حكومات محلية تعارض صفقات الغاز التي عقدتها بغداد

محافظات غاضبة من مزادات للطاقة التي يقول مسؤولون بانها ربما خرقت الدستور العراقي

حكومات محلية تعارض صفقات الغاز التي عقدتها بغداد

محافظات غاضبة من مزادات للطاقة التي يقول مسؤولون بانها ربما خرقت الدستور العراقي

مجموعة من الصحفيين المتدربين في معهد صحافة الحرب والسلام (تقرير الازمة العراقية رقم. 356، 22 تشرين الاول-اكتوبر 2010)

عارضت ثلاث محافظات وبغضب، المزاد الذي أعلنت عنه وزارة النفط هذا الاسبوع لاستثمار ثلاثة حقول للغاز الطبيعي تقع في أراضيها. كما وهدد مسؤولوها باتخاذ اجراء قضائي ضد حكومة بغداد، محذرين بانهم سيرفضون التعاون مع الشركات المستثمرة.

ومنحت العطاءات الى شركات من تركيا والكويت وكازخستان وكوريا الجنوبية لتطوير حقول غاز تملك ما يقارب 10 بالمئة من احتياطي العراق. ويقول مسؤولون في وزارة النفط، انه تم تطوير هذه الحقول الواقعة في محافظات الانبار وديالى والبصرة، مبدئياً لغرض الاستهلاك المحلي، وذلك من أجل تحسين امدادات الطاقة الضعيفة في البلاد.

ولكن أعضاء مجالس المحافظات يؤكدون بان وزارة النفط قد تخطت حدودها -وربما انتهكت الدستور- بعقدها المزاد بدون استشارة المسؤولين المحليين. وتقول المحافظات، بانها تريد مزيدا من السيطرة على ثرواتها الطبيعية، وضمانات بان عمليات تطوير الحقول تعود بالنفع على اقتصادها.

ويعكس هذا الخلاف، التوترات المستمرة بين السلطات المحلية وحكومة بغداد المركزية حول ادارة الثروات الطبيعية الهائلة في البلاد. وينظم مقترح قانون النفط والغاز، الذي تمت صياغة مسودته في 2007، شؤون ادارة الموارد الطبيعية والتعاقد في مجالها، بين السلطات المحلية والاتحادية،  بالرغم من انه قد تم تعطيله لسنوات. وقد كان من المتوقع ان يناقش البرلمان مشروع القانون بعد انتخابات آذار، غير انه تم ارجائه بسبب النقاشات السياسية المريرة التي تركت البلاد بلا حكومة عاملة.

وقد اثبت ان العراق يمتلك رابع أكبر احتياطي للنفط في العالم، كما ويعتقد بانه يملك عاشر أكبر احتياطي للغاز. وان الكثير من الثروات الطبيعية لم يتم تطويرها بعد. 

ففي محافظة الانبار الغربية، يهدد مجلسها بمقاضاة وزارة النفط لعدم مشاورتها السلطات المحلية بخصوص المزايدة. ويقول بانه لن يساعد الشركات الاجنبية التي فازت بحقوق تطوير حقل عكاز الذي يملك احتياطي ضخم من الغاز ويقع بالقرب من الحدود السورية.

وفي غياب قانون ينظم ثروات العراق الطبيعية، يشير مسؤولون محليون الى المادة رقم 109 من الدستور، والتي تفرض على الحكومة الفيدرالية ادارة النفط والغاز "مع المحافظات المنتجة وادارات الاقليم".

وأبلغ جاسم الحلبوسي، رئيس مجلس المحافظة، معهد صحافة الحرب والسلام "سوف لن يقدم المجلس اي نوع من التعاون او الدعم او التسهيل للشركات التي فازت بالعطاءات".

وعند سؤاله عما اذ ستشن هجمات على الشركات الاجنبية التي ستقوم بتطوير الحقل، رد الحلبوسي بالقول " ستتحمل الحكومة المركزية المسؤولية عن تجاهل قرار حكومة الانبار المحلية ومطاليب سكانها".

"ان توقيع العقد الخاص بحقل عكاز للغاز بدون الاستماع الى قرارنا- برفض الصفقة- سيزيد من المشاكل بين الادراة المحلية والحكومة الفيدرالية".

 وتسيطر على محافظة الانبار، التي كانت معقلاً للتمرد السني في السابق، عشائر محلية انشقت عن تنظيم القاعدة وتخلت عنه. وقد تحسنت الحالة الامنية فيها منذ 2007، لكنها لاتزال مصدر قلق كبير، وخصوصاً للاجانب.

