المنظمات غير الحكومية تواجه أزمة نقدية

النقص في التجربة والدعم المالي الشحيح قد أثرا على منظمات المجتمع المدني الفتية في العراق

المنظمات غير الحكومية تواجه أزمة نقدية

النقص في التجربة والدعم المالي الشحيح قد أثرا على منظمات المجتمع المدني الفتية في العراق

Friday, 18 November, 2005

تدعي الكثير من المنظمات غير الحكومية العراقية انها قد تضطر في القريب العاجل الى وقف عملها بسبب سلسلة من المصاعب المالية.


ان المخاوف من أزمة مالية وشيكة تتنامى بعد فشل محاولات عديدة لتنسيق الدفع بين الدول المانحة ومنظمات المجتمع المدني في بغداد والسليمانية او عمان.


ويعتقد المحللون ان المشاكل حصلت بسبب التنظيم السيء داخل المنظمات غير الحكومية نفسها والتي شكلت حديثاً، والتلكؤات بين المانحين الدوليين.


وكانت سميرة المالكي التي تدير جمعية خيرية للعوائل المتعففة في حي العامل في بغداد، قد حولت نصف منزلها الى مركز للتدريب على الحاسوب والخياطة وتصفيف الشعر، إلا انها تذكر انها مضطرة الى انهاء البرنامج ما لم تضمن تمويلاً أكثر. وأخبرت مندوب معهد صحافة الحرب والسلام قائلة "اننا في وضع مأساوي، واذا لم نحصل على بعض الدعم قريباً من الدول المانحة او من الحكومة فاننا سنكون مضطرين الى ايقاف أنشطتنا جميعها."


وليست هذه هي المشكلة الأولى التي تواجهها منظمات المجتمع المدني التي ظهرت للمرة الأولى في العراق بعد نهاية الحرب في نيسان/ 2003.


وكان رد فعل المجتمع العراقي في البداية مشوباً بالشكوك، لأن المنظمات غير الحكومية كانت غير نعروفة بشكل كامل في البلاد، وان العديد منها قد احتلت بنايات كان النظام السابق يستخدمها.


كما ان اللوحات التي كنبت عليها بخط اليد عناوين مثل "ساعدوا الأطفال" و"جماعة دعم السجناء" و"جماعة وعي النساء" وعلقت على دوائر بعثية سابقاً، لم تفعل الكثير لطمأنة نفوس الناس. وجراء ذلك، فقد اضطرت الكثير من المجموعات الى الكفاح لتجد الدعم المالي.


وقد اتخذت السلطات اجراءات لتنظيم عمل المنظمات التي كانت معظمها خاصة منذ مرحلة مبكرة.


وقبل نقل السلطة من سلطة التحالف المؤقتة الى المجلس الوطني العراقي المؤقت، فان مهمة التنسيق مع المنظمات غير الحكومية كانت قد انيطت "بمركز الرعاية الانسانية"


وفي ظل المركز المذكور،فان لجنة من العراقيين قد حددت المنظمات التي اعتقدت انها شرعية ونظمت لها دورات عملية عن كيفية التعامل مع الدول المانحة وكيفية صياغة المشاريع المقترحة. وبعد نقل السلطة في حزيران/ 2004، تحولت هذه المسؤولية الى وزارة التخطيط.


ومن أجل ان تتأهل المنظمات، فقد كان عليها ان توقع تعهداً خطياً ينص على انها غير سياسية وغير دينية ومسؤولة من الناحية المالية، وتعمل من أجل مجتمع ديمقراطي.


ثم قامت الحكومة المؤقتة بتعيين الدكتور مامو عثمان وزير الدولة لشؤون المجتمع المدني كمسؤول عن هذه العملية.


وأوضح الكتور مامو قائلاً "لقد دهشت للعدد الكبير من المنظمات الموجودة عندما تسلمت مسؤوليتي. كانت هناك أكثر من ألف منظمة."


