المستشفيات بطاقاتها القصوى

في ظل دولة غنية بالموارد، تناضل المستشفيات لاستيعاب المذابح الناتجة عن الهجمات الانتحارية والسيارات المفخخة.

المستشفيات بطاقاتها القصوى

في ظل دولة غنية بالموارد، تناضل المستشفيات لاستيعاب المذابح الناتجة عن الهجمات الانتحارية والسيارات المفخخة.

.



ومن تلك الايام هو يوم 18 نيسان. فقد ادت خمسة سيارات مفخخة وهجمات انتحارية الى مقتل 191 انسان وجرح مئات اخرين. امتلأت المستشفيات بالضحايا الذين كانوا يعانون النزف الداخلي، الحروق البليغة، والعظام المكسرة.



يتذكر هادي احمد، طبيب في مستشفى الكندي في جانب الرصافة ببغداد، انه في ذلك اليوم تم جلب مايزيد عن 600 مصاب الى المستشفى.



وقال انه بسبب قلة الاسرة، فقد تم طرح المصابين في الممرات وو خارج الردهات وفي حديقة المستشفى.



وفي جميع ردهات المستشفى وجناح الطواريء، حاول الجهاز الطبي معالجة المئات من العراقيين المصابين والجرحى الذين اصيبوا في الانفجار.



مع السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية المتزامنة في بغداد، تحاول المستشفيات الحكومية التعامل مع المذبحة الناتجة عن ذلك.



هناك حوالي 14 مستشفى حكومي تنتشر عبر المدينة لكنها جميعا قديمة وتعاني من القذارة وتفتقر الى الكادر والمعدات الكافية للتعامل مع مثل تلك الاصابات التي يعاني منها ضحايا التفجير.



والكندي هي ثاني اكبر مستشفى في بغداد وتقع على الجانب الشرقي الهاديء من بغداد.



وهي تستقبل ضحايا التفجيرات الكبيرة، لان الجرحى من العراقيين وسواق التاكسي يرفضون الذهاب الى المستشفيات الاخرى الواقعة في المناطق المتوترة- مثل مستشفى مدينة الطب الكبيرة القريبة من شارع حيفا المشهور بكونه معقلا للمسلحين.



لكن المصابين بحروق بالغة ، واجساد مقطعة، واعضاء اخترقتها الشظايا والذين يجلبون الى مستشفى الكندي ، فان الاطباء هناك لايمكنهم فعل سوى القليل وذلك لنقص المعدات لاجراء عمليات معقدة.



اخبر احد الاطباء هناك معهد صحافة الحرب والسلام بشرط عدم ذكر اسمه " الكثير منهم يموت بسبب قلة الكادر ونقص التجهيزات الطبية".



قال احمد "نحن نفتقر ايضا الى اساسيات توفير الاسعافات الاولية".



غالبا ما تكون سوائل التخدير غير متوفرة- مما يعني ان المرضى يعانون من الام مبرحة دون ان يلقوا اسعافا مناسبا، في وقت نعاني فيه ايضا من شحة الادوية التي تعالج السكري و امراض الجهاز التنفسي.



وقال احمد ان المخازن مليئة بالمواد الطبية لكنهم لا يستطيعون توفير الطلبات من تلك المواد وانه لا يحصل الا على نصف ما يطلبه من تلك المواد.



واضاف انها لا تكفي لعلاج عشرة من مرضى السكر.



وسبب نقص التجهيزات هو رفض السواق الذهاب الى تلك المستودعات الواقعة في مناطق خطرة من المدينة.



وبدون تلك التجهيزات المهمة، تتحمل مستشفيات بغداد عبئا اضافيا، ويضطر الكادر الطبي لبذل اقصى ماعنده .



تلك المشاكل تؤدي الى نتائج وخيمة بالنسبة للمرضى.



اشار تقرير صدر مؤخرا عن منظمة الصحة العالمية ان عددا كبيرا من ضحايا الصراع يموتون بسبب نقص التجهيزات الطبية في المستشفيات.



