الناس يخشون عودة مضطهديهم

أثار قرار السماح للبعثيين بالعودة الى الحكومة ذكريات مؤلمة في كوردستان

الناس يخشون عودة مضطهديهم

أثار قرار السماح للبعثيين بالعودة الى الحكومة ذكريات مؤلمة في كوردستان

Tuesday, 22 February, 2005

عاد يوسف أحمد قادر مؤخراً الى بيته في كركوك, بعد (14) عاماً من قيام قوات الأمن البعثية بطرده وعائلته من المدينة الى جانب مئات الآلاف من الكورد والتركمان الآخرين.


واعتقد يوسف ان عائلته تبدأ حياة جديدة, لكنهم الآن باتوا يخشون انهم سيعيشون مرة أخرى تجربة التطهير العرقي التي عانوا منها في ظل النظام السابق.


ان يوسف مثل الكثير من الآخرين يخشى القرار الأخير لسلطة التحالف المؤقتة الذي يسمح لبعض أعضاء حزب البعث بالعودة الى وظائفهم العسكرية والحكومية. ويعتقد يوسف ان القرار يمكن ان يؤدي الى اضطهاده والى طرد عائلته كلها, وقال ان البعثيين قد "يحاولون العودة الى وضع مماثل لذلك الذي كان في عهد صدام". وأضاف انهم اذا ما عادوا الى وظائفهم في الحكومة لن يعترفوا بان الوضع قد تغير في كركوك وفي بقية أنحاء العراق.


ويعيش يوسف مع شقيقتيه الشابتين ووالديه في الحي الكوردي "راحماوا" ويعمل في وظيفة حكومية جيدة في مكتب المحافظ.


ويساور العائلة القلق من مستقبلهم الأمني اذا ما عاد مضطهدوهم الى مراكز القوة. ويشاركهم الآخرون في المنطقة هذه المخاوف.


وقال حسين حسين جوامر سائق سيارة أجرة تركماني من كركوك "عندما سمعت الأخبار, شعرت بالخوف, وفكرت بان كل شيء قد يصبح مثلما كان في السابق".


وكانت مدينة كركوك الغنية بالنفط موطناً الى الكثير من الكورد والتركمان الذين اعتبروا تهديداً أمنياً لحكومة صدام حسين العربية. ان التركيب العرقي للمدينة قد تغير من خلال حملة "التعريب" التي أجبرت مئات الآلاف على الخروج من المدينة.


ولكن منذ سقوط النظام السابق, فقد انتقل العديد من الناس مثل يوسف الى كركوك مرة أخرى وحاولوا بدء حياة جديدة.


الأمر رقم واحد الذي وقعه الحاكم المدني الأمريكي للعراق بول بريمر في مايس/ 2003, جعل حزب البعث خارجاً عن القانون ومنع أعضاء الحزب القياديين من العمل لدى الحكومة. ان الأشخاص في المناصب العسكرية والحكومية العليا وفي المعاهد التي تديرها الدولة مثل الجامعات والمشافي, يخضعون للتحقيق قبل السماح لهم في العودة الى العمل.


ان ما يقدر بثلاثين ألف موظف مدني قد طهروا من الأعمال الحكومية, و(30) ألف آخرون من المتوقع ان يتم استبعادهم عند نهاية العملية على وفق ما ذكرته لجنة اجتثاث البعث التي شكلت للاشراف على تنفيذ العملية. إلا ان تعديل سياسة اجتثاث البعث هذه قد توقف هذا التطهير او تعطي نتائج معكوسة.


وذكر ان عضو مجلس الحكم العراقي أحمد الجلبي قد قال "هذا يشبه السماح للنازيين بالعودة الى الحكومة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة".


وكان السياسيون الآخرون أكثر دعماً للقرار الجديد, مشيرين الى النقص الحاد في الاداريين الخبراء من ذوي الكفاءة في المراكز الحكومية, اضافة الى حجة أخرى تقول ان الوضع الأمني المتدهور يعود في جزء منه الى سياسة اجتثاث البعث التي تركت مئات الآلاف من الموطفين خارج العمل بجرة قلم من بريمر.


