الصدريون يستعرضون عضلاتهم

التوتر بين القوات الأمريكية وأتباع الزعيم الشيعي المتطرف مقتدى الصدر تهدد بالخروج عن السيطرة

الصدريون يستعرضون عضلاتهم

التوتر بين القوات الأمريكية وأتباع الزعيم الشيعي المتطرف مقتدى الصدر تهدد بالخروج عن السيطرة

Tuesday, 22 February, 2005

كان مكتب الشهيد في ضاحية الشعلة الفقيرة شمال غربي بغداد يعج برجال الدين والرجال المسلحين في ما يسمى جيش المهدي. أما خارج المكتب فقد كان المتظاهرون يهتفون متحدين الجنود الأمريكان الجالسين في سياراتهم "الهامر" الواقفة في نهاية الشارع.


وكان مسلحو جيش المهدي يلوحون بأحذيتهم نحو القوات الأمريكية في اشارة الى الإحتقار, فيما كان زملاؤهم يسرعون في نصب رشاش ثقيل على حامل ثلاثي مهيأ للعمل.


وفي شارع مجاور حيث اشتبك قبل مدة جنود التحالف مع المسلحين العراقيين, يقف السكان بانتصار على شاحنة تجهيز أمريكية محترقة. وكان آخرون يلوحون بأغلفة القذائف من عيار (30ملم) التي أطلقتها طائرات الأباتشي السمتية الهجومية, والتي قال شهود العيان انها قد أحدثت ثقوباً في الجدران وأدت الى مقتل اثنين من المارة.


وقال مدير مكتب الشهيد رعد الحسيني الذي يعتمر عمامة سوداء "ان أفضل شيء يعمله الأمريكان هو الإنسحاب, وعكس ذلك أتوقع مجازر".


وفيما كان الحسيني يتحدث, انطلقت هتافات الرجال المسلحين وهم يرددون "الله أكبر" عند رؤيتهم لسيارات الهامر الأمريكية وهي تغادر في الأقل لهذا الوقت.


ودخل المكتب رجل دين آخر مندفعاً نحو الحسيني ليبلغه بآخر التطورات التي وقعت.


وقال الحسيني "ان أحد الشباب في الخارج أبدى استعداده للقيام بهجوم انتحاري, لكننا نرغب في تهدئة الأمور".


ان المواجهة في الشعلة ليست هي الوحيدة بل هي واحدة من عشرات المواجهات بين الجنود الأمريكان وأتباع الزعيم الشبعي المتطرف مقتدى الصدر, منذ 4 نيسان,وقد أسفرت الاشتباكات بين الطرفين عن مقتل أكثر من (60) عراقياً و (12) جندياً من التحالف في الأقل.


وذكر الناطق العسكري الأمريكي العميد مارك كيميت ان مسلحين في الشعلة هاجموا دورية أمريكية بينما كانت تسير في الشوارع القريبة من مكتب الشهيد.


وقد جرى استدعاء طائرة أباتشي سمتية لإسناد الدورية, وردت الطائرة باطلاق النار بعد ان تعرضت الى اطلاق نار.


وقال الصدريون ان الأمريكان انسحبوا ثم فتحوا النار بشكل عشوائي وحاصروا المكتب.


وقال الحسيني بان اثنين في الأقل من أطفال المدارس قد قتلا بنيران السمتية وجرح (6) مدنيين آخرين.


ولم يكن بالامكان التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل عندما رفضت المشفى المحلية تقديم تقريرها عن الخسائر.


بدأت المصادمات منذ أكثر من اسبوع مضى عندما أغلقت القوات الأمريكية صحيفة الصدر (الحوزة) لمدة (60) يوماً.


وتصاعد التوتر في العطلة الاسبوعية عندما اعتقلت قوات التحالف مصطفى اليعقوبي أحد كبار مساعدي الصدر, باتهامات تعود لمقتل آية الله سيد عبد المجيد الخوئي في نيسان/ 2003.


ونتيجة لذلك, استولى أتباع الصدر على مراكز الشرطة ومقرات البلدية في مدن العراق الجنوبية مثل البصرة وكربلاء والكوفة وفي ضواحي بغداد الشمالية الشرقية الفقيرة ذات الأغلبية الشيعية.


