المعركة الدستورية مقبلة

من المحتمل ان يتحول النقاش بشأن الدستور الجديد الى "أم المعارك" الحقيقية

المعركة الدستورية مقبلة

من المحتمل ان يتحول النقاش بشأن الدستور الجديد الى "أم المعارك" الحقيقية

Friday, 18 November, 2005

لقد صنعت الجمعية الوطنية هذا الأسبوع أحداثاً تاريخية لأكثر من مرة. فقد اختار الأعضاء كردياً كأول رئيس للبلاد منتحب ديمقراطياً على الاطلاق. والحدث الأول الآخر هو اختيار رئيس سابق ليكون أحد نائبين للرئيس. وباختيار رئيس للدولة، فقد اقتربت الجمعية خطوة أكثر من المرحلة المقبلة التي ستكون في كل الاحتمالات المرحلة الأصعب في تاريخ تطور البلاد السياسي ـ وهي كتابة دستور ديمقراطي دائم يحل محل قانون ادارة الدولة الانتقالي.


والرئيس الجديد، جلال الطالباني، رئيس الاتحادالوطني الكردستاني، سياسي مخضرم وقائد المقاتلين سابقاً، له من العمر (73) سنة قد حقق انجازه الكبير. ونائباه هما الرئيس المؤقت السابق غازي الياور ووزير المالية المنتهية ولايته عادل عبد المهدي.


وبشكل جماعي تحركت الرئاسة بسرعة لتعيين ابراهيم الجعفري، مرشح قائمة التحالف الوطني العراقي كرئيس للوزراء. ويحتاج الاسلامي، زعيم حزب الدعوة الى أغلبية برلمانية بسيطة لكي يحصل على المصادقة، ثم تكون لديه بعد ذلك أربعة أسابيع ليقدم أعضاء مجلس وزرائه الى الجمعية الوطنية.


وبعد تشكيل الحكومة والمصادقة عليها، يبدأ البرلمان بعد ذلك عملية كتابة الدستور. وسيجري استفتاء على مسودة الدستور في شهر آب المقبل، وبعد افتراضنا حصول الوثيقة على المصادقة الشعبية، فان الانتخابات العامة يجب ان تعقد في شهر كانون الأول.


ومن المتوقع ان تكتنف المصاعب عملية تشكيل الحكومة، نظراً لوجود خلافات قوية بين الكتل الرئيسة في الجمعية الوطنية حول كيفية تأليفها من جانب، وداخل الائتلاف العراقي الموحد، الذي يتألف من (15) حزباً، من جانب آخر.


وسيواجه الجعفري وقتاً عصيباً لتسوية المطاليب المتناقضة على مسألة توزيع المناصب الوزارية. ان الأكراد يرغبون بوجود عربي علماني قوي حتى لا يشعرون بالعزلة في مجلس وزراء ذي أغلبية شيعية وبرئاسة رئيس وزراء اسلامي ـ لاسيما وان الشيعة يصرون على الحصول اما على وزارة الدفاع، او على وزارتي النفط والداخلية.


وهذا هو السبب الذي جعل الأكراد يصرون على ضرورة اقناع أياد علاوي، رئيس الوزراء المنتهية ولايته وقائد قائمة العراقية للانضمام الى الحكومة وتسلم وزارة الداخلية او الدفاع. ان الأكراد، قد ضمنوا حالياً واحداً من ثلاثة نواب لرئيس الوزراء ووزارة الخارجية، ويريدون ستة مناصب وزارية أخرى.


وسوف يساومون بقوة من أجل ان يضمنوا ان تشمل هذه المناصب وزارة التخطيط الهامة، التي تشرف على صندوق اعادة الاعمار الدولي. وربما يريدون هذا المنصب من أجل برهم صالح، نائب رئيس الوزراء المنتهية ولايته، وهو أحد المساعدين الكبار للطالباني. ومن المرجح ان يشغل روز شاويس، نائب الرئيس السابق موقعه الحالي، وهو من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني.


وبطريقة أو أخرى، فان مجلس الوزراء سيشكل خلال الشهر المقبل. وعلى الرغم من النصاعب، فان هذه ستكون معركة صغيرة مقارنة بالمعركة الشديدة التي من المتوقع ان تنشب حول صياغة الدستور.


ستكون ثمة ساحتان رئيستان للخلاف في النقاش حول الدستور. وفي المقدمة ستبرز قضية الدولة والدين. تنص المادة (7) الفقرة (أ) ان دين الدولة الرسمي هو الاسلام ويجب ان يعد مصدراً للتشريع. وخلال النقاش الذي جرى حول الدستور المؤقت العام الماضي، كان ثمة الكثير من النقاش الساخن بشأن ما اذا كان الاسلام هو المصدر الوحيد للتشريع او أحد مصادره.


وقد تم التوصل أخيراً الى توافق، مع ان كل طرف اعتبر الصياغة لصالح الجانب الآخر. ومن المعتقد ان النقاش سيكون أكثر حدة في هذه المرة، نظراً لأن الأمر يتعلق الآن بالدستور الدائم الذي لايمكن تغييره بسهولة ـ مع إصرار العلمانيين برئاسة الأكراد على ان الدستور يجب ان لا يتناقض مع أحكام الاسلام فانه في الوقت نفسه، يجب ان لا يتناقض مع الأديان الأخرى في العراق.


وسيشير العلمانيون أيضاً الى ان الابقاء على المادة (7) على ما هي عليه يعني انها ستكون في تناقض مع لائحة الحقوق المدرجة في المواد (10-23) من قانون ادراة الدولة الانتقالي.


وتنص المادة (12) على سبيل المثال ان لجميع العراقيين حقوقاً متساوية أمام القانون، بغض النظر عن الجنس والطائفة والرأي والمعتقد والجنسية والدين والأصل.


وستكون قضية الفدرالية مصدراً آخر للصراع في صياغة الدستور ـ وهذا رغم حقيقة ان جميع الأطراف تقبل بالنظام الاتحادي.


وتقول المادة (4) من قانون ادارة الدولة الانتقالي ان نظام الحكومة في العراق يجب ان يكون جمهورياً، اتحادياً ديمقراطياً وتعددياً، مع اشتراك الصلاحيات بين الحكومات الاتحادية والاقليمية، والمحافظات والبلديات والادارات المحلية ـ بالاستناد الى الوقائع الجغرافية والتاريخية.


مع ذلك، لا يشك أحد انه سيكون هماك خلافات جدية بين الأكراد والشيعة والعرب السنة عندما يصل الأمر لتعريف وتحديد ماهية الفدرالية.


سيصر الأكراد على مفهومهم الخاص بهم عن الفدرالية في كردستان التي تقوم على المبدأ العرقي- الجغرافي، الذي يجب ان يشمل كركوك. وبذلك سيواجهون معارضة قوية من العرب الذين يفضلون نظاماً فيدرالياً يستند على الادارات الاقليمية غير العرقية.


انها مسألة بضعة أسابيع قبل المرحلة المقبلة الأكثر أهمية في المعركة من أجل عراق جديد. ان كتابة الدستور يمكن ان تنتهي الى ان تكون فعلاً "ام المعارك" الحقيقية.


*كامران القرداغي ـ مستشار التحرير لمشروع معهد صحافة الحرب والسلام في العراق.


Frontline Updates
Support local journalists