الكورد يعيدون تأكيد التراث اللغوي

ان عدد الباحثين الذين يستخدمون الكوردية كلغة دراسية سيتضاعف العام المقبل

الكورد يعيدون تأكيد التراث اللغوي

ان عدد الباحثين الذين يستخدمون الكوردية كلغة دراسية سيتضاعف العام المقبل

Tuesday, 22 February, 2005

لم تكن هذه السنة الدراسية بالنسبة لفؤاد نجم الدين كبقية السنوات السابقة, فهو يدرس الآن وعمره (11) سنة اللغة الكوردية بعد سنوات درس فيها اللغة العربية في مدرسته.

انه الآن في الصف الخامس في مدرسة (هالو) الابتدائية, ويقول انه كان يعاني من صعوبات في فهم دروس اللغة العربية لأن عائلته في البيت تتحدث باللغة الكوردية فقط.

أما الآن فان الصبي الكوردي يفهم الدروس (جداً), وقال ان درجاته قد تحسنت أيضاً, بعد ان تحولت مدارس عديدة في كركوك الى استخدام الكوردية في التدريس.

وتعود الكوردية الى اللغة الفارسية وتكتب بحروف عربية, إلا ان حروف الهجاء الكوردية تتضمن حروفاً وعناصر أخرى ليست موجودة في اللغة العربية, كما انها لا تستخدم بعض الحروف الموجودة في اللغة العربية.

وكانت اللغة العربية هي فقط التي تستخدم كلغة تدريس في كركوك في ظل حكم حزب البعث السابق في العراق, مع ان كركوك مدينة تضم عدداً كبيراً من الكورد والتركمان, اضافة الى العرب.

وكان فرض اللغة العربية في المدارس جزءاً من سياسة أوسع نفذها البعثيون بهدف تعريب المنطقة متعددة الأعراق.

وقال نهاد حسين, سائق أجرة كوردي عمره (31) سنة أجبر على الدراسة بالعربية "لقد أراد حزب البعث محو اللغة والثقافة الكوردية".

وعلى صعيد آخر يعتبر موظفو التربية في كركوك مدارس اللغة الكوردية الجديدة خطوة هامة على طريق إعادة تأكيد الحقوق الثقافية لسكان مدينتهم متعددة الأعراق.

وقالت فوزية عبد الله أوانيس, نائبة مدير تربية كركوك والبالغة من العمر (53) سنة "ان فتح تلك المدارس يؤمن الحقوق الثقافية للكورد, ويزيل آثار سياسة التعريب".

والمدارس نفسها "تأكردت" أيضاً بتغيير أسمائها الى أسماء كوردية.

كانت جميع المدارس في عهد البعث قد سميت باسماء عربية تيمناً بأحداث اسلامية او شخصيات او مصطلحات تعود للبعث. حتى اسم كركوك التاريخي الذي تغير الى التأميم قد أعيد الآن.

وكان اسم احدى المدارس الثانوية في حي (أخوات) "عبد الرحمن بن عوف" وهو بطل في التاريخ الاسلامي, وقد سميت الآن مدرسة "أحمدي بن خاني" تيمناً باسم المؤلف الكوردي للملحمة الوطنية "ميموزين".

ويقول المدرس أريان جمال في مدرسة "أحمدي بن خاني" وعمره (26) سنة ان المدارس الكوردية يجب ان تحمل رموزاً كوردية, "لذلك فان "أكردة" المدرسة واضح من خلال اسمها الكوردي".

وثمة الآن (123) مدرسة ابتدائية تدرس حروف الهجاء الكوردية الى جانب (13) مدرسة ابتدائية و(13) مدرسة اعدادية تدرس فيها جميع الدروس باللغة الكوردية.

وعلى وفق ما ذكره يوسف سعيد أحمد رئيس قسم الدراسات الكوردية في كركوك البالغ من العمر (61) سنة فان عدد مدارس التعليم الابتدائي والثانوي باللغة الكوردية فقط سيزداد الى (300) مدرسة في السنة المقبلة.

