الحرب الاعلامية الكردية
تصاعدٌ حاد للاحتقان السياسي في وقت يحقق البرلمان و الشرطة في سلسلة هجمات على رموز من حركة التغيير المعارضة.
الحرب الاعلامية الكردية
تصاعدٌ حاد للاحتقان السياسي في وقت يحقق البرلمان و الشرطة في سلسلة هجمات على رموز من حركة التغيير المعارضة.
وتزعم حركة التغيير في بيان أصدرته بان الاعتداءات التي حدثت الشهر الماضي على أعضائها،على الأقل سبعة هجمات ومن ضمنها عملية قتل واحراق مكتب محاماة، "كانت جرائم سياسية منظمة."
و أوضح البيان " ان الأحداث التي جرت ضد أعضاء حركتنا قد تم تخطيطها وتنفيذها في المناطق التي حصلت قائمة التغيير فيها على أغلبية الأصوات في إنتخابات 25 من تموز 2009."
و قد نفى منافسها الرئيسي الاتحاد الوطني الكردستاني، الاوك، اي تورط له في الاعتداءات، قائلاً بان حركة التغيير تُضخم أمر الهجمات للدعاية السياسية قبل الانتخابات.
وقال عارف رشيد عضو اللجنة القيادية في الاوك " أرادت حركة التغيير إظهار الحوادث وكانها نتيجة لصراعات سياسية. وهي تريد تضخيم الموضوع لكي تُظهر السليمانية وكانها مدينة غير مستقرة."
" في الواقع لم تكن الحوادث ذات طابع سياسي، بل كانت كلها شخصية."
وبحسب بيان التغيير فقد حصلت الحادثة الاولى لاطلاق النار في الرابع من كانون الأول، حين أصيب أحد ناشطي الحركة سردار قادر بجروح نتيجة اطلاق النار عليه في غرفة الاستقبال في بيت أخت زوجته في وسط السليمانية.
وفي الثاني عشر من كانون الأول قُتل عضو الحركة رؤوف زراياني من قبل مسلحين أمام بيته في مدينة حلبجة الجديدة.
وفي اليوم نفسه تم اطلاق النار على بيت عضو آخر للحركة، بختيار شيخ محمد والذي يعيش خلف مركز الشرطة الرئيسي في السليمانية.
وبعد أسبوع اُطلق النار على ياسين عبدالله و برهان حمه رمضان وهما من أعضاء الحركة في قرية شاندر خارج السليمانية.
وفي الثلاثين من كانون الأول أُحرق مكتب المحاماة التابع لعضو الحركة سيويل عثمان أحمد في مدينة كويى.
" أريد أن اعرف لماذا تم تهديد واطلاق النار على أعضاء حركتنا فقط؟" قال سفين ملا قره وهو أحد المسؤولين الكبار في حركة التغيير. " ان أغلبية الناس في السليمانية خائفة وحذرة من الاخلال بالوضع في المدينة. لقد وضعت هذه الحوادث المدينة على حافة حرب أهلية."
وأبلغ صلاح الدين بابكر المتحدث باسم الاتحاد الاسلامي الكردستاني المعارض IWPR بانه تم تهديد بعض أعضاء حزبه أيضاً في الماضي " منذ تصاعد الاحتقان السياسي بين الاوك وحركة التغيير، خفت التهديدات الموجهة ضدنا بشكل ملموس."
وقال بابكر بان الناس قلقة من تنامي العدائية بين التغيير والاوك.
و أوضح "الوضع بين التغيير والاوك يزعج الناس. واذا استمر الوضع على ماعليه فانه من المحتمل ان تحدث حرب أهلية في المدينة."
وأفاد جلال كريم نائب وزير الداخلية بان على الناس ألا تفترض ان التوجه نحو العنف سيستمر الى فترة الانتخابات، فحكومة أقليم كردستان أطلقت خطة لضمان الأمن أثناء الانتخابات.
لكن حذر آخرون من ان فترة الهدؤ التي أعقبت دعوة رئيس أقليم كردستان مسعود البارزاني في العاشر من كانون الثاني لإنهاء الاحتقان السياسي قد لا تدوم طويلاً.
" الوضع السياسي في السليمانية على شفا الانفجار. والجانبان (التغيير والأوك) في صراع عميق حول الهجمات. ولا أعتقد بان هذا الهدؤ سيستمر." قال يوسف محمد محاضر العلوم السياسية في جامعة السليمانية.
" يزداد الاحتقان مع اقتراب موعد الانتخابات. ولا احد من الجانبين او حكومة أقليم يستطيع ان يضمن عدم حدوث أعمال عنف" أضاف محمد.
و أفاد نجم الدين قادر مسؤول مديرية شرطة السليمانية بان التحقيقات في الحوادث لم تنتج عن أي اعتقال او التعرف على أي مشبوه.
وقدمت لجنة برلمانية خاصة من أقليم كردستان تم تشكيلها للتحقيق في موضوع الهجمات تقريراً أولياً يفيد بان القوات الأمنية كانت غير جدية في التحقيق حول الهجمات. وذلك بحسب قول سمير سليم عضو البرلمان عن الاتحاد الاسلامي الكردستاني و عضو لجنة التحقيق.
و أفاد سليم بان القوات الأمنية قالت لأعضاء اللجنة بان الهجمات كانت شخصية، وذلك بدون تقديم أية أدلة.
وقال بان أعضاء اللجنة الخمسة، أثنان من الاوك واثنان من حركة التغيير، أنفسهم يحاولون أن يحددوا ما اذا كانت الهجمات سياسية أو شخصية.
لكنه قال انه يشعر بانه لن تُتخذ اية اجراءات قبل الانتخابات. " اذا ما ظهر ان هناك حزب سياسي يقف وراء هذه الهجمات فالناس سوف لن تصوت لهذا الحزب." أضاف سليم.
