الفلوجة تضع ثقتها في رئيس الوزراء الاسبق الذي أمر بحصارها يوماً

وصموا علاوي بالخائن والكافر بسبب ضربه طوقا حول المدينة، لكنهم الآن ينظرون اليه كأفضل رهان لديهم.

الفلوجة تضع ثقتها في رئيس الوزراء الاسبق الذي أمر بحصارها يوماً

وصموا علاوي بالخائن والكافر بسبب ضربه طوقا حول المدينة، لكنهم الآن ينظرون اليه كأفضل رهان لديهم.

عثمان المختار وفاضل البدراني من الفلوجة (تقرير الازمة العراقية رقم. 330، 31 آذار/مارس 2010)

يتذكر عبدالله مسير، عندما كان عضوا في الجماعات المسلحة المتمردة، كيف كان رجال الدين يشجبون رئيس الوزراء العراقي الاسبق أياد علاوي واصفين اياه بالكافر والخائن.

ولكن مسير وآلاف آخرين من سكان مدينة الفلوجة احتفوا بعلاوي خلال الانتخابات النيابية الاخيرة كزعيم لهم وصوتوا لصالحه، مساهمين بذلك في نجاحه الانتخابي، وذلك بالرغم من قيادته هجوما شرساً على مدينتهم التي كانت معقلا للمتمردين العرب السنة في السابق.

وقال سكان المدينة الذين التقى بهم مراسلوا معهد صحافة الحرب والسلم، بانهم صوتوا لصالحه خوفا من هيمنة الاحزاب الشيعية المدعومة من ايران، بالاضافة الى شعورهم بالاحباط من الوتيرة البطيئة لاعادة الاعمار في المدينة.

وقالوا ان الرجل الذي اعتبرته المدينة مسؤولا عن دمارها قبل ست سنوات، هو المرشح الاقدر على اعادة اعمارها اليوم.

وقال مسير الذي يعمل كحداد بعد تركه السلاح " مشاكلنا الكبرى تكمن في البطالة والتاخير في دفع التعويضات للممتلكات التي دمرت اثناء معارك 2004".

" ان الناس يريدون رئيس وزراء قوي يستطيع أخذ التعويضات من الميزانية المركزية،"  مضيفا ان علاوي يستطيع ان يحقق هذا الانجاز.

وبالرغم من ان علاوي ينتمي الى خلفية شيعية، إلا ان كتلته العراقية تضمنت الكثير من القادة الذين يحظون بالشعبية بين الاقلية السنية، وقادت حملاتها الانتخابية على اساس برنامج علماني.

" شيعي علماني أفضل من اسلامي سني او شيخ عشيرة" قال مسير، مردداًبذلك رأي أغلبية سكان مدينة الفلوجة.  مضيفا بان "زعماء السنة أضعف من ان يتنافسوا مع الشيعة والاكراد".

وأظهرت النتائج الاخيرة لانتخابات السابع من آذار/مارس والتي اعلنت الاسبوع الفائت، فوز العراقية باكثر مقاعد المجلس النيابي على مستوى البلاد، متقدمة بفارق ضئيل على منافستها كتلة دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي.

وكان المالكي قد شكك وبشدة في نتائج الانتخابات. ويتوقع ان تستغرق المناقشات حول النتيجة، والمحادثات حول تشكيل ائتلاف حكومي اشهرا عدة.

وبغض النظر عمن سيشكل الحكومة القادمة، فان العراقية طرحت نفسها كأقوى ممثل للسنة العرب، مجتاحة المحافظات التي تقع شمال وغرب بغداد.

ففي محافظة الانبار التي تقع الفلوجة ضمن حدودها الادارية ، حصلت العراقية على 11 مقعدا من مجموع 14 مقعد. كما وفازت باربعة مقاعد من أصل ستة مقاعد مخصصة لمدينة الفلوجة.

وكانت الحملة العسكرية الامريكية على مدينة الفلوجة عام 2004 قد تسببت في مقتل المئات وتشريد الآلاف من أهالي المدينة. واستهدفت العملية التي دعمها علاوي الذي كان رئيسا للوزراء حينها، استعادة المدينة من سيطرة المسلحين المتحالفين مع تنظيم القاعدة.

وصوتت اكثرية أهالي محافظة الانبار في انتخابات 2005 لصالح الزعماء الدينيين السنة الذين غالبا ما كانوا يتنقلون بين تحالفات بغداد السياسية التي هيمنت عليها باستمرار الاحزاب الشيعية المرتبطة بطهران.

وحين وصل الصراع الطائفي الى ذروته في منتصف العقد الاخير، حلت طهران محل الولايات المتحدة في تمثيلها التهديد الأكبر للعرب السنة العراقيين.  

وقد اخمد التمرد في الانبار اخيرا من قبل الجماعات العشائرية المسلحة المدعومة  من قبل الجيش الامريكي، والمعروفة بمجالس الصحوة. وحظي زعماء الصحوة بتأييد الناخبين في الانبار في الانتخابات المحلية التي جرت العام الماضي.

لكن السكان المحليون قالوا بانهم أدلوا باصواتهم للعراقية في الانتخابات الأخيرة، وذلك لان الزعماء السابقين فشلوا في معالجة المشاكل التي خلفتها الصراعات.

