الوقت يجري

بقلم : علي سندي – برمام – ( تقرير الأزمة العراقية المرقمة 4 ، 18 آذار 2003 )

الوقت يجري

بقلم : علي سندي – برمام – ( تقرير الأزمة العراقية المرقمة 4 ، 18 آذار 2003 )

Tuesday, 22 February, 2005

أنا لست كاتباً أو مراسلاً ، لكنني اكتب لأولئك الذين يرغبون الإصغاء إلى قصة من داخل العراق .


الساعة الآن حوالي 3 صباحاً في مدينة برمام حيث اسكن . وهي على بعد 400 كم شمال بغداد ، و 40 كم شمال اقرب قوة عسكرية عراقية .


درجة الحرارة في الخارج ناقص 5 مئوي . والبرد لا يعد مشكلة إن كنت تملك وسائل تدفئة مناسبة ، ولكن ماذا والكهرباء لا تأتى إلا ثماني ساعات باليوم ؟ وماذا أيضا وأنت لا تستطيع إلا وسيلة تدفئة واحدة من اصل خمسة توجد لديك بسبب من شحة حتى ذلك النفط المخلوط ماء ؟


الليلة الماضية ، قررت أنا وزوجتي أن نأخذ بناتنا الثلاثة والطفل اليتيم الذي يعيش معنا إلى الفراش مبكراً لنحفظهم دافئين . وفي منتصف الليل قررت إن اكتب لأحد ما ، فكنتم انتم ضحيتي .


أمس ، وعند عودتي من مكتبي ( دائرتي ) في أربيل ، رأيت اكثر من أربعة مواكب للأعراس . نحن الأكراد نحب الزواج في الربيع . فنحن نعتمد إن البداية مهمة ولذا من الأفضل اختيار فصلا قريبا من بداية السنة الكردية ، الرقص وسماع الموسيقى يمتد عبر كل المنطقة . لقد كنت مندهشاً ، وسالت نفسي ، كيف يمكن لهؤلاء الناس إن يكون لهم مزاج للرقص والتأنق وسماع الموسيقى ؟ هل انهم مجانين ؟ .


ذهبت إلى الدائرة المعنية بإحصاء حالات الزواج وتسجيلها وسالت عن عدد الزيجات هذه السنة . أخبرتني الموظفة إن العدد في تزايد كل يوم ، وهو في هذا العام أعلى من الأعوام الماضية . وحين سألتها لماذا ؟ أجابت " الناس تعتقد إن الزمن يجري " .


وموقع CNN على الانترنيت يقول " إخلاء في الأردن ، انتشار في العربية السعودية ، استعدادات في الكويت " . والحرب موشكة في الأيام القليلة القادمة . ومخاوف الأكراد هي احتمالية دخول الجيش التركي إلى منطقة كردستان العراق . ورغم إن التهديد العراقي لازال مستمراً ولا أحد يتكهن ماذا سيفعل صدام في لحظاته الأخيرة ، فهناك اعتقاد بأنه مهما فعل صدام فانه سيشمل مجموعة محددة من الناس وضمن فترة محدودة . إلا إن دخول الأتراك سيشمل مجموعة اكبر وفترة أطول .


لقد تحركن قوات كردية كثيرة باتجاه الحدود التركية وكردة فعل لقرار تركيا إرسال آلاف من العسكر والمدافع والآليات إلى المدخل الرئيسي لكردستان العراق . الأكراد والعراقيين يعتقدون إن تركيا قد تدخل دون تنسيق مع أمريكا . فان فعلوا فالأكراد سوف يقاتلوهم .


والأكراد يتسائلون لماذا لم تزودهم أمريكا بأقنعة وقاية وحماية ضد أي هجوم كيمياوي . فصدام لازال يملك أسلحة الدمار الشامل ، وفي حال نشوب الحرب سنكون نحن حلفائهم ، هل هم متأكدون بأننا سوف لن نصيب بسوء ولهذا لم يفعلوا شيء . هل هناك إجراءات سرية لحمايتنا ؟ .


حين تشرق الشمس ، نتحدث عن الحرب ، وعن اهتمامنا بها كأكراد وكعراقيين ، وعن علاقة الأتراك بها والفرنسيين والألمان ، والأمريكان بها ، واخيرا عن الملايين المحتجة ضد الحرب . انه امر معقد من هو الصح ومن هو الخطأ ؟ .


الأتراك يريدون احتلال شمال العراق والسيطرة على النفط لأنها جزء من الإمبراطورية العثمانية. وهم لا يريدون للأكراد العراقيين الحصول على حقوقهم بعد سقوط النظام لانهم لا يريدون الاعتراف بحقوق الأكراد في تركيا . فرنسا وألمانية تسعيان لمنع حدوث حرب عالمية . والولايات المتحدة تريد الانتقام من القاعدة وكل من يقدم الإسناد لها . وهي أيضا تطمع في النفط مثل غيرها .


إن الملايين الذين تظاهروا ضد الحرب ، فانهم ليسوا ضد صدام . وهم لم يكونوا في الشوارع عام 1988 حين ضرب صدام الأكراد العراقيين بالسلاح الكيمياوي . أنا لا أريد إن أكون ضحية شعاراتهم. ولا أريد لهذه الحياة التعيسة في ضل النظام إن تتوقف .


أتمنى إن يتم تغيير النظام بأقل الخسائر بالأرواح . وأتمنى على تركيا إلا تحرك قواتها إلى كردستان العراق ولا حتى تحت القيادة الأمريكية . وأتمنى على النخبة في العالم إن يتظاهروا ويطالبوا صدام بالتنحي لتجنيبنا الحرب . واتمنى إن تسامحوني لاخذي هذا الحيز في قول ما قلته .


علي سندي : خريج هارفرد كيندي ، وجراح كردي ، ونائب وزير صحة سابق في الحكومة الكردية.


Frontline Updates
Support local journalists