بعد أن مزقتها الحرب، بغداد تنتعش ثانية

في جولة لمحرر معهد صحافة الحرب والسلام في حي من أحياء بغداد بعد أن كان يخشى مواجهة الموت أو الاختطاف.

بعد أن مزقتها الحرب، بغداد تنتعش ثانية

في جولة لمحرر معهد صحافة الحرب والسلام في حي من أحياء بغداد بعد أن كان يخشى مواجهة الموت أو الاختطاف.

Adhamiya now – bright lights reflect the revival in this Baghdad district’s fortunes. (Photo: Saif al-Qaysi)
Adhamiya now – bright lights reflect the revival in this Baghdad district’s fortunes. (Photo: Saif al-Qaysi)
Businesses in the area are hoping more people will have the confidence to come and spend money shopping and eating there. (Photo: Saif al-Qaysi)
Businesses in the area are hoping more people will have the confidence to come and spend money shopping and eating there. (Photo: Saif al-Qaysi)
Adhamiya as it used to be: US troops on patrol in 2007. (Photo: Sgt. Jeffrey Alexander/www.army.mil)
Adhamiya as it used to be: US troops on patrol in 2007. (Photo: Sgt. Jeffrey Alexander/www.army.mil)

 

شهدت العديد من أحياء بغداد انحدارا للاسوء عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003. مدينة الاعظمية على سبيل المثال تحول من حي مفعم بالحياة إلى ساحة للتفجيرات، والمواجهات الطائفية والاعتداءات على قوات التحالف.

لم يزل الصحفيون العراقيون يستذكرون ذلك بوضوح. حيث لم يخطر ببالنا إن يعود هذا الحي القابع وسط بغداد إلى سابق عهده بعد أن مزقته موجات العنف اربا.

 

لم تطأ قدماي مدينة الاعظمية منذ عام 2007، فقد ارتعبت لمجرد فكرة الذهاب إلى هناك في مهمة لوحدي، حيث توفي العديد من الصحفيين هناك أثناء تغطيتهم الصراع القائم . كنت اذهب برفقة دورية للشرطة لحمايتي عندما كنت اذهب إلى هناك بين عامي 2003-2007.    

 

بالرغم من وجود دورية للشرطة برفقتنا، فقد كنا نقطع المدينة عبر زواياها من دون الوقوف وسط الشوارع، كما كنا نمشي بصورة متعرجة ونخرج من المدينة بأسرع وقت ممكن لتجنب المواجهات بين عناصر القاعدة والمليشيات الشيعية أثناء اقتتالهم لفرض السيطرة على المدينة، معرضين بذلك أنفسنا للوقع ضحية عمليات الاختطاف.

 

   لم أكن أتصور أنى سأتمكن من إجراء المقابلات هناك من دون حماية أو سلاح للمحافظ على حياتي. عندها تلقيت مكالمة هاتفية من احد أصدقائي كان عائدا لتوه إلى مسكنه بعد أن هجره مع عائلته عام 2006.

دعاني صديقي لزيارة منزله. ولأنني أردت الذهاب إلى هناك بدافع الفضول ورؤية أحوال المدينة ، قبلت الدعوة على الفور.

 

   

 

لدينا قاعدة ثابتة في معهد صحافة الحرب والسلام وهي: "لا قصة تساوي حياتك". وعليه، فأننا نحترس لأنفسنا دوما كون العراق لم يزل بيئة خطرة وشرسة.

غير أن الاعظمية تعد الآن مدينة آمنة نسبيا، فبعد عدة مكالمات هاتفية من القائد الأمني المختص بحمايتنا، سمح لي بالدخول هناك لوحدي.

مازال العنف قائما من مجاميع غير حكومية  ضد الموظفين العسكريين أو اى شخص يشتبه بارتباطه بالحكومة العراقية، أو حتى من قبل مجرمين يستهدفون الأثرياء من رجال الأعمال.وبذلك كنت على قدر كافي من الحيطة والحذر.

لاحظت التغيير الحاصل على المدينة منذ اللحظة الأولى لوصولي. فقد كانت الشوارع تضج بالحركة وتمتلئ بالناس الذين يحاولون الوصول لاماكن عملهم، لم تكن النساء يرتدين الزى الشرعي الذي فرضته عناصر القاعدة وقتما سيطرت على المنطقة في  عام 2004.

تم إصلاح كافة واجهات البنيات التي كانت قد تحطمت فيما مضى إبان الصراع الطائفي في المنطقة.

وافق صديقي على أن يكون المرشد في هذه الجولة لأتعرف على المدينة عن كثب وأتجول في الأسواق القديمة.

 

    كان الجميع سعداء وهم يروون لي تفاصيل حياتهم اليومية عندما قابلتهم.

 

    اخبرني احد أصحاب المحال التجارية في الأربعينات من العمر أن وسائل الإعلام لاتذكر مدينة الاعظمية إلا عندما تكون هناك حادثة، أو مشهد اغتيال أو "تفجير". وأضاف " لايتحدثون عن تفاصيل الحياة اليومية في المدينة، النمور الاقتصادي الذي تشهده أو التطور الثقافي فيها."

 

لفت صاحب المحل انتباهي إلى أنوار المحال التجارية والمطاعم حول المدينة في نهاية حديثنا عندما كنت أصافحه معبرا له عن شكري وامتناني.

واصل الرجل موجها حديثه لي: "نرغب أن يزورنا الآخرون. فكل هذه المحال والمطاعم تعتمد على الزبائن الوافدين من مناطق أخرى،" وأضاف " روايات القتل والتفجير تنفرهم من المجيء."

 

عندما تكتب قصة عن تطور الحياة في العراق، يتشجع الآخرون للذهاب إلى المكان ذاته والكتابة عنه. مجرد الحديث عن ذلك يدفع الصحفيين العراقيين للحذو حذوك وفعل نفس الشيء.هذه حقيقة تثلج القلب.

عندما تحدثت إلى غسان علي، مراسل محطة العراق الحر، قرر الذهاب إلى هناك وإيجاد مادة ملائمة للكتابة عنها. وعندما عاد اخبرني " ذهبت إلى الاعظمية يوم أمس، تحدثت مع الأهالي، تسوقت، وتناولت عشائي في احد المطاعم هناك."

اشعر بالسعادة عند كتابتي عن مناطق كانت تعتبر ساخنة للسنين السبع الأخيرة، فالانطباعات الخاطئة قد تدوم نتيجة قلة المعرفة.


حازم الشرع، محرر في معهد صحافة الحرب والسلام-بغداد.


Frontline Updates
Support local journalists