كما اعربوا عن رغبتهم في قادة يستطيعون الوقوف بوجه النفوذ الشيعي ومكافحة الفساد، الشيء الذي يعكس تحولا في أولويات العرب السنة منذ فرض الولايات المتحدة الحصار على الفلوجة في تشرين الأول/نوفمبر من عام 2004.

يقول كريم الدليمي الذي قضى سنتين في السجن لانخراطه في الجماعات المسلحة المتمردة، ان الكهرباء ونظام المجاري في المدينة بحاجة ماسة للصيانة. كما عبر عن شكواه من عدم تحقيق اي شيء بخصوص المطالب الشعبية لانشاء مستشفى لمعالجة الاطفال الذين يعانون من مشاكل صحية منذ الهجوم العسكري.  

"لدينا مشاكل كبيرة مع الفساد" قال الدليمي. "يسيطر شيوخ العشائر على المدينة بحجة فرض النظام معتبرين انفسهم فوق القانون. وقد صوتنا للعراقية لانها وعدتنا بطرد الموظفين الفاسدين وانهاء معاناتنا".

ويتفق مسير والدليمي على ان التصويت لعلاوي كان يعتبر ضربا من الخيال في السابق.

" في الماضي لم يكن علاوي ليستطيع ان يفوز بنصف الاصوات التي حصل عليها الآن، لان الجميع اعتبره مسؤولا عن الأزمة الانسانية التي اجتاحت مدينتنا". قال الدليمي.

ويخشى العرب السنة من تعاظم قوة السياسيين المدعومين من طهران في العاصمة بغداد بعد عزم الولايات المتحدة سحب معظم قواتها هذا العام.

وقد انتقد علاوي صراحة ما وصفه بالتدخل الايراني. وكان قد اتهم طهران خلال حملته الانتخابية بانها العقل المدبر وراء تطهير قائمته من عدد من المرشحين بدعوى علاقتهم بحزب البعث المحظور.

ومدح ناخبون في الفلوجة علاوي واصفين اياه بالزعيم الذي يستطيع مواجهة ايران ومعربين عن تاييدهم له  في رفضه الطائفية.

وتوقع نايف جبر، وهو مدرس، ان يقضي علاوي على الظلم والطائفية والفقر قائلا " حينما صوت سكان الانبار لعلاوي فانهم قالوا (لا) للطائفية على العكس من الشيعة الذين اختاروا زعمائهم على اساس مذهبي".

وقال سائق سيارة الاجرة محمود كريم، بان كل ممتلكات بيته قد احترقت في معارك عام 2004، لكنه مع ذلك صوت لصالح علاوي.

وأضاف كريم موضحاً " ليس لعلاوي طائفة معينه بل ان طائفته هي العراق".

وعبرت ميعاد سالم عن خشيتها من تبعية الاحزاب الشيعية لايران، ورحبت بمواجهة علاوي ضد الطائفية. وقالت بان علاوي "زعيم علماني".

وكبرهان على حيادية علاوي في تعامله مع الشيعة والسنة، فقد ساق مسير مثال هجوم رئيس الوزراء الاسبق، اياد علاوي، على رجال الميليشيا الشيعية في مدينة النجف الاشرف قبل اشهر من اصداره الاوامر بالهجوم على المقاتلين المسلحين في مدينة الفلوجة عام 2004.

ويرى السجين السابق كريم الدليمي، بان علاوي كان يعتبر في السابق دمية بيد الامريكان، لكن الناس الآن ينظرون اليه كأفضل معارض لتنامي النفوذ الايراني في البلاد. وقال " نحبذ دمية واشنطن على دمية طهران".

لكن ليس كل اهالي الفلوجة على استعداد لمسامحة علاوي لدوره في شن الهجوم على المدينة. فيقول جاسم الجميلي الذي فقد ابنه ومنزله في معارك الفلوجة " الناس هنا أغبياء، لقد نسوا بسرعة ما فعله علاوي بهم. لقد أعطى الضوء الاخضر للامريكيين لقتل ابنائنا بذريعة محاربة الارهاب".

واضاف الجميلي بانه يعتقد بان رئيس الوزراء الاسبق سيخون مؤيديه حال تسلمه السلطة. "سيدرك السنة حجم خطأهم عندما يتحالف علاوي مع الزعماء الشيعة للوصول الى سدة الحكم".

وقال خالد اسود، وهو محلل سياسي من مدينة الفلوجة، بان كتلة علاوي تجاوزت منافسيها في كسب تأييد شخصيات تحظى بشعبية واسعة بالرغم من انها تعتبر جديدة نسبياً على المسرح السياسي العراقي.

"كانت استراتيجية علاوي مرسومة حتى قبل اشهر من بدء الحملة الانتخابية رسميا،" واضاف اسود "كان قادرا على جذب الناس الى قائمته وخاصة الاشخاص الذين كانوا يحظون باحترام الشارع مثل الاطباء والمهندسين والاساتذة وغيرهم". 

وعبر منافسوا العراقية عن تهانيهم بفوز كتلة علاوي في الانتخابات، لكنهم أصروا بانهم سيستمرون في لعب دور فعال وحاسم في سياسات المنطقة.

كتب الصحفيان المتدربان في معهد صحافة الحرب والسلم، عثمان المختار وفاضل البدراني هذا التقرير من مدينة الفلوجة.

Iraq
Frontline Updates
Support local journalists