السنة يحتاجون السلطة السياسية

تياري راث (28-آب 2008)

السنة يحتاجون السلطة السياسية

تياري راث (28-آب 2008)

Monday, 22 September, 2008




من المؤكد أن الإنتخابات المقبلة لمجالس المحافظات ستفتح صفحة جديدة في السياسة العراقية من خلال زيادة تمثيل الأقلية العربية السنية التي كانت ذات مرة تتمتع بالقوة.



يبدو أن العراق يمضي قدما هذه الأيام. أن مواطنيه سئموا من الطائفية والتطرف، وإن العنف تم احتواءه إلى حد ما، وإن الدبلوماسيين الأجانب بدأوا بالعودة إلى بغداد و أسعار النفط المرتفعة تغذي خزينة الدولة.



وسط العلامات الإيجابية، يبقى موضوع غياب العرب السنة من المجالس المحلية علامة سوداء في عملية التطور السياسي.



فقد قاطع العرب السنة على نحو واسع النطاق الانتخابات المحلية التي أجريت في كانون الثاني 2005، وهو موقف أبعدهم في الأغلب عن السلطة في المحافظات التي لهم فيها وجود قوي مثل ديالى وصلاح الدين والأنبار. في نينوى ذات الغالبية السنية و الواقعة شمال غربي العراق، على سبيل المثال، يشغل الكرد نحو ثلثي مقاعد مجلس المحافظة.



طالما بقي العراق بلداً تسيطر عليه سياسة الهوية، يجب ان يكون العرب السنة جزءا من المعادلة من أجل أن لا يتم صرف النظر عن أي قرار على أنه غير ذي صلة. ويقف العراق متزعزعا على قدميه و يحتاج إلى دعم كامل من جانب السنة. لقد أُدركت هذه الحقيقة على المستوى الوطني في العراق. لذا يجب أن يتم تطبيقها الآن محليا.



يتمتع السنة في الوقت الحاضر بالسلطة على المستوى المحلي من خلال "مجالس الصحوة"- وهي عموما مجاميع عشائرية مدعومة من قبل الولايات المتحدة لمقاتلة المتطرفين السنة، كالقاعدة، في أحيائهم ومحافظاتهم.



إن مجالس الصحوة- والتي تم تعيينها لا انتخابها، ويتم تمويلها من قبل الأمريكيين- تركز بشكل أكبر على الأمن منه إلى الحكم، والذي احتاجه العراق في الأشهر الأخيرة. و لكن بما أن الأمن الآن في تحسن مستمر، فقد حان الوقت لاتخاذ الخطوة التالية.



وبينما استطاع الكثير من مجالس الصحوة تأمين مناطقهم، فإن بعضها بعيدة عن الديمقراطية وقد اتهمت بإدارة إقطاعيات صغيرة و التصرف كميليشيات. وحذر رئيس الوزراء نوري المالكي العشائر السنية من أن هذا الترتيب لن يدوم إلى الأبد، وأن الأسلحة ستكون في نهاية المطاف فقط بيد قوات الأمن العراقية النظامية.



هناك سبب آخر لأهمية إنتخاب السنة وهو أن القادة المحليين المسؤولين عن ميزانيات المحافظات سيمثلون على نحو أفضل مصالح الناس وسيتحملون المسؤولية أمامهم.



خذ الأنبار، على سبيل المثال، ذات الغالبية الساحقة من العرب السنة التي كانت سابقا مركزا للتمرد والقاعدة. تم تخصيص 170 مليون دولار أمريكي للمحافظة في 2007 وحدها، مع ذلك فإن فقط 5 بالمئة من جمهور الناخبين شاركوا في الاقتراع الذي تم بموجبه اختيار مجلس المحافظة فيها، وذلك حسب تقرير نشرته صحيفة لوس انجلوس تايمز.



ويتوقع تدفق المزيد من الأموال إلى المحافظات بما ان أسعار النفط في تصاعد وإن العراق بدأ مهمته الكبيرة المتمثلة بإعادة اعمار البنى التحتية المحلية والوطنية.



ومما لاشك فيه إن الأموال الأمريكية ستنفذ بسبب إرتفاع ديون الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي قدره 9.6 تريلون دولار، وانه من المتوقع أن يقوم العراق بدفع تكاليف المشاريع المحلية – و هذا يجعل أمر تمثيل العراقيين جميعا تمثيلا عادلا على المستوىين المحلي و الوطني أكثر أهمية.



و تكمن إحدى المخاوف في أن العرب السنة الذين هم الآن راغبين في المشاركة السياسية سيلجأون إلى العنف إذا لم تجرِ الانتخابات في وقت قريب. وأن بعض أعمال العنف ذات الصلة بالانتخابات قد حدثت بالفعل، وإن هناك مخاوف من أن السنة قد يلجأون الى حمل السلاح إذا لم يتم إقرار قانون انتخابات مجالس المحافظات الذي يسير على نحو بطيء.



وقد أوقفت المشاحنات السياسية القانون في البرلمان، لاسيما حول قضية ما إذا كان ينبغي أن يتضمن شرط تقاسم السلطة لمقاعد المجلس في كركوك؛ المدينة المتنازع عليها. وقد أثار التأخير خيبة أمل كبيرة لدى إدارة بوش التي جعلت من الانتخابات المحلية واحدة من مقاييس واشنطن {لنجاح تجربتها} في العراق.



وعند هذه النقطة، يبدو أنه من غير المحتمل أن يتم إجراء الانتخابات هذا العام.



ولكن لا يمكن إجراء انتخابات بناءً على مطالب وجداول زمنية أمريكية أو دولية. إن قرار واشنطن للدفع باتجاه إجراء الإنتخابات المحلية عام 2005 بغض النظر عن أي المجموعات التي كانت ستشارك فيها، هو أحد الأسباب الرئيسة لكون العرب السنة ليسوا ممثَّلين اليوم. وهذا الدرس لا يمكن نسيانه.



بينما تعد المشاركة السياسية السنية أمر أساسي لإستدامة حتى نظام ديمقراطي ضعيف، فإنه يجب على العراقيين أنفسهم أن يكونوا هم من يقرر متى يجب إجراء الإنتخابات إذا ما كانت ذات أهمية بالنسبة لهم.



قد لا يثار الكرد والشيعة من إمكانية تقاسم مزيد من السلطات على الصعيد المحلي- ما يلفت الإنتباه هو أن الحكومة توقفت عند إجراء الانتخابات لعدة أشهر- لكن السنة قد أثبتوا أنهم قوة سياسية مهمة على الصعيد الوطني.



في الشهر الماضي، عادت التوافق، أقوى تحالف سني، إلى حكومة المالكي بعد أن أظهر رئيس الوزراء إلتزامه بوعده بمنح عفو لآلاف العرب السنة المحتجزين. تم الترحيب بعودة السنة إلى حكومة المالكي بإعتبارها بادرة مهمة للمصالحة.



يمكن لعملية المصالحة أن تستمر وستستمر طالما تم منح سلطة أكبر للسنة في السياسة المحلية. و بحلول ذلك اليوم، سيكون العراق في موقع أقوى بكثير للمضي قدما.



تياري راث، محررة شؤون الشرق الأوسط في معهد صحافة الحرب والسلام.
Frontline Updates
Support local journalists