وأعلن التحالف أيضاً انه ينوي اعتقال الصدر لتورطه في مقتل الخوئي, وهي تهمة أنكرها الصدر.


وفعلاً, فقد وصف بول بريمر رئيس سلطة التحالف المؤقتة الصدر بانه "خارج على القانون", بينما قال الرئيس الأمريكي جورج بوش ان واشنطن لن تتسامح مع أعماله.


وقد فسر العديد أقوال الصدر الأخيرة بانها دعوة للعصيان. وقال الصدر في بيان وزعه مكتبه في الكوفة "ليس ثمة جدوى من المظاهرات في حين يريد عدوكم ارهاب واضطهاد الآراء .. ارهبوا عدوكم ما دمنا لا نستطيع ان نبقى صامتين على انتهاكاته".


في غضون ذلك, أصدر الصدريون بياناً آخر دعوا فيه الى اعادة فتح جريدتهم, واطلاق سراح المعتقلين, وتشكيل حكومة عراقية دستورية بعيدة جداً عن الاحتلال" ـ اشارة مفترضة الى خطط التحالف لتسليم السلطة الى حكومة غير منتخبة في نهاية حزيران.


من جانب آخر دعا زعماء العراق الى وضع نهاية للمواجهة وسط مخاوف من ان تؤدي المصادمات بين القوات الأمريكية والآلاف الأقوياء من جيش المهدي الى تأجيل نقل السيادة الى حكومة عراقية في الثلاثين من حزيران.


وعلى مستوى آخر أصدر العالم الكبير آية الله العظمى سيد علي الحسيني السيستاني بياناً يدعو للهدوء لفسح المجال أمام حل المشكلة عن طريق المفاوضات.


كذلك حث السيستاني "المتظاهرين بأن لا يردوا على قوات الاحتلال في حالة العدوان".


مع ذلك, أوضح بيان السيستاني ان "مطليب المتظاهرين شرعية" وانه "يدين الممارسات التي قامت بها قوات التحالف" وقدم مساندته لعوائل الضحايا.


كذلك ألقى الأعضاء الشيعة في مجلس الحكم المسؤولية على التحالف. ونشرت صحيفة "العدالة" الناطقة باسم المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق ان عبد العزيز الحكيم عضو مجلس الحكم ورئيس المجلس الأعلى "دان سياسة اطلاق النار على المتظاهرين الأبرياء, واغلاق الصحف, واعتقال رجال الدين".


أما صحيفة الصباح التي يمولها التحالف فقد ذكرت ان عبد الكريم المحمداوي عضو المجلس, وقائد المتمردين ضد صدام وحليف الحرب للأمريكان في منطقة العمارة الجنوبية قد قال ان من المحتمل ان يستقيل اذا لم تتم تلبية مطاليب الصدريين.


في ضواحي مدينة الصدر الشمالية الشرقية, حيث أسفر القتال يوم 4 نيسان عن مقتل (7) جنود أمريكان في الأقل و (39) عراقياً, تجمع المسلحون وهم يحملون رشاشات (آر بي جي) وبنادق كلاشينكوف في تقاطع الطرق, ولكنهم يتفرقون عندما تقترب القوات الأمريكية.


وقال علي مصطفى وهو مسلح من جيش المهدي "نحن لا نريد في الوقت الحاضر مهاجمة الأمريكان. فليس لدينا حتى الآن أوامر من مقتدى لنهاجمهم".


مع ذلك, أضاف علي اذا وصلت الأوامر "نحن مستعدون للتضحية بانفسنا فداءً لمقتدى".


بينما ينتظر العديد من الناس ما ستؤول اليه الأمور, فان سياسياً شيعياً واحداً في الأقل دان الصدر وأتباعه.


انه أياد علاوي, رئيس اللجنة الأمنية في مجلس الحكم, فقد صرح في مؤتمر صحفي يوم 6 نيسان قائلاً "هناك قوة متطرفة تحاول الحاق الضرر بالبلاد, وأصبحت هذه القوة معروفة للجميع, انها تشمل مقتدى الصدر والمجموعة الملتفة حوله".


*عمر أنور وناصر كاظم وعقيل جبار ـ صحفيون متدربون في معهد صحافة الحرب والسلام ـ بغداد


Iraq
Frontline Updates
Support local journalists