الناخبون ينظرون إلى ما وراء الدين

وعود العلمانيين بالأمن، الخدمات والوحدة كان لها صدى بالنسبة لناخبين سئموا الأحزاب المبنية على العقيدة علنا.

الناخبون ينظرون إلى ما وراء الدين

وعود العلمانيين بالأمن، الخدمات والوحدة كان لها صدى بالنسبة لناخبين سئموا الأحزاب المبنية على العقيدة علنا.

Wednesday, 25 February, 2009
.



دلت النتائج الأولية لإنتخابات المحافظات في العراق على أن التحالفات العلمانية أحسنت إلى حد كبير صنعا بشكل مدهش في محافظات مثل صلاح الدين، بغداد، ديالى، واسط والأنبار.



رفض الناخبون في 14 من أصل 18 محافظة عراقية التحالفات الدينية علنا إلى حد كبير لصالح قوائم وعدت بالأمن، خدمات أفضل وحكومة مركزية قوية.



عمل زعماء قوائم عدة- بما فيهم رئيس الوزراء نوري المالكي المعروف بأنه شديد التدين- جاهدين لإبقاء الدين بعيدا عن حملاتهم.



خطى التحالف العلماني الأبرز، القائمة الوطنية العراقية التابعة لرئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، خطوات كبيرة في عدة محافظات، بما فيها صلاح الدين وبغداد.



في تلك الأثناء في الأنبار، بدا المشروع العراقي الوطني التابع للزعيم السني صالح المطلك وأنه حقق نصرا بفارق بسيط على مسؤولي المحافظة الحاليين الإسلاميين وقوائم العشائر بعد أن تبنى برنامجا وطنيا.



في كربلاء، صدم المراقبين المرشح المستقل يوسف مجيد الحبوبي بفوزه على الأحزاب الشيعية في المحافظة المقدسة لدى الشيعة. وقام بحملة معتمدا على سمعته كمدير كفوء، بدلاً من اي تفويضات دينية.



قال عزت الشابندر، وهو عضو برلمان من تحالف علاوي، إن "الشعب العراقي قد تغير بلا شك في السنين الأربع الماضية".



غيّر بعض المرشحين الذين خاضوا الإنتخابات ببرامج مبنية على أسس طائفية وعرقية، من لهجتهم في انتخابات المحافظات، مع إعطاء الناخب العراقي "القدرة على اختيار المرشحين الأفضل وتجاهل الطائفية، القومية أو الأيدلوجية"، افاد الشابندر.



قد يكون هذا، في جزء منه، إستجابة إلى الإستياء العميق من الأحزاب الدينية، حيث يقترن الناخبون فترة ولايتها بأحلك سنوات الحرب الطائفية في العراق. إن لغة حملة الخطاب العلماني ربما شجعها أيضا بعض الشيء الحظر ما قبل الإنتخابات على استخدام الرموز الدينية في الإنتخابات.



جرى دعم الحظر من قبل المالكي، الذي ينتمي لحزب الدعوة ذو الجذور الإسلامية لكنه نجح في حملته في انتخابات المحافظات عن طريق الوعد بحكومة مركزية قوية ومستقرة.



اكتسح ائتلاف دولة القانون الذي يقوده الدعوة ليفوز بالسلطة في عشر محافظات، بما فيها بغداد والبصرة. على الرغم من أنه لم يتمكن من الحصول على أغلبية في أي محافظة، إلا انه أطاح بالمجلس الأعلى الاسلامي العراقي القوي، وبعض الأحزاب الشيعية الملتزمة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمؤسسة الدينية.



نجح تحالف علاوي بصورة أفضل هذه المرة مما فعل في الإنتخابات السابقة، على الرغم من أنه لم يلتف حول الأحزاب الاسلامية.



إن المكاسب الكبيرة حصلت عليها الأحزاب، مثل الدعوة، التي اعتمد الخطاب العلماني، بدلا من تلك التي لها هوية علمانية متأصلة.



قال رياض الأسدي، وهو رئيس معهد الدراسات الإستراتيجية في جامعة البصرة إن "التحالفات العلمانية قامت بحملة جيدة إلا أنها لم تحصل على مقاعد كافية". وأضاف "حصلوا على أقل بكثير من الكتل الكبيرة مثل ائتلاف دولة القانون".



