تضاؤل اعداد المسيحيين في الموصل

ذهب الكثير منهم خارج البلاد لتفادي تهديد العنف، بينما بحث الاخرون عن الماوى في مناطق الريف حول الموصل.

تضاؤل اعداد المسيحيين في الموصل

ذهب الكثير منهم خارج البلاد لتفادي تهديد العنف، بينما بحث الاخرون عن الماوى في مناطق الريف حول الموصل.

Friday, 31 August, 2007
. و تم اغتيالهم بسبب الجدل حول الرسوم الكارتونية. هربوا الى كل مكان يجدون فيه الحد الادنى من الامان والسلامة مثل كردستان العراق، سوريا، او مناطق الريف خارج المدينة.



يستطيع مسيحيوا الموصل رواية القصص المروعة واحدة تلو الاخرى. كانوا يوما من الطبقات الوسطى المتمركزة في هذه المدينة الشمالية، هرب الالاف منهم تاركين بيوتهم تحت تهديد المسلحين. تم تفجير كنائسهم وقتل قساوستهم بينما تعرض الكثير منهم الى التهديدات واالاختطافات.



ان قصة مسيحيوا الموصل لا تختلف عن قصص الملايين من العراقيين الذين يعيشون في دولة الخوف. لكن دينهم يجعلهم مقصودين ومستهدفين بشكل خاص في مدينة لاتوجد فيها حكومة ولا دور للقانون فيها حيث يسمح للعصابات الاجرامية والمسلحين الاسلاميين مثل جماعة القاعدة بالاعتداء والقتل دون خوف من العقاب.



قالت الهام صباح، المحامية المسيحية التي ترتدي الحجاب بسبب خوفها من القتل "اصبحت الحياة صعبة في الموصل. المسلحون يهددون النساء المسيحيات. انهم يقومون بحرقهن او قتلهن اذا رفضن ارتداء اللباس الاسلامي مثل ما تفعل النساء المسلمات".



"امامنا خيار واحد هو ترك الموصل والجحيم الذي خلقه المسلحون".



تعتبر الموصل عاصمة محافظة نينوى وهي موطن المسيحيين من الكلدان والاشوريين، والكنائس الارمينية والكاثوليكية منذ اكثر من مائة عام، الا انهم الان طردوا خارجها بالجملة.



قال جوزيف كساب الذي هو اصلا من الموصل ويشغل الان منصب المدير التنفيذي للجمعية الكلدانية الامريكية "المسيحيون هم الاضعف الان في العراق".



واضاف "المتطرفون ناشطون بشكل فعال ويعملون على تفريغ الموصل من المسيحيين".



لا توجد احصائية دقيقة وواضحة للتنوع السكاني في العراق، لكن معظم التقديرات تشير الى وجود ما بين 800.000 الى مليون مسيحي في العراق في العام 2003. يشير التقرير الصادر في 2005 عن المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة UNHCR حول الاقليات غير المسلمة في العراق من ان اكثر المسيحيين هم من محافظة نينوى رغم وجود عدد لا يستهان به يعيش و يعمل في بغداد.



واشارت المفوضية في تقرير لها نشر العام الماضي ان حوالي 24% من اللاجئين في سوريا التي تحادد محافظة نينوى هم من المسيحيين. اضافة لذلك، هناك ما يقرب من 1720 عائلة مسيحية هجرت الموصل الى الارياف الاكثر امانا خارج نينوى، وذلك بحسب احد اعضاء رابطة الدفاع عن حقوق الانسان المسيحية والذي فضل عدم ذكر اسمه لاسباب امنية. الالاف من المسيحيين من بغداد واجزاء اخرى من العراق هاجرت الى الحقول والمزارع.



يعتبر المسيحيون ،الكثير منهم مستثمرون ومهنيون ناجحون، من اوائل اللاجئين العراقيين.



واجه قادة الاقلية المسيحية في محافظة نينوى المزيد من التهديدات بعد نشر الصحيفة الدنماركية العام الماضي صورا كاريكاتيرية تسخر من النبي محمد وتربط الاسلام بالارهاب. وكذلك جعل الحديث المثير للجدل للبابا بندكت السادس عشر في سبتمبر الماضي المسيحيين هدفا.



في منتصف اوكتوبر، ادى انفجار قنبلة في منطقة اشورية في الموصل الى قتل تسعة اشخاص، وكذلك تم اختطاف القس السورياني بولس اسكندر وقطع رأسه من قبل مجموعة مسلحة. طلب خاطفوه فدية مقدارها 25.000 دولارا مع اعتذارمن كنيسته عن التصريحات التي ادلى بها البابا، وذلك بحسب وكالة الانباء الاشورية الدولية. الا انهم قتلوه بعد يومين من اختطافه.



