جيش المهدي يحافظ على السلام

اتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر يحافظون على القانون والنظام في عدة مدن.

جيش المهدي يحافظ على السلام

اتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر يحافظون على القانون والنظام في عدة مدن.

Tuesday, 22 February, 2005

قبل ثلاثة أشهر، سادت الفوضى في الأحياء الفقيرة لمدينة الصدر شمال شرقي بغداد. وقال التاجر زهير عبد الجليل، صاحب محل على جانب الشارع العريض الذي أعيدت تسميته باسم "شارع فييتنام" بعد ان أصبح ميداناً للقتال "هناك نهب وتجارة مخدرات وغياب كامل لرجال الشرطة".


يأتي التجار للعمل في النهار فقط لخوفهم من التسليب، كما لا تجازف العديد من النساء بالخروج نهائياً، بينما يشكو سواق سيارات الأجرة بانهم لا يستطيعون ترك سياراتهم حتى لتناول وجبة غداء سريعة دون ان تخلع اطاراتها.


وبات غايب لازم شبيب النقيب في الجيش العراقي السابق وعمره (33) سنة يبيع الملابس الآن في سوق مريدي المفتوح على جانب شارع فييتنام، وقال ان المنطقة امتلأت بتجار المخدرات ورجال العصابات. وأضاف قائلاً "يخشى الناس المجيء الى السوق بسبب تصرفاتهم السيئة. انهم يحملون الأسلحة ويزعقون، وقد جرح الكثير من الناس في هذا الوقت".


ويتذكر غايب مشهداً لرئيس احدى العصابات الذي ظهر يوماً وهو يحمل مسدسين ويطلق النار في الهواء ويلعن كل شيء لأن زوج أخته قد قتل.


وأمر رجل العصابة جميع التجار باغلاق محلاتهم، ولم يكن لديهم خيار سوى الامتثال.


بكلمة واحدة، فقد استغلت العصابات الاجرامية الفوضى التي نشأت عن اندلاع القتال بين القوات الأمريكية وأعضاء جيش المهدي أتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذين أطلقوا النار على مراكز الشرطة المحلية لفرض سيطرتهم على المدينة.


لكن الصدر دعا الشهر الماضي الى وقف اطلاق النار، وأمر رجاله المسلحين بانهاء العصيان والتعاون مع الشرطة لاستعادة النظام.


وبعد الهدنة استدعى غايب مجموعة من أتباع الصدر، الذين طلبوا من العصابات تحت تهديد السلاح بالخروج من المنطقة. كما جرى ابلاغ تجار المخدرات بواسطة أقاربهم وبطريقة عشائرية عراقية ملزمة، بالتوقف عن بيع بضاعتهم أو يقتلون.


وقال غايب لمندوب معهد صحافة الحرب والسلام "لقد أصبح الوضع الآن جيد جداً".


وعلى صعيد آخر قال قائد جيش المهدي صالح حنون البالغ من العمر (30) سنة "نحن الآن في هدنة مع القوات الأمريكية. وواجبنا هو رعاية المسلمين .. ومحاربة عصابات المخدرات وتجار الأسلحة .. بمساعدة الشرطة العراقية".


وقال نقيب الشرطة هاشم عبد المحسن من مركز شرطة الثورة "لقد ارتفعت معنوياتنا بعد ان أعلن جيش المهدي والمجتمع تأييدهم لنا، وأرسلنا دورياتنا عبر المدينة".


وقال هاشم "أخبرنا أعضاء جيش المهدي عن عصابات المخدرات ومزوري الوثائق .. وبدأنا نتعقب العصابات ونجحنا في القبض على الكثير منهم، اضافة الى تنظيم المرور في تقاطعات طرق المدينة مع متطوعين من جيش المهدي او السكان".


وقال الأهالي لمندوب معهد الصحافة ان رجال الدين من أتباع السيد الصدر يعضون في صلاة الجمعة بان جيش المهدي يجب ان يحارب المجرمين والمتطرفين "الوهابيين" ولكن أي واحد يقتل رجل شرطة يجب ان يقتل او يعتقل.


ان هذا النموذج الذي برز في مدينة الصدر، قد كرر نفسه في مراكز التمرد الأخرى السابقة في جنوب العراق.


في مدينة الكوت الجنوبية أخبر مقاتلو الصدر الشرطة عن خلية من سبعة رجال تخزن المتفجرات، حتى انهم ساعدوا الشرطة في القاء القبض عليهم.


وقال نقيب الشرطة المحلي حسين رافد "لقد كان لجنود جيش المهدي دوراً كبيراً في القبض عليهم". وقال ان المخبرين لم يكشفوا عن الخلية فقط، بل انهم كانوا أيضاً السباقين في غارة رجال الشرطة على بيت المشبوهين.


ويقف رجال الصدر المسلحين الى جانب جنود الجيش العراقي الجديد يفتشون السيارات عند احدى نقاط التفتيش في ضواحي المدينة. ويشاركون في الدوريات على الطريق الخارجي الذي يتجه شرقاً الى العمارة.


وقال عباس الطائي وعمره (35) سنة وهو واقف عند نقطة تفتيش في ناحية شيخ سعد الى جاتب رفاقه من جيش المهدي "نعمل مع الشرطة العراقية مجاناً، للمساعدة في حفظ الأمن".


وقال الشرطة ان مساجد الصدريين تزود الدوريات بوجبات الطعام والشراب أيضاً.


وقد بدأ التعاون بعد اقتراح تقدم به رجل الدين الصدري الشيخ محمد فاضل الموسوي, على وفق ما ذكرته مصادر في الشرطة وجيش المهدي.


وقال الموسوي "لأن جيش المهدي قد أسس للحفاظ على الأمن واستعادة حرية العراقيين، فان واجب كل مقاتل فيه هو العمل في مصلحة الشرطة وسرايا الدفاع المدني".


وبينما حيا مدير مركز شرطة الكوت نزار البهادلي جيش المهدي، قال ان اشتراك المسلحين في حماية القانون والنظام ككيان مستقل هو أمر "مؤقت".


مع ذلك، فقد اعترف البهادلي انه سيجند (50) من مقاتلي الصدر في الشرطة، ماداموا "قد أثبتوا قدراتهم ومهاراتهم في الحفاظ على الأمن في الكوت".


لكن، ليس جميع مواطني الكوت سعداء بجيش المهدي.


ان أتباع رجال الدين الكبار والأكثر محافظة، يرون في الغالب ان أتباع الصدر مثيرون للمشاكل ويمارسون العنف.


وقال منير أحمد وعمره (42) سنة، صاحب محل، ومن أتباع آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني "ان مقاتلي جيش المهدي كانوا سبب الشغب الذي وقع قبل شهور، والآن يتصرفون كناس طيبين".


وقال البقال صالح علي البالغ من العمر (44) سنة والذي يحمل رأياً مشابهاً "ان معظم جنود جيش المهدي من المجرمين. فكيف يمكن لهؤلاء المجرمين ان يعملوا مع رجال الشرطة في حفظ الأمن"؟


*عوض الطائي وعقيل جبار ـ بغداد و الكوت


Frontline Updates
Support local journalists