مزاعم تهريب النفط توسع من شقة الخلاف بين بغداد واربيل

تشدد حكومة أقليم كردستان من اجراءات الرقابة لكنها تتجاهل مطلب بغداد بالتحقيق في ادعاءات تهريب النفط الى ايران

مزاعم تهريب النفط توسع من شقة الخلاف بين بغداد واربيل

تشدد حكومة أقليم كردستان من اجراءات الرقابة لكنها تتجاهل مطلب بغداد بالتحقيق في ادعاءات تهريب النفط الى ايران

Friday, 23 July, 2010

 

خالد وليد وشورش خالد (تقرير الازمة العراقية رقم 346، 23 تموز- يوليو2010)

لم يخفف القرار الذي اتخذته حكومة اقليم كردستان بفرض اجراءات صارمة على التهريب المزعوم للنفط الخام، من حدة التوترات بين بغداد واربيل، مع استمرار الحكومة الفيدرالية في مطلبها باجراء تحقيق في عمليات تصدير النفط في الاقليم.

ولقد صادق مجلس وزراء اقليم كردستان هذا الاسبوع على اجراءات جديدة لمنع تهريب النفط ، ومن ضمنها تكثيف المراقبة على المناطق الحدودية ومراقبة عمليات توزيع الوقود المرسل من بغداد الى الاقليم.

وجاءت هذه الخطوات عقب تقارير غربية تفيد بنقل غير قانوني لعشرات المئات من غالونات النفط الخام والنفط المكرر الى ايران عبر كردستان العراق، مما يمثل انتهاكاً للانظمة والقوانين العراقية، وتجاهلاً للعقوبات الجديدة التي فرضتها الاممم المتحدة بحظر بيع الوقود الى ايران.

وقدر تقرير نشر في صحيفة نيويورك تايمز في 8 من شهر تموز، بان مئات الملايين من الدولارات تجنى كل عام من عمليات التهريب.

ورفض مسؤولو الاقليم هذه الادعاءات، رافضين الاقتراحات التي تقول بان الممارسة المزعومة هذه كانت سراً معروفاً على مدى سنوات، كما وانها اصبحت ممكنة بفعل تورط الحكومة فيها.

ودان وزير الموارد الطبيعية في حكومة اقليم كردستان، آشتي هورامي، في بيان أصدره الاسبوع الماضي ادعاءات تهريب النفط،  بانها " لا اساس لها".

وقال بان المشتقات النفطية تباع لايران بصورة قانونية. وان الحكومة المركزية على علم بهذا التبادل التجاري. وبموجب القانون العراقي ، يجب ابلاغ السلطات في بغداد بجميع الصادرات النفطية.

ولم يقلل انكار حكومة اقليم كردستان لهذه التقارير واتخاذها اجراءات جديدة من انتقادات بغداد، والتي تعتبر مسؤولة عن منح تراخيص صادرات النفط الخام وتوزيع الوقود في عموم البلاد. وقد ادى الخلاف الى مزيد من تدهور العلاقات بين الحكومة الفيدرالية والمسؤولين الاكراد الذين لطالما تجادلوا حول كيفية ادارة الموارد الطبيعية في اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي.

وقال عاصم جهاد، المتحدث باسم وزراة النفط الفيدرالية، بان لا علم لبغداد بمبيعات حكومة كردستان لمشتقات نفطية الى ايران.

وقد استدعى وزير النفط في الحكومة الفيدرالية، حسين الشهرستاني، عددا من المسؤولين الاكراد الى بغداد للتحقيق معهم، وأبلغ معهد صحافة الحرب والسلام بانه يطالب بوثائق " تظهر الكميات والعوائد وتواريخ الصادرات النفطية، بغض النظر عن نوعياتها سواء كانت خاماً او مشتقات نفطية".

واضاف " مها تكن تلك المنتوجات فانها تعتبر عمليات تهريب للنفط".

ووصف جهاد اجراءات مكافحة التهريب الجديدة التي اتخذتها حكومة الاقليم بانها " غير كافية"، كما وهدد بان بغداد "ستستقطع من ميزانية حكومة اقليم كردستان اي ارباح جنتها من صادرات النفط".

ويخصيص حوالي 17 بالمئة من ميزانية الحكومة العراقية الى حكومة اقليم كردستان.

وفي رده على دعوة بغداد، قال هورامي بان حكومة اقليم كرستان لا تنوي عقد اجتماع مع مسؤولي الحكومة المركزية، لكنه أبقى الباب مفتوحاً " لتعاون محتمل بيننا".

كما وقال " ليس لدي ما أقوله بشأن طلب الشهرستاني سوى اننا لدينا حكومتنا وبرلماننا ونحن الذين نصنع قراراتنا".

وقد جذب الاستقرار النسبي الذي تحظى به كردستان العراق، مستثمرين أجانب يسعون الى جني الارباح من احتياطات النفط الهائلة في الاقليم. لكن الخلاف بين حكومة اقليم كردستان وبغداد حول من الذي يملك سلطة توقيع العقود مع الشركات الاجنبية والدفع لها، قد أدى الى التقييد في تطوير القطاع النفطي في الاقليم.

وحسب وزارة الموارد الطبيعية في حكومة الاقليم، فان كردستان العراق تمتلك ما بين 20 الى 25 مليار برميل من احتياطي النفط المؤكد. ويظل الكثير من مناطق الاقليم غير مستكشفة حتى الآن، لهذا تقدر التقييمات الاكثر تفاؤلاً، الرقم الاجمالي بنحو 40 مليار برميل. كما وقالت الوزارة ، بان كردستان العراق تنتج حوالي 100 الف برميل يومياً في الوقت الراهن.

