تعليق: قضية شفافية

يؤمن شعب كوردستان ان قادته يعيدون الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها الحركات الوطنية الكوردية

تعليق: قضية شفافية

يؤمن شعب كوردستان ان قادته يعيدون الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها الحركات الوطنية الكوردية

Tuesday, 22 February, 2005

بعد سنة من الحرب الشديدة بشأن القضية الكوردية في العراق, يصدمنا كل من زعيمي حزبينا الحاكمين: جلال الطالباني ومسعود البرزاني, بارسالهما رسالة نحيب للرئيس بوش.

ان القائدين اللذين صمتا حتى اليوم, خرجا من مكاتبهما المغلقة وعبرا عن ما يشغلهما الى الزعيم الأمريكي, وليس لنا: نحن الشعب الكوردي الذي يمثلانه.

ان شكاواهما وانتقاداتهما تؤكد الشكوك التي ساورت شعب كوردستان العراق خلال السنة الماضية بشأن طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة والكورد.

كان الوقت متأخراً قليلاً في النهار.

ويقول هذان الزعيمان انهما كانا, خلال السنة الماضية "يتابعان انحياز السلطات الأمريكية ضد كوردستان", ونحن: الشعب الكوردي نسمع عن هذا الأمر الآن فقط.

لقد أكدت الرسالة لشعب كوردستان ان قائديهما يكرران الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها الحركات الوطنية الكوردية, وهي الافتقار الى الشفافية.

وأكثر من ذلك, فان الفضيحة الحقيقية للقيادة هي ان هذه الرسالة قد نشرت بالانكليزية والعربية والفارسية قبل اسبوع في الغالب من قيامنا بنشرها باللغة الكوردية في صحيفتنا "هولاتي".

ان الشعب الكوردي له الحق في ان يعرف ماذا يتقرر بشأنه حتى لو كان لديه خياراً محدوداً في من سيقرر ذلك.

وقبل ان يخبر قائدانا العالم بان الكورد يجب ان لا يعاملوا كمواطنين من الدرجة الثانية في العراق, عليهما ان يبدآ هما بمعاملة المواطنين الكورد تحت ظل حكومتيهما المحليتين كمواطنين من الدرجة الأولى وذلك بالمحافظة على جعلهم يعلمون بما يجري في المدينة العاصمة.

ومما شاهدناه حتى الآن, فان المواطن الكوردي يأتي في آخر قائمة الأولويات, وهو دائماً آخر من يعلم.

لم تكن الرسالة الموجهة الى بوش مفاجأة للشعب الكوردي فقط, بل كانت مفاجأة أيضاً لأعضاء مجلس الحكم الآخرين. وبوضوح, فليس ثمة جبهة موحدة ولا ستراتيجية مشتركة.

واذا كان ثمة وقت أبداً للكورد لكي يعملوا موحدين فانه كان موجوداً طول السنة الماضية. ولكن القائدين الرئيسين قد حزما خلافاتهما الداخلية وأخذاها معهما الى بغداد.

لقد عقد الأعضاء الكورد الخمسة في مجلس الحكم خمسة او ستة اجتماعات خلال الشهور العشرة الأخيرة. ولم تكن تلك الاجتماعات أكثر من اجتماعات لتبادل أحاديث المجاملة.

ومن الواضح انه لم يتم تسجيل محاضر لتلك الاجتماعات.

ان القيادة, المنشغلة بالسياسات الحزبية الداخلية, تتحمل المسؤولية لعدم تمكنها, خلال أدائها طول السنة الماضية, من تحقيق أي من المطاليب التي ذكرتها في رسالتها الى بوش والتي تتلخص بالحصول على واحد من المنصبين العاليين في بغداد, مع تضمين قانون ادارة الدولة الانتقالي في قرار مجلس الأمن الدولي المرقم 1564.

وجاء في الرسالة "ان العراق بلد مكون من قوميتين رئيستين: العرب والكورد. ويبدو ان من المعقول ان يحصل العرب على واحد من المنصبين العاليين (باختيارهم), لكن بعد ذلك فان المنصب الآخر يجب ان يخصص للكورد".

ومن الجدير ذكره ان هذه الرسالة ارسلت في اليوم الذي كان في الرئيس الجديد للعراق يؤدي القسم.

يوم متأخر ودولار منقوص.

