حث المحكمة الجنائية الدولية على التحقيق في كيفو الشمالية

دعوات كثيرة تحث المحكمة على أن تكون أكثر نشاطاً في الإقليم، وخاصة فى المناطق المعزولة حيث وقعت أكثر الجرائم فظاعة.

حث المحكمة الجنائية الدولية على التحقيق في كيفو الشمالية

دعوات كثيرة تحث المحكمة على أن تكون أكثر نشاطاً في الإقليم، وخاصة فى المناطق المعزولة حيث وقعت أكثر الجرائم فظاعة.

Thursday, 29 November, 2007
"إن العدالة الدولية تجاهلتنا تماماً حتى الآن."



وقال لوران الذي كان قد سكن في بناء مهجورمجاور لملعب كرة القدم منذ تشرين الأول الماضي عند فراره من قريته، عقب هجوم شنته القوات الموالية للمنشق التوتسي الجنرال لوران نكوندا:"إن المحكمة الجنائية الدولية قد نسيتنا تماماً."



هذا وقد باشرت المحكمة الجنائية الدولية حتى الآن العمل في قضيتين ضد اثنين من زعماء الميليشيا الكونغولية، إلا أن توماس لوبانغا، وجيرمان كاتانغا ليسا من ايتوري في شمال كيفو، حيث شرد القتال الدائرمنذ كانون الأول الماضي قرابة أربعمئة ألف نسمة، أكثر من مئة وستين ألفاً منهم خلال الشهرين الأخيرين وحدهما، وفقاً لما ورد عن الأمم المتحدة.



إذ تصرح الأمم المتحدة أن هناك حالياً ما يعادل ثمانمئة ألف نازح في شمال كيفو، شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.



وقال أحد العاملين في منظمة غير حكومية تساعد هؤلاء الذين أجبروا على النزوح من منازلهم بسبب القتال في روتشورو: "نسمع الناس يتحدثون عن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ولكن ذلك من أجل ايتوري." وأضاف" دعهم يحققون هنا، يمكننا أن نريهم المقابر الجماعية ويمكننا أن نبين لهم ما يحدث فعلياً."



هذا وتصر المحكمة الجنائية الدولية بشكل كبير على أن شمال كيفو يأخذ حيزاً كبيراً جداً من اهتمامها، إلا أن ذلك ليس إلا بعض المساعدة للناس المتواجدين عل الأرض في روتشورو - شمال عاصمة مقاطعة غوما – حيث يتواصل تدفق الفارين من القتال في ظروف مروعة للغاية.



قال عامل في منظمة غير حكومية: إن آلاف الأسر طردت وشردت إلى المخيمات وغيرها من أماكن الإيواء المؤقت فى الشهر الماضي، بما في ذلك المدارس المحلية التي تم إلغاء بعض صفوفها لاستيعاب تدفق النازحين.



ومؤخراً، في مشهد مروع بعد ظهر أحد الأيام، وبينما هطلت الأمطار وحولت الأرض البركانية السوداء إلى طين، حاول بعض النازحين الاحتماء من مياه الأمطارباللجوء إلى بعض المدرجات المغطاة في ملعب كرة القدم، وتكوم آخرون تحت الصفائح البلاستيكية أو وضعوا الجرادل على رؤوسهم لحمايتها، و منهم من حاول الاحتماء ببعض السيارات.



ومن الجدير بالذكر أنه على الرغم من أن برنامج الغذاء العالمي موجود في روتشورو، وأن وكالة المعونة كاريتاس قد أرسلت الغذاء والكساء وأوعية الطبخ, صرح عامل في منظمة غير حكوميه أن الأزمة الإنسانية في المنطقة تزداد سوءاً يوماً بعد يوم خاصة وأن أكثر الكونغولييين يواصلون الفرار من ديارهم، قال: "نحن غارقين تماماُ في هذه الأزمة، وعاجزين عن التغلب عليها."



وقد صرح لوران الذي هرب مع الكثيرمن جيرانه من قريتهم غومبا في 20 تشرين الأول عندما هاجمتها قوات نكوندا، بأنهم أحرقوا المنازل واغتصبوا النساء.

وقال رجل آخر وهو يشير بيده إلى التلال في البعيد: إن القتال يعني أنه لا يستطيع العودة إلى أراضيه، كما قال إنه يعاني من الجوع والعطش.



ومن المعتقد أن عدد الذين يعملون تحت قيادة الجنرال نكوندا الذي يدعي حماية الأقلية من التوتسي الكونغوليين، بين ستة إلى ثمانية ألف رجل، وقد فشلت المحاولات الساعية إلى إلحاق أنصاره بالجيش الكونغولي، بل على العكس لقد تكثفت الاشتباكات بين الجانبين في الأشهر الأخيرة.



وبالإضافة إلى هذا المزيج من المقاتلين هناك أيضاً جنود القوات الديمقراطية لتحرير رواندا،FDLR ، الذين حاربوا نكوندا والجيش على حد سواء.



إن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا هى جماعة المتمردين الهوتو الروانديين التي تضم بعض أعضاء ميليشيا أنتراهاموى المسؤولة عن عملية الإبادة الجماعية في رواندا في عام 1994، والتي راح ضحيتها أكثر من خمسمائة ألف من الروانديين التوتسي.



إضافة إلى كل هذا البؤس فى شمال كيفو، يبدو أن هناك ازدياداً في التوتر لأسباب عرقية بين الهوتو والتوتسي في الإقليم.