وأضاف أحمد ان ثمة خططاً تدعو أيضاً الى تعليم حروف الهجاء الكوردية الى جميع الطلاب الكورد في جميع المدارس. وقال ان المتحدثين بالكوردية يستوعبون الدروس أفضل عندما تدرس بلغتهم الأصلية.

ويقدم بكر مصطفى, مدير مدرسة "ماهوي" الابتدائية, سبباً آخر لتغيير بعض المدارس الى اللغة الكوردية.

ان سقوط النظام السابق كان سبباً لعودة الكثير من الكورد الذين طردوا من المدينة الى منطقة الحكم الذاتي الكوردية شمال كركوك خلال حملة التعريب. ان أولاد اولئك اللاجئين, الذين كانوا يدرسون باللغة الكوردية فقط, لا يستطيعون التحدث بالعربية ويجب ان يدرسوا بالكوردية.أما الطلاب الذين يرغبون في الانتقال من مدارس اللغة العربية الى مدارس اللغة الكوردية فعليهم ان يقدموا طلباً رسمياً. إلا ان انتقال المعلمين والطلاب من المدارس السابقة الى المدارس الحالية قد أثار بعض المشاكل.

بينما يتحدث الكثير بالكوردية بطلاقة, فانهم لا يستطيعون القراءة والكتابة بها.

علاء محمد, مدرس التاريخ في مدرسة "أحمدي بن خاني" وعمره (24) سنة, مصمم على تعلم حروف الهجاء الكوردية بشكل سليم وذلك لكي "أستطيع التدريس في المدارس الكوردية وأخدم شعبي".

وواجه علاء المشكلة المباشرة باصدار قواميس لطلابه وبمساعدة زملائه المدرسين الذين درسوا الكوردية.

ان بعض الملاك التدريسي لمدارس اللغة الجديدة قد نقلوا من منطقة الحكم الذاتي الكوردية التي لم تكن خاضعة لسلطة النظام السابق منذ عام 1991. كل تلك المدارس استخدمت الكوردية كلغة تدريس, واستخدموا معلمين يتمتعون بطلاقة في جوانب اللغة كلها. وكعلاج أفضل, عمدت مديرية التربية في كركوك الى وضع خطط لبرامج خاصة باللغة الكوردية للمعلمين لرفع مهاراتهم اللغوية الى مستوى الطلاقة.

وقال هدايت ابراهيم وعمره (27) سنة وهو مسؤول في احدى المنظمات الكوردية غير الحكومية "هامون" ان المنظمة تساند هذا الجهد بتنظيم العديد من دورات اللغة الكوردية للمعلمين والطلاب في المدينة. وأضاف هدايت ان قسم التربية يحتاج الى الدعم من الوكالات الأخرى لتنظيم دورات التدريب اللغوية.

ان افتتاح المدارس الكوردية, ودورات اللغة الكوردية الخاصة, قد شجعت بعض الكورد للالتحاق بالدورات التي تعلمهم القراءة والكتابة بلغتهم الأم.

وقال أحمد نجم الدين, خباز كوردي عمره (28) سنة "لا أعرف كتابة حتى حرف واحد بالكوردية لأنني لم أدرس بلغتي الأم, أرغب الآن ان أتعلم كيف أقرأ وأكتب باللغة التي أجبرنا البعث على نسيانها".

أما الطالب في الصف الأول ألان نياز البالغ من العمر (6) سنوات فيعد نفسه محظوظاً

لأنه تمكن من بدء حياته التعليمية باللغة الكوردية, ويقول "من الآن فصاعداً سأتعلم بلغتي الأم, وليس مثل اخوتي الأكبر".

*شاباز جمال ـ مدير تحرير صحيفة "التربية الحرة" ـ السليمانية

Iraq
Frontline Updates
Support local journalists