" لم تنتهي التحقيقات بعد. ولم يتضح بعد ما اذا كانت الهجمات شخصية أو سياسية،" قال نجم الدين قادر مسؤول مديرية شرطة السليمانية "نحن بانتظار نتائج التحقيقات."
لكن قادر حمه جان المدير العام لأمن السليمانية ومسؤول نجم الدين قادر أبلغ IWPR بان تحقيقات الشرطة الأولية تفيد بان الجرائم كانت هجمات شخصية.
" ليست الحوادث هي كما تراها في الاعلام. كانت الهجمات في السليمانية عبارة عن مشاكل شخصية. وقد ضخمت حركة التغيير القضية لصالح أغراضها السياسية." قال حمه جان الذي هو أيضاً مسؤول في الاوك. "لم نعتقل أي شخص، ولكننا لسنا غير مهتمين بأمن مواطنينا."
وقد تأسست حركة التغيير على يد نوشيروان مصطفى العام الماضي، وهو أحد المؤسسين للاتحاد الوطني الكردستاني. وقد أستقال مصطفى من الحزب بعد صراع على السلطة مع الامين العام للاوك ورئيس العراق جلال طالباني. ويدعي مصطفى بان الفساد يطغي على الاوك الذي لا يبدي أستعداداً لاجراء اصلاحات.
وقد زادت حدة المنافسة بين التغيير والاوك بعد فوز الحركة الجديدة بخمسة وعشرين مقعداً من بين 111 مقعدا في برلمان كردستان واكتساحه لمحافظة السليمانية في انتخابات برلمان اقليم كردستان في 25 تموز 2009. وبالرغم من ان الاجواء بين الجانبين كانت محتقنة إلا ان الإنتخابات كانت هادئة بشكل عام.
ويملك مصطفى (ووشه) وهي شركة اعلامية قوية وذات نفوذ واسع، والتي تتضمن قناة تلفزيونية محلية واخرى فضائية وجريدة يومية وموقع إلكتروني واذاعة ، وتتمتع هذه الوسائل الاعلامية بشعبية واسعة بين الأكراد وخصوصاً في محافظة السليمانية.
وكانت الهجمات الأخيرة على أعضاء حركة التغيير قد تمت تغطيتها بشكل واسع في هذه الوسائل الاعلامية وأشعلت حملات اعلامية ضروس بين التغيير والاوك، حيث نُبش فيها تاريخ الاوك.
وأتهم طالباني نائبه السابق نوشيرون مصطفى بخيانة الأكراد وذلك باهمال تهديدات البعثيين باستخدام الأسلحة الكيمياوية في مدينة حلبجة في 1988. واعتبره أيضاً مسؤولا عن الحرب الدموية التي جرت في التسعينيات بين الاوك والحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني.
وقد نفى مصطفى الاتهامات وشن هجوماً على طالباني متهماً اياه بانه لا يدافع عن المصالح الكردية.
وعلى الموقع الاكتروني لحركة التغيير، قال مصطفى بان اتهام طالباني له بانه (ضد الاكراد) في اجتماع حزبي عام لقيادات الاوك في تشرين الأول كان بمثابة "الضوء الأخضر لشن هجوم."
وفي وقت تتجه فيه المعارك الاعلامية بشكل متزايد الى التعرض الشخصي، تدخل البارزاني وقيادات اخرى للتوسط بين الجانبين.
وقد اتفق الحزبان على وقف حملاتهم، ولكن يخشى البعض من ان الهدنة المحتقنة لن تستمر و موسم الانتخابات يقترب.
" انني أخشى من إراقة الدماء بين التغيير والاوك،" قال هوشيار كريم أحمد، صاحب أحد المحلات والبالغ من العمر 70 سنة " أتمنى ان تحل الخلافات كلها."
ويشعر مسؤولون كبار في حركة التغيير بانه يتم التعامل مع حركتهم في السليمانية بشكل غير عادل من قبل مسؤولي الاوك. على سبيل المثال ان الكثير من أعضاء القوات الأمنية في السليمانية مخلصين للاوك.
و أبلغ مام روستم وهو قائد بيشمركه سابق ومسؤول قيادي في حركة التغيير IWPR هذا الأسبوع "لا نشعر بأمان لان الأحزاب السياسية تهيمن على الشرطة والقوات الأمنية. أما نحن فلا نملك قوة عسكرية أو قوات أمنية. نحن حركة مدنية، نريد من الحكومة ان تحمي كل الاحزاب السياسية دون استثناء."
"لم نبالغ من أمر الهجمات... قُتل أعضاء من حركتنا. تم اختطافهم وضربهم وطردهم من وظائفهم. ويريدون منا ان نكون ساكتين عن كل هذا؟ قُتل أحد أعضاء، هل انه مبالغة ان نقول انه قُتل؟"
ويتسائل البعض كسردار قادر مثلاً، الذي أُصيب بطلقتين في ساقيه حين كان يتناول الشاي مع عائلته في شارع الاسكان في السليمانية، حول لماذا يتم أستهدافهم ومن الذي يقف خلف هذه الأعمال.
وقال قادر " ليست لي أية مشاكل مع الشرطة، ولكنني أخشى انهم سيقولون ان الهجوم كان اعتداءاً شخصياً. لا أعتقد ذلك،" و أضاف موضحاً " أنني أعرف نفسي أفضل من الآخرين وليست لي أية مشكلة مع أي شخص."
شورش خالد صحفي مدرب في IWPR في السليمانية. كما وساهم كل من هيمن لهوني محرر محلي في IWPR في السليمانية و محرر IWPR في العراق مريوان حمه سعيد في كتابة هذا التقرير.