وان يوما بالكاد يمر على العاصمة دون تفجيرات اخرى يعني جلب العديد من الجرحى الى الردهات الممتلئة اساسا بالمرضى. ويترك الكادر الهيكلي في اغلب المستشفيات من اجل التعامل مع تلك الطلبات التي هي في تزايد مستمر.



يتم اسعاف المرضى الذين يجلبون الى المستشفى واخراجهم الى بيوتهم لفسح المجال امام المرضى الذين يعانون من حالات خطرة. يتذكر احمد احدى تلك الحالات حين تم علاج كسر في عظم احد ضحايا التفجيرات وارسل الى بيته. و مات بعد ذلك بفترة قصيرة وذلك بسبب سرعتهم في لحم الكسر واخلاء المريض من المستشفى، فقد فشل الاطباء في ايقاف نزيفه الداخلي.



يظهر قلة الكادر بشكل واضح في الوجبات المسائية حيث لا يجازف الكثير منهم بالذهاب الى العمل. بسبب عدم توفير الامن والحماية للكادر الطبي، فان مسؤولي الصحة لا يلزمونهم بالدوام في الوجبات الليلية.



القليل من الاطباء يواظبون على الدوام في الوجبات الليلية اما بسبب التزامهم مع مرضاهم او –في بعض الحالات-لان اقارب المرضى يدفعون لهم. وغالبا ما يساعدهم طلبة كلية الطب –الذين يبقون في الدوام المسائي كجزء من تدريبهم العملي-.



هناك اكثر من 60 موظفا يوفرون الخدمات الطبية في مستشفى الكندي في النهار، ينخفض هذا العدد في الليل الى 20 موظفا.



ومما يثير الدهشة ان الاطباء يحسون انهم مهددون.



وبحسب ارقام وزارة الصحة العراقية، فقد تم قتل 200 طبيب اختصاصي منذ العام 2003. اما الاحصاءات الاخرى فتشير الى ان الرقم اعلى من ذلك بكثير.



ومع هجرة المئات الاخرى من الاطباء خوفا من الخطف والقتل، فان الرعاية الصحية في العراق في تدهور سريع.



ويمكن ملاحظة ذلك التاثير في كل مستشفيات بغداد.



حين اخذت هناء محمد،35، ربة بيت، زوجة ابنها الحامل الى مستشفى اليرموك بتاريخ 20 نيسان، كانت الحالات التي شاهدتها قد ارعبتها.



ففي ذلك اليوم كانت سيارة مفخخة قد انفجرت في الاعلام، وهي منطقة مختلطة تقع جنوب بغداد، مخلفة العشرات من القتلى والجرحى.



كان المشهد مرعبا، الدم في كل مكان، المصابون يملأون ممرات المستشفى وحدائقها، والناس تصرخ من الالم وهم بانتظار اسعافهم من قبل احد الاطباء المرهقين.



وقد لاحظت كيف ان الاطباء يخلون المرضى الى بيوتهم لاستقبال حالات جديدة ناتجة عن التفجير.



اعترف الدكتور قاسم داود، عضو لجنة الصحة والبيئة في البرلمان العراقي بنقص الكادر والتجهيزات والذي " وضعنا والمسؤولين في وزارة الصحة في موقف محرج".



يرى داود ان هنالك عاملين اساسيين لتدهور الوضع الصحي في العراق- الهجرة المستمرة للكادر الطبي وغياب الخطط الاستراتيجية الادارية الجيدة-.



وقال تحاول اللجنة الصحية في البرلمان وضع خطة لتطوير القطاع الطبي في العراق، وهناك مؤتمر طبي سيعقد في تموز.



يبدو ان هناك تصميم – اضافة الى الموارد- لتطوير الامور.



اعلن المسؤولون في الصحة ان من بين ال 2.1 مليار دولار ميزانية وزارة الصحة لهذا العام، تم تخصيص 25 مليون دولار لتطوير القطاع الطبي واصلاح واعادة تاهيل المستشفيات.



لكننا سننتظر لنرى ما اذا كانت المهارة والمقدرة موجودة لضمان ان المبالغ ستصرف بشكل نزيه وعادل.
Iraq
Frontline Updates
Support local journalists