العراقيون لإيران: 'إليك عنا'

العديد يشيدون بالاحتجاجات الايرانية، الا انهم ياملون ان ترفع ايران يدها عن التدخل بشؤون بلادهم الداخلية.

العراقيون لإيران: 'إليك عنا'

العديد يشيدون بالاحتجاجات الايرانية، الا انهم ياملون ان ترفع ايران يدها عن التدخل بشؤون بلادهم الداخلية.

Friday, 11 September, 2009
.



في كربلاء والبصرة، وهن من اكبر المحافظات الشيعية في البلاد، عبر العراقيون عن املهم بان تتبنى ايران سياسة الابتعاد في التعامل مع العراق، مظهرين عاطفة وطنية متزايدة تجاه العراق.



عباس مهدي، مواطن مدني في محافظة البصرة جنوبي العراق، يعلق "لا اعتقد بان الانتخابات الايرانية تشكل اهمية بالنسبة الينا كعراقيين، وما يهمنا فعلا ان تبقى ايران بعيدة عن الشان العراقي الداخلي، وان يوقف من يفوز بالانتخابات، ايا كان ، التدخل الايراني في العراق".



الاحتجاجات الايرانية التي اعقبت الانتخابات الرئاسية، ألهمت بعض العراقيين الجرأة بان يصفوا تلك المظاهرات والاحتجالات بانها علامة مؤثرة على قوة الديمقراطية. بينما عبر اخرون عن املهم بان تقود حالة الفوضى هذه ايران للتركيز على شؤؤنها الداخلية.



عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب سلمان الجميلي، يرى بأن "طهران ستكون مشغولة بحل ازمتها الداخلية، والتي ستمنعها من التدخل بشؤون الدول الاخرى". مضيفا "التدخل الايراني الحالي في العراق قد يكون سببا يسهم في الفوضى السياسية التي تعم البلاد".



ويعلق الجميلي "ما يحدث في ايران ليس مفاجئا اطلاقا اذا ما علمنا ان ايران اهملت شؤؤنها الداخلية اثناء تركيزها على بناء قاعدة لها في عدد من الدول الشرق اوسطية، بضمنها العراق". مشددا "معظم هذه السياسات التوسعية ليست في مصلحة الشعب الايراني".



التدخلات الايرانية المزعومة في سياسات العراق وشؤونه الامنية خلال السنين الاخيرة عمقت الشكوك المحلية تجاه ايران التي تعتبر من الشركاء التجاريين والحلفاء الرئيسيين للمؤسسة السياسية الجديدة في بغداد.



ان الثيوقراطية الإيرانية الشيعية ليست موضع ترحاب بالنسبة للسنة والعلمانيين، والذين لطالما تخوفوا من تاثير ذلك على شيعة العراق الذين يشكلون اغلبية البلاد- خصوصا صفوة الشيعة من السياسيين ورجال الدين، والذين اكتسبوا قوة مادية بعد سقوط نظام البعث ذو الطابع العلماني الى حد كبير.



اضافة لذلك فقد تركت الحرب العراقية الايرانية الدامية التي استمرت لمدة ثمان سنوات علاقات متوترة جداً بين البلدين.



الا ان الفوضى الداخلية التي تبعت الغزو الاميركي للعراق في عام 2003، تسببت في ولادة شعور قوي بالوطنية مشترك بين الشيعة والسنة، حيث يصر العديد منهم بان البلاد الاجنبية يجب ان لا تتدخل في شؤون العراق.



القاضي والمحلل السياسي في كربلاء، صباح ضياءالدين، يقول بان العلاقات بين ايران والعراق "مازالت ضبابية، ولا نستطيع التنبؤ بأي شيء بعد".



ويضيف "نامل ان نحظى بعلاقات متوازنة مع ايران. تلعب الحكومة العراقية دورا في ذلك، لان العراق لن يكون قادرا على اقامة علاقات متوازنة مع ايران بينما يعاني وضعا امنيا مضطربا".



العديد من العراقيين يركزون على ثلاث جهات عالمية مسؤولة عن حالة عدم الاستقرار في البلاد في السنين الاخيرة، هي: القاعدة، الولايات المتحدة الاميركية، وايران.



وكانت ايران قد اتهمت بمساندة المليشيات الشيعية واذكاء الطائفية اثناء احد اكثر فترات العنف حدة مابين 2005-2007. تلك الاتهامات كان قد انكرها القادة العراقيون المخضرمون والذين عرفوا بعلاقاتهم الوطيدة مع ايران.



الرئيس جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي، كلاهما عاشا في ايران. اما عبد العزيز الحكيم، الزعيم الشيعي المتنفذ في المجلس الاسلامي الأعلى في العراق فانه يتمتع بعلاقات وطيدة مع ايران.



الا انه بالرغم من ان الرئيس طالباني وممثل التيار الشيعي المتشدد مقتدى الصدر كانوا قد هنئوا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بعد الانتخابات، إلا ان قادة عراقيين آخرين احتفظوا بصمتهم ازاء سياسة ايران.