وقد دعا وزبر النفط حسين الشهرستاني، السلطات المحلية الى ابداء التعاون مع الشركات التي فازت بمزايدات حقول الغاز، محذراً من" ان الحكومة ستعاقب بقوة وبشدة كل من يقف حائلاً بوجه تطوير هذه العقود".

وقد أعلن مجلس محافظة الانبار معارضته للمزاد قبل ايام من من افتتاح المزايدات في بغداد. وقد بدأ الخلاف بين الانبار والحكومة المركزية مطلع هذا العام، عندما رفضت وزارة النفط مقترحاً من مسؤولين محليين في المحافظة بتشكيل كونسورتيم مكون من الشركات التركية والالمانية لتطوير حقل عكاز، كما يقول مزهر حسن الملا، رئيس هيئة الاستثمار في مجلس المحافظة. وقد هدد المجلس برفض مقترحات وزارة النفط بعد ان رفضت الاخيرة مقترحات مسؤولي محافظة الانبار، اضاف الملا.

ويزعم مسؤولون في محافظتي ديالى والبصرة، بانهم لم يبلغوا بشكل رسمي أبدا بالمزاد. وتؤكد وزارة النفط بان لها الحق في توقيع عقود تطوير حقول النفط والغاز، وان المسؤولين المحليين كانوا على علم تام بالمزاد الذي كان مقررا أصلاً في شهر أيلول.

لكن أحمد السليطي، عضو مجلس محافظة البصرة، أصر على ان " هذه قضية مهمة بالنسبة للمحافظة، ويجب ان لا يتم عزلنا بهذه الطريقة. ربما سنحتاج بعد عدة سنوات الى ثورة اخرى لتأميم النفط".

كما ويزعم صادق الموسوي، نائب محافظ ديالى، بان عقود التطوير تعتبر غير قانونية بسبب عدم استشارة السلطات المحلية، بالرغم من قوله بان مجلسه لا ينوي ان ياخذ الخلاف الى ابعد من ذلك. ويقول مسؤولو محافظة البصرة بانهم سيناقشون في اتخاذ اجراءات ضد وزارة النفط بشأن الصفقات.

فبالاضافة الى التهديد بمقاضاة الحكومة لعدم مشاورتها السلطات المحلية، فان مجلس محافظة الانبار يفكر في تنظيم تظاهرات، وربما سيعلن حالة الاضراب احتجاجاً على قرار وزارة النفط، يقول الحلبوسي.

ومع ذلك يقول طارق حرب، الخبير القانوني، بان العقود "قانونية ودستورية، ولاسلطة للمحافظات في معارضة العقود او نتائج المزايدات".

ويقول ثامر الغضبان، وهو مستشار رئيس الوزراء نوري المالكي لشوؤن النفط، بان مشاريع تطوير حقول الغاز ستحسن من نوعية الحياة في المحافظات من خلال توفير الطاقة الكهربائية والوظائف.

ويقول عاصم جهاد، المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط، بان الوزارة ستناقش العقود من مع كل من المسؤولين المحليين والمواطنين، ولاتعتقد بان الامن سيكون مصدر قلق، مضيفاً " لا اعتقد بانه ستكون هناك  اي مشاكل".

لكن ومع كل ذلك، هناك وضوح في المعارضة المحلية لهذه المشاريع. حيث يقول أهالي البصرة والانبار وديالى، بانهم غاضبونمن العقود، مؤكدين على ان الاموال لن تذهب الى المواطنين اذا سيطرت حكومة بغداد عليها.

"ان عوائد الغاز ستذهب الى بغداد، وستظل الاوضاع متردية هنا" يقول الشيخ سلام عجمي، وهو أحد شيوخ عشائر الفلوجة، والذي شارك في التظاهرة التي نظمت في المدينة في هذه الاسبوع.

ويقول المعلم باسم سعيد -45 عاما- من ديالى، بان على الحكومة المحلية ايقاف الشركات العالمية عن العمل في المحافظة.

ووصف سعيد الشركات " بمصاصي الدماء الذين يريدون امتصاص دماء الاهالي المحليين من خلال عقد صفقة مع حكومة بغداد". واضاف " اذا ما حاولت هذه الشركات المجيء الى هنا واستغلال ثرواتنا، فستقع في مشاكل بحيث لن تكون بمقدورها التخلص منها".

عبير محمد، محررة الاخبار المحلية في معهد صحافة الحرب والسلام، وعثمان المختار، الصحفي المتدرب في المعهد من مدينة الفلوجة. وساهم في كتابة هذا التقرير كل من الصحفيين المتدربين في المعهد، علي محمد وعلي ابو العراق من ديالى والبصرة.

Iraq
Frontline Updates
Support local journalists