العراق يحاول تخفيض ديون الكويت الى النصف
سعي عراقي لخفض تعويضات الحرب، والخلافات حولها تدمرالعلاقات المتوترة أصلاً.
العراق يحاول تخفيض ديون الكويت الى النصف
سعي عراقي لخفض تعويضات الحرب، والخلافات حولها تدمرالعلاقات المتوترة أصلاً.
يمنح العراق خمسة بالمائه من عائدات نفطه الى صندوق الأمم المتحدة لتعويضات الحرب والذي كان قد أسس بعد غزو الكويت في العام 1990، حيث يرى بعض المسؤولين في العراق بان ذلك يشكل التزاما ماليا ثقيل العبء على بلد ما زالت تخطو نحو اعادة الاعمار. فيما تعد الكويت المستفيد الرئيسي من الصندوق.
ومما زاد التوتر بين الدولتين الجارتين ان بعض المسؤولين العراقيين طالبوا بان تعفى البلاد كليا من دفع التعويضات، بينما اصرت الكويت على ان يستمر العراق بدفعها.
مستشار رئيس الوزراء الاعلامي علي الموسوي يقول "ما زالت المفاوضات مستمرة مع الكويت، ونحن نامل ان (تسمح الكويت للعراق) بتخفيف ديونه، الا اننا لا نتوقع ان يقبل الكويتيون بذلك. وبهذا فاننا نامل ان نخفض نسبة الخمسة بالمئة الى 2.5 %".
الموسوي كان قد صرح بذلك بعد ايام من اعلام سفير العراق في الامم المتحدة (حامد البياتي) للمراسلين في الامم المتحدة بان العراق "يحاول ان يحاور الكويتيين لإقناعهم بان يتخلوا عن التعويضات او ان يخففوها على الاقل".
هذا وقد رفض الموسوي التكهن حول موضوع النسبة المئوية المتوقعة، قائلا بان "اقرارالمبلغ سيعتمد على المفاوضات".
واشار الموسوي بان العراق ارسل رسالة الى السكرتير العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بالاضافة الى مجلس الامن، يطالب فيها بان تقلل الامم المتحدة من التعويضات المترتبة. فيما اخبر بان كي مون، مجلس الامن في الاسبوع الماضي بانه مازال يراجع القررات المتعلقة بالعراق وبانه سيقدم تقريرا عن قريب يوضح فيه الموقف بشان شكوى العراق لمجلس الامن.
وقد اعلن البياتي بان العراق دفع ما يزيد عن 27 مليار دولار اميركي للتعويضات وبانه ما يزال يدين بـ 25.5 مليار دولار، بضمنها 24 مليار حصة الكويت. وهو يشير بان "العراق يحتاج الى هذه المبالغ للخدمات واعادة الإعمار، بالاضافة الى التطوير".
ويضيف البياتي بان الكويت وافقت على المفاوضات الثنائية لمناقشة التعويضات.
وقد كشفت بعض التصريحات باحتمال ان يكون هناك امل في التوصل الى حل حول الخلاف العراقي- الكويتي بخصوص التعويضات. في وقت تصاعدت خلال الشهر الماضي حدة التوتر بين العراق والكويت الى اعلى مراحله منذ سقوط نظام صدام حسين، مهددة بذلك الروابط ما بين البلدين.
يعمل العراق على الضغط على الامم المتحدة لاعفاء بغداد من طائلة البند السابع في لائحتها، حيث يلزم هذا البند الحكومة بدفع التعويضات، يحدد البلد على انها تشكل خطرا على الأمن و الإستقرار ويسمح لمجلس الامن باستخدام القوة في العراق. وقد تم فرض هذه الضوابط من قبل الامم المتحدة عام 1990 بعد حرب الخليج.
ويعول العراق بذلك على مساندة الولايات المتحدة الاميركية لاخراج البلاد من طائلة البند السابع اعتمادا على اتفاقية الانسحاب الاميركية – العراقية، والتي تتضمن فقرة تتعهد الولايات المتحدة فيها بمساندة العراق لرفع ضوابط الامم المتحدة عن العراق.
سفير الولايات المتحدة في العراق كرستوفر هيل صرح خلال الاسبوع الماضي، بان الولايات المتحدة تريد ان تساعد العراق لاخراجه من تحت طائلة البند السابع. واضاف بان امريكا "تسعى لرؤية علاقات عراقية – كويتية تستمر في التحسن، ونحن سنسعى الى ذلك".
لكن الكويت وجهت ضربة لجهود المصالحة عندما اصرت عل وجوب ان ينفذ العراق التزاماته تجاه الكويت وان يستمر بدفع التعويضات- الامر الذي سيبقي العراق تحت طائلة البند السابع.
وبالاضافة الى التعويضات، طالب المسؤولون الكويتيون بان تحدد الخطوط البحرية ما بين البلدين، وبان يتم ارجاع بقية السجناء الكويتيين.
وقد كانت التعويضات النقطة الرئيسية مابين الكويت والعراق. فاقتصاد بغداد المعتمد على النفط، كان قد عانى الكثير نظرا للعنف الدائر في العراق، بالاضافة الى الازمة العالمية نتيجة لانخفاض اسعار النفط. علما ان العراق يرزح تحت عبء الديون المتراكمة ابان نظام البعث البائد.
الموسوي يعلق بالقول "العراق غير مسؤول عن دفع ثمن اخطاء النظام السابق، لقد كنا جميعا ضحايا ذلك الاعتداء".
ويواصل "العراق يلزمه عقود من الزمن لدفع التعويضات المترتبه علية للكويت" الا ان "العراق ليس لديه النية لرفض دفع هذه التعويضات".
وقد ادى الخلاف الدائر الى تبادل تعليقات ملتهبة ما بين اعضاء البرلمان العراقي والكويتي في اوائل هذا الشهر، ما ادى الى اثارة مخاوف دبلوماسية.
فبعض اعضاء البرلمان في الكويت ناشدوا الحكومة بسحب السفير الكويتي الجديد من بغداد، بينما اصر عدد من اعضاء البرلمان العراقي بان تدفع الكويت تعويضات للعراق لمساندتها الولايات المتحدة الاميركية ابان غزو العراق عام 2003.
البروفيسور في العلوم السياسية بجامعة بغداد، علاء الزبيدي، وصف مطالبة العراق للكويت بتعويضات بانه "للعرض فقط". وعلق مضيفا "الكويت لن تدفع شيئا، كما ان العراق لن يقدم طلبا رسميا بهذا الشان".
هذا وقد التزمت الكويت الصمت ازاء القضية باكملها منذ الاحتجاج الشعبي الا ان السفير الكويتي في بغداد علي المؤمن، كان قد التقى المالكي لمناقشة قضية التعويضات، طبقا لما صرح به الموسوي.
ورفض المؤمن التعليق على الازمة ما بين البلدين، اضافة الى ان السفارة الكويتية في واشنطن والمبعوث الكويتي في الامم المتحدة لم يجيبوا على الهواتف الساعية وراء الحصول على تعليقات بهذا الخصوص.
وقد كانت الضجة الدائرة إخفاقاً للجهود العراقية والكويتية الحديثة لرأب الصدع في العلاقات. العديد من العراقيين تساورهم الشكوك حيال البلد المجاور، حيث يعتقدون بان الكويت لم تغفر للعراق حتى بعد سقوط نظام صدام.
عميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد عامر حسن فياض يرى بان "الكويت لم ولن تغفر الغزو العراقي حتى وان كان ذلك جزءا من الماضي".
وقد قامت الكويت بتعيين سفير لها في العراق العام الماضي، لتزرع بذرات الامل بين البلدين ليفتحوا صفحة جديدة في علاقاتهم التاريخية. الا ان العراق لم يعين سفيرا له في الكويت، مما شكل مصدر ازعاج لبعض الكويتيين.
ورغم ذلك، فقد اشار بان كي مون ان العراق والكويت حققوا بعض التقدم بخصوص مطلب الكويت بان يعيد العراق رفات الجنود الكويتيين. وقال بأن فريق الأمم المتحدة في العراق، كان يعمل مع وزارة حقوق الانسان لنبش القبور الجماعية وبأنه "من المتوقع أن يعطي الاولوية للقبور التي تحتوي على رفات الأسرى الكويتيين المفقودين إبان الحرب".
كما اعلن البياتي بان العراق اعاد رفات 236 جثة الى الكويت.
من جهته، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا المنتهية ولايته والذي تحدث لدى مجلس الامن الدولي في اجتماعه الاسبوع الفائت، بان الحكومة العراقية وجهت دعوة الى وفد كويتي لمناقشة مسألة الكويتيين المفقودين، وان الحكومة كانت تعجل بمسألة تعيين سفير عراقي في الكويت.
واضاف دي مستورا قائلا "الخطوات كانت اشارات ايجابية لتعاون متزايد".
عبير محمد، متدربة في معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد. تياري راث محررة في نيويورك تعمل للمعهد.