ولاشك فان البرزاني والطالباني قد أخبرا بوضوح ولمرات عديدة خلال السنة المنصرمة, ومؤخراً حتى منتصف مايس, بان عليهما ان لا يطالبا بمنصبي الرئيس ورئيس الوزراء لأنهما سوف لن يحصلا على أي واحد منهما.

ولكن, وبعد وقوع الضرر, أخبرا الرئيس بوش "لذلك فاننا قد شعرنا بالخيبة المريرة عندما نصحنا ممثلكم الخاص بان أي كوردي لن يكون رئيس وزراء او رئيساً للعراق".

في غضون ذلك تنافس الطالباني والبرزاني مع بعضهما على المنصبين العالييين, بينما يبدوان في العلن متوددين لبعضهما.

وعندما كانت المشاورات جارية لتشكيل الحكومة الجديدة وكانا يطالبان بان يخصص احد المنصبين العاليين للكورد, لم يقررا فيما بينهما من سيتولى ذلك المنصب, وفي حين كان كل واحد منهما يكيل المديح للآخر قائلاً انه الأكثر قدرة على تولي المنصب, فان كل واحد منهما قد عمل في الوقت نفسه بشكل منفصل لتأمين المنصب لنفسه.

وكانت النتيجة ان كليهما لم يحصلا على أي شيء.

ان الضجة التي يحدثانها بشأن قرار مجلس الأمن الدولي, بسبب حذف قانون ادارة الدولة المؤقت كان يجب ان توجه أولاً لوزير خارجية العراق هوشيار زيباري, وهو عضو في حزب البرزاني, الذي لم يتطرق أبداً في كلمته أمام مجلس الأمن قبل التصويت على القرار, ولا لمرة واحدة الى قانون ادارة الدولة المؤقت.

ان ذلك القانون وضماناته كانت الانجاز الدبلوماسي الوحيد للكورد خلال السنة المنصرمة.

وبدلاً من ذلك, فان الزيباري أشاد بآية الله العظمى علي السيستاني الذي كان المعارض الرئيس لقانون ادارة الدولة المؤقت, والذي بدأ, مع الأسف, يعد شخصية مكروهة في كوردستان بسبب دعمه لحكم الأغلبية (الشيعية) بما يلحق الضرر بحقوق الأقلية.

بينما كان القائدان يشكوان بمرارة بسبب الحصة القليلة التي حصل عليها الكورد, فانهما مايزالان يؤكدان برفق انهما "معجبان" بقيادة الرئيس بوش الحكيمة, واننا "سنكون الأصدقاء الأوفياء لأمريكا حتى اذا لم يقابل دعمنا لهم بالمثل دائماً". وأضافا ان "مصيرنا مرتبط بشكل وثيق بمصيركم في العراق".

قد يوافق شعب كوردستان,لكن تصريحات مثل هذه يجب ان لا تصدر عن السياسيين الماهرين عندما يتحدثون باسم أمتهم.

السياسة لا توجه بالعواطف. وكان أبناء الشعب الكوردي في حالات كثيرة سابقة هم الضحايا المباشرين لمثل هذه الرؤية العاطفية السياسية التي عبر عنها قادتهم.

ان مصالح أمتين قد تلتقي او قد تجامل احداهما الأخرى, إلا ان هذا يحدث في العادة بشكل تكتيكي.

والقول بان مصيرنا "مرتبط بشكل وثيق" بالولايات المتحدة, واننا نتعهد باننا "سنكون الآصدقاء الأوفياء لأمريكا" يجعل من التهديد بالإنسحاب من الحكومة تهديداً أجوف وبلا معنى. انها, في الحقيقة, شهادة وفاة للصدقية السياسية للكورد.

لم تصبنا الرسالة بالخيبة فقط, بل انها قد صدمتنا. ونشعر اليوم باننا بتنا مثل الأيتام. لا أحد يعلم ماذا سيحمل المستقبل لنا. لقد تركنا القائدان في الظلام.

لقد عمل شعب كوردستان دائماً على الدفاع عن مواقف قائديه, وكان دائماً يرغب في الوقوف خلفهما, ولكن هذا يحصل فقط عندما يكون الشعب على علم بكل شيء.

اليوم, يشعر شعب كوردستان أن قائديه قد خيبا آماله. فقد أخفى القائدان عنه لمدة سنة كاملة الواقع بان الولايات المتحدة قد خدعته مرة أخرى.

*توانا عثمان ـ محررة في صحيفة "هولاتي" ـ السليمانية

Iraq
Frontline Updates
Support local journalists