مخاوف من صراع في الأفق بانهيار توازن القوى العراقية

برحيل القوات الأميركية ،ازدادت صراعات القوى السياسية

مخاوف من صراع في الأفق بانهيار توازن القوى العراقية

برحيل القوات الأميركية ،ازدادت صراعات القوى السياسية

Iraqi prime minister Nuri al-Maliki addresses a press conference on December 21. (Photo: Ahmed al-Baghdadi)
Iraqi prime minister Nuri al-Maliki addresses a press conference on December 21. (Photo: Ahmed al-Baghdadi)
Thursday, 22 December, 2011

 

بعد أيام من رحيل أخر جندي أميركي من العراق، هددت الصراعات المتزايدة توازن القوى الذي يستند اليه النظام الديمقراطي الهش في البلاد. ويخشى البعض من عودة الصراع الطائفي، الذي يعتقد انه زال ببرحيل القوات الأميركية من العراق.

و يسود اعتقاد يقول انه بغياب القوات الأميركية، تمكن الساسة الشيعة من تنحية السنة وحرمانهم من المشاركة في إدارة دفة الحكم وتولي مقاليد السلطة.

تعمقت هذه المخاوف في 22 من كانون الأول عندما هزت سلسلة تفجيرات العاصمة العراقية بغداد، مخلفة 60 قتيلا على الأقل و200 جريحا، معظمهم من المدنيين بحسب تقارير أوردها المسؤولين العراقيين.

لم يعلن احد مسؤوليته، غير أن موجة العنف التي اجتاحت البلاد ما هي إلا إشارة واضحة أن الجماعات المتطرفة تنظر للوضع الأمني على انه أكثر ضعفا برحيل القوات الأميركية وتهدف لاستغلاله.

حدثت التفجيرات نتيجة تعرض بعض الساسة السنة الرفيعي المستوى لضغط شديد.

ففي 18 كانون الأول، أمر رئيس الوزراء نوري المالكي بصرف نائبه صالح المطلك من منصبه.

وطبقا لهندسة المناصب التي وضعت لضمان تنوع العملية السياسية وتماسكها، ينتمي رئيس الوزراء الحالي للأغلبية الشيعية بينما ينتمي المطلك للعرب السنة.

 في يوم 19 كانون الأول التالي، تم إصدار مذكرة اعتقال ضد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، احد القادة السنة، على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب.

في العشرين من كانون الأول تم منع المطلك من دخول بناية مجلس الوزراء في بغداد. وفي ذات اليوم تم إطلاق النار على موكب يقل اثنين من الساسة السنة غرب بغداد، حيث تبين إن إطلاق النار كان من قوات أمن عراقية.    

ورغم كون المطلك والهاشمي ابرز قادة السنة الذين يشغلون مناصب رفيعة في الدولة العراقية، غير أن الحكومة تصر على إن الإجراءات المتخذة ضدهما لا علاقة لها بالسياسة الطائفية.

وكانت الفضائية الرسمية العراقية التابعة للدولة أظهرت ما أسمته أعترافات الحرس الشخصي للهاشمي، والتي اعترفوا فيها بمسؤوليتهم عن اغتيال موظفين من وزارات الصحة والخارجية بالإضافة إلى ضباط  شرطة في بغداد. كما ادعوا أن الهاشمي دفع لهم 3000$ أميركي مقابل كل اعتداء.

المستشار الإعلامي للحكومة علي الموسوي اخبر معهد صحافة الحرب والسلام أن الهاشمي مطلوب من قبل القضاء وليس رئيس الوزراء. 

حيث قال " تم إصدار مذكرة الاعتقال من قبل السلطات القضائية العراقية استنادا إلى اعترافات حراسه الشخصيين، " وواصل " لا دخل للمالكي في هذا."

الهاشمي غادر بغداد واتجه لإقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي شمال البلاد بعد مداهمة القوات الحكومية مكتبه واعتقالها بعض كادره العامل هناك.

وجه الهاشمي حديثا من اربيل أنكر فيه كل تهم الإرهاب المنسوبة إليه وقال بأنه مستعد للمحاكمة بشرط أن تجري المحاكمة في كردستان وان تكون حيادية.

من جملة حديث الهاشمي في المؤتمر الصحفي الذي أقيم في العشرين من كانون الأول وتم بثه على قناة الجزيرة الفضائية " اقسم بالله إنني لم ارتكب أي إثم بحق العراقيين."

