المعارضة تتابع الضغط من أجل إصلاح القوانين

الأحزاب تقول أنها تخشى من تحول الإنتخابات إلى مهزلة ما لم يتم تعديل القوانين الأمنية.

المعارضة تتابع الضغط من أجل إصلاح القوانين

الأحزاب تقول أنها تخشى من تحول الإنتخابات إلى مهزلة ما لم يتم تعديل القوانين الأمنية.

يحذر سياسيو المعارضة السودانية من إستحالة إجراء إنتخابات حرة ونزيهة العام المقبل إلا إذا تم تعديل قوانين الأمن القومي.

منذ الإنقلاب الذي أوصل في العام ١٩٨٩ حزب عمر البشير، أي حزب المؤتمر الوطني، إلى السلطة، تتمتع قوات الأمن بالسلطة المطلقة لاعتقال واحتجاز الأفراد لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، وهي مدة عدلت في وقت لاحق لتسعة أشهر، من دون محاكمة وغالبا من دون الحاجة إلى إعطاء مبرر لهكذا إحتجاز.


وتخشى أحزاب المعارضة الرئيسية التي تتنافس في الإنتخابات البرلمانية المقرر عقدها في شهر أبريل المقبل أن تسمح تلك القوانين للحزب الحاكم بأن يعتقل بشكل عشوائي ويهدد من سيقفون في وجه إعادة انتخابه.


وتقول أن حزب المؤتمر الوطني لجأ إلى تلك القوانين لتبرير قيام شرطة مكافحة الشغب بتفريق المظاهرات مستخدمة الطلقات المطاطية والغاز المسيل للدموع في الخرطوم هذا الشهر، في وقت يتصاعد فيه التوتر قبل الإنتخابات.


ويقول علي محمود حسنين، نائب رئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي المعارض: "السمة المميزة للنظام الشمولي هي استخدام السلطة المطلقة لمنع أية معارضة وتنحية كل من يعارض النظام وسياساته."


"إذا استمر حزب المؤتمر الوطني في السيطرة على مؤسسات الدولة، لن يمكننا إجراء إنتخابات لأنه عندها سيتم التلاعب بتلك العملية. بداية يجب تغيير قوانين الأمن القومي لأنها رأس الأفعى."


ويتفق مع هذا الرأي الدكتور لوكا بيونغ، وزير شؤون الرئاسة التابع للحركة الشعبية لتحرير السودان، وهي جزء من الإئتلاف الحاكم الذي أسس في ٢٠٠٥.


ويضيف: "مهما يكن ما نحاول القيام به سياسيا من حيث الديمقراطية والحرية وإنشاء ديمقراطية متعددة الأحزاب، يجب أن يبدأ بتغيير تلك القوانين الأمنية."


وتحرص أيضا الحركة الشعبية لتحرير السودان، الحزب الرئيسي الذي يمثل جنوب السودان في الخرطوم، على أن تجرى إنتخابات حرة ونزيهة قبل الإستفتاء الذي سيقرر ما إذا كان الجنوب سيستقل عن الشمال في ٢٠١١.


وقد سبق أن اتهم مركز كارتر، الفريق الخارجي الوحيد لمراقبة الإنتخابات في السودان إلى جانب الأمم المتحدة، جهاز الأمن القومي بقمع الحملات الإنتخابية المشروعة.


وقال المركز في بيان في ١٧ ديسمبر أن "لديه مخاوف جدية من الممارسات التي تقوض الحقوق السياسية والحريات الأساسية في السودان، بما في ذلك الإعتقالات والإحتجاز والتعدي على المجتمع المدني وأعضاء الأحزاب السياسية بسبب نشاطاتهم السلمية والدستورية."


وذكر التقرير أنه يجب إحترام دور الأحزاب السياسية وهذا يتضمن حقها بإقامة الحملات السياسية والمظاهرات.


ولكنه أضاف أيضا أن من واجب الأحزاب السياسية "ممارسة ضبط النفس والتظاهر بمسؤولية."


في ٢٠٠٨، كتب المقرر الأممي الخاص بشؤون السودان أن التعذيب يمارس بصورة روتينية من قبل القوات الأمنية ضد المحتجزين، وأن تلك الإنتهاكات تتعارض ليس فقط مع الدستور ولكن أيضا مع معايير حقوق الإنسان الدولية.