ان الكثير من هؤلاء البعثيين العاطلين قد جندهم المتمردون او انهم التحقوا بالمسلحين الأجانب.


وقال فهمي فرج, عضو الرابطة الاسلامية الكوردية ـ فرع كركوك وعمره (32) سنة "اذا أثمر القرار عن وضع أمني مستقر, فهو قرار جيد".


لكن العديد من سكنة كركوك الذين غالباً ما عانوا من الاستفزازات والعنف والطرد على أيدي العناصر نفسها التي يمكن ان تعود مرة أخرى الى المناصب الحكومية, فان لديهم تحفظات جدية.


وأبدى عقيل مجيد, عربي يعمل في مكتب رئيس جامعة كركوك "الأمر يبدو وكأن صدام قد فقد رأسه بينما بقي جسده".


وكانت الوظائف في مديرية الشرطة حكراً على أعضاء حزب البعث, ولكن في المناخ المتغير الحالي, فقد أبدى (23) ضابط شرطة كوردي عدم استعدادهم للعمل الى جانب البعثيين السابقين.


وقال عقيل "سأترك عملي كرجل شرطة اذا تم تنفيذ القرار".


اضافة الى ذلك, فان العديد من المعلمين البعثيين قد طهروا من النظام التربوي.


ويعتقد بكر زمن مصطفى, مدير ومعلم في مدرسة "ماهوي" الابتدائية في حي القادسية في كركوك, ان عودة المعلمين البعثيين الى مدرسته مسألة "خطيرة جداً", فهو يخشى ان البعثيين سينشرون ثقافتهم السياسية بين الاطفال سريعي التأثر.


ويقول بكر انه سيترك عمله اذا ما جرى "اعادة تبعيث" المدرسة.


ويقول آخرون ان دوائر الحكومة والكليات قد تضررت بابعاد العاملين الكفوئين الخبراء. ويقول عبد اللطيف, مساعد عميد كلية القانون في جامعة كركوك, ان كليته قد عانت من فقدان بعض المدرسين البعثيين الذين كانوا مدرسين ممتازين, على حد قوله.


والوضع مشابه في الدوائر الحكومية حيث طرد الكثير من البعثيين المجربين. ويعتقد عماد محمود وهو موظف عربي في الادارة المحلية في كركوك وعمره (36) سنة, ان دوائر الحكومة تفتقر الى المهارات, التجربة والخبرة. ويقول هو وعبد اللطيف ان العديد من البعثيين الذين طردوا من وظائفهم ليسوا مجرمين.


ويوافق محمد آغا أوغلو عضو الجمعية التركمانية العراقية للطلبة والشباب وعمره (27) سنة على وجود امكانية بالسماح للبعثيين بالعودة الى مناصبهم مع شرط خضوعهم للتحقيق قبل كل شيء للتقرير فيما اذا كانوا مذنبين في أية جريمة.


وقال محمد "ان على المحاكم ان تؤدي دوراً هاماً في تنفيذ هذا القرار".


ويعتقد أحمد عسكر وهو عضو كوردي في مجلس الحكم في كركوك وعمره (51) سنة, ان من الواجب استشارة مجلس الحكم العراقي وشعب العراق قبل ان تقرر سلطة التحالف المؤقتة السماح بعودة البعثيين. ويأمل أحمد ان اعادة استخدام بعض البعثيين في الجيش والحكومة سوف يساعد على تحسين الأمن الذي "نحن بأمس الحاجة اليه".


ومع ذلك, فانه يشعر بالقلق أيضاً ازاء قرار يمنح السلطة مرة أخرى الى عناصر اساءت استخدامها بشكل كبير في ظل النظام السابق.


وقال "ان القرار سيء في كونه يمنح حقوق المذنب قبل حقوق الضحية".


*شاباز جمال ـ مديرالتحرير في الصحيفة الشبابية "التربية الحرة" ـ السليمانية


Iraqi Kurdistan, Iraq
Frontline Updates
Support local journalists