القدر الحزين لأرامل الأنفال

لا تزال ارامل حملة الانفال التي قادها صدام يناضلن من اجل العيش بعد مرور حوالي 20 عاما.

القدر الحزين لأرامل الأنفال

لا تزال ارامل حملة الانفال التي قادها صدام يناضلن من اجل العيش بعد مرور حوالي 20 عاما.

Thursday, 13 April, 2006
18 عاما.



بعد ثلاثة ايام من احتفال الاهل والاصدقاء بزواجها الجديد، اعتقل الجيش العراقي زوجها. كان ذلك في عام 1988 ولم تسمع عنه شيئا لحد الان.



زينب الان في ال36 من العمر ولا تزال تعيش مع والديها, ذكرياتها عن صباح لا تزال حية لديها من خلال الصورة التي تضعها تحت تلفزيون العائلة. تقضي زينب –التي لم تحصل على فرصة التعليم والوظيفة- معظم وقتها في تنظيف غرفتي الدار والاستماع الى الراديو.



البرامج المحلية والموسيقى التي تُبث في منطقة كرميان في كردستان العراق هو المنفذ الوحيد الذي يربطها بالعالم الخارجي. والد زينب الذي يناهز السبعين من العمر لا يسمح لها بالحديث إلى الرجال، حتى لو كانوا اولاد عمامها او خوالها، ولا مراسل المعهد الذي اجرى اللقاء معها سراً.



رغم ان حبها لصباح لا يزال ثابتا، الا انها ترغب بالزواج ثانية. لكن والدها يعارض هذا، لان التقاليد المحلية لا تشجع الارامل على الزواج ثانية.



تعتقد زينب ان يكون جسد صباح ضمن احد المقابر الجماعية التي لم تكتشف بعد في عراق ما بعد البعث.



تم القاء القبض على زوجها خلال حملة الانفال سيئة الصيت التي شنها نظام صدام ضد كورد العراق من العام 1986 الى 1989.



تقدر منظمات حقوق الانسان ان 182,0000 مدنيا قد قتلوا في تلك الحملة، الا ان معظم الضحايا لم يتم العثور عليهم بعد. معظم الجثث التي اكتشفت في المقابر الجماعية المنتشرة في كل ارجاء البلاد هي جثث الاكراد والشيعة العرب الذين اعدمهم صدام ، لكن عملية التعرف عليهم قد اكتنفتها بعض المشاكل.



ارامل الانفال مجبرات على العيش مع عواقب تلك الحملة كل يوم بنفس الرعب الذي عاشه الضحايا حينئذ، وبحسب مديرية حقوق الانسان في كرميان، فان ناحية رزكاري تضم لوحدها 700 ارملة من ضحايا الانفال.



ما يقارب 27000 مواطن يقطنون هذه البلدة المؤقتة التي تقع ضمن حدود محافظة السليمانية والتي بناها نظام صدام كمخيم مؤقت للاكراد الذين هُدمتت قراهم خلال تلك العملية العسكرية.



في الربع عشر من نيسان، ستحيي البلدة الذكرى الثامنة عشر للانفال. سنحت لهم فرصة نادرة للاحتفال في الاسبوع الماضي حين تم الاعلان ان صدام وستة من مساعديه السابقين من ضمنهم علي حسن المجيد الملقب ب "علي الكيمياوي" سيحاكمون على جرائمهم ضد الانسانية خلال حملة الانفال.



قالت نازدار صالح قادر،71، والتي فقدت ثمانية من افراد عائلتها في العملية " انا سعيدة كونه سيحاكم عن جريمة الانفال، انها ستحقق لنا الصبر والسلوان".



لا تفهم نازدار اللغة العربية ، لكنها قالت انها ستجلب احد ما ليقوم بترجمة مجريات المحاكمة لها ان توفر الكهرباء على اية حال. وبالمناسبة، فان الكهرباء والماء شحيحين هنا مما دفع البعض الى الاحتجاج على الحكومة الكردية خلال احياء الذكرى هذا الاسبوع.



تعيش معظم ارامل المدينة حياة صعبة ومنعزلة. مثيلات زينب تعتمدن كليا على عوائلهن والحكومة الكردية التي تعطي لعوائل ضحايا الانفال 100 دولار شهريا وقطعة صغيرة من الارض مع قروض لبناء دار عليها.



تحصل النساء في رزكاري على تعليم بسيط، ولا يوجد اي نشاط اقتصادي. الزواج هو من وسائل المساعدة المهمة بالنسبة للنساء، لكن الزواج ثانية بالنسبة لارامل الانفال يكاد يكون من المستحيلات.



وحسب الشريعة الاسلامية، على المرأة ان تنتظر اربع سنين قبل الزواج ثانية في حال فقدان زوجها لتتأكد من عدم عودته. تنص الشريعة في العراق ان المرأة لا يمكنها الزواج ثانية قبل ان يتم تحديد مصير زوجها.



في العام 1999، اصدر البرلمان الكردي قانونا اعتبر بموجبه كل المفقودين في عمليات الانفال موتى وبشكل رسمي. الا ان ذلك القرار لم يعلن عنه حتى سقوط نظام صدام قبل ثلاث سنوات. معظم الارامل قلن ان لا علم لهن بذلك القرار.



قالت كولالة عزيز التي تمثل ضحايا الانفال في البرلمان الكردي ان الحكومة لم تعلن ذلك القرار على الشعب لان نظام صدام كان لا يزال موجودا في السلطة ولم تكن هناك شواهد على ان الضحايا قد ماتوا فعلا.



لكن محمود كةزنةيي، مسؤول من الحكومة الكردية، قال ان السلطات"لم تملك الجرأة" لاخبار الارامل ان ازواجهن لم يعودوا على قيد الحياة.



قالت امينة كريم،42، من سكنة رزكاري" كان على الحكومة اخبارنا، فرص الزواج لا تدوم طويلا".



رغم ان العادات تمنع الكثير من الارامل من الزواج ثانية بغض النظر عن اعمارهن، اقر كةزنةيي انه حتى في حال عدم وجود تلك القيود، تضل النساء تعاني مشكلة العثور على الشريك الجديد.



النساء اللاتي يصلن منتصف العمر لا يعد الزواج بالنسبة لهن مشكلة، لان عدد العزاب من الرجال من اعمارهن قليل. تعدد الزوجات الذي تحدث عنه كةزنةيي سيكون احد الحلول لمساعدة تلك النساء، الا ان القانون العراقي لا يسمح به.



تعتقد امينة انها كانت اكثر جاذبية قبل خمس او عشر سنين لجذب زوج يرعاها ويوفر لها المعيشة. في ذلك الوقت، كان لديها ثلاث ابناء في المدرسة وتعمل في بستان لقاء 50 سنتا في اليوم. لقد اخرجت اولادها الاثنين من المدرسة لمساعدتها في توفير العيش للعائلة، لكنها وفرت لابنتها التي هي الان في ال 19 من العمر فرصة التعليم التي حرمت هي منها.



اهل زوجها منحوها بعض المال الذي اضافته الى ما كانت قد ادخرته من عملها لشراء بيت صغير في رزكاري. انها تعيش هناك الان مع ابنتها وولدها وزوجته.



امينة هي احدى الارامل في رزكاري اللاتي تخلين عن فكرة الزواج ثانية، وطلبن من الحكومة الكردية زيادة مساعدتهن.



قالت كولالة انها طلبت من البرلمان الكردي تعويض الناجين الا انها لم تستلم أي رد بعد.



يرى الكثير ان ال100 دولار التي يستلمها ضحايا الانفال شهريا غير كافية، خاصة بالنسبة للعوائل التي تدفع ايجارات. بدأت الحكومة اعطائهم 20 دولارا اضافيا كل شهر منذ 2003، وقال المسؤول المحلي دلشاد كريم فرج انه يعمل على زيادتها الى عشرة اضعاف.



تقول بعض النساء انهن غير مهتمات بالناحية المادية قدر اهتمامهن ببناء مستقبل أولادهن.



قالت اسكه جبار،36، ارملة وام لاربعة ابناء" المال عديم الجدوى و لا يستطيع تعويضنا عن كل ما فقدناه".



وريا حمه طاهر صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام في كلار. ساهم في اعداد هذا التقرير المحرر باللغة الكردية مريوان حمة سعيد.
Iraqi Kurdistan, Iraq
Frontline Updates
Support local journalists