قال حيدر العبادي، وهو ممثل الدعوة، لصحيفة الشرق الأوسط هذا الأسبوع إن غالبية العراقيين لا يرفضون بالضرورة الزعماء الدينيين "لكنهم ضد أولئك الذين يخلطون السياسة بالدين".



على الرغم أن الأحزاب المعرَّفة بالطائفية اكتسبت قوة كبيرة في العراق خلال السنين الماضية، إلا أن العلمانية ليست جديدة في البلاد. طبقت حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين السياسات العلمانية لكنها فضلت رغم ذلك الأقلية العربية السنية، لاسيما اولئك المنتمين الى عائلته وعشيرته.



إن العديد من السياسيين الذين حصلوا على نتائج جيدة حسنا في الانتخابات، مثل علاوي، المطلك والحبوبي- شغلوا وظائف لفترة قصيرة في حزب البعث التابع لصدام، على الرغم من أنهم نأوا بأنفسهم منذ فترة طويلة عنه.



تولت الأحزاب الدينية السلطة في 2005، لكنها خسرت التأييد الشعبي لإخفاقها في توفير الخدمات أو الأمن. الناخبون في انتخابات 2009 المحلية سئموا أيضا الطائفية، لاسيما العنف السني- الشيعي الذي خرّب البلاد.



كانت انتخابات 31 كانون الثاني هي الأولى منذ اندلاع الصراع الطائفي.



قال قاسم داود، وهو برلماني علماني إن "هذه الإنتخابات فاجأت الجميع". وأضاف "لم نتوقع أن يسير الناخبون بالضد من المجموعات الاسلامية [التي تم انتخابها] خلال العمليتين الإنتخابيتين السابقتين.. تحرك الناس باتجاه الكتل السياسية التي تستخدم شعارات تدعو إلى وضع الرجل المناسب في الموقع المناسب".



وفقا لرياض الأسدي الذي يعمل لصالح معهد الدراسات الإستراتيجية في جامعة البصرة، مازال فهم مفهوم العلمانية يشكل تحديا بالنسبة للعراقيين. و قال أن الأحزاب العلمانية تحتاج إلى توضيح هويتها وقيمها ليتم انتخابها.



خرج كل من المالكي و علاوي والمطلك بقوة أكثر من هذه الإنتخابات بعد قيامهم بحملات انتخابية دعوا فيها الى إرساء الأمن والوحدة الوطنية.



الا أن الرسائل الوطنية والشعبية لم تنجح بالنسبة لمقتدى الصدر، وهو رجل دين شيعي سعى لتوصيف نفسه كزعيم وطني يعارض بشدة الوجود الأمريكي في العراق.



أيد الصدر مرشحين مستقلين لكنه لم يُقم تحالفا في الإنتخابات. لم يكن قادرا على التخلص من سمعته كزعيم شيعي لديه صلات قوية برجال الدين الشيعة وإيران- كيانان لم يثبتا شعبيتهما في هذه الإنتخابات.



مع انتهاء الإنتخابات، يبدو أن الأحزاب العلمانية والدينية جاهزة لتنحية خلافاتها جانبا لتشكيل تحالفات.



خسر المجلس الأعلى، الذي يتمتع مثل الصدر بعلاقات وثيقة مع إيران ورجال الدين الشيعة العراقيين، معظم السلطة في الإنتخابات و تفيد التقارير أنه ينظر في التحالف مع علاوي. يقال أن المالكي ينظر في إقامة تحالف مع الصدر.



سترث مجالس المحافظات الجديدة "تحديات جدية" في مجال الصحة، الزراعة، التعليم، والخدمات، حسب ميسون الدملوجي، وهي عضوة برلمان عن القائمة الوطنية العراقية.



اذا ما استطاعوا التغلب على بعض التحديات، فيمكن للعلمانيين أن يوسعوا شعبيتهم في الوقت المناسب عند إجراء الإنتخابات البرلمانية نهاية العام.



زينب ناجي، وهي صحفية تدربت في معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد
Iraq
Frontline Updates
Support local journalists