اثار قتله موجة من الهلع بين مسيحيي الموصل.



لم تنخفض وتيرة العنف منذ الاغتيال المرع لاسكندر. في شهر حزيران وبعد الانتهاء من قداس يوم الاحد، تم اغتيال الاب رغيد غني القس الكاثوليكي لكنيسة الروح المقدسة مع ثلاثة من مساعديه –الشماسين-. تم تهديد غني وتفجير الكنيسة قبل الهجوم عليه.



تم قتل الاربعة بعد ايقاف سيارتهم من قبل مسلحين. ثم قام المسلحون بوضع متفجرات في السيارة حيث استغرق وصول فرق تفكيك المتفجرات ساعات قبل اطفاء مفعول المتفجرات.



قليلا ما يتم نشر اخبار قتل وتهديد وخطف المسيحيين رغم تكرر حدوثها اليومي. يتابع تجمع آشور الوطني العنف الذي يمارس ضد المسيحيين الاشوريين في العراق وكذلك حصيلة القتل واعمال العنف الاخرى التي تحدث يوميا وكثرة عمليات الخطف التي تستهدف مسيحيي الموصل.



يتم خطف الكثير من المسيحيين من اجل المطالبة بالفدية لانهم رجال اعمال ناجحون بالرغم من ان الكثير منهم قد اغلقوا متاجرهم في الموصل منذ 2003.



في احدى الحوادث التي حصلت الشهر الماضي، افاد المجلس بان داود قرياقوس هرمز فرفاش، والد لخمسة ابناء، قد تم اختطافه مع سيارته في منطقة التحرير بالموصل. وفي وقت سابق من هذا العام كان داود قد اختطف في نفس المكان وتم اطلاق سراحه بعد ان دفعت عائلته فدية مقدارها 3.5 مليون دينارا عراقيا اي ما يعادل 2800 دولارا امريكيا.



الهجمات المتكررة على الكنائس ورجال الدين المسيحيين قد اقعدت الكثير منهم عن ممارسة اعمالهم. وبحسب لجنة الدفاع عن حقوق الانسان فأن في الموصل 23 كنيسة اغلقت الكثير منها ابوابها وصار المسيحيون يمارسون طقوسهم الدينية في الخفاء.



قال رجل اعمال من الموصل،35، فضل عدم ذكر اسمه خوفا من ايذائه من قبل الجماعات المسلحة "الحياة في زمن صدام كانت افضل. كنت اخرج الى المجتمع بكامل الاحترام، وهذا ما لا استطيعه الان، في الماضي كان هناك قانون ونظام، ام الان فلا شيء يوقف المجرمين والمتطرفين".



يعيش هذا الرجل، الذي قضى كل حياته في الموصل، في حي يشكل المسيحيون الاقلية فيه ويقول ان اغلب اصدقائه هم من المسلمين. ترك اخوه الموصل بعد اختطاف ولده وبعد تعرضه هو الى تهديد في وقت سابق من هذا العام.



لم يستطع العنف انهاء التاريخ الطويل من التعايش الديني والعرقي في الموصل.



قال سالم عبد الواحد، معلم مسلم من الموصل، "انا واصدقائي وزملائي نتألم كثيرا عند سماعنا نبأ اغتيال مسيحي كما لو كان مسلما".



قال كساب ولجنة الدفاع عن حقوق المسيحيين ان المشكلة الامنية تنشأ من ضعف سيطرة الحكومة على المحافظة ككل وعلى الموصل بشكل خاص. واضاف كساب ان المحافظة تعيش حالة من الفوضى بحيث لا يعرف من يهاجم من ولماذا. واضاف قد يكون المسيحيون مستهدفون من قبل المتطرفين الاسلاميين بشكل خاص، لكن هناك ايضا العصابات الاجرامية او المليشيات المرتبطة بالاحزاب السياسية تقوم باستهداف المسيحيين ايضا.



وتحدث كساب قائلا "كل واحد يمكن ان يطاله العنف" واضاف بان قوات الامن "لا يمكنها عمل شيء لانها لا تستطيع توفير الامن والحماية بشكل جيد لعامة الناس. فكيف يكون بامكانها حماية الاقلية في المجتمع؟".



واكمل قائلا ان قوات الامن "مشغولة بتوفير الحماية لنفسها ولمؤسساتها. من الصعب توفير الحماية لكل شخص في تلك المنطقة وهم لا يملكون الموارد ايضا".



