المتفائلون بالرئاسة الأميركية يحافظون على صمت متحفظ بشأن المحكمة الجنائية الدولية

رفض المرشحون أن يتم استدراجهم للتصريح بموقفهم العام تجاه المحكمة، ولكن تعهدوا بالاستمرار بدعم تنفيذ أوامر الاعتقال في دارفور.

المتفائلون بالرئاسة الأميركية يحافظون على صمت متحفظ بشأن المحكمة الجنائية الدولية

رفض المرشحون أن يتم استدراجهم للتصريح بموقفهم العام تجاه المحكمة، ولكن تعهدوا بالاستمرار بدعم تنفيذ أوامر الاعتقال في دارفور.

Tuesday, 1 April, 2008
.



أجاب المرشحون الثلاثة للرئاسة الأمريكية، السناتور الجمهوري جون ماكين والسيناتور الديمقراطي هيلاري كلينتون والسناتور الديمقراطى باراك اوباما، بغموض عندما تم سؤالهم عن المحكمة الجنائية الدولية ولم يتعهدوا إلا بالالتزام بمساندة عمل المحكمة في السودان فقط.



قال السيد جون واشبورن منسق منظمة تحالف المنظمات غير الحكومية الأمريكية مع المحكمة الجنائية الدولية AMICC) ) :"إن لدينا ثلاثة من كبار المرشحين الذين قدموا جميعاً ملاحظات جيدة حول المحكمة ولكن مع قدر كبير من الحذر."

"لا تجد لدى أي من المرشحين الثلاثة أي معارضة إيديولوجيه لطريقة عمل ولإدارة المحكمة الحالية."



لقد كانت إدارة بوش الرئاسية معادية أصلاً للمحكمة الجنائية الدولية، و كانت تشعر بالقلق إزاء إمكانية قيام المحكمة بإجراء تحقيقات سياسية جادة وملاحقات قضائية ضد مواطنيها، وقد حثت العديد من البلدان على التوقيع على اتفاقيات ثنائية طالبة منهم عدم تسليم الرعايا الأمريكيين إلى المحكمة.



هذا وقد بدأت الحكومة تخفف من حدة موقفها في السنوات الأخيرة، الأمر الذي دفع إلى الأمل بأن يكون الرئيس المقبل أكثر رغبة في إعطاء المحكمة الجنائية الدولية الدعم الأمريكي الكامل. ولكن يبدو أن كلاً من المرشحين الثلاثة قرر أن يتخذ نهج "انتظر لترى".



وقال المرشح أوباما رداً على استبيان أجري في تشرين الأول من عام 2007 :"العديد من الأسئلة لاتزال قائمة" حول المحكمة الجنائية الدولية، وأضاف أنه في حال تم انتخابه سوف "يتشاورباستفاضة مع شركائه من القادة العسكريين وسيتفحص سجل المحكمة قبل التوصل إلى قرار بهذا الشأن".



وفي إجابةعلى القدر نفسه من الغموض في 12 تشرين الثاني 2007 قال كلينتون "سوف أقوم كرئيس للولايات المتحدة بتقييم سجل المحكمة، وإعادة تقييم الطريقة الأمثل للتعامل مع هذه المؤسسة."



وقد عكس ماكين تردد زملائه المرشحين في عام 2005 عندما قال بكل بساطة :"أريد أن نكون في المحكمة الجنائية الدولية ولكن لا يعجبني ألا يكون هناك ما يكفي من الضمانات".



هذا ومن الجدير بالذكر أن أياً من المرشحين لم يستجب لدعوات معهد صحافة الحرب والسلم المتكررة لتوضيح موقفه.



إلا أن عدم الرد ليس مستغرباً خاصة وأن المحكمة الجنائية الدولية وحقوق الإنسان تحظى بشكل عام باهتمام ضئيل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وقد وجد مركز صندوق أعمال التقدم الأمريكي الذي تابع المحادثات الرئاسية طوال كانون الأول 2007 ، أن ما يعادل 5.1 في المائة فقط من الأسئلة التي طرحت على المرشحين يتعلق بقضايا حقوق الإنسان.



ولايزال هذه التجاهل العام مستمراً، رغم أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن أغلبية واضحة من الشعب الأمريكي ـ أي ما يصل إلى 74 بالمائة من الجمهور حسب الاستطلاع الذي أجري في شهر أيار 2006 من قبل worldpublicopinion.org وشبكات المعارف ـ أيد التزام الولايات المتحدة بالمحكمة.



وقد صرح السيد ماثيو هيفي نائب المنسق في (AMICC’ s )بأن الدافع الرئيسي وراء تحول المشاعر إزاء المحكمة خلال إدارة الرئيس جورج بوش هو مواصلتها العمل في إفريقيا.



وفي الواقع دارفور هو المكان الذي أبدت فيه الولايات المتحدة معظم الدعم للمحكمة الجنائيةالدولية، فقد امتنعت واشنطن عن التصويت على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإحالة الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية ومكتب المدعي العام بدلاً من التمسك بسياستها في معارضة المحكمة.



ومنذ ذلك الحين دعمت واشنطن المحكمة الجنائية الدولية في قضية دارفور، حتى أنها دعمت إصدار القرار في مجلس الدول الأعضاء الذي يدعو الحكومة السودانية إلى تنفيذ أوامر الاعتقال التي صدرت عن المحكمة الجنائية الدولية.