وقد ذكر تقرير أصدره مؤخرا مشروع إصلاح التشريعات الجنائية في السودان، وهو إئتلاف لمنظمات غير حكومية سودانية ودولية، أن القوانين الأمنية التي وضعها حزب المؤتمر الوطني في التسعينات تعطي قوات الأمن صلاحيات واسعة للقيام باعتقالات وقائية لعدة شهور من دون موافقة أو مراجعة قضائية.


وقال التقرير: "الطبيعة التعسفية لعمليات الإعتقال والاحتجاز إلى جانب الغياب شبه الكامل لضوابط قانونية أثناء الإعتقال تضعف موقف الأشخاص المحتجزين وتسهل بشكل كبير حصول إنتهاكات لحقوق الإنسان."


وتقول الأحزاب المعارضة أن إتفاقية ٢٠٠٥ للسلام الشامل والتي أنشأت حكومة تقاسم السلطة ونصت على إقامة إنتخابات نزيهة، تحدد دور القوات الأمنية في عملية جمع المعلومات الإستخباراتية.


ويقول حسنين: "إذا اتهم أحد بجريمة ما، يجب محاكمته وفقا لقانون الإجراءات الجنائية وإحالته لمحاكمة عادلة." "ليس من حق القوات الأمنية إعتقال أحد من دون اتهام قانوني واحتجازه في زنزانة إنفرادية."


ولكن فتحي خليل، رئيس نقابة المحامين في السودان وهو موال لحزب المؤتمر الوطني، دافع عن استخدام الحكومة للقوانين الأمنية. وقال أن الحكومات في جميع أنحاء العالم تلجأ لقوانين مماثلة لاحتجاز واستجواب مثيري الشغب المشتبه بهم.


وقال: "إذا اتهم أحدهم بالتجسس أو الإرهاب، هناك حاجة لاحتجازه من أجل جمع المعلومات." "جميع الحقوق الأساسية يضمنها الدستور ولكن ممارسة تلك الحريات والحقوق يجب أن ينظمها القانون."


وقد تعرضت الحكومة السودانية لانتقادات واسعة النطاق للجوئها لتشريعات جنائية بالية من أجل قمع المظاهرات في ٧ ديسمبر في الخرطوم والعاصمة الجنوبية لجوبا.


وبرر خليل عملية التضييق هذه بالقول أن الأولوية كانت لإعادة الأمن. "بعد ذلك يمكننا التطرق إلى ممارسة الأفراد لحقوقهم وفقا للدستور."


وعندما سئل ما إذا كانت قوانين الأمن القومي تستخدم كأداة سياسية، قال خليل أن المهم هو تنفيذ القانون وليس تسييس القانون.


ولكن حافظ محمد، المعلق القانوني الدولي وعضو منظمة (عدالة افريقيا) لحقوق الإنسان، قال أنه بدلا من اللجوء للقوانين الأمنية للحد من الحريات، يجب إستخدام القوانين الديمقراطية لتقييد إجراءات القوات الأمنية ووكالات الشرطة.


وقال محمد أن الإحتجاز والإعتقال ينبغي أن تحكمها الأوامر القضائية وليس جهاز حكومي يعتبر نفسه فوق القانون." "يجب أن يكون الإعتقال والإحتجاز والإستجواب من اختصاص [الشرطة و] القضاء."


وأضاف أنه حتى يتحقق هذا، ستبقى الديمقراطية الحقيقية في البلاد بعيدة المنال.


وقد انتهى تسجيل الناخبين في السودان في ٧ ديسمبر بتسجيل ١٥,٧ مليون من أصل ٢٠,٧ مليون ناخب في إنتخابات العام المقبل. وذكر مركز كارتر أن عملية تسجيل الناخبين كانت عموما سلمية.


هذا المقال تم إنجازه بالتعاون مع راديو دبنقا، (http://www.radiodabanga.org)، وهي إذاعة موجهة لأهل دارفور ويديرها دارفوريون في هولندا.


تاج الدين عبدالله آدم هو مراسل لراديو دبنقا ومتدرب ومساهم في معهد صحافة السلم والحرب. الصادق مصطفى زكريا موسى يعمل في راديو دبنقا. كايتي غلاسبورو هي منتجة برنامج إذاعي جديد على راديو دبنقا حول قضايا العدل وإحدى مراسلي معهد صحافة السلم والحرب في لاهاي.

Africa
Frontline Updates
Support local journalists