أخبر ماخورو سيباجيني البالغ من العمر عشرين عاماً معهد الحرب والسلم للصحافة أنه فر مع زملائه في المدرسة من الهوتو في غومبا، وسط شائعات عن التجنيد القسري للطلاب في صفوف جيش نكوندا وأحداث شغب بين الهوتو والتوتسي في ساحة المدرسة.



وصرح سيباجيني، الذي لجأ إلى ميتم في روتشورو، أن ليس لديه أدنى فكرة عما حدث لوالديه وأنه لن يعود إلى دياره قائلاً إنه تلقى رسائل تهديد من التوتسي تحذره وتطالبه بالبقاء بعيداً.



وقال أنيك فان وودينبرغ الباحث في منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان:"وكنتيجة للمعارك المتواصلة بين الجيش وقوات نكوندا وغيرها من الجماعات المسلحة، نلاحظ زيادة أكيدة في التوتر بين التوتسي والهوتو والتوتسي وبين جماعات أخرى فى شمال كيفو."

"هذا خطير وقد يؤدي إلى مزيد من المشاكل بين المجتمعات المحلية، وهذه المشاكل قد تؤدي بدورها إلى العنف."



وبالرغم من أن الكثيرين في شمال كيفو يلقون باللوم على نكوندا ويحملونه مسؤولية العنف الدائر، فإن وودنبيرغ يشير إلى أن جميع أطراف النزاع قد ارتكبوا جرائم خطيرة، مؤكداً على أن وباء العنف الجنسي واستمرار تجنيد الأطفال مجالان غاية في الحطورة ومثيران جداً للقلق.

وقال:"من الواضح جداً للعيان أن جميع المجموعات تقوم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى شمال كيفو، بما في ذلك الجيش." وأضاف:" ليس هناك أخيار في شمال كيفو، كافة الجماعات مسؤولة عن انتهاكات حقوق الانسان."



إن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بصدد اختيار قضيتها الثالثة للتحقيق في الكونغو، حتى لو أنه من غير الواضح بعد إن كان ذلك سيكون له علاقة بكيفو الشمالية.



وتقوم المحكمة حالياً بجمع المعلومات عن الجرائم التي يرتكبها جميع الأطراف هناك، بما في ذلك الاغتصاب والتشريد القسري وعمليات القتل وتجنيد الأطفال.



وقالت السيدة بياتريس لو فرابر دو هيلين، رئيس شعبة العمل مع الحكومات لتأمين التعاون في المحكمة الجنائية الدولية:"نحن بصدد النظر في الخيارات المختلفة: قوات لوران نكوندا، القوات الديمقراطيه لتحرير رواندا وكذلك القوات النظامية من القوات المسلحة (القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديموقراطية)."



هذا وإن هناك خلاف في الرأي في شمال كيفو حول ما إذا كان ينبغي على المحكمة الجنائية الدولية أن تبذل جهوداً أكبرمن ذلك.



قال جول مبوكاني ماث من مركز أبحاث البيئة والديمقراطية وحقوق الإنسان في غوما:"إن اعتقال لوبانغا وكاتانغا أعطانا بصيصاً من الأمل، إن القضية تتطور وفي يوم من الأيام سيكون هناك اعتقال هنا أيضاً."



ولكن هناك دعوات تناشد المحكمة الجنائية الدولية أن تكون أكثر نشاطاً في الإقليم ، وخاصة فى المناطق المنعزلة حيث وقعت أكثر الجرائم فظاعة.



قال كريستيان حميدي منسق التحالف الكونغولى في المحكمه الجناءيه الدولية:"نود لو تبدأ المحكمه الجنائية الدولية العمل في كيفو الشمالية وكيفو الجنوبية، وخاصة فيما يتعلق بالجنرال نكوندا."



هذا وتنفي السيدة لو فرابر أن المحكمة تتحرك ببطء شديد، مع تعالي بعض الأصوات المتذمرة من إعلان أن إجراء التحقيق قد يستغرق من اثني عشر إلى ثماني عشر شهرأ قبل أن يطالب المدعون العامون القضاة بإصدار أمر اعتقال.

فقالت:"إن الضغط بالنسبة لنا هو لتلبية توقعات الضحايا، ولكن الضغط هو أيضاً لكسب القضايا في المحكمة" وأضافت قائلة:"إن الأمر الأسوأ بالنسبة لي هو تقديم قضية ضعيفة إلى المحكمة."



وأشارت أيضاً إلى أن مكافحة الإفلات من العقاب في الكونغو ليس من مسؤولية المحكمة الجنائية الدولية وحدها، ويشاطرها هذا الرأي السيد فان وودينبيرغ الذي دعا حكومة جوزيف كابيلا إلى مضاعفة الجهود.



كما قالت أيضاً:"لن تكون المحكمة الجنائية الدولية قادرة على اعتقال جميع مرتكبي جرائم الحرب في الكونغو، فإن على الحكومة الكونغولية ضمان أن يتعرض المسؤولون عن هذه الجرائم للمساءلة."



ولنعد إلى ما بدأنا به، ملعب كرة القدم في منطقة روتشورو، حيث تزداد حدة القتال في الأيام الأخيرة، ويغرق لوران في يأس شديد فيقول:"إننا بحاجة إالى المساعدة،" ويضيف: "اسمحوا للحكومة أن تعطيني بندقية، هذا يكفي الآن."



ليزا كليفورد مراسلة العدالة الدولية، لاهاي

Frontline Updates
Support local journalists