الازمة العربية

العرب يريدون التغيير ولكن يرفضون فرضه من واشنطن واجندتها السياسية الخاصة

الازمة العربية

العرب يريدون التغيير ولكن يرفضون فرضه من واشنطن واجندتها السياسية الخاصة

Tuesday, 22 February, 2005

الاحداث في العالم العربي دخلت في مجال الغير معقول، عبروا كل الخطوط الحمراء التي سموها في الماضي لانفسهم.


احدث مثال هو مواجهة احتمال احتلال العراق والضرر المحتوم للمصالح العربية، وقد صعق العرب لمشاهدة القادة العرب الذين اجتمعوا لمناقشة الازمة عند انحدارهم لمستوى تبادل الشتائم بينهم وبين بعض.


اليوم واضح جدا للشعوب العربية بأن حكوماتهم لا تستطيع توفير شروط اساسية لامن قومي، وغير قادرة حتى على الدفاع عن استقلالية ، وسلطة الحكم في بلادهم. واحدة من اسباب هذا العجز هو فقدان الثقة بين الشعوب والحكام. الاستهتار الواضح لحقوق المواطنين ولحقوق الانسان كما وضعت في الدستور وفي المواثيق والمعاهدات الدولية. اضف الى ذلك العوامل المعقدة من الفساد والضعف الاقتصادي والنقص الحاد في التعاون العربي – العربي.


الدول العربية كما شعوبها فقدت الشعور باحترام النفس والعالم خسر احترامه لهم. والذي اضاف الى خطورة الوضع هو المعرفة بأن الحكومة الامريكية ومن فترة لديها خطة طريق لحملة ضخمة ضد الدول العربية في المنطقة. علاماتها الاولية ظهرت قبل 11 سبتمبر ومكوناتها السياسية بحاجة بأن يتم التصرف بها خلال مراحل.


الهدف هو اسقاط عدد من الانظمة في المنطقة وتغيير سياسات وتوجهات بعضهم.


الحملة اصبحت ممكنة لعاملين وهما الضربة القوية للولايات المتحدة على المسرح الدولي والسرطان الواهن المتفشي في العالم العربي.


الهدفين الرئيسيين لهذه الحملة هما، اولا: تعزيز التأثير الامريكي في الشرق الاوسط وثانيا تغيير الانظمة في المنطقة. الهدف ليس استقطابهم داخل المدار الامريكي – لانهم هم موجودون هناك الان ولكن الهدف يكمن في تغيير طبيعة البنية، القوانين، والثقافات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية لتتماثل مع مطالب المحافظين الجدد في الحكومة الامريكية.


هذه الشروط والتي تبدو جذابة باديء الامر تتطلب العيش مع اسرائيل ومع شروط اليمين الصهيوني المتطرف. سيتم النظر اليهم كأنهم مفروضون من الخارج ومتعاونين مع الاجندة الاسرائيلية المتشددة.


ماذا ستعني هذه التغييرات للعرب؟ اولا: احتلال وشيك الوقوع لدولة عربية، يعد بمثابة كارثة مقارنة مع ما حدث بفلسطين 1948، والمأساة هذه المرة بأن الاحتلال جاري من قبل اقوى دول في العالم والمشتركة مع دول اخرى بادعاءات مختلفة في العالم العربي.


بالرغم من تمرغ التفسيرات التي اعطيت لطبيعة الاحتلال الغربي القادم الى العراق، ستكون هناك نتيجة واحدة: حكم عسكري.


من الان فصاعدا ستكون الكلمات السارية المفعول هي مقاومة احتلال اجنبي مع كل ما ينطوي عليه. هذا معناه فترة طويلة من عدم الهدوء والاضطراب والتي ممكن ان تمتد الى عقد او اكثر .


سنشهد ظهور حركات سياسية مختلفة تماما عن الحركات التي عرفناها في السابق. البعض سيدعو الى العلمانية، آخرون الى التطرف الديني او فوق قومية. آخرون سيتعاونون طوعا مع المبادرة الاجنبية الحديثة.


من الضروري جدا اذن ان تتوحد قوات سياسية عربية حديثة معا لجمع شرائح كبيرة من عامة الشعب لتحقيق مجتمع عربي مدني ديمقراطي الذي يضمن لجميع المواطنين الكرامة والمساواة في المواطنة.


اخيرا، المشكلة التي يبدو من الصعب حلها وهي التعامل مع حكوماتنا في المنطقة. من المعروف ان هناك فجوة بين الحكومات وشعوبها التي من الصعب اغلاقها. لا يوجد هناك ثقة متبادلة ولا نية لدى الحكومات للتغير او اخذ دور للتعامل مع اعراض هذه المشكلة بل ترك المسببات لتزداد سوءا.


هذا كان من الممكن في السابق ولكن ليس اليوم. الان هناك احتلال وشيك الوقوع، ومع خسارة المواطنون العرب لكل مظاهر الكرامة، في المنطقة وفي كل مكان آخر.


الان المنفى هو المكان الوحيد الذي باستطاعتهم بناء حياة شريفة فيه. الحرب فقط ستؤدي الى ازدياد الوضع سوءا – اذا كان شيء كهذا ممكنا.


هناك تحديين لمواجهة فترة العراق ما بعد صدام حسين والمنطقة بأسرها: وهي فحص الهيمنة الاجنبية، واجراء تغييرات داخلية والعمل على ترويج الانظمة الديمقراطية و المؤسسات الدستورية. اذا لم يتم ذلك، سيلجأ بعض الشبان الى اعمال ارهابية والى الفوضى والذي بدوره سيفاقم الوضع المأساوي الذي نعيشه اليوم سوءا.


وليد خضوري، صحفي عراقي، المحرر الرئيسي Middle East Economic Survey


Frontline Updates
Support local journalists