عاصفة تتشكل حول مقترحات الاتحاد الإفريقي بشأن العدالة

إن الاستقرار في السودان يشكل الشاغل الرئيسي للاتحاد الإفريقي، إلا أن فكرة الاتحاد عن العدالة قد لا تلقى قبولاً لدى الجميع.

عاصفة تتشكل حول مقترحات الاتحاد الإفريقي بشأن العدالة

إن الاستقرار في السودان يشكل الشاغل الرئيسي للاتحاد الإفريقي، إلا أن فكرة الاتحاد عن العدالة قد لا تلقى قبولاً لدى الجميع.

Friday, 25 September, 2009
.



ولكن يخشى البعض من إمكانية أن تمثل هذه التوصيات من جانب الاتحاد الإفريقي محاولة لإقصاء سلطة المحكمة الجنائية الدولية وتجنيب الرئيس عمر البشير وشركاءه مواجهة العدالة.



وقد صرح الاتحاد الإفريقي في يوليو (تموز) بأنه غير مستعد للتعاون مع القرار الذي اتخذته المحكمة الجنائية الدولية في توجيه مذكرة اتهام بحق البشير، بحجة أن الحكم يهدد السلام والاستقرار في السودان.



هذا وقد حث الاتحاد الإفريقي في أحد قراراته أعضاءه ـ ومن بينهم أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية أيضاً- على منح الزعيم الإسلامي حرية السفر في أنحاء القارة دون خوف من الاعتقال.



وتم تأسيس فريق خبراء الاتحاد الإفريقي من أجل دارفور ـAUPD ـ في فبراير (شباط) قبل صدور مذكرة توقيف بحق البشير، وذلك بهدف بحث سبل إحلال السلام في دارفور.



ويرأس هذه اللجنة الرئيس السابق لجنوب إفريقيا ثابو مبيكي الذي شدد خلال زيارته الأخيرة إلى الخرطوم، على أن العدالة والمصالحة هما جزء لا يتجزأ من عملية السلام.



ويشير المتحدث باسم AUPD بارني آفاكو إلى أنه ينبغي أن يتم الانتهاء من التقرير في بداية تشرين الأول.



وعلى الرغم من أن محتويات التقريرلا تزال غير معلنة، فإن المصادر تشير إلى أنه من المرجح أن يولي اهتماماً وثيقا بطرق استخدام آليات العدالة المحلية لتعزيز السلام والاستقرار في البلاد.



ويؤكد آفاكو على أن محادثات الـ AUPD قد درست كيف يمكن أن يستخدم ما يسمى المحاكم المختلطة لخلق طرف وسط بين العدالة الدولية والمحاكم المحلية.



وكانت المحاكم المختلطة ـ التي غالبا ما تستخدم قضاتاً أجانب لتعزيز شرعية المحاكم المحليةـ قد استخدمت لمحاكمة جرائم الحرب في بلدان أخرى بما في ذلك يوغوسلافيا السابقة ورواندا.



ومع ذلك، فمن المرجح أن يلقى أي دفع باتجاه المحاكم المختلطة معارضة شديدة من الحكومة السودانية، التي دأبت على رفض أي دعوات للتدخل الأجنبي في النظام القانوني الوطني.



قال فتحي خليل رئيس اتحاد المحامين السودانيين الذي تحالف مع الحكومة ضد اتهام المحكمة الجنائية الدولية: "إن الدستور والقوانين السودانية ترفض مشاركة قضاة أجانب في المحاكم السودانية".



وقال: "لدينا نظام قضائي مستقل ونزيه وبالتالي ليست هناك حاجة للمحاكم المختلطة."



وقد تم طرح فكرة أخرى لاقت استحساناً أكبر لدى خليل، وهي إمكانية إنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة التي من شأنها أن تعمل بطريقة مماثلة لعمل المحاكم التي أقيمت في جنوب إفريقيا مباشرتاً بعد انهيار نظام الفصل العنصري.



وقد أدخلت محاكم الحقيقة والمصالحة إلى جنوب إفريقيا بهدف تجاوز ظلال الماضي عن طريق منح العفو لأولئك الذين نفذوا اعتداءات ذات دوافع سياسية مقابل الكشف الكامل عن جرائمهم.



إلا أن منتقدي الفكرة يشيرون إلى أن أي نظام مماثل في السودان من شأنه أن يكون مجرد وسيلة لتفادي أن يواجه المذنبون من مرتكبي جرائم حرب العدالة.