إلا أن تأثير تدخل الولايات المتحدة في هذه الأزمة ـ حتى لو كان عميقاً ـ قد لا يكون كبيراً كما يأمل البعض، وذلك بسبب علاقة الصين الوثيقة مع السودان الأمر الذي يجعل تأثير الولايات المتحدة ضئيلاً فى أنحاء البلاد.



وأعلن السيد هيفي أن واشنطن قد تكون مفيدة للمحكمة في قضية دارفور بطرق أخرى كعرض الصور الفضائية مثلاً؛ وذلك لبناء قضية أقوى ضد أولئك الذين وجهت إليهم اتهامات.



وليس هناك ما يشير إلى أن دعم الولايات المتحدة للمحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بدارفور سيضعف في المدى القريب، وقد تعهد المرشحون الثلاثة لرئاسة الجمهورية بدعم المحكمة في هذا الصدد، وبأن تكون سجلات التصويت متينة فيما يتعلق بهذه القضية.



وقد شمل كل من هيلاري كلينتون وأوباما برعايتهما جزءاً من تشريعات وطنية تدعو إلى اتخاذ إجراءات في غرب السودان، بما في ذلك القرار الغير ملزم الذي يحث الأمم المتحدة على نشر قوات حفظ السلام ويحث الرئيس على العمل مع منظمة حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة لتعزيز فرض منطقة حظر الطيران .



هذا وكان قد شارك ماكين في تحرير خطاب حماسي مع سناتور كنساس السابق بوب دول في عام 2006 ، صدر عن واشنطن بوست ومن أهم ما جاء فيه:"لابد من تكريس الولايات المتحدة وما تملك الاستخبارات الحليفة من إمكانيات بما في ذلك الأقمار الصناعية والتكنولوجيا لتسجيل الفظائع التي يتم ارتكابها في دارفور حتى يكون من الممكن محاكمة مرتكبيها في المستقبل، و ينبغي علينا أن ندكر الخرطوم علناً بأن المحكمة الجنائية الدولية تملك الاختصاص (القدرة القانونية) لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في دارفور وأن القادة السودانيين سيتحملون شخصياً المسؤولية عن الهجمات على المدنيين."



هذا ويشير المراقبون إلى أن على الولايات المتحدة أن تأخذ بعين الاعتبار أيضاً تقديم الدعم للمحكمة في عملها في بلدين آخرين هما أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.



إذ يذهب المراقبون إلى أن زيادة الضغوط من قبل الولايات المتحدة على الحكومة الأوغندية لدفعها لتنفيذ أوامر الاعتقال ـ كأمر اعتقال زعيم جيش الرب للمقاومة جوزيف كوني الذي تمكن من الإفلات من المحكمة الجنائية الدولية لما يقرب من ثلاث سنوات الآن ـ قد تسفر عن نتيجة.



هذا وصرح السيد حافظ محمد مدير برنامج السودان في المنظمة غير الحكومية إفريقيا العدالة قائلاً:"لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستذهب إلى حد إرسال شخص للقبض على [كوني]" ثم أضاف " أعتقد أن ذلك قد يتم من خلال مساعدة الحكومة الاوغندية على امتلاك الوسائل التي تمكنها من القبض عليه إذ سيساعد هذا التدخل حتماً في تنفيذ العملية، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف."



ولابد إلى التنويه إلى أنه إذا ما تم القبض على كوني أو غيره ستصبح مهارات الولايات المتحدة التقنية ومعداتها مهمة.



قال السيد باتريك سميث رئيس تحرير موقع الأخبار الجاد إفريقيا السرية بهذا الشأن:"إن ملاحقة جيش الرب للمقاومة والنظام السوداني ليست قضايا مفتوحة كما يعتقد الكثير ممن هم خارج المنطقة بل مغلقة" وأضاف بأن "ليس من عادة هذه المنظمات أن تحتفظ بسجلاتها، وبذلك لا يكون هناك دائماً الكثير من الأدله التي يمكن أن تستخدم في الإجراءات القضائية."



وبالتالي فإن جمع الأدلة قد يلعب دوراً هاماً فى مساعدة النيابة العامة للمحكمة الجنائية الدولية في بناء القضايا ضد المشتبه فيهم الكونغوليين.



قال السيد ريتشارد ديكر مدير العدالة الدولية في منظمة هيومان رايتس ووتش:"قد تهم بعض المعلومات التي تملكها وكالات الاستخبارات الأمريكية المدعي العام إلا أني أخمن فقط هنا."



إلا أنه لابد من الإشارة إلى أن هناك شعور بين أوساط العاملين في ميدان العدالة الدولية بأنه مع أو دون دعم الولايات المتحدة بدأت المحكمة الجنائية الدولية تثبت أقدامها تدريجياً باعتبارها محكمة فعالة.



وقال السيد ديكر بهذا الصدد:"لا أظن أن الولايات المتحدة هي عامل بناء أو هدم حاسم فيما يتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، مما لا شك فيه أن من دعم الولايات المتحدة يعزز المحكمة الجنائية الدولية ولكن المعارضة الأميركية لم تتوقف من قبل، ولامبالاة الولايات المتحدة لن توقفها الآن".



إيريكا بينليش، مراسلة صحفية ـ معهد صحافة الحرب والسلم من لندن.
Frontline Updates
Support local journalists