المجد وليس الدم

بقلم غيداء الجبوري – واشنطن (تقرير الأزمة العراقية المرقم 7 في 24 آذار 2003).

المجد وليس الدم

بقلم غيداء الجبوري – واشنطن (تقرير الأزمة العراقية المرقم 7 في 24 آذار 2003).

اعتقلت القوات العراقية عدد من الجنود الأمريكان، لكن الأعلام الأمريكي لم يتطرق لذلك. ممولي الأخبار على الأنترنت كانوا يراقبون صور أسرى الحرب والضحايا. استنكرت الحكومة أي عرض لأسرى الحرب في الأعلام المكتوب أو المذاع، معتبرة ذلك انتهاك لمقررات جنيف.


وقناة الجزيرة الفضائية كانت الأولى ألتي بثت خبر الجنود الأمريكان الذين أسرتهم القوات العراقية في جنوب شرق العراق، وخلال دقائق، أنتشرت الصور عبر العالم، وقالت الجزيرة وغيرها أنها بثت الأخبار كما شاهدوها، والدم والمجد هي وجها الحرب، ولكن للمجد أعلام مرفرفة ترافقه.


في الأسبوع الأول من الحرب ضد العراق كان الأمريكان يشاهدون الحرب وأصدائها في نفس الوقت، ومع التطور التكنولوجي، فأن تغطية هذه الحرب سترينا أكثر مما رأينا في الحروب السابقة، وأسرع أيضا. سيكون التلفزيون أكثر حقيقة. على أن رقابة الأعلام والتلفزيون الأمريكي قرر وطالب بعدم مشاهدة التلفزيون، بأمكاننا رؤية المجد وليس الدم.


وأي شخص كان يراقب أخبار التلفزيون الأمريكي في الأسابيع القليلة الماضية، أكيد أنه لاحظ تكنولوجيا النقل والطباعة، والتلفونات المربوطة بالقمر الصناعي والتلفون المرئي وغير ذلك من وسائل التطور. وألكاميرا الصغيرة بحجم علبة أحمر الشفاه وألتي يمكن تثبيتها على خوذة الرأس لتسجيل اللحظات المهمة هي دليل أخر على سير نا نحو التاريخ الحديث.


والأخبار الأن تختلف عن تلك في عاصفة الصحراء عام 1991 حيث كان العالم يحصل على المعلومات من مصدر أخباري واحد هو ال CNN حيث كان الصحافيون مقيدين في أين يذهبون وماذا يصورون وماذا يكتبون، وسائل التصوير كان يجهزها الجيش وتعرض الصور على الرقابة، كانت التكنولوجيا مزعجة وأقل إمكانات مما هي عليه الآن، في هذه المرة لدينا صحافيون مصاحبون للجند ومراسلين يتمركزون مع القوات الأمريكية، حيث يأكلون ويشربون وينامون، لقد أصبحوا جزءا من القوات، وقد منحهم الأعلام الأمريكي أمتياز غير مسبوق، الخطر في ذلك هو أن المراسلين الأمريكان بدوا أكثرقربا من الجنود الأمريكان مما جعلنا نحن كمشاهدين أمريكان نتقرج على جانب واحد من الحرب وليس على صورتها الشاملة، وأستمرت رواية القصص الحربية من جانب واحد هو الجانب الأمريكي، لكنك تجد قليل من الصحافيين المصاحبين للجند يقفزون إلى الجانب العراقي لوصف مشاهد الضحايا وتصوير العوائل التي فقدت بيوتها وحياتها وأحبائها.


يبث التلفزيون الأمريكي مشاهد القصف الكثيف على العراق وليس المشهد الدقيق الذي يركز على الوجوه. ثم نأتي بعد ذلك إلى الجزيرة لنطل منها على مشاهد أخرى، فحرب الجزيرة هي ليست حرب الCNN، حرب الجزيرة لها موتى في الشوارع وأمهات يولولن وهن ممسكات بأطفال ينزفون، لقد لاحظت في" صدمة ورعب" إنسانية التحرير


أمام عيني. لم تكن شيئا جميلا، من قال أن الحرب جميلة؟


أن تغطية الأعلام لهذه الحرب هو أكثر أحراجا من حرب 1991 لأننا أحطنا علما بتطوراتها، وهذا - إضافة إلى التكنولوجيا المتطورة - جعل الوصف مباشرة أمام شاشاتنا.


ولكنه أحبطنا كمشاهدين أيضا. لقد أصبحنا وبشكل سريع متأقلمين مع إشتعال السماء في بغداد. وأولئك الصحفيين يشجعوننا – ربما دون قصد- للتألف مع قواتنا المسلحة.


أنهم كانوا يظهرون وجها امام أولادنا في نفس الوقت الذي يخفون فيه وجوها عراقية.


وهذا قد يظهر شهادة في صحافتنا على الحقيقة الأمريكية ويجعل الواعين يسألون هل أن هذا لا يعني شكلا من أشكال الرقابة الأعلامية.


حرية الكلام هي من الحقوق الأساسية التي ضمنها دستورنا. أن أمكانية أن يكون لك صوت وأن تسمع وترى وجهات النظر الأخرى هو ما نفهمه عن حقيقة الديمقراطية.


يشذ عن هذا كون الأمريكان ينظرون إلى الصحفيين الأوروبيين والشرق أوسطيين على أنهم يحملون رؤيا غير ناضجة حول ما تعنيه الحرب. ويبدوا أنهم يضمنون تقاريرهم مما يجعل أخبارهم مشوقة وبعيدة عن الخطاب الرسمي.


غيداء الجبوري، محامية مشاركة في واشنطن تعمل مع وزارة الخاردية الأمريكية في مشروع" مستقبل العراق".


Iraqi Kurdistan, Iraq
Frontline Updates
Support local journalists