أشار أحمد حسن المتحدث باسم حركة العدل والمساواة، وهي حركة متمردة في دارفور، إلى أن" ذلك ليس إلا استراتيجية لإيجاد مخرج للبشير." وقال:" إنها تمثل محاولة لمساعدة الجناة على حساب الضحايا، فالنظام القضائي في السودان ليس مستقلاً ولا يمكنه محاكمة جرائم الحرب، والآلية الوحيدة المقبولة قانونياً للقيام بذلك [حالياً] هي المحكمة الجنائية الدولية."



ويرفض حسن أي مقارنة مع لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا.



قال: "كان الوضع في جنوب إفريقيا مختلفاً جداً." وأضاف "في الواقع إعترف النظام السياسي بأنه تم ارتكاب هذه الجرائم. لقد قرروا إلغاء نظام الفصل العنصري والمضي قدماً. أما في السودان فلا يزال النظام المسؤول عن هذه الجرائم في السلطة، ولا تزال الانتهاكات مستمرة على أرض الواقع."



ويقول حسن إنه يود لو يستطيع أن يفكر يوماً بأن السودان سيكون قادراً على إدارة عدالته، ولكن هذا سيتطلب أولاً إجراء إصلاح شامل للنظام القضائي لإنشاء نظام مستقل حقاً.



أمين مكي مدني، محام محترم في قضايا حقوق الإنسان في الخرطوم، يبدي موافقته على ذلك قائلاً:

"إن نزاهة النظام القضائي قد دمرت في السنوات العشرين الماضية." ويضيف "إن النظام القضائي السوداني لا يملك القوانين والخبرة للنظر في انتهاكات القوانين الإنسانية الدولية ."



كما يشدد مكي على الحاجة إلى أن يكون هنالك دعم من مختلف الأحزاب السياسية للجنة الحقيقة والمصالحة قبل المضي قدماً في هذا الخيار.



ولكن يبدو أنه سيكون من الصعب حشد مثل هذا الدعم على نطاق واسع.



وصرح يوسف حسين، متحدث باسم الحزب الشيوعي، بأن من السابق لأوانه النظر في العفو عن مرتكبي جرائم الحرب.



كما أضاف: "ينبغي معاقبة هؤلاء الذين ارتكبوا انتهاكات في دارفور قبل أن يتم تأسيس لجنة الحقيقة والمصالحة." وقال: "هناك جرائم أخرى في المنطقة لم ينظر فيها بعد."



ويتم النظر إلى تقرير الاتحاد الإفريقي بشأن العدالة في دارفور باعتباره فرصة للاتحاد لإثبات عزمه على أن يفعل شيئا في السودان، بعد أن تعرض لانتقادات من جانب المجتمع الدولي لعدم دعمه للمحكمة الجنائية الدولية في قرارها توجيه الاتهام إلى البشير.



هذا ووفقاً لما جاء عن سارة نوفين الباحثة في جامعة كامبردج في المملكة المتحدة، فالمخاطر كبيرة.



قالت: "إن قلق الاتحاد الإفريقي مشروع، فإذا ما تلاشى السودان سوف تدفع الدول الإفريقية الثمن."



ويقول آفاكو منAUDP إن الأمور أكثر تعقيداً بكثير من محاكمة مرتكبي جرائم الحرب.



وصرح لمعهد صحافة الحرب والسلم "لا ينبغي أن نركز على السياق الضيق للعدالة وحسب، بل على استقرار السودان على المدى الطويل." مضيفاً "الاستقرار في السودان يعتبر حاسما بالنسبة للمنطقة بأسرها، فهناك تسع دول تحد البلاد وكلها تتأثر مباشرة بالنزاع الجاري داخل حدودها.



"وعلاوة على ذلك يعكس السودان الكثير من التنوع الموجود في البلدان الإفريقية الأخرى. وإن كان التعايش ممكناً في السودان ، فذلك يبعث رسالة قوية إلى البلدان الأخرى في المنطقة، ولذلك لابد من إيجاد حل للسودان ولهذا السبب أيضاً يقدم الاتحاد الإفريقي هذا النوع من الدعم."



وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد وجهت الاتهام بارتكاب جرائم حرب في دارفور إلى اثنين آخرين، بالإضافة إلى البشير، هما أحمد محمد هارون، الوزير السابق لوزارة الشؤون الإنسانية، وعلي كوشيب، القائد السابق لميليشيا الجنجويد، وهي جماعة مسلحة في دارفور كان شائعاً أن الحكومة تدعمها.



أحمد الشيخ متدرب في معهد صحافة الحرب والسلم في الخرطوم.



وبليك ايفانز بريتشارد محرر في معهد صحافة الحرب والسلم ساهم في إعداد هذا التقرير.
Africa, Balkans
Frontline Updates
Support local journalists