وقال "وقد بدا لي ان من الممكن لأي شخص كان مثل توم او ديك او هاري ان يتقدم ويحصل على اجازة للبدء بما يسمى "جمعية خيرية". واذا ما أخذنا القضايا الموجودة في العراق، فان من الضروري مراقبة هذه النشاطات عن كثب."


وكان موقف الدكتور الحاد لاجبار المنظمات على اعادة التسجيل واثبات صدقيتها ومؤهلاتها، قد اعتبر خطوة غير ودية.


وكان الدكتور هادي بكر، الأمين العام لاحدى منظمات البيئة الطوعية، أحد الكثيرين الذين عبروا عن الخيبة من موقف الوزير الجديد. وادعى قائلاً "بدلاً من اللقاء مع المنظمات غير الحكومية والمساعدة على دعمها وتأمين استقلاليتها، وجدنا ان (عثمان) يتهمنا ويهدد بحل المنظمات."


ويوافق علي المياحي، مدير منظمة "اخوان الصفا" الانسانية على ان تصور الوزارة لم يكن مساعداً، لكنه يعترف ان هناك عناصر مارقة تحاول ان تستغل قرص التمويل المتاحة لمنظمات المجتمع المدني. وزعم قائلاً "لقد قامت بعض الأحزاب السياسية بتشكيل ما يسمى بالمنظمات غير الحكومية، ولكن بدلاً من استخدام التمويل الذي حصلوا عليه لدفع الرواتب وايجار البناية، فقد استخدموه لشراء الأصوات."


وبالنسبة للدكتور انعام الواسطي, رئيس رابطة السلام والتسامح، فان هذا يعد سوء استخدام كامل لوضع المجتمع المدني. وقال "ان نوع منظماتنا من المفترض ان يكون مسؤولاً عن محاسبة السلطات، ولكن، حتى الآن، فان هذه (الثقة) قد أسيء استخدامها من قبل هذه المنظمات نفسها."


ولكن غياب الادارة الحكومية المتشددة والقلق الأمني العميق، بالاقتران مع النقص في تمويل الدول المانحة، قد دفع عدداً من منظمات المجتمع المدني لقبول التمويل من جهات ذات أهداف سياسية ودينية ـ مع التقييدات العملية التي غالباً ما يفرضها مثل هذا الوضع.


ان فكرة الأموال "المجانية" المفترضة قد جذبت أيضاً عدداً من المحتالين والمخادعين للبدء في عمل المنظمات غير الحكومية. وقال رعد لفتة الخفاجي من جمعية المودة "ان الجمعيات المزيفة قد جلبت سمعة سيئة على الميدان كله, وجعلت من الصعوبة بمكان على المنظمات مثل منظمتنا ان تقوم بعملها او تجذب التمويل."


ويعتقد عدنان عبد العزيز شهاب, رئيس جمعية العراق غير الحكومية المشكلة حديثاً، ان الافتقار الى اطارعمل منظم لمنظمات المجتمع المدني قد أدى الى انتشار كل من المجموعات المزيفة والهبوط في التبرعات المالية "انه وضع خاسر للجميع في الوقت الحاضر."


لكن ثمة قلقاً ضعيفاً بين المواطنين العراقيين لاحتمال ان تكون المنظمات غير الحكومية تعاني من مشكلة. حيث يرى الكثير من الناس انها مثل جمعية عراقية مرفهة لا تستطيع ان تقوم بعملها.


وقد هز سائق سيارة الأجرة مؤيد عيسى كتفيه بلا مبالاة وهو يعبر عن الرأي العام قائلاً "اذا كانت هذه المنظمات غير الحكومية قادرة على توفير الأمن لنا، والكهرباء والماء، فاننا عندئذ سننتمي اليها جميعاً."


*حامد الحمراني ـ صحفي في معهد صحافة الحرب والسلام ـ السليمانية


Frontline Updates
Support local journalists