ويقول عضو البرلمان الكردي عن حركة التغيير المعارضة، عبدالله ملا نوري " كان هناك على الدوام توتر بين الحكومة المركزية وكردستان بشأن النفط." واضاف "الآن وقد خرجت المعلومات الواردة عن (مزاعم) تهريب النفط للعلن، سيصبح هذا جزءا من الخلاف. وستصبح العلاقات بين بغداد واربيل أكثر تعقيداً، وسيستخدم السياسيون هذه الورقة لصالحهم. حتى الولايات المتحدة قد تستخدم هذه القضية للضغط على الاكراد".

وأضاف نوري معتقداً " ان الكثير من المعلومات حول (ادعاءات) تهريب النفط  حقيقية".

ويعود أحد اسباب القلق البالغ لوزارة النفط ببغداد، الى انها تعتقد بان قسماً من المنتوجات النفطية المباعة في الوقت الراهن الى ايران يأتي من الشحنات المستوردة من دول اخرى للتقليل من نقص النفط وبقية انواع الوقود الاخرى. ومثل ايران، يعتبر العراق من أكبر منتجي النفط الخام، لكنه يفتقر الى القدرة في تصفية نفطه لسد احتياجات المحلي.

وفي كردستان العراق، كان وجود الشاحنات الايرانية والعراقية في المناطق القريبة من الحدود قد ادى ومنذ زمن، الى تكهنات بشان  تهريب النفط. وقال احد المراسلين المتدربين في معهد صحافة الحرب والسلام من مدينة بنجوين الحدودية، بانه لاحظ  في 12 من تموز الحالي وجود شاحنات في صف يبلغ طوله 10 كلم تقريباً، تنتظر عند نقط تفتيش على الحدود.

وبينما يدعو مجلس وزراء حكومة اقليم كردستان الى  التعاون مع بغداد لمنع التهريب، إلا ان الاجراءات الجديدة سيتم تنفيذها والاشراف عليها كلياً من قبل حكومة اقليم كردستان.

وبالاضافة الى تشديد المراقبة الحدودية ، فقد طالب مجلس الوزراء وزارة المالية في الاقليم بان تشرك وزارة الموارد الطبيعية، سجلاتها المتعلقة بالصناعة النفطية من عام 2010 وصاعداً.

وقال هورامي بان تشديد المراقبة الحدودية على توزيع الوقود والمعابر الحدودية ستبدأ " في الايام القليلة القادمة".

واضاف هورامي " نريد ان نعرف ونكون قادرين على التدقيق في نوعية التجارة التي تجري على حدودنا... لكي لا تكون هناك اي مشاكل". 

ويتزامن التوتر المتصاعد بين بغداد واربيل مع دخول الجمود السياسي في تشكيل حكومة مركزية جديدة شهره الخامس منذ اجراء انتخابات برلمانية غير حاسمة في البلاد.

وسيكون تطوير القطاع النفطي من القضايا المهمة التي ستواجه الحكومة العراقية الجديدة. وبدون قانون الهايدروكاربونات الذي طال ارجائه، ويشمل النفط والبنزين والغاز ومشتقاته- حيث يعتبر خطوة لا تحظى بالتاييد الشعبي لانها ستؤمن جزءا من ارباح النفط العراقي الى الشركات الاجنبية- فان الخبراء يقولون بان على الحكومة القادمة الاسراع بتشريع قانون ينظم ادارة وتوزيع جميع ثروات العراقية النفطية.

وقال هورامي بان مزاعم الاستغلال والاستفادة من عمليات تهريب الوقود غير القانونية سوف لن تؤثر على مفاوضات الحكومة مع بغداد. وفي الوقت الحالي، لا تملك اية كتلة سياسية مقاعد برلمانية كافية لتشكيل الحكومة بمعزل عن الآخرين. وقد يلعب الاكراد الذين حصلوا على حوالي 40 مقعداً، دوراً رئيسياً في ائتلاف حكومي محتمل.

ولكن المحلل عبدالله جعفر، وهو استاذ علوم سياسية متقاعد من جامعة بغداد، لا يتفق مع هذا الرأي.

وقال جعفر لمعهد صحافة الحرب والسلام " ستعطي قضية تهريب النفط المزعومة حكومة بغداد الذريعة، لوضع مزيد من القيود على النفط الكردي. ومع كشف هذه القضية ، بدى الاكراد أضعف في الوسط السياسي العراقي وامام العالم لبيعهم النفط الى ايران . وقد أعطى هذا بغداد مزيدا من القوة في التعامل مع جدالاتها الطويلة الامد مع الاكراد بخصوص قضايا النفط".

خالد وليد وشورش خالد، صحفيان متدربان في معهد صحافة الحرب والسلام من بغداد واربيل. اضافة الى مشاركات الصحفي المتدرب في المعهد خالد بينجويني من بينجوين، وهوكرحسن، المحرر المحلي في المعهد من اربيل، و عبير محمد المحررة المحلية في المعهد من بغداد. وتحرير كل من جارلز مكديرمد، محرر العراق في المعهد، و تياري راث مديرة قسم التحرير في المعهد- فرع العراق من السليمانية.

Iraq
Economy
Frontline Updates
Support local journalists