الاقليات تخسر في التعليم
السلطات المركزية متهمة بعدم التعاون لدعم التعليم بغير اللغة العربية في المحافظة الشمالية
الاقليات تخسر في التعليم
السلطات المركزية متهمة بعدم التعاون لدعم التعليم بغير اللغة العربية في المحافظة الشمالية
لم يكن بالامكان تصور مثل هذا المشهد خلال السنين القليلة الماضية. ففي خلال فترة حكم صدام، كانت اللغة الوحيدة التي يمكن تعلمها واستخدامها في المدارس هي اللغة العربية، والاستثناء كان في الاقليم الكردي المستقل والذي لم تكن كركوك –المدينة الام لتارا- جزءا منه.
الالاف من الاطفال مثل تارا تم حرمانهم من حق التحدث والتعلم بلغتهم الام، مثل الكردية والتركمانية والاشورية.
وكجزء من محاولة حزب البعث للقضاء على التنوع العرقي في العراق، فقد منعت اللغات الاخرى عدا العربية من التداول في المدارس، الجامعات، الصحافة، والاماكن العامة.
فمثلا في كركوك – التي يشكل فيها الاكراد مكونا اساسيا، وكذلك الحال مع مجاميع الاقليات الصغيرة مثل التركمان والاشوريين- كان هناك درس واحد في اللغة الكردية وبعد المرحلة العاشرة فقط .
في العام 1974، وافقت الحكومة العراقية على فتح العديد من المدارس التركمانية، لكنها عادت والغت ذلك بعد سنة واحدة.
وبعد سقوط النظام في 2003، منحت الاقليات الحق الدستوري للتعلم بلغاتهم الام.
كان من الضروري ان امثال تارا يلتحقون بالمدرسة الكردية. لقد كبرت وهي تتحدث اللغة الكردية في البيت. ولكنها عندما التحقت في المدرسة في سن السادسة، كانت كل الدروس باللغة العربية- ونتيجة لذلك فقد رسبت في الصف الاول-.
وقالت "كانت معلمتي توبخني دائما لعدم تمكني من التكلم بالعربية بشكل جيد".
الان، بعض الدروس في مدرستها هي باللغة الكردية، مما جعل الامر اكثر سهولة لها لاستيعاب ذلك.
بعد سقوط النظام، اعطيت المحافظات العراقية صلاحيات ادارة شؤونها التعليمية، وبدعم من الحكومة المركزية. لكن يقول المسؤولون الاكراد ان الحكومة المركزية قدمت القليل من اجل دعم التدريس باللغة الام.
يتهم يوسف سعيد،مسؤول الدراسات الكردية في دائرة تربية كركوك، الوزارة في بغداد في اهمالها حقا دستوريا مهما لغير القوميات العربية.
وقال "لم تقم الوزارة بتجهيز الاقسام و المدارس باللغة الكردية بما تحتاجه من مواد تعليمية ومن كوادر تدريسية".
الحاجة الى الدروس في لغات غير العربية في كركوك كانت كبيرة. في العام 2007، كانت هناك 305 مدارس للتعليم باللغة الكردية، 148 باللغة التركمانية، واربعة باللغة الاشورية، بينما كانت هناك 700 مدرسة باللغة العربية.
اشار سعيد الى ان جميع المدارس الكردية في كركوك كانت تمول من قبل وزارة التربية في حكومة اقليم كردستان. حيث تم تخصيص 4.5 مليار دينارا عراقيا للمدارس الجديدة، ودفع رواتب الكادر التدريسي الذي يربو على 6000 منتسب.
تعاني المدارس التركمانية ما تعانيه المدارس الكردية. يؤكد فاروق فؤاد عبد الرحمن، مدير الدراسات التركمانية في دائرة تربية كركوك، على اهمية الدراسة باللغة التركمانية بالنسبة للطلبة التركمان، لكنه يشكو ايضا من شحة الدعم من الحكومة المركزية.
ويقول ان الكتب وبقية المواد التعليمية المستعملة في المدارس التركمانية يتم تجهيزها من قبل بعض المتبرعين من الاغنياء التركمان.
اما بالنسبة الى فوزية اوانيس، مسؤولة الدراسات الاشورية في دائرة تربية كركوك، فأن الدراسة باللغة الام هي وسيلة مهمة "لاحياء التراث في مدينة كركوك المختلفة القوميات".
لكن ليس جميع الطلاب من الاقليات يفضلون التعليم بلغتهم الام. البعض يختار الذهاب الى المدارس العربية لان الكثير من الجامعات في الاقليم تكون برامجها باللغة العربية.
يصر علي طالب، مدرس اللغة العربية في كركوك، انه بالرغم من ان الدراسة بلغتك الام هو حق قانوني، تبقى اللغة العربية هي الاساس في التعليم والثقافة في الشرق الاوسط.
الطلبة الذين يدرسون الان في لغات غير العربية، سيدرسون اللغة العربية بما لايقل عن حصتين في الاسبوع.
ويعتقد طالب ان الظروف ستتغير في مرحلة التعليم العالي، حيث ستوفر بعض الجامعات مستقبلا اقساما للدراسة باللغة الكردية والتركمانية.
المخاوف الان كبيرة بالنسبة للدراسة باللغة العربية للمراحل الاولية في منطقة كركوك، يضاف لها وضع اللوم الكبير من مسؤولي التعليم المحلي على حكومة بغداد.
يستمر تدريب ودفع رواتب المدرسين الاكراد من قبل حكومة اقليم كردستان، وهناك نصف ذلك العدد من المدرسين التركمان الذين هم بحاجة الى تدريس طلبة مجموعتهم البالغ عددهم 28000 طالب.
لتوضيح السبب وراء التوتر بين كركوك وبغداد هو ان الاخيرة ترغب بقدوم المدرسين من كركوك الى العاصمة لتصحيح اوراق الامتحانات النهائية باللغة الكردية تحت اشراف وزارة التربية. يقول المدرسون في كركوك انهم لا يفضلون الذهاب الى بغداد بسبب تردي الوضع الامني- لكن المسؤولين في بغداد يصرون على ذلك-.
لا يثق سعيد، مسؤول الدراسات الكردية في دائرة تربية كركوك، بالسلطات المركزية ويرى ان هناك سياسة واضحة خلف التجاوب البطيء من قبل وزارة التربية بالنسبة لمطالبه ومطلب زملائه. وقال "لقد تسلل بعض اركان النظام السابق الى الحكومة وهم يعارضون الذين يرغبون بالحرية والديمقراطية في العراق الحر الجديد".
سأل معهد صحافة الحرب والسلام وزارة التربية ان تجيب على تلك الادعاءات لكن لم يكن احدا موجودا ومستعدا للتعليق.
قال علاء مكي النائب السني في البرلمان العراقي ورئيس لجنة التعليم في البرلمان ان لجنته لم تستلم اي شكاوى من قبل مسؤولي التربية الاكراد او التركمان او الاشوريين في كركوك.
واضاف مكي ان التعليم بغير اللغة العربية هو قيد البحث في البرلمان، وان المسؤلين في كركوك عليهم اللجوء الى اللجنة، "وعندها سنقرران كانت الحكومة غير مهتمة".
سماح صمد: متدربة في معهد صحافة الحرب والسلام في كركوك. وشارك المتدرب في المعهد حازم الشرع في اعداد هذا المقال.