يقول ميخائيل يوشا مدير برنامج دعم الديمقراطية الذي مقره في واشنطن والذي يقوم بالدفاع بالنيابة عن الاقليات الدينية العراقية بان الولايات المتحدة لم تعمل ما يكفي للدفاع عن حقوق الاقليات في العراق رغم ان الكثير من الجماعات الدينية الصغيرة قد ساندت الاطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين التي تمت بقيادة امريكا.



واضاف "لقد اعلنت امريكا بما لا يقبل مجالا للشك بانها لا تريد ان ترفع اصبعا واحدا فيما يخص هذه القضية".



هرب المسيحيون في الموصل وفي اجزاء اخرى من بغداد على شكل مجاميع الى ارياف نينوى التي يعتبرها الكثير من الاشوريين بانها موطنهم الاصلي. هناك مجاميع من الاقليات الاخرى مثل التركمان، اليزيدية، والشبك يعيشون في المنطقة التي تتالف من تل كيف، الحمدانية، والشيخان الى الجنوب الشرقي، وشرق وشمال الموصل. تحادد تلك المنطقة محافظات دهوك واربيل في كردستان العراق.



قال يوشا " ريف نينوى هو واحة من الامان، والسبب الرئيس هو ان المجاميع تعرف بعضها البعض. حتى مع الواصلين الجدد، هناك رغبة للتعرف على بعضهم".



خلال الخمس شهور الماضية، بلغ عدد المهجرين في الداخل الباحثين عن مأوى لهم في ارياف نينوى 10000 عائلة بضمنهم 1000 عاءلة من الشبك. هناك اكثر من 90000 عا ئلة مهجرة في الموصل وهو ثاني اكبر عدد لاي محافظة في البلاد، وذلك بحسب التقرير الصادر في حزيران عن منظمة الهجرة العالمية.



بقيت المساحات الزراعية الكبيرة هي الاماكن الامنة بالنسبة للمسيحيين والاقليات الاخرى. وتسيطر عليها حكومة اقليم كردستان والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يسيطر على اربيل ودهوك.



يقول الاشوريون ان الحكومة الكردية والحزب الديمقراطي الكردستاني قد مارسوا التمييز ضدهم وصادروا اراضيهم ومنعوا الناخبين المسيحيين من حق التصويت في انتخابات عام 2005. تروم الحكومة الكردية ضم الكثير من سهول نينوى الى الاراضي التي تقع تحت ادارتها، الا ان الكثير من السكان يرغبون باقامة منطقة ادارية خاصة بهم هناك.



قال ناشطون في حقوق الانسان "لايوجد حل خاص للمسيحيين بالضرورة لان اي حل يحتاج الى مناقشة كل الجوانب السياسية والامنية والاقتصادية في العراق، الا ان المسيحيين يرغبون في اقليم يتمتع بالاستقلال الذاتي مع الشبك واليزيدية في سهول نينوى .



يوافق يوشا على ذلك قائلا "هذا ما تحتمه الحاجة لانقاذ هؤلاء الناس".



المدافعون عن اقامة منطقة خاصة يديرها الاقليات في سهول نينوى يستندون الى فقرات من الدستور العراقي الذي يضمن الحقوق الادارية للاقليات مثل التركمان والكلدان والاشوريين.



اذا تمت اقامة مثل تلك المنطقة الخاصة التي تديرها الاقليات في نينوى، فانها ستجابه بقوة من قبل الاكراد وربما من قبل جماعات سياسية اخرى.



لايزال يوشا والاخرين من المدافعين الاشوريين يحاولون مع الامريكان لكسب تاييدهم للخطة وكسب المزيد من الاسناد لاقليم السهول. شكل اكثر من 82000 اشوري يعيشون في امريكا كتلة مؤثرة.



ينظر مجلس الشيوخ الامريكي في مشروع منح 10 ملايين دولار لمساعدة الاقليات الدينية في سهول نينوى. وقد تم تمرير مشروع القرار .



مالم يتمتعوا بالامن المدعوم من قبل حكومة قوية، فان المسيحيين في نينوى يخشون انهم سيختفون جميعا.



قال افرام عبد الاحد، احد سكنة الموصل الذي خسر مطعمه الصغير وبعض افراد عائلته بسبب العنف ضد المسيحيين "معظمنا هاجر خارج البلاد وهذا يشكل قلقا كبيرا. نحن قلقون بشأن مستقبل المسيحيين في العراق".



سحر الحيدري: مراسلة معهد صحافة الحرب والسلام التي اغتيلت في الموصل في حزيران الماضي. تياري راث: محررة معهد صحافة الحرب والسلام لبرنامج الشرق الاوسط واحد مراسلي المعهد في العراق ساهموا باغناء هذا المقال.
Iraq
Frontline Updates
Support local journalists