البياريون يتمتعون بعهد جديد للحياة

يتذوق الكورد القرويون نكهة الحرية الجديدة التي حلت بعد رحيل جماعة أنصار الاسلام المتطرفة

البياريون يتمتعون بعهد جديد للحياة

يتذوق الكورد القرويون نكهة الحرية الجديدة التي حلت بعد رحيل جماعة أنصار الاسلام المتطرفة

Tuesday, 22 February, 2005

لقد تغيرت الحياة كثيراً بالنسبة للكورد في قرية بيارا الجبلية منذ سقوط نظام صدام حسين قبل سنة.


وكانت أكثر التطورات أهمية هو رحيل أنصار الاسلام المكروهين, وهم الجماعة الاسلامية المتطرفة التي تسيدت مرة في هذه المنطقة.


ان بيارا قرية يقطنها (3) آلاف نسمة, تقع على بعد (85) كلم جنوبي شرقي السليمانية, وكانت القرية لعدة سنوات تحت سيطرة الأنصار, وهم الجماعة الكوردية المتطرفة التي انضم اليها العديد من المقاتلين العرب الذين تقول الولايات المتحدة والمسؤولون الكورد انهم على علاقة وثيقة مع تنظيم القاعدة.


ولم تكن قرية بيارا هي الوحيدة في حالها فقد كانت القرى القريبة تعاني أيضاً من سيطرة منظمات اسلامية متطرفة أخرى, مثل الحركة الاسلامية لكوردستان والجماعة الاسلامية في كوردستان.


ومع ذلك, فقد أجبرت كل تلك المنظمات على الخروج من المنطقة في عملية مشتركة قامت بها القوات الأمريكية الخاصة مع آلاف من مقاتلي البيشمركة.


ونتيجة لذلك تأسس عهد جديد في القرية.


وتعبيراً عن ذلك قال مصطفى مجيد, راعي الجامع الرئيس في المدينة "لم أر في حياتي أياماً أفضل من هذه أبداً".


كان التلفاز ممنوعاً تحت أحكام السلطة الصارمة للسيد الاسلامي الأعلى, وكذلك الموسيقى والرقص, وهما من خصائص الحياة الكوردية. بل ان الأنصار قد منعوا الرجال من الحلاقة والتدخين, وأجبروا النساء على تغطية ملابسهن التقليدية الزاهية بالعباءات السود.


ويعترف كل من الرجال والنساء ان النساء كن في وضع أسوأ تحت حكم الأنصار, كن يتعرضن للغرامة اذا شوهدن يلهون مع أطفالهن أمام بيوتهن ولا تغطي العباءة الجسد كله. وقد غادر العديد من النساء قرية بيارا والقرى الأخرى الى حلبجة والسليمانية.


وفي هذا الصدد قالت احدى الطالبات في المدرسة الإعدادية التي لم ترغب في ذكر اسمها "لقد أرغمونا على ارتداء العباءة وفصلونا عن الأولاد".


وقال نوزاد أحمد المدرس في المدرسة المتوسطة الوحيدة في بيارا والذي يدرس الآن في صفوف مختلطة مرة أخرى "لقد فرقوا بين الأولاد والبنات". واضاف "لم يسمح للمدرسين الذكور بالتدريس في صفوف البنات والعكس كذلك".


أما هيمن أحمد فقد أشار الى ان الشيء الوحيد الذي فلت من رقابة الأنصار هي "رسائل الحب السرية بين البنات والأولاد".


وقد وصل الحال حتى الى منع صور النساء المطبوعة على أغلفة قوالب الصابون. ويحدثنا عن هذا صاحب الدكان هورمان مجيد فيقول "اذا اشتريت صابوناً بأغلفة عليها صور النساء, فعليك ان تمزق الصور قبل جلب الصابون الى القرية".


ومنذ ان تم طرد أعضاء الأنصار, ذكر ان بعضهم قد تسلل مرة أخرى الى داخل العراق لإعادة تنظيم أنفسهم أو الإلتحاق بالمقاتلين الاسلاميين الآخرين وأتباع النظام السابق لمهاجمة قوات التحالف والعراقيين الذين يعملون معها. لكنهم لم يعودوا الى بيارا او أي من القرى المجاورة الأخرى.


وبدلاً من ذلك فان العوائل وعددها (110) التي فرت من حكم الأنصار المشابه لحكم طالبان ومن القصف الأمريكي, قد عادت مرة أخرى. كما وصلت أيضاً مواد اعادة البناء وتراكمت في الشوارع الضيقة للقرية لترميم الطرق واعادة بناء البيوت واصلاح الممرات الزراعية على سفوح التلال المنحدرة والسدود التي تدمر بعضها أثناء الحرب مع الأنصار.


لم تتأثر معظم مناطق كوردستان العراق بالحرب, وهي منشغلة الآن في التركيزعلى تطوير أعمال جديدة, ومصانع, وعلاقات تجارية. بالاضافة الى ذلك فقد تمكنت المنظمات غير الحكومية أيضاً من تنظيم الجهود الانسانية التي أدت الى شق طرق جديدة, مراكز صحية, أنظمة تصريف صحي متطورة ومنازل جديدة في المناطق الوعرة التي ظلت مهملة لفترة طويلة.


وقد حظيت عمليات الاغاثة بدعم الحكومة المحلية الكوردية وسلطة التحالف المؤقتة التي خططت لتحسين ظروف المعيشة المحلية من أجل عدم تشجيع الناس على الالتحاق بالجماعات الاسلامية مرة أخرى.


ومع مشاريع اعادة التأهيل جاءت أعمال جديدة كثيرة في ميادين اعادة الاعمار.


وقال نجيب من أهالي المنطقة "لم نعد الآن نجد العمال الذين نحتاجهم لجميع المشاريع, بينما كنا في السابق نتودد الى الأنصار لنحصل على يوم عمل, ومع ذلك لم نكن نحصل عليه".


وقال موظف البلدية عبد ان هناك أيضاً وظائف جديدة في القطاع العام "وقد حصلت اليوم فقط على الموافقة لتعيين (21) شخصاً في دائرة البلدية".


بالاضافة الى ذلك فان ثمة تغييرات كبيرة تحصل في الحياة الاجتماعية لسكان المدن.


ويشير هيمن أحمد الى ذلك قائلاً "أثناء حكم الأنصار, كانت لعبتا الدومينو والبليارد ممنوعتين". بينما يمتلك هيمن الآن قاعة بليارد صغيرة في شارع بيارا الفرعي.


وتزين البناية بوسترات لنادي ريال مدريد الرياضي وفرق كرة القدم البرازيلية, مع صور لمطربات جميلات هنديات وعربيات وكورديات كانت ممنوعة في السابق. والى جانب تلك الصور علق اعلان جريء عن زيت الزيتون من (آوا) الذي كان من غير الممكن مشاهدته قبل سنة مضت. ويبرز الاعلان صورة محمد سعيد الصحاف ـ الناطق الشهير باسم صدام حسين ـ الذي ادعى أثناء دخول قوات التحالف الى بغداد ان الجيش العراقي انتصر في الحرب وان الأمريكان لن يدخلوا العاصمة أبداً. ويقول الصحاف في الاعلان "لا تشتري زيت الزيتون من آوا, ان طعمه رديء".


*كريم عمر ـ صحفي مقيم في السليمانية, ومنسق معهد صحافة الحرب والسلام ـ السليمانية


Iraq
Frontline Updates
Support local journalists