بالنسبة لنائب رئيس الوزراء فقد أعلن الموسوي إن المطلك "خرق الدستور في المرة الأولى عندما أسبغ المديح على صدام، وثانيا عندما وصف رئيس الوزراء والحكومة بصفات لا أساس لها من الصحة."، في إشارة إلى مقابلة المطلك مع قناة سي إن إن التي وصف فيها المالكي بأنه " دكتاتور" خدع الاميركان.

 في إل 21 من كانون الأول، أعلن رئيس الوزراء بأنه لم يعد يشعر بالالتزام باتفاق الشراكة السياسية و الذي يفضي بتوزيع المناصب بين مختلف المجاميع العرقية في العراق. حيث أعلن ، بدلا عن ذلك، بأنه يعتزم تشكيل مجلس وزراء جديد قائم على أساس الأغلبية.

حيث صرح في معرض حديثه أثناء مؤتمر صحفي "لا عيب في تشكيل حكومة أغلبية. فكل الديمقراطيات في العالم تعمل بناءا على هذه الطريقة،" وواصل القول  "كنا بحاجة لعقد اتفاقيات ومشاركات في الماضي. أما ألان فانا من ضمن المؤيدين لإقامة حكومة أغلبية، وليس مشاركة السلطات."

كما بدد المالكي المخاوف بشان إذكاء نيران الطائفية مرة ثانية بقوله انه "متفائل جدا" للمستقبل.

تم اتهام المالكي عدة مرات بإتباع أسلوب استبدادي في إدارة حكومته بسبب شكاوي القادة السنة في مواقع السلطة من عدم إشراكهم باتخاذ القرارات.

أعلنت العراقية هذا الأسبوع ، وهي قائمة سنية تضم بين صفوفها كل من الهاشمي والمطلك، بأنها ستعلق مشاركتها في جلسات البرلمان وبأن موظفيها سيقاطعون اجتماعات مجلس الوزراء. جاء هذا القرار عقب طلب المالكي إجراء تصويت نيابي لسحب الثقة من المطلك.

عن ذلك صرح حامد المطلك، احد ابرز قادة العراقية بقوله "لقد خذلتنا الحكومة وتراجعت عن وعودها ليس بالنسبة إلينا فحسب بل بالنسبة لشركائها في العملية السياسية، "مضيفا،  "لن يستطيع الناس وضع ثقتهم في هذه الحكومة، ليس بعد ألان."

في حين لم يعترض الساسة الشيعة على الإجراءات المتخذة بشأن الهاشمي والمطلك، انتقد آخرون هذه الإجراءات بشدة.

ففي تصريح لرئيس الجمهورية جلال طالباني- من القائمة الكردية- في العشرين من كانون الأول، وصف قرارات المالكي بشأن القياديين بأنها " متسرعة". كما دعا مسعود برزاني، احد ابرز القادة الأكراد ورئيس إقليم كردستان إلى عقد مؤتمر وطني طارئ لإنقاذ العملية السياسية من الانهيار. 

وعلى غرار رئيس إقليم كردستان ، دعا أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي والمنتمي للقائمة العراقية ، إلى مؤتمر وطني لتجنب حدوث الاسوء.

من جانب آخر حث المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، جميع الإطراف " للعمل على حل الخلافات بهدوء عن طريق الحوار، ضمن الإطار القانوني والعملية السياسية الديمقراطية."

يقول الموسوي: " حاولت بعض الأحزاب التوسط، غير أن رئيس الوزراء لن يساوم على الدم العراقي، مهما كان الثمن."

بينما يراقب المحللون تطورات الوضع في العراق، فإنهم يعبرون عن قلقهم المتزايد حول ما تخبئه الأيام على المدى الطويل.

عن ذلك يقول حيدر سعيد، باحث وخبير في الشأن العراقي في عمان، بان تقاسم الصلاحيات هو الحل الأفضل للبلاد.

كما حذر سعيد من حكم الحزب الواحد في البلاد بقوله " لقد خبرنا ذلك إبان حكم صدام، ولم ينجح الأمر، وعليه فانه لن ينجح الآن. لن تستمر الديمقراطية في العراق إذا ما تم إهمال مبدأ تقاسم السلطات."

عبير محمد/ محررة معهد صحافة الحرب والسلام للشأن العراقي.

Frontline Updates
Support local journalists