الاحتفاظ بمظهر خارجي بسيط

يحرص البغداديون الخائفون من العصابات الدموية التي تجوب الشوارع على عدم جلب الانتباه اليهم

الاحتفاظ بمظهر خارجي بسيط

يحرص البغداديون الخائفون من العصابات الدموية التي تجوب الشوارع على عدم جلب الانتباه اليهم

30، صاحب معرض سيارات، الا انه يسوق سيارة قديمة و متهرئة للتنقل في بغداد، بينما يغطي التراب السيارات الجديدة والموديلات الاغلى الموجودة في كراجه.



يرغب جاهدا ان يكون غير جالبا للانتباه بعد ان تمكن بصعوبة الافلات بحياته اثناء قيادته سيارته المارسيدس بعد ان كان يهم بالعودة الى البيت. حاولت عصابة تسليبه واطلقت عليه النار اثناء هروبه، اصابت بعض الطلقات سيارته.



حيث يكون القتل والاختطاف والسطو من مظاهر الحياة اليومية في بغداد، فان الناس من امثال محمود تختار ان تتخذ إحتياطاتها بدلا من الاعتماد على الشرطة او قوات الامن الاخرى في حمايتها.



الخطورة بالنسبة للنساء اللاتي يخرجن بمفردهن الى الشوارع مما تصل الى درجة تتطلب مصاحبتهن من قبل احد افراد العائلة من الرجال او الخروج بمجاميع –ان كن يخرجن اصلا.



العوائل التي ما زالت ترسل ابنائها الى المدرسة تقوم بجلبهم الى البيت بعد انتهاء الدوام. اما الذين لا يملكون سيارات فيؤجرون باصات لايصال الأطفال الى البيت، ولكن ليس قبل ان يتأكدوا من ان السائق سوف لن يسلمهم الى عصابات الخطف.



تلبس سمية فاروق،12، الحجاب مع ملابسها المدرسية الزرقاء عند حضورها الى مدرستها الابتدائية الواقعة في حي الدورة المضطرب جنوب بغداد. اعتادت الذهاب مشيا على الاقدام الا ان والديها استأجرا لها سائقا يدفعون له 60،0000 دينارا عراقيا في الشهر اي ما يعادل 40 دولارا امريكا لايصالها مع اختها الى المدرسة.



رغم ان هناك من يرافقها، الا ان سمية تخشى ان تختطف من قبل احدى نقاط التفتيش الوهمية التي يقيمها المسلحون عبر المدينة او انها تقضي في انفجار عبوة ناسفة او سيارة مفخخة. تقول الطفلة الصغيرة "اكون مفزوعة وخائفة كلما اذهب الى المدرسة."



اختطف نبيل ابن جوزيف يوسف،18، في السنة الماضية وهو في طريق عودته من المدرسة . لحس الحظ، تم ايقاف الخاطفين عند احدى نقاط تفتيش الشرطة الذين وجدوا الولد مغميا عليه في صندوق السيارة.



من حينها، صار نبيل يذهب الى المدرسة برفقة اثنين من الحماية، و هم أعضاء فريق أمني متكون من ثلاثة أفراد حيث استأجرهم لحماية العائلة مقابل 900 دولار شهريا. وجميعهم من الشيعة الذين رشحهم لنبيل المسيحي احد اصدقائه، وقد اثبتوا لحد الان اخلاصهم له. في حالات اخرى، تقوم الحماية بالتواطؤ مع المجرمين لتنفيذ جرائم ضد العوائل التي من المفروض ان يقوموا بحمايتها. وقال يوسف "احمد الله انني لم اواجه مشاكل حتى الآن".



الذهاب الى المدرسة من الخطورة بمكان حيث ان المعلمين اعتادوا على حضور نصف الطلبة او اقل من ذلك الى المدرسة. لقد سمحوا لاولياء الامور ان يقرروا بأنفسهم ما اذا كان الوضع امنا ليسمحوا لابنائهم الذهاب الى المدرسة.



الحذر هو شعارهم: لا تقم باي رحلة ما لم تكن مضطرا الى ذلك مئة في المئة، وان فعلت، فعليك ان لا تجلب الانتباه اليك قدر الإمكان، وهو امر تعلم البغداديون القيام به بشكل جيد. لا احد يرتدي ملابس فاخرة او مجوهرات- السيارات الفارهة و الموديلات الراقية للتلفونات المحمولة صارت من المشاهد النادرة.



توقفت فهوة فيصل، محامية، عن سياقة سيارتها البي ام دبليو خوفا من جلب الانتباه غير المرغوب فيه. وبدلا من الذهاب الى مراكز التسوق الرئيسية في قلب مدينة بغداد، صارت الان تذهب الى الاسواق الموجودة في منطقتها. لقد غيرت مظهرها ايضا، حيث تخلت عن لبس الملابس العصرية وصارت تلبس الملابس المتواضعة مع ارتدائها الحجاب.



يذهب الناس الى حد إخفاء ثروتهم و مكانتهم الى حد انهم تركوا بيوتهم واعمالهم.



اعتاد الصائغ صلاح حسن،32، السكن في مدينة المنصور الراقية الواقعة جنوب بغداد. بعد اختطاف ولده البالغ من العمر 18 سنة واطلاق سراحه مقابل فدية 35،000 دولارا، استاجر حسن بيتا في منطقة اقل ثراءا، وباع سيارته البي ام دبليو والتويوتا الكامري الجديدة، واشترى بدلا منهما سيارتين قديمتين، وفتح محلا صغيرا لبيع المواد الكهربائية.



على الذين يعملون في قوات الامن العراقية او المتعددة الجنسيات ان يكونوا متيقظين جدا لانهم اهداف رئيسة للخاطفين وفرق الموت الذين ينظرون اليهم على انهم من المتعاونين مع الاجانب.



اخبر عمر محمود،34، الذي يعمل ضابطا في الجيش العراقي في الجنوب، عائلته والجيران بانه يعمل كسائق تاكسي.



وقال " لقد كان علي ان اخفي وظيفتي لفترة طويلة. في زمن صدام، كنا نفتخر بانضمامنا الى الجيش. لكن الان نحن نخاف حتى من الاحتفاظ بملابسنا العسكرية في البيت."



يعمل سرمد عزيز،28، كمترجم مع القوات الامريكية، واحيانا يبيت في قاعدته العسكرية. وحين يكون في البيت، يحتفظ بسلاحه قريبا منه طوال الوقت، و نادرا ما ينام لأكثر من ساعتين، لخشيته من إقتحام احدهم البيت. وحين يذهب الى عمله، فانه يستخدم طرقا مختلفة.



يعتقد عزيز علاء، باحث اجتماعي في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، انه اذا لم يتخذ اجراء لكبح عصابات الاجرام التي تجوب شوارع بغداد، فانهم سيتمكنون من السيطرة في الوقت المحدد.



"اذا استمرت الدولة باغماض عينها عن هذه الجرائم، فان الجريمة المنظمة غير المسيطر عليها قد تسود وتسيطر على حياتنا اليومية والسياسية."



حسين الياسري صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد
Frontline Updates
Support local journalists