عباس الشهابي، احد المحليلين السياسيين في بغداد، يعلق بان "المالكي والقادة السياسيين الاخرين لا يريدون الخوض في القضية الايرانية، فهم لا يريدون ان يتهموا بالعمالة".



وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، قال بدوره لوكالة "رويترز" في التاسع عشر من حزيران، بان الفوضى التي تعم ايران هي "سبب للتخوف" بالنسبة للعراق. الا أنه استدرك بان "العراق سوف يحترم ارادة الشعب الايراني" عن طريق عدم اظهار المحاباة لاي من الاطراف.



وجهة نظر زيباري عكست وجهات نظر العديد ممن التقاهم معهد صحافة الحرب والسلام والذين سارعوا للدفاع عن استقلالية ايران.



مهدي عباس، 55 عاما، عامل من كربلاء يقول بان الانتخابات "هي شأنهم الخاص". اما ضياء الدين فقد وصف الاقتراع بأنه "شان ايراني بحت".



وكان المرشح الاصلاحي للانتخابات الايرانية مير حسين موسوي، شغل منصب رئيس الوزراء خلال الحرب الايرانية – العراقية، وهذا مما جعله يحظى ببعض المناصرين القلائل في العراق. وقد اثرت المظاهرات التي الهمها موسوي في معظم العراقين الذين ابدوا تخوفهم من سياسة ايران الاخيرة تجاه العراق بقيادة احمدي نجاد.



ضياء الدين عبر عن قلقه ازاء احمدي نجاد، مبينا "نحن كبلد مجاور، نريد لايران ان تقاد من قبل رجل متفهم، شخص ذو قدرة على الحوار والتفاوض".



لكن عباس الشهابي، الكاتب والمحلل السياسي في بغداد، فقد استخدم تعبيرات اكثر حدة، متهما الرئيس الايراني بكونه "داعما اساسيا لجماعات معينة في العراق... جماعات كانت وراء مقتل العراقيين".



إلا ان البعض يتساءل فيما اذا كان الرئيس الايراني سيحقق أي شيء بوجود نظام ديني يولي اهمية قصوى لرجال الدين ومجلس الشورى الاسلامي.



هشام الموسوي، صحفي ومحلل في البصرة يرى بان "سياسة ايران الخارجية متماسكة الى الى حد جيد، فهي قد تنفتح على الغرب، الا انها فيما يتعلق بسياستها تجاه العراق فهي لن تتغير سواء كان نجاد ام موسوي أم أي شخص آخر،" حسب اعتقاده.



وهو ما ذهب اليه عضو مجلس النواب عن الائتلاف الشيعي عبدالله الحسني في انه "من غير المحتمل ان يؤثر عدم الاستقرار في ايران على العراق". الا ان "العلاقات الايرانية – الاميركية قد تؤثر على البلاد".



واضاف "إذا ما حلت المشاكل بين ايران والولايات المتحدة الاميركية، فان أي نفوذ ايراني على العراق سينتهي".



وفي ذات السياق، فقد لفتت المظاهرات الايرانية انتباه الشعب العراقي، حيث اثنى النائب الجميلي على الاحتجاجات الايرانية ضد نتائج الانتخابات كـ"رسالة لكل الشعوب التي ترفض الهيمنة والدكتاتورية".



مهدي عباس، العامل في كربلاء، يتمنى ان "يتكرر ما حدث في ايران في العراق ايضا" ويضيف "اتمنى لو كان لدينا القدرة ان نخرج الى الشوارع وان نطالب بحقوقنا في خدمات افضل، وامن، وفرص عمل والرفاهية المقتصرة على المسؤؤلين فقط".



الا ان العديد اكدوا بان الشعب العراقي المنقسم، والوضع الامني المتردي، يجعل من الاحتجاجات العارمة مخاطرة امنية.



الموسوي يثنى على هذه الاحتجاجات معللا ذلك، بانها "لا تحتوي على عنف وشغب". وهو يرى بان "هذا لن يحدث في العراق".



في العراق، قد تحدث بعض الاحتجاجات، إلا انها لا تماثل تلك الحشود الملتهبة التي شهدتها ايران. فالمظاهرات في العراق غالبا ما تكون منظمة ومحكمة السيطرة من قبل الاحزاب السياسية، والتي تشبه الاحتجاجات التي ترعاها الحكومة والمعروفة في عموم المنطقة، اكثر من كونها تجمعات سياسية جماهيرية يشارك فيها سواد الناس.



الموسوي يرى بان الايرانيين "لديهم تاريخ طويل بحرية التعبير والاحتجاجات، والذي من الصعب محاكاته نظرا لظروف العراق الامنية والسياسات الطائفية".



ويخلص "اذا ماحتجت جماعة معينة فانه احتمالية اندلاع حرب طائفية ليست مستبعدة الحدوث".



باسم الشرع صحفي متدرب لدى معهد صحافة الحرب و السلام. ساهم بكتابة هذا التقرير كل من عبد العظيم كريم، صحفي ومحرر في البصرة و سمر صالح، صحفية متدربة في كربلاء.
Iraq
Frontline Updates
Support local journalists