الحملات الإنتخابية المعادية للبعث تغطي على القضايا الأخرى.

تراجع ملفات الخدمات، الأمن، والفساد في مقابل زيادة التركيز على البعث.

الحملات الإنتخابية المعادية للبعث تغطي على القضايا الأخرى.

تراجع ملفات الخدمات، الأمن، والفساد في مقابل زيادة التركيز على البعث.

.



و في أحد أحياء المدينة، عُلقت يافطات دعائية كتبت عليها شعارات من قبيل "لا مكان للبعثيين،" و " انتقموا من البعثيين الذين أساؤوا إليكم" و " لا عودة للبعثيين المجرمين".



و هناك يافطات أخرى تردد نفس الشعارات.



لكن هناك ملصق واحد فقط على طول الشارع يقدم وعدا انتخابياً مختلفاً. " سنعمل على حل مشكلة البطالة" هذا ما يعبر عنه الملصق الوحيد الذي يبدو ضائعاً على جدار مليء بشعارات حادة.



هذا ولا تقتصر الشعارات المعادية للبعثيين على الشوارع فقط. فالتلفزيون والردايو والصحافة تذيع تغطية يومية لحملات دعائية ضد حزب النظام السابق، بالاضافة دخول سياسيين بارزين في الجدال حول من يملك الخطاب الأكثر تشدداً ضد حزب البعث الذي حكم العراق بقبضة من الحديد قرابة ثلاثة عقود وهو محظور الآن.



ومن جهتهم يستخدم المسؤولون المتهمون بإرتباطاتهم بحزب البعث نفس النبرة الخطابية الحادة في دفاعاتهم.



وفي خضم كل هذا، يتسائل أهالي بغداد فيما إذا كان الاستغراق في طرح الشعارات المعادية للبعث قد غطى على النقاشات السياسية الموضوعية، أو انه ببساطة يتم تجاهل القضايا الأكثر أهمية كالأمن والفساد و نقص الخدمات.



وتقول انوار فاضل كريم البالغة من العمر 35 عاماً و أم لطفلين، والتي تعمل كمستخدمة في محافظة بغداد " ماذا عن ملايين الناس العاطلين عن العمل؟ العراقييون بحاجة الى الأمن والكهرباء وفرص العمل. كنا سعداء بعد سقوط نظام البعث في 2003 لاننا اعتقدنا بان الوضع سيتغير".



" لقد فقدنا هذا الأمل بعد مرور سبع سنوات. يقتضي المنطق والحكمة ان يقوم المسؤولون بواجباتهم تجاه الناس ، لكنهم حتى لا يتكلمون عنا". قالت كريم.



وينتظر الآخرون خطط ووعود المرشحين لمستقبل العراق، لكنهم يقولون ان قلة من المرشحين يتحدثون حول هذه القضايا.



ويقول الطالب في جامعة بغداد مقداد جاسم البالغ من العمر 22 عاماً " لم أقرر بعد من سانتخب. أريد الادلاء بصوتي. أريد ان اعبر عن كلمتي، غير اني لا أعرف من أختار. يتكلم الجميع عن حزب البعث وإجتثاث البعث وهذه القضايا لا تهمني البتة".



"في الحقيقة أنا أبحث عن مرشح يستطيع ان يعدنا بحلول للمشاكل التي يعاني منها الشباب العراقي كالبطالة وتأمين الوظائف الجيدة والتعليم". أضاف جاسم.



وقد أثار قرار الهيئة الحكومية منع 145 مرشحاً من خوض الانتخابات بدعوى إرتباطاتهم بحزب البعث المحظور المشاعر المعادية للبعث وأجج الأحزاب الشيعية العراقية الحاكمة.



ويقوم كل من تحالف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي ومنافسه الرئيسي الائتلاف الوطني العراقي، احدى الكتل القوية التي تضم مجموعة من الأحزاب الشيعية، بشن حملات دعائية قوية لإنهاء التأثير البعثي، وخصوصاً في المناطق ذات الأغلبية الشيعية التي عانت كثيرا في ظل النظام السابق.



ويبدو ان الذكريات المؤلمة للمعاملة الوحشية من قبل النظام السابق قد حركت مخاوف مناهضة للبعث وسط بعض الناخبين. إلا ان الآخرين يشكون بإحتمال عودة البعث.



ويقول علي محمد وهو وزير الدولة من الاتحاد الاسلامي الكردستاني" الكلام عن عودة البعث لا معنى له. لن يرى العراق نظام البعث مجدداً، ربما اخترق عدد من العناصر البعثية السابقة بعض الأحزاب السياسية ، لكنهم لا يستطيعوا السيطرة على العراق الى الأبد".



ويضيف محمد " أعتقد بان هناك بعض الأشخاص يلعبون على ورقة البعث قبل الانتخابات لكسب المزيد من الأصوات".



ويخشى سياسيون آخرون من ان توقيت و اختيار هذا الخطاب السياسي المناهض للبعث ما هو إلا حيلة لإبعاد الناخبين عن طرح أسئلة جريئة حول انجازات الحكومة الحالية.



و أبلغ زعيم حزب الأمة العراقية مثال الآلوسي معهد صحافة الحرب والسلم بان الحديث عن مناهضة البعث هو دعايات حزبية تنشرها أحزاب اسلامية تخشى من منافسة العلمانيين لها.



و أوضح الآلوسي " لايستطيعون الحديث عن توفير الامن او مستوى جيد من المعيشة لانهم قد وعدوا الشعب بهذه الامور من قبل وخذولهم. ان قضية البعث هي الخيار الوحيد المتبقي لديهم لحشد الدعم".



ويعتقد فاضل العامري استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، بان الأحزاب السياسية تختبئ وراء الخطاب المناهض للبعث لتجنب الخوض في مطالب الناس وقضاياهم".



" تدعي هذه الأحزاب بان البعثيين سيعودون لأن شريحة كبيرة من المجتمع العراقي عانت من حزب البعث. و على العموم فان هذه الأحزاب تدرك تماماً بانه ليس من صالحها ان تعد مرة اخرى بتحسين الأمن والخمات العامة والاقتصاد". كما وأضاف العامري " لذلك يقللون من التركيز على هذه القضايا في حملاتهم الإنتخابية".



إلا ان هؤلاء الذين يدعون بان حزب البعث لايزال يشكل تهديدا للعراق يجادلون بان موقفهم هذا غير سياسي.



ويقول أركان رشيد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء نوري المالكي " أعترف بان التهديد الذي يشكله البعثيون ليس بالحجم الكبير الذي يدعيه الآخرون ، إلا انه لا يزال يشكل قضية هامة وخطيرة". و أضاف رشيد " لقد تم حظر حزب البعث دستورياً لكن لا أحد يستطيع إنكار وجوده. يعقدون إجتماعات ويحاولون إعادة تنظيم أنفسهم. ويستطيعون إختراق الجماعات السنية العلمانية . انهم خطرون ولا يمكن السماح لهم بالعودة".



ويعتبر الخطاب المعادي للبعث إنحرافاً حاداً عن إسترتيجية تحالف "دولة القانون" الذي نظم حملة دعائية ناجحة ركزت على الخدمات والأمن في ‘نتخابات مجالس المحافظات في 2009. و أشار الائتلاف الوطني العراق بانه سيحاكي هذه الأجندة الشعبية الخالية من الطائفية. " راجع مقال: العراق يتطلع الى سياسة ما بعد الطائفية."



وقالت حمدية الحسيني المسؤولة في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات " تعقدت الأشياء أكثر فأكثر بعد الحظر، وخاصة ان السياسيين في العراق لا يزالو يفتقرون الى ثقافة التنافس الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة".



وأوضحت الحسيني " لقد أثر تبادل الاتهامات النارية سلبياً على العملية الديمقراطية والمواطنين العراقيين الذي يعانون كثيراً من هذه الخلافات السياسية".



علي كريم صحفي متدرب في IWPR من بغداد. وساهم كل من عبير محمد وجارلس مكديرمد من كادر التحرير في IWPR في كتابة هذا التقرير من بغداد والسليمانية.
Iraq
Frontline Updates
Support local journalists