكومة في باحة المنزل.



تم القاء القبض على 18 شرطيا لعلاقتهم بعمليات القتل الانتقامي، لكن تم اطلاق سراحهم بعد ذلك " لتجنب حدوث قلاقل" وذلك بحسب المحافظ. تم بعد ذلك اعادة القاء القبض عليهم.



تضم تلعفر،68كم شمال غرب الموصل، 220.000 نسمة من الشيعة والسنة الذين اعتادوا التعايش بسلام. وهناك زيجات متبادلة بينهم وعاش اتباع المذهبين في جميع مناطق المدينة.



مباشرة بعد الاطاحة بصدام، ظهر التوتر بين المجموعتين. فقد قام امر الشرطة السابق العقيد اسماعيل الياس بطرد 300 شرطي سني، مبقيا على القوة الشيعية فقط. ادت تلك الخطوة الى اصطفاف السنة مع المسلحين ضد الشرطة. والذي قاد اخيرا الى الحالات الاخيرة من سوء معاملة أفراد الشرطة الى افراد تلك المجموعة.



إشتد العداء السني الشيعي بعد ان اصبحت المدينة موطنا للمسلحين السنة الذين استخدموها كقاعدة لشن هجماتهم على اجزاء اخرى من العراق. وفي نفس الوقت، يتهم السنة الشيعة المسيطرون على الشرطة باستهدافهم. وبالنتيجة، اصبحت تلعفر اكثر انقساما عرقيا مع انتقال الشيعة الى الجزء الغربي من المدينة والسنة الى الجزء الشرقي.



بعد ان شنت القوات الامريكية حملتها الكبيرة ضد المسلحين في منطقة تلعفر في العام الماضي، سمى الرئيس الامريكي جورج بوش المدينة "نموذج للنجاح". في الحقيقة،ايام قليلة قبل عمليات القتل في 27 اذار، تسلم خورشيد الدوسكي قائد الفرقة الثانية في الجيش العراقي المتمركزة في مخيم كسك العسكري قرب تلعفر رسائل شكر من الجيش الامريكي لجهوده في ضبط الامن في المنطقة.



لكن يبدو ان خطة ضبط الامن في بغداد قد تركت المدن الاخرى وخاصة في الشمال عرضة الى هجمات المسلحين.



مشاهد الدمار التي خلفتها عملية التفجير في 27 اذار كانت الاكثر رعبا منذ غزو التحالف الذي قادته امريكا.



كان هناك رجل يمسك براس زوجته الذي انفصل عن جسدها جراء التفجير. واب يضع بقايا ابنته ذات الستة اعوام على قطعة من القماش: رأسها ، الجزء العلوي من جسمها،و ذراعها الايمن هو كل ما بقي منها. وطفل ميت مغطى بالدم والتراب، يرقد تحت انقاض بيت مهدم، وبالقرب منه رجل عجوز كان لا يزال على قيد الحياة لكنه لا يستطيع ان ينطق بكلمة. واخوين يحملان جثة اختهما، واربعة رجال يلفون جثة امهم الممزقة ببطانية.



كان الذين شاهدوا المجزرة مصدومون لا يقوون على الحركة. كانت هناك اجساد محترقة وقطع من اللحم في كل مكان. الكثير من الناس كانت تتقيأ من تلك المشاهد الجهنمية.



فقد سائق التاكسي الشيعي زوجته واحد عشر من ابنائه عند انهيار بيته بعد انفجار احدى الشاحنتين. قال جواد وهو يرفع الانقاض من حطام كان يوما ما بيته " انهم (السنة) هتكوا أعراضنا، قتلوا اطفالنا وشردوا عوائلنا. لقد فعلوا ما فعلوا ويريدون منا الان ان نبقى صامتين- ولكن انى لنا ذلك؟ من العار ان نترك سنيا واحدا حيا في تلعفر".



هب الامريكان لمساعدة الجيش والشرطة وقوات الدفاع المدني في عمليات الانقاذ من خلال ارسال جنود لهم عن طريق الجو. استمر البحث عن ناجين تحت الانقاض لعدة ايام. اضطرت المستشفيات المحلية التي حاولت جاهدة استيعاب اعداد الضحايا ان تنشأ ردهات مؤقتة خارج بناية المستشفى.



كانت شاحنات مليئة بالاجساد متجهة الى مشرحة ومقبرة الموصل بما ان اهالي تلعفر ، وهم يحاولون انقاذ الناجين من انفجار الشاحنتين، لا وقت لديهم لدفن الموتى.



بعد يوم من التفجير، خرج الاهالي الى الشارع يطالبون بتنحية قائمقام تلعفر العميد نجم عبد الجبوري كونه فشل في توفير الامن وحماية المدينة.



دافع قائم المقام الذي هو مدير الشرطة ايضا عن نفسه قائلا " نحن في معركة مع الارهاب وعلينا ان نتوقع كل شيء. واصر على ان الكثير من الهجمات السابقة قد تم تفاديها والتصدي لها مضيفا ان المسلحين سيذهبون الى الجحيم بمشيئة الله".



يعتقد المسؤولون في الموصل ان المسلحين الذين هاجموا تلعفر استغلوا ضعف الامن عند معبر ربيعة الحدودي مع سوريا. قال نائب محافظ نينوى خسرو كوران " طلبنا من المسؤولين الحكوميين تعزيز كل نقاط الحدود وعلى ان تسيطر قوات الامن على ربيعة".



يقول السنة من اهالي تلعفر ان جهاز الامن الذي تقوده الشيعة هو جزء من المشكلة. يحمل عضو مجلس محافظة نينوى هاشم رضا تلعفري الشرطة مسؤولية قتل السنة في اعقاب التفجيرات. وقال "تعرَّف الضحايا على 18 من الشرطة متورطين في اعدام السنة".



بعض الاهالي من السنة كانوا غاضبين من الشرطة وقاموا بالهجوم على أفراد الشرطة، وقد شوهدوا يهاجمون الشرطة وفي ايديهم سكاكين.



اكد مدير شرطة نينوى واثق الحمداني هذا الاسبوع ان التحقيقات جارية بخصوص تورط الشرطة في عمليات الانتقام. وعد وزير الداخلية العراقي جواد البولاني باجراء تحقيق بالموضوع ايضا.



وفي نفس الوقت، طمأن الدوسكي اهالي تلعفر انه سيتم معاقبة المذنبين ان ثبت تورطهم بالعملية. وقال "تم القاء القبض على الشرطة الذين اساءو للمدنيين ولكن تم اطلاق سراحهم بعد ذلك بعد ان تظاهر الناس مطالبين بالافراج عنهم. لكنهم سيحاكمون".
Frontline Updates
Support local journalists