النساء يعدن إلى مقعد السياقة

حالما تحسن الوضع الأمني في بغداد، بدأ المزيد من النساء يستجمعن شجاعتهن للسياقة في أنحاء المدينة التي كانت طرقها خطرة ذات مرة.

النساء يعدن إلى مقعد السياقة

حالما تحسن الوضع الأمني في بغداد، بدأ المزيد من النساء يستجمعن شجاعتهن للسياقة في أنحاء المدينة التي كانت طرقها خطرة ذات مرة.

Tuesday, 19 August, 2008
36، محل سوبر ماركت وجلست خلف مقود سيارتها في منطقة كرادة مريم ببغداد بالقرب من المنطقة الخضراء شديدة التحصين.



انه مشهد يتكرر يوما بعد آخر في جميع بلدان العالم، ولكن في العراق، فإن حتى المهام البسيطة التي تقوم بها النساء مثل القيام بالأعمال اليومية التي تتطلب الخروج كالتبضع على سبيل المثال و قيادة السيارات، مهمة إلى حد كبير. توقفت حسين، وهي أم لأربعة، عن قيادة السيارة في أواخر عام 2003 عندما تدهور الوضع الأمني في بغداد- ولكنها عادت لقيادة السيارة مرة ثانية في وقت سابق من هذا العام.



وقالت حسين إن "السيارة التي تقودها امرأة كمعزاة يطاردها الذئاب". وأضافت أن "العصابات التي كانت تقوم بخطف المواطنين وسرقة سياراتهم، كانوا يسيطرون على كل شيء."



وتابعت بالقول "[الآن] أنا مرتاحة عند قيادة سيارتي لأن لدي مزيدا من الحرية. فالشوارع محمية بصورة جيدة و قوات الأمن منتشرة في كل مكان."



في السنوات القليلة الماضية في بغداد، كانت النساء يخشين مغادرة منازلهن- ناهيك عن قيادتهن السيارات وحدهن- بسبب صراع الميليشيات على السلطة في المدينة.



بينما مازالت بغداد تواجه قلقا أمنيا جدياً، فإن علامات الحياة الطبيعية عادت إلى العاصمة، بما فيها عودة النساء الى مقاعد السياقة. وبينما تستمر التهديدات والهجمات، شهدت بغداد في الآونة الأخيرة أدنى مستويات العنف منذ عام 2004.



إن تحسن الحالة الأمنية وسيطرة الحكومة على بغداد خففت من بعض المصاعب التي عانت منها النساء خلال السنوات القليلة الماضية.



ويقول الخبراء إن العديد يشعرون أنهم أكثر حرية الآن للذهاب لأعمالهم اليومية. إن التوجه إلى العمل، التسوق أو حضور مواعيد الطبيب قد يكون أمرا صعبا في العاصمة بسبب نقاط التفتيش، ولكن الخوف الذي أستحوذ على المدينة تبدد إلى حد ما.



علاوة على الشعور براحة أكثر عند القيادة، تشعر النساء بثقة أكبر بشأن الخروج من دون حجاب والسير في الشوارع، وفقا لجنان مبارك، وهي مديرة المركز العراقي لتوظيف وتأهيل المرأة.



يعد مشهد الأعداد المتزايدة من النساء خلف مقود السيارة، على نحو قابل للجدل، أبرز ما يشير إلى أن الزمن يتغير.



وقالت هناء ادوارد، وهي ناشطة في حقوق المرأة ورئيسة منظمة الأمل الإنسانية في بغداد، إن "السياقة مهمة للنساء، لاسيما في هذه الأيام لأنه من الصعب على المرأة أن تستقل سيارات الأجرة والحافلات" لأسباب أمنية.



وقالت أزهار الشيخلي، وهي وزيرة سابقة لشؤون المرأة، إن السياقة "تمنح النساء الاستقلال".



وقالت حسين "إنه لأمر مهم بالنسبة للنساء قيادة السيارة". وقالت أيضا "لابد لي أن أعتمد على نفسي عندما يكون زوجي غير موجود."



ووفقا لناشطات في مجال حقوق المرأة، إن المتطرفين الإسلاميين الذين يعتقدون أنه لأمر مخجل و غير إسلامي أن تقوم المرأة بقيادة السيارة، عملوا على إخافتهن و إبعادهن عن الطرقات.



وتذكرت ادوارد تجربة إحدى صديقاتها التي استوقفها مسلحون في نقطة تفتيش في بغداد وأمروها بعدم القيادة مرة أخرى أبداً.



إن العديد من السائقين والسائقات ينظرون الآن إلى نقاط التفتيش على أنها مصدر للإزعاج أكثر من كونها تهديداً. فيمكن لقوات الأمن أن توقف وتضايق السائقات، ولكن في معظم الأوقات يمكنهن المرور بسهولة أكثر من الرجال.



إذا تعرضن للمضايقة، فإن الأمر قلما يتعلق بالتحفظ الديني منه إلى التحيز الجنسي، وفقا لسائقات وناشطات في مجال حقوق المرأة.



وقالت نسرين هادي، وهي طبيبة في الحادي والأربعين من العمر، إن الرجال في بغداد لديهم نظرة غير حضارية في كثير من الأحيان تجاه النساء السائقات.



وأضافت "إنهم يعتبرون النساء غير قادرات على السياقة، ولكنهم لا يستطيعون إيقافنا"، وقالت "لا يمكنهم احتكار السياقة."



وقالت نازك رزاق، التي بدأت قيادة السيارة في العام 1993 بعد أن قتل زوجها في حرب الخليج الأولى، إنها توقفت في العام 2004. وبعدما شعرت أنها مثل "دجاجة محبوسة في قفص"، عادت رزاق الى مقعد السياقة مرة أخرى أوائل عام 2008.



وفي يوم تموزي حار، وبينما تبحث عن طبيب لابنتها البالغة من العمر 18 عاما، قالت رزاق إنها سعيدة بتوليها قيادة السيارة مرة أخرى.



وقالت الشيخلي إنه على الرغم من التقدم، لا يوجد بعد عدد كاف من النساء السائقات اللاتي عدن الى السياقة على الطرقات.



ووافقت ادوارد هذا الرأي وقالت إن "العدد لا يزال ضئيلاً بالمقارنة مع أيام النظام السابق."



في الحقيقة، إن بعض النساء خارج بغداد لازلن يواجهن المشاكل عند قيادتهن السيارة في المناطق ألأكثر تحفظا في البلاد.



وقالت صحفية متدربة في معهد صحافة الحرب والسلام، والتي زارت النجف مؤخرا، إنها أثارت نظرات الاستهجان عندما جلست على مقعد القيادة، في سيارة تعود لأحد أقاربها الرجال، لغلق النافذة.



دريد سلمان، هو صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد. نصر كاظم، هو أيضا صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام في العاصمة، ساهم في إعداد هذا التقرير.
Iraq
